إعداد: د. عماد الدين حسين بحر الدين عبدالله
باحث في الدراسات الأمنية والاستراتيجية
مقدمة
يعتبر الصراع الدائر الآن بين الجيش والدعم السريع من الصراعات السياسية، التي تطورت وأصبحت صراعاً عسكرياً، وبدأت من المركز ثم انتقلت إلى الولايات، وهنالك الكثير من المؤشرات تدلل على تفاقمه أكثر، ولا أمل في التوصل إلى تسوية أو وقف دائم لإطلاق النار في الوقت الراهن، خاصة بعد التدخل العلني لأطراف خارجية، وبالتالي فإن هذا الصراع يحمل في طياته مخاوف من انزلاقه إلى دائرة آخذة في الاتساع ويتحول إلى حرب أهلية واسعة النطاق على المستوى القبلي أو الأيديولوجي، والتي ستترتب عليها آثاراً سالبة في الداخل السوداني وتداعيات آخذه في التزايد على دول الجوار.
المحور الأول: الآثار الداخلية
1- آثار سياسية
بعد اندلاع الصراع بين الطرفين غادرت غالبية البعثات الدبلوماسية ورعايا الدول، وقد تم تفويجهم من مطار وادي سيدنا بأم درمان، والآخرين من ميناء بورتسودان بولاية البحر الأحمر.[1]
كما يعتبر الاتفاق الإطاري الذي وقع بين بعضاً من القوى السياسية السودانية، والمؤسسة العسكرية هو سبب الصدام بين الجيش والدعم السريع[2]، فالجيش يعتبر أن الاتفاق النهائي لا بد أن يتوسع ليشمل طيفاً كبيراً من هذه القوى السياسية، عدا المؤتمر الوطني حزب الرئيس السابق البشير، ولكن هذه القوى أصرت على أن يمضي الاتفاق بها دون الأخرى وتعتبر نفسها قوى الثورة ولا يمكنها أن توافق على قوى أخرى لأن هذه القوى حسب مفهومها؛ ما هي إلا مسميات للنظام السابق(فلول).[3]
فهنالك إشارات تقود للقول بأن قرار المؤسسة العسكرية بيد الإسلاميين، مما دفع المجلس المركزي للحرية والتغيير في استقطاب حميدتي لصالحه، وطالما أن المحادثات قد انطلقت بجده، فمن المحتمل جداً أن يتم التوافق مبدئياً، واعتقد انه سيكون خصماً على الإسلاميين وكذلك الحرية والتغيير، ويشكل واقعاً جديداً، وهو عسكرياً محضاً، بمشاركة الحركات المسلحة.
2- آثار اجتماعية
أ- نزوح داخل العاصمة
هنالك حركة نزوح كبيرة جداً هرباً من مناطق القتال داخل العاصمة الخرطوم، مثل أحياء (الطائف والرياض وبري والصحافة) وبحري(حلة حمد وحلة خوجلي والصبابي وشمبات والصافية) وأم درمان(المهندسين والصالحة وحي الجامعة والملازمين والعباسية)، غالبية سكان هذه المناطق خرجوا منها نسبة لكون الاشتباكات تدور رحاها في مناطقهم، وآخرين بسبب انعدام الماء والكهرباء، وآخرين ذهبوا إلى أماكن طرفية من العاصمة في أم درمان مثل (الثورة وأم بده و المربعات، دار السلامات، المويلح)، وفي بحري مثل (الكدرور و الخوجلاب والجيلي ودردوق وحطاب والوادي الأخضر)
ب- نزوح خارج العاصمة
سكان العاصمة الخرطوم الذين لديهم أسر في الولايات نزحوا خارج العاصمة، التي تشهد استقراراً أمنياً، مثل جميع الولايات الشمالية والشرقية، وكذلك ولايات الوسط وهي(النيل الأبيض والجزيرة وسنار)، فكل هذه الولايات لم تشهد أحداثاً كما العاصمة والولايات الغربية. وذكرت منظمة الهجرة العالمية أن حوالي(770,000)هي أعداد النازحين داخلياً.[4] واعتقد أن كلامه صحيحاً لأن منطقة وادي حلفا لوحدها بها أكثر من(6000) نازح، في انتظار إكمال الإجراءات والدخول لمصر، وهم الآن متواجدون في المدارس وفي أطراف الأحياء بالخيام.[5]
ت- التشرد والتفكك الأسري
سوف يخلف هذا الصراع آثاراً اجتماعية كبيرة، تتمثل في التفكك الأسري، لكون أن هنالك الكثير من العائلات فقدت من يكفلهم، سواء كان من المدنيين الذين قتلوا في الحرب أو من العسكريين في كلا الطرفين، بالإضافة إلى فقدان العائلات بعضاً من أبنائها بسبب الموت وآخرين مفقودين، ويشكل هذا الوضع حزناً عميقاً للأسر مما يجعلها معرضة للموت بسبب الآثار النفسية لفقدانهم ذويهم.
3- آثار اقتصاديه
أدت هذه الأحداث إلى توقف عجلة الاقتصاد بالكلية، فلا مصانع تعمل ولا دواوين ومؤسسات دولة تعمل، أي القطاعين(العام والخاص)، مما يعني اختفاء الأعمال المهنية التي تتعزى بشكل مباشر على الفائض من العاملين في المهن السابقة مثل أعمال(البناء والحفريات….الخ)، هذا الوضع شكل كابوساً مؤرقاً لجميع السودانيين، وأحدث حالة من الهلع جعلت بعضهم يذهب إلى مصانع الدقيق حتى يسد رمقه، وآخرين للبنوك وكسروها وسرقوا ما بها من مال، مثل بنك الخرطوم في منطقة شرق النيل، والذين سرقوه هم المنفلتين من الذين يقطنون بالقرب منه.
هنالك حرائق شبت في المصانع وبالتحديد في المنطقة الصناعية ببحري، مثل مصنع المنتجات الغذائية(الحليب، العصائر بكل أنواعها، والمشروبات الغازية) لأسامة داؤود، ومصنع (المحاميد للأثاث، ومصنع ثلاجات ).[6] فالبعض يعزي ذلك بفعل أفراد بعد أن سرقوه قاموا بإشعال النار فيه وآخرين يقولون أنه بفعل سقوط بعضاً من القذائف. كما أن هنالك من يتهمون الطرفين بأنهم من قاموا بأعمال السرقة والنهب، ويمكن أن يكون هنالك متفلتين من الطرفين لكن بالتأكيد ليسوا جميعهم، وهذه حالات شاذة ولا يمكن التعميم بها.
4- آثار صحية وبيئية
أعلنت لجنة أطباء السودان المركزية أن عدد القتلى من المدنيين جراء الصراع وصل إلى أكثر من (850)، وعدد المصابين وصل إلى(2,500).[7] كما أن هنالك بعض الجثث لا تزال ملقاة على الأرض، وأخرى نهشتها الكلاب، مما دفع الكثيرين في وسائل التواصل الاجتماعي، لأن يطلقوا حملات لإيقاف الحرب؛ داعين منظمات العون الإنساني للاستجابة لنداءاتهم بمواراة الجثامين الثرى حتى لا تتسبب في كارثة بيئية.
وهنالك نقص كبير في الإمداد المائي، فقد توقفت كثير من المحطات النيلية العاملة بالولاية، منها محطة بحري النيلية، حيث سقط فيها مقذوف مما أدى إلى نشوب حريق جنوب مخزن المحطة به براميل فارغة وموتورات واسكراب، ومما أسفر أيضاً عن انقطاع التيار الكهربائي وخروج المحطة من الخدمة.[8] وهنالك بعض المحطات توقفت لأيام ثم عادت وهي محطة (الحلفايا وكرري والضغط العالي بحري وبُري والمقرن وبيت المال) أما بانقطاع التيار الكهربائي أو نقص الإمداد المائي أو الكيميائي(كلور+ باك) أو الظروف الأمنية.
80% من المستشفيات بالعاصمة أصبحت خارج الخدمة[9]، بسبب نقص المحاليل المعملية والأدوية، كما أن الظروف الأمنية حالت دون وصول الكوادر الطبية إلى المستشفيات، وجراء هذه الظروف توفت الطبيبة آلاء ابنة كابتن منتخب الهلال السابق فوزي المرضي أثر عودتها من مستشفى السلاح الطبي بطلق طائش أثناء الاشتباكات بين الطرفين بالقرب من كبري بري في أول يوم من بداية الأحداث، وفي السادس من مايو لحقها والدها حزناً لفراقها، ومازالت والدتها بالعناية المكثفة.
وتوقفت شبكات الاتصالات(سوداني+ MTN) بسبب نفاذ الوقود، وتوقف وزارة المعادن والنفط عن العمل.[10] لكون حصص الوقود تخرج من مستودع الجيلي بعد أن يتم دفع قيمتها أولاً في الوزارة. وهنالك شح كبير في الخبز لنفاذ حصة الأفران من الدقيق، وكذلك المحال التجارية أغلقت أبوابها بسبب خوفها من السرقات، وبعد مشاهدتهم لمنفلتين يقومون بسرقة المحال التجارية قام أصحابها بأخذ بضاعتهم وخبئوها في بيوتهم.
وذكرت سارة محمد أحمد:(أن أعداد النازحين إلى ولاية الجزيرة كبيرة جداً، منهم من استأجروا بيوتاً وشققاً، حتى أملئت الشقق، وبعضهم أستقر في داخليات الطلاب بالجامعة وآخرين بالمدارس وغيرهم بالمساجد ومتسولين في الأسواق).[11]واكتظاظ المدارس والجامعات بالفارين من الحرب ينبئ بكارثة بيئية لان الطاقة الاستيعابية لمدارس الطلاب في استغلال المنافع قليلة جداً وكذلك الجامعات مقارنة بحجم النازحين فيها.
5- آثار أمنية
أ- انتشار الأسلحة
هذا العنف أدى لخوف وهلع شديد وسط المواطنين، وسادت فيه تجارة الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، لحماية كل فرد نفسه وأهله وماله من العصابات الإجرامية، وإذا استمر الوضع طويلاً سوف تكثر السرقات والقتل معاً.
ب- مخلفات القذائف والمتفجرات وفوارغ الذخائر
تضررت كثيراً من أحياء العاصمة بسبب سقوط المقذوفات وسطها، وكذلك الطرقات العامة والشوارع الرئيسية، وأكثر المناطق تضرراً ،هي في أم درمان حي المهندسين والصالحة، وفي بحري كافوري والصافية وشمبات، والخرطوم في السوق المركزي الذي سقطت فيه طائرة وتحطمت قرب المدينة الرياضية، من كثرة فارغ الذخائر قرب البيوت أصبح الأطفال يأخذونه ليلعبوا به، مما دفع ببعض المنظمات الإنسانية تسجيل نداءات بالابتعاد عن الأماكن التي تتواجد فيها مخلفات القذائف والمواد السامة والخطرة والتبليغ عنها.
ت- عودة الخدمة الوطنية
كانت مسألة الخدمة(العسكرية) للرجال واجبة في ظل حكم الرئيس السابق عمر البشير، ومنذ قرارات اللجنة الأمنية باقتلاعه، توقفت الخدمة الوطنية، عادت هذه المسألة وبصورة عشوائية، كما كان في بداية حكم الإنقاذ، وهي أن يتم أخذ الشباب عنوة من الحافلات والأسواق والشوارع، حيث يتم الزج بهم في المعسكرات للتجنيد، ومن ثم الذهاب بهم إلى القتال في جنوب السودان، أما الآن فلا يتوافر وقت للتدريب، يعطون الإنسان سلاحاً ويدخلونه ساحة المعركة، حيث يتم اقتيادهم على أساس قبلي للذين هم من قبائل غرب السودان ويمثلون الغالبية من تكوين قوات الدعم السريع.[12]
ث- تنامي ظاهرة الإرهاب.
بدأت ظاهرة الإرهاب تتشكل في المجتمع السوداني، حيث كانت تعتبر الخرطوم من بين العواصم العشر في العالم من حيث الأمن، ونسبة لتوقف سير العمل في القطاع العام والخاص، وإخراج جميع المساجين من كل السجون، بدت هذه الظاهرة باختطاف أربعة سيدات من قبل مسلحين مجهولين، وتهديد العديد من تجار السوق المركزي ببحري وأخذ أموالهم.[13] مما يعني أن هناك حالة من الفوضى الأمنية، وبالتالي إذا لم يهدأ الصراع فستنمو ظاهرة الإرهاب والإجرام من دخول جماعات مثل (بوكو حرام) أو الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل (داعش).
ج- التعبئة العامة للشعب
أوصت لجنة أمن ولاية الخرطوم رئيس مجلس السيادة، بإعلان التعبئة العامة واستنفار الشعب لقتال المتمردين.[14] وكذلك ذكر محمد على الجزولي[15]:(إن الجيش في حالة ضعف الآن، لذلك وجب إعلان التعبئة العامة ونزول الشعب للميدان والقتال مع الجيش).[16]
المحور الثاني: التداعيات على دول الجوار
تجاور السودان سبع دول؛ مصر وليبيا وتشاد وجنوب السودان وإفريقيا الوسطى وإثيوبيا وإريتريا. وهذه الدول السبع لكل منها أزمة داخلية مختلفة وتعاني من عدم استقرار إما سياسي أو اقتصادي أو تشابك قضايا إقليمية، ويتأثر كل منهما بشكل أو بآخر بالصراع السوداني الدائر حالياً، مما قد يدفع بعضها للتدخل لصالح أحد الأطراف لحماية مصالحها.
1- التداعيات السياسية
لا اعتقد أن هنالك آثاراً سياسية على دول الجوار جراء العنف الدائر في السودان ولكن يمكن أن تكون هنالك اثأراً أمنية، وربما تنجم عنها آثاراً سياسية ولكن بدرجة أقل.
2- التداعيات الاقتصادية
ذكر مارتين فريك[17]:(أن ثلث تعداد سكان السودان كان يتضور جوعاً بالفعل قبل اندلاع الاشتباكات، الآن هناك نقص في كل شيء كما ارتفعت أسعار الغذاء بصورة كبيرة، وتم تسجيل زيادات مماثلة في الأسعار في تشاد وجنوب السودان، وإذا استمر هذا العنف فسوف يسبب أزمة إنسانية في منطقة شرق أفريقيا بأكملها).[18]غالبية الدول المجاورة للسودان تأكل منه، خاصة جنوب السودان وأثيوبيا وارتريا وأفريقيا الوسطى في المنتجات الزراعية، أما تشاد والنيجر وإلى الغرب الأفريقي فهو يستهلك المنتجات الصناعية السودانية مثل(الشعيرية والمكرونة والأرز و….الخ )، أما مصر فهي المستفيد الأول من الماشية السودانية التي تذهب إليها حية، وتستفيد من مخلفات الذبيح في الصناعات الأخرى، لذلك فإن منطقة شرق أفريقيا كلها سوف تتأثر وكذلك بعضاً من دول الغرب الأفريقي.
فريك أردف أنه في جنوب السودان، التي تواجه فيضانات في بعض المناطق وجفاف في مناطق أخرى بسبب أزمة المناخ، ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة 28 بالمائة خلال فترة قصيرة. ومما يفاقم الأزمة توتر الوضع في القرن الإفريقي، حيث ارتفع الضغط على إمدادات الأغذية بسبب مواسم الأمطار الستة السيئة.
هنالك اتهامات موجهة لمصر على أنها تستفيد من صادر الماشية[19]، لذلك كان هنالك تواجد طيارين مصريين في مطار مروي، حفاظاً على مصلحتها من تبدل الأوضاع لصالح حميدتي لخوفهم من إلغاء تلكم الامتيازات، واعتقد أن منطقة شرق أفريقيا أكثر تضرراً من غربها ويمكن ترتيب الدول الأكثر تضرراً في النواحي الاقتصادية من أعلى إلى أسفل كالآتي:
3- التداعيات الاجتماعية
ذكر يانيز لينارتشيس[20]:(إن هناك مخاطر حقيقية لتوسع الأزمة لتصل دول جوار السودان، وأتوقع تصعيدا في الموقف لكون السودان يعيش أوضاعاً صعبة حتى قبل اندلاع الأزمة الحالية).[21]
المفوضية الأوروبية أعلنت أيضاً أن التدفق الأخير للنازحين سيضيف إلى تحديات جيران السودان، الذين يستضيفون أعدادا كبيرة من اللاجئين من نزاعات سابقة، فتشاد التي استقبلت من قبل 400 ألف فروا خلال السنوات الماضية بسبب نزاعات مسلحة، وصل إليها حوالي 30 ألفاً في الأسابيع الأخيرة، يتوزعون على 13 مخيماً للاجئين. بينما يتم تحديد موقع جديد للاستضافة مزيداً من الوافدين، وكذلك لدى المجتمعات المحلية المضيفة في شرق تشاد.[22] ولا اعتقد أن اللاجئين في مصر يشكلون خطراً، بل سوف تستفيد منهم في المصانع لأنها بحاجة إلى العمالة الرخيصة، وسوف يندمجون في المهن الهامشية كذلك، أما جنوب السودان فسوف تستفيد منهم كذلك في زراعة الخضروات، لكون غالبية مجتمع جنوب السودان لا يحبذ الزراعة، ويعتمد عليها في غذائه من السودان، وكذلك المنتجات المصنعة، إما ارتريا وإثيوبيا لا تتواجد بها فرص عمل لاستيعابهم، وليس من السهل عليهم الاندماج في مجتمعها لذلك سوف يظلون متواجدين في المخيمات منتظرين وقف العنف لعودتهم مجدداً.
4- التداعيات الصحية والبيئية
يؤدي تكدس اللاجئين في المخيمات بإعداد كبيرة إلى ظهور بعض الأمراض مثل الملاريا والكوليرا، وذلك بسبب قلة الماء الصحي والنظيف وضعف الرعاية الصحية الأولية، مما قد ينجم عنه وفيات خاصة في الأطفال، والرجال والنساء الذين تنقصهم المناعة، وان طالت فترة بقائهم في المخيمات، ولم يندمجوا في مجتمعات الدول التي هم فيها يتسبب ذلك في قلة المناعة لغالبيتهم، ويتحولون إلى مستهلكين غير منتجين.
5- التداعيات الأمنية
العديد من المراقبين يرون أن الصراع السوداني، إن طال أمده فسيؤثر على دول الجوار من خلال تنامي الحركات الأصولية والمتطرفة، أو تزايد الصراعات الاثنيه والعرقية القائمة في مجموعة من الدول المجاورة التي لا تزال تشهد حالة من عدم الاستقرار الداخلي، مثل جنوب السودان و جمهورية إفريقيا الوسطى التي تشهد أزمات عرقية ودينية بجانب وجود مجموعات “فاغنر” فيها.
هنالك تحليل لموقع “اندبندنت” يقول إن إثيوبيا وإريتريا فستتأثران بأحداث شرق السودان التي طغى عليها صوت معركة الخرطوم، فقد ظلت “مجموعة الأزمات الدولية” تحذر من تجدد المواجهات في الإقليم الذي يعاني التهميش الاقتصادي والسياسي، ووقعت مواجهات عدة بينه وبين الحكومة المركزية في الخرطوم في كل عهود النظم الحاكمة، خصوصاً نظام عمر البشير السابق.[23]
تعد تشاد أكثر الدول تضرراً؛ لمعاناتها على مدار العقد الماضي، من الأنشطة المدمرة للتنظيمات المتطرفة، مثل “بوكو حرام” والجماعات المنشقة عن تنظيم “داعش”، كما شهدت جمهورية أفريقيا الوسطى قتالا داخليا بين جماعات مسلحة، مشيرة إلى أن الصراع السوداني له عواقب وخيمة على السلام والأمن الإقليميين.[24]
ذكر داؤود يحي[25]:(لجأ أكثر من 300 جندي من القوات المسلحة السودانية إلى تشاد حاملين أسلحتهم وأمتعتهم منذ يوم الأحد الماضي، وقمنا بنزع أسلحتهم وحصرهم).[26]
إلى جانب كل ذلك، تتمثل إحدى تداعيات الصراع الحالي في السودان في الانتشار المتوقع للأسلحة الصغيرة والخفيفة بين الأطراف المتحاربة في أنحاء المنطقة. وبالتالي قد يؤدي هذا الأمر أيضا إلى اتساع تجارة الأسلحة غير المشروعة، بسبب ظهور ممرات تهريب جديدة، بما في ذلك ليبيا وبوركينا فاسو وتشاد ومالي والنيجر، والمشكلة ستزداد تعقيداً حين تقع هذه الأسلحة في الأيدي الخطأ، مثل أيدي المتطرفين.
إضافة إلى احتمالية تسلل مقاتلين إرهابيين أجانب إلى السودان، مثلما حدث في دارفور غربي البلاد، التي شهدت معارك ضارية أدت إلى مقتل نحو 300 ألف شخص ونزوح حوالي مليونين.
دولة جنوب السودان ستتأثر أيضا بامتداد الصراع من الخرطوم إلى منطقتي النيل الأزرق وجبال النوبة، وهو إقليم هش أمنياً ويشكل الحدود الجديدة بين الدولتين بعد الانفصال، ولم تخمد الحرب فيه تماماً على الرغم من توقيع اتفاق سلام جوبا عام 2020م. كما يلعب النفط في منطقة آبيي الحدودية المتنازع عليها دورا آخر في التأثير في دولة الجنوب، ويزيد من معاناتها مع صراعاتها الداخلية.
الخاتمة
تعتبر الآثار الناجمة عن الصراع بين الجيش والدعم السريع كارثية جداً وتشكل كابوساً لأفريقيا بأسرها، تمثلت آثاره السياسية في إيقاف العملية السياسية وربما يهدد بزوالها إن لم تكن هنالك تسوية سريعة بين الطرفين، وتعتبر آثاره الاجتماعية بالغة التعقيد وسوف تخلف ورائها شرخاً كبيراً في المجتمع، وتولد جيلاً لا يعرف سوى العنف وآخرين يعانون من أمراض نفسية لفقدانهم المربي والموجة، وتتمثل الآثار الاقتصادية في توقف حركة الإنتاج بالكلية، وأصبح غالبية المجتمع يعتمدون على الإغاثة والإعانات من المنظمات الدولية، وتعتبر الآثار الصحية البيئية سيئة جداً وسط النازحين وتنذر بتفشي الإمراض والأوبئة، إلا أن الأخطر من ذلك كله هو تسليح المجتمع مما يعني انهيار مفهوم الدولة والنظام في السودان.
وينتج عن تلكم الآثار الداخلية تداعيات على مستوى دول الجوار في استقبالها للعديد من اللاجئين وهي غير مهيأة لذلك، ولكن هنالك خطراً أكبر منهم وهو حدوث مجاعات في شمال شرق أفريقيا لاعتمادها في غذائها بشكل رئيسي على السودان، إلا أن تنامي ظاهرة الإرهاب تعد الخطر الأكبر لهذه وقد يمتد أثرها إلى الكثير من دول الساحل الأفريقي.
المصادر والمراجع
[1] . قناة الجزيرة الفضائية، نشرة أخبار التاسعة مساء، بتاريخ ، 5/5/2023م. [2]. محمد حمدان دقلو، قناة الشرق الإخبارية، بتاريخ 27/4/2023م. [3] . ياسر عرمان، قناة الجزيرة الفضائية، نشرة الأخبار، تاريخ28/2/2023م. [4]. متحدث باسم منظمة الهجرة، قناة العربية ، نشرة أخبار الثالثة عصراً. [5]. قناة الحدث، نشرة أخبار السابعة مساءً. [6]. قناة الجزيرة القضائية، نشرة أخبار التاسعة مساء، بتاريخ،7/5/2023م. [7]. قناة العربية، نشرة أخبار الثامنة صباحاً.بتاريخ 21/5/2023م. [8]. هاني الحاج، مهندس بمحطة مياه بحري، قرب التقرير، 15/4/2023م. [9] . https://7al.net/?p=335124 [10]. الوليد سيد أحمد، فني بمصفاة ألجيلي، مقابلة شخصية، 8/5/2023م. [11] . سارة محمد احمد، قرب بيت التنمية على الواتس، بتاريخ، 8/5/2023م. [12]. سيف الدين تريدوقو، مقابلة شخصية، 6/5/2023م. [13]. خيرة محمد يوسف، تاجرة خضار بمنطقة السامراب، مقابلة شخصية، 3/5/2023م. [14]. Kushnews.net ، بتاريخ 10/5/2023م. [15].محمد على الجزولي، رئيس حزب دولة القانون والتنمية [16] . السودان الآن، صفحة أخبارية، على الفيس بوك. [17]. مارتين فريك: مدير المنظمة برنامج الغذاء العالمي، ومقرها في ألمانيا. [18] . https://7al.net/?p=335124. [19] . منتصر على موسى، مقابلة شخصية، 8/5/2023م. [20]. يانيز لينارتشيس: مفوض الشؤون الإنسانية بـ”الاتحاد الأوروبي [21]. في تصريحات نشرتها صحيفة “فيلت أم زونتاغ” الألمانية يوم الأحد الماضي، [22] . https://7al.net/?p=335124 [23] . https://7al.net/?p=335124 [24] .تقرير مجلة فورين بوليسي الأميركية. [25]. يحي داؤود، وزير دفاع جمهورية تشاد. [26]. يحيي داؤود، التلفزيون التشادي، نشرة أخبار العاشرة، مساء بتاريخ، 23/4/2023م.