إعداد: فريق المركز
مقدمة
نالت الكاميرون استقلالها عام 1960 وهو العام الذي يؤرخ لاستقلال أغلب الدول الإفريقية وبعد عام من الاستقلال تم توحيد الكاميرون الشرقية التي خضعت للوصاية الفرنسية والكاميرون الغربية التي خضعت للوصاية البريطانية ، ( لخضوع البلاد لوصايتين الفرنسية والبريطانية ) بعد استفتاء أجري لهذا الغرض. وبموجب دستور 1966 أصبحت الكاميرون دولة متحدة تحتكم إلى اللامركزية الديمقراطية، بنظام حكم شبه رئاسي ومع السلطات التشريعية والتنفيذية المنفصلة تماما، وتقسم الكاميرون إلى عشر أقاليم.
النظام التشريعي في الكاميرون
يتألف البرلمان من 180 عضوا يتم انتخاب 34 منهم بأغلبية الأصوات في دوائر انتخابية ذات عضو واحد، ويتم انتخاب 146 آخرين عن طريق تصويت الأغلبية في دوائر متعددة الأعضاء، كما يتألف مجلس الشيوخ من 100 عضو، يتم انتخاب 70 عضوا بشكل غير مباشر من قبل مجالس الإدارة الإقليمية، و30 عضوا يتم تعيينهم من قبل الرئيس. ويتم انتخاب الرئيس عن طريق الأغلبية ويتم تعيين رئيس الوزراء من قبل الرئيس، يتمتع الرئيس بأكبر سلطة من بين السلطات الثلاثة وهومسؤول عن تسمية أعضاء مجلس الوزراء والقضاة والمحافظين كما يوافق الرئيس أيضًا على اللوائح أو يرفضها ، من بين أمور أخرى، ويعتمد فوز الرئيس بالأغلبية البسيطة والمدة بين الدورة والأخرى 7 سنوات، وبلا حدود لفترة الولاية، بينما دورة البرلمان 5 سنوات ويراس الكاميرون حاليا الرئيس بو بيا منذ 1982.
تطور العملية السياسية في الكاميرون
منذ استقلال الكاميرون بضفتيه اللتين خضعتا للوصاية الفرنسية والبريطانية ظلت البلاد تحكمها اللامركزية الشديدة، مع تعظيم وتركيز السلطات في يد الرئيس، كما القسمين من الناحية العملية ظلتا تحت الحزبين اللذين كانا يشكلان العمل الوطني من قبل الاستقلال وهما: اتحاد الكاميرون(UC) برئاسة السيد احمد أهيد جو في شرق الكاميرون، وحزب الكاميرون الوطني الديمقراطي (KNDP) بقيادة السيد جون فونشا، وعملا بالتنسيق على المستوى الفيدرالي، وأعلنا الاندماج لاحقا بعد مناورات ومحاولات تسوية تحت مسمى الاتحاد الوطني الكاميروني (UNC).
حكم الكاميرون حزب واحد في الفترة بين 1966 و 1990 حيث صدر قانون التعددية الحزبية في 1990 وفي 1992 شاركت في الانتخابات خمسة أحزاب سياسية في الانتخابات الرئاسية و32 حزبا في الانتخابات التشريعية.
وعلى الرغم من تبني التعددية السياسية في الكاميرون منذ ان هبت رياح الموجة الثالثة للديمقراطية في مطلع تسعينيات القرن الماضي، إلا أن الرئيس بول بيا الممسك بزمام السلطة ظل هو رئيس البلاد رئيس الحزب الحاكم ورئيس السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية للحكومة ؛ وهو أيضًا رئيس الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية الأخرى. يمنح الرئيس الأحزاب المعارضة هامشا ضئيلا من التنافس ولكن دون سقف الفوز والمشاركة الحقيقية في السلطة، وكما أكدت تقارير عديدة تتميز الانتخابات في الكاميرون بدرجة عالية واحترافية في التزوير، ضمنت استمرار الحزب الحاكم حزب التجمع الدستوري الديمقراطي (CPDM) من الفوز الدائم منذ 1982، ما دفع المراقبين يصفون الانتخابات الكاميرونية بأنها شكل من أشكال الاستبداد السياسي.
بعد توحيد شطري الكاميرون وحد أول رئيس للكاميرون السيد أحمد أهيدجو الأحزاب في حزب واحد وهو الاتحاد الوطني الكاميروني (CNU)، وحكم حتى جاء الرئيس الحالي في 1982 وغير اسم الحزب إلى الحركة الديمقراطية الشعبية الكاميرونية (CPDM)، ليستمر حاكما بانفراد حتى 1991.
المرصد الوطني للانتخابات
بعد ضغوط كثيرة من قبل الأحزاب المعارضة من أجل التغيير الديمقراطي تبنى البرلمان مشروع قانون لإنشاء المرصد الوطني للانتخابات، لتكون الهيئة المعنية بالإشراف على الانتخابات من حيث الرقابة والاشراف على جميع مراحل العملية الانتخابية في الكاميرون، ويتراس رئيس الهيئة فريقا مكونا كمن 11 شخصية يتم تعيينهم من قبل رئيس الجمهورية.
جدل الإصلاحات الانتخابية في الكاميرون
بعد تبني التعددية السياسية بدأ تأسيس الأحزاب وتعددت وصولا إلى ما يزيد على 200 حزب سياسي، ولكن منذ انتخابات 1996 اندلعت احتجاجات شاركت فيها معظم أحزاب المعارضة، والتي قرر بعضها مقاطعة الانتخابات بعد ذلك، وواصلت الضغط من أجل الإصلاح السياسي، سيما مطلب إنشاء هيئة انتخابية مستقلة، وبعد إنشاء المرصد الوطني للانتخابات حصل تحسن في العملية الانتخابية ولكن أشاروا إلى ضرورة مزيد من التحسين في مجالين اثنين وهما: التشريع الانتخابي وتسجيل الناخبين.
تُجرى الانتخابات في الكاميرون على ثلاث مستويات وهي: الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعية والانتخابات البلدية. وتطورت الآلية الانتخابية في الكاميرون، عبر ثلاث مراحل، اللجان الانتخابية المشتركة والمراقبة الوطنية للانتخابات (NEO) وانتخابات عموم الكاميرون ((ELECAM، ولكن وفقا لعدد من المراقبين فإن هناك ضعف كبير في ثقة المواطنين في الهيئات المسئولة عن الانتخابات والاشراف عليها.
انتخابات 2023
جاءت انتخابات 2023 تحت شعار انتخابات خالية من الفساد و تم نشر قوائم الأحزاب المشاركة وقوائم المرشحين في 7 فبراير 2023، وقامت اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي تبنت شعار انتخابات خالية من الفساد بحملات للتوعية في كافة الأقاليم العشر في البلاد ونشرت أرقام وحسابات وخطوط ساخنة تمكن المواطنين من التواصل الفعال وتقديم شكاواهم أو ملاحظاتهم.
جرت أول انتخابات تشريعية في الكاميرون في 2013 وقد انتخب ناخبوا 9785 مجلس بلدي 56 مرشحا من الحزب الحاكم و14 لحزب المعارضة الرئيسي SDF وفي 2023 ارتفع عدد الناخبين بدخول 870 مستشارا إقليميا من مجموع 900 بعد انتخابات 2020 وتتم إضافة هؤلاء إلى 10600 عضو ليصل العدد إلى 11000 هم الذين يحق لهم الاختيار.
الحملات الانتخابية
انطلقت الحملة الانتخابية لانتخابات مجلس الشيوخ في بداية مارس 2023، واستمرت حتى 11 من الشهر ذاته ليذهب الناخبون لصناديق الاقتراع يوم 12 مار 2023، وحسب اللجنة المنظمة فقد تنافس 13 حزب سياسي بما في ذلك الحركة الديمقراطية الشعبية الكاميرونية التي يقودها الرئيس بول بيا، وجرت الانتخابات على 70 مقعد من أصل 100 مقعد يعين الرئيس 30 منهم،
تلزم الهيئات المشرفة على الانتخابات المرشحين إيداع مبلغ مليون فرنك إفريقي وهو ما يعادل (1600 دولار أمريكي)، وهو ما يمثل عقبة لدى بعض الأحزاب التي تفتقر إلى مصادر التمويل، يُلزم قانون الانتخابات في الكاميرون (المادة 284) الدولة بالمشاركة في تمويل الحملات الانتخابية والاستفتاءات. يتضمن هذا تغطية نفقات معينة للأحزاب السياسية أو المرشحين. يحق للأحزاب السياسية الممثلة في مجلس الشيوخ الحصول على تمويل عام باستخدام صيغة القوة العددية بمعنى حسب تمثيلها في البرلمان ولكن لاحظ المراقبون ضعف التزام الحكومة تجاه الأحزاب غير الموالية للحزب الحاكم.
عملية الانتخاب
صرح المسئولون في الهيئة المشرفة على الانتخابات أن عملية التصويت بدأت صباح الأحد 12 مارس 2023 في 198 مركز اقتراع في عشر أقاليم بالدولة، واستمر التصويت حتى السادسة مساء بالتوقيت المحلي، وأكد مراقبون أن أجواء الاقتراع كانت هادئة والعملية سارت بسلاسة كما أكدت الهيئة الانتخابية انه تم توفير جميع التسهيلات والترتيبات الأمنية لضمان انتخابات حرة ونزيهة.
راقب الانتخابات التشريعية في الكاميرون ما يقرب من 3000 مراقب معتمد من المؤسسات المحلية والدولية في 58 مقر رئيسي.
نتائج الانتخابات
تنافست عشرة أحزاب سياسية على المقاعد ال 70 واحتفل مؤيدو الحزب الحاكم بالفوز بجميع المقاعد كما حدث مرات عديدة، وقالت هيئة الانتخابات إن الانتخابات التي شارك فيها 15 عضو تم انتدابهم للإشراف على العملية، كانت خالية من العيوب والثغرات في جميع أنحاء الدولة، بينما تقول أحزاب المعارضة، إن الانتخابات شابتها مخالفات، وقال أحد المرشحين عن جبهة الديمقراطيين، انه من المخزي أن يقوم الحزب الحاكم باستئجار حافلات لنقل جميع الأعضاء الذين يشكلون المجمع الانتخابي، كما قال إن الحزب الحاكم استخدم التهديدات والبلطجة وشراء الأصوات لحرمان الناخبين من حريتهم في اتخاذ خياراتهم الديمقراطية وقال أن مسئولي الحزب الحاكم هددوا الناخبين الذين رفضوا الرشوة، وإن المعارضة ستقدم التماسا إلى المجلس الدستوري لإلغاء نتائج التصويت، كما أفاد بأن الحزب الحاكم وحكومته يخنقون الديمقراطية بشغلهم جميع المناصب الحكومية المنتخبة والمعينة.
أما الهيئة العامة للانتخابات فقد أكدت أن 97% من الكلية الانتخابية قد صوتوا بشكل صحيح وأنه قد تم تقديم الحماية للناخبين والمرشحين طوال العملية.
الطعون في نتائج الانتخابات
يمنح القانون الأطراف المشاركة في الانتخابات 72 ساعة من إغلاق صناديق الاقتراع لتقديم التماسات إلى المجلس الدستوري ويعقد المجلس جلسات استماع علنية للنظر في الالتماسات المقدمة، ويعلن المجلس الدستوري نتائج الانتخابات لأعضاء مجلس الشيوخ بعد 15 يوم من تاريخ الاقتراع ويعين رئيس الجمهورية بعدها 30 عضوا من الأقاليم العشرة بواقع 3 عضو لكل إقليم.
خاتمـــــــــــــــــــــــــة
ما زال الرئيس بول بيا وحزبه يكررون الفوز عاما بعد عام منذ أن أصبح رئيسا للبلاد في 1982 وبلغ حكمه 40 عاما بينما يبلغ عمره 90 عاما، بينما تدعي المعارضة بأنه وحزبه يزورون الانتخابات كل مرة ويطالبون بالإصلاحات ويقول الكاميرونيين بان الرئيس ليس في نيته ترك السلطة، ولا يستجيب لمطالب مراجعة قانون الانتخابات، وهو الأمر الذي ينذر بمخاطر تزايد الاضطرابات واتساع رقعة التمرد في ظل تفاقم الأوضاع ومطالب بالانفصال في الجزء الأنجلوفوني.