شهدت جزر القمر انتخاباتها الرئاسية وسط اتهامات بارتكاب مخالفات ومزاعم بالتزوير من قبل مرشحي المعارضة. وسعى الرئيس الحالي، غزالي عثماني، إلى إعادة انتخابه لولاية ثالثة على التوالي. وكانت الانتخابات الرئاسية التي أجريت في جزر القمر في يناير/كانون الثاني 2024، بمثابة نقطة محورية للتوتر السياسي والجدل في البلاد. يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل للعملية الانتخابية، وردود الفعل اللاحقة، والمناخ السياسي العام في أعقاب الانتخابات.
يوم الانتخابات والنتائج الأولية
شابت الانتخابات الرئاسية في جزر القمر، المقررة في 14 يناير/كانون الثاني 2024، تحديات تنظيمية ومزاعم بالتزوير، وهو ما ألقت بظلالها على العملية الانتخابية. وأثارت التقارير عن الخلل في إجراءات التصويت والاتهامات بالتزوير على نطاق واسع من قبل خمسة مرشحين معارضين مخاوف بشأن نزاهة الانتخابات. وعلى الرغم من هذه الأمور، شهد اليوم التالي للتصويت، 15 يناير/كانون الثاني، أجواءً هادئة نسبياً.
أعلنت النتائج الرسمية في 16 يناير/كانون الثاني فوز الرئيس الحالي غزالي عثماني بنسبة 62.97% من الأصوات. ومع ذلك، فإن نسبة إقبال الناخبين المنخفضة التي بلغت 16.30٪ أثارت الشكوك وزادت من مزاعم المعارضة بحدوث مخالفات. وقد أدى التناقض بين نسبة المشاركة المبلغ عنها والتقديرات الأولية للجنة الانتخابية الوطنية المستقلة (Céni) إلى زيادة تعقيد المشهد الانتخابي.
وردت المعارضة بشدة، فنددت بالعملية الانتخابية ووصفتها بأنها “مسرحية هزلية”، ودعت إلى احتجاجات واسعة النطاق في 19 يناير/كانون الثاني. وعلى الرغم من مناشدة المعارضة، ظلت الاستجابة العامة للدعوة إلى المظاهرات ضعيفة، واتسم الوضع العام بعدم اليقين والتوتر السياسي في البلاد. في أعقاب الانتخابات.
استجابة المعارضة والدعوة للاحتجاجات
بعد الإعلان عن فوز الرئيس غزالي عثماني في 16 يناير/كانون الثاني 2024، استجاب مرشحو المعارضة، الذين يشعرون بالظلم ويشككون في شرعية نتائج الانتخابات، بدعوة للاحتجاج في 19 يناير/كانون الثاني. ووصفت المعارضة، التي تضم خمسة مرشحين، العملية الانتخابية بأنها “مهزلة انتخابية”. وحثوا الجمهور على الانضمام إلى المظاهرات ضد ما اعتبروه مخالفات. وعلى الرغم من خطابها القوي، كافحت المعارضة لحشد دعم كبير، مما أدى إلى استجابة شعبية ضعيفة ومحدودية المشاركة في الاحتجاجات المخطط لها. وأثار هذا الافتقار إلى المشاركة واسعة النطاق تساؤلات حول مدى فعالية استراتيجية المعارضة في تحدي نتائج الانتخابات وتعزيز رد فعل شعبي كبير ضد النتائج المعلنة.
اضطرابات ما بعد الانتخابات في جزر القمر
تميزت الفترة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية في جزر القمر في 14 يناير 2024، بأحداث متفرقة من الاضطرابات والعنف. ظهرت تقارير عن حرق مباني، واشتباكات مع سلطات، وخسارة مأساوية في الأرواح، حيث قُتل شاب من متظاهرين بالرصاص. وزادت الاضطرابات المخاوف بشأن التصعيد المحتمل للعنف وسلامة المواطنين وقوات الأمن.
وبينما دعت المعارضة إلى الاحتجاجات في 19 يناير/كانون الثاني، كان رد فعل الجمهور ضعيفًا، ولم تتحقق المظاهرات واسعة النطاق المتوقعة. ومع ذلك، استمرت جيوب التوتر، مما أدى إلى اشتباكات وحوادث عنف متفرقة في الأيام التالية للانتخابات. أبرزت الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات هشاشة الوضع السياسي والتحديات التي تواجه الحفاظ على النظام العام وسط نتائج الانتخابات المتنازع عليها، مما ساهم في خلق جو من عدم اليقين والقلق بشأن مسار المشهد السياسي في جزر القمر.
التحديات القانونية
بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في جزر القمر في 14 يناير 2024، برزت التحديات القانونية باعتبارها جانبًا محوريًا في المشهد السياسي. قدم اثنان من مرشحي المعارضة التماسات إلى المحكمة العليا، للطعن في النتائج وتقديم الحجج التي كشفت عن التناقضات في الأرقام التي أعلنتها اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة (Céni). وكان الهدف الأساسي للمعارضة هو إلغاء الانتخابات، مؤكدة أن المخالفات أضرت بشرعية العملية الانتخابية برمتها.
وفي تحول مفاجئ، أعلن الحزب الحاكم بزعامة الرئيس غزالي عثماني أيضا عن نيته تقديم طعن قانوني. كان أساس تحديهم هو نسبة مشاركة الناخبين التي بلغت 16%، وهو ما يتناقض بشكل حاد مع ادعائهم بأن المشاركة الفعلية كانت أقرب إلى 60%. أدخلت هذه المناورة القانونية طبقة جديدة من التعقيد على البيئة الانتخابية المتنازع عليها بالفعل، مما يشير إلى الطبيعة المتعددة الأوجه للمعارك القانونية التي تكشفت في أعقاب الانتخابات، مما ترك الشعب في حالة من عدم اليقين المتزايد والتدقيق القانوني.
المراقبون الدوليون والمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان
لعب المراقبون الدوليون دورًا حاسمًا في تقييم الانتخابات الرئاسية في جزر القمر في 14 يناير 2024. واعتبرت منظمات مثل المنظمة الدولية للفرانكفونية (OIF) والاتحاد الأفريقي (UA) أن الانتخابات حرة وشفافة بشكل عام. إلا أن تقييماتهم تتناقض مع بواعث القلق المستمرة بشأن حقوق الإنسان والتي أثارتها اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والحريات في جزر القمر.
وفي حين أثنى المراقبون الدوليون على سير الانتخابات بشكل عام، أعربت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عن قلقها بشأن حوادث العنف في فترة ما بعد الانتخابات. دفعت الوفاة المأساوية لمتظاهر شاب، وحوادث حرق المباني، والتقارير عن المعاملة القاسية أثناء الاعتقالات، اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى الدعوة إلى إجراء تحقيق قضائي شامل للتأكد من المسؤوليات بنزاهة.
ويشير الاختلاف في وجهات النظر بين المراقبين الدوليين ولجان حقوق الإنسان المحلية إلى الطبيعة المعقدة لتقييم الانتخابات، مع الأخذ في الاعتبار الجوانب الإجرائية والسياق الأوسع لحقوق الإنسان والسلامة العامة. وظل اهتمام المجتمع الدولي منصباً على جزر القمر، حيث أدت هذه المخاوف إلى تفاقم العواقب المعقدة التي أعقبت الانتخابات المتنازع عليها بشدة.
خاتمة
في الختام، فإن الانتخابات الرئاسية في جزر القمر التي أجريت في 14 يناير 2024، تركت البلاد تتصارع مع مشهد سياسي متعدد الأوجه ومثير للجدل. واتسمت العملية الانتخابية بادعاءات بحدوث مخالفات وتزوير، مما أدى إلى تصاعد التوترات والاضطرابات التي أعقبت الانتخابات. ولم تحظ دعوة المعارضة للاحتجاجات باهتمام كبير، مما كشف عن تحديات في حشد الدعم الشعبي على نطاق واسع.
وزادت التحديات القانونية من تعقيد الوضع، حيث اعترضت الأحزاب المعارضة والحاكمة على جوانب من نتائج الانتخابات. وقد أشارت المناورات القانونية غير المتوقعة إلى مدى تعقيد التعامل مع بيئة انتخابية متنازع عليها.
وقدم المراقبون الدوليون وجهات نظر مختلفة حول نزاهة الانتخابات، في حين أثارت المخاوف المحلية المتعلقة بحقوق الإنسان تساؤلات حول تأثير النتائج على السلامة العامة. وبينما تواجه جزر القمر حالة من عدم اليقين والتدقيق القانوني، فإن الطريق إلى الأمام يتوقف على إجراء تحقيقات شفافة، والالتزام بالإجراءات القانونية، والالتزام بمعالجة مخاوف جميع أصحاب المصلحة. تقف جزر القمر عند منعطف حرج، والطريقة التي ستتعامل بها مع تداعيات هذه الانتخابات ستشكل المسار السياسي في الفترة المقبلة.
تحليلات المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي)
المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات