محمد صالح عمر
مدير آفروبولسي
مقدمة
بحلول الخامس عشر من الشهر الجاري سيضع الصوماليون بانتخاب رئيس الجمهورية نهاية لمرحلة شهدت تراجعا كبيرا في سجل التحول الديمقراطي ووضع قدم أخرى في سلم الاستقرار والعودة التدريجية إلى الوضع الدستوري ودولة القانون ووضح حد لحالة الاستقطابات والفوضى.
مقترح التمديد وأزمة الانتخابات
مع حلول موعد الترتيب للانتخابات في 2020 تفاجأ الصوماليون برغبة الرئيس للتمديد لمدة سنتين تحت حجج عدم الجاهزية والاستعداد الكافي، مما أشعل الساحة السياسية في الصومال والمشتعلة أصلا فقوبل بالرفض القاطع ولم يجد مساندة من الداخل والخارج فأعيد القرار إلى البرلمان وتم إلغاءه وأُجبر الرئيس وأعوانه على الموافقة على إلغاء التمديد، وتشكل في هذه الظروف “اتحاد المرشحين للرئاسة” كقوة ضغط كبيرة واجهت الرئيس ومارست عليه ضغوطا منسقة كان لها الأثر الأبرز في تراجعه عن مشروع التمديد، وكاد ان يتسبب في حرب واسعة النطاق بين الموالين والرافضين.
تمدد حركة الشباب
استغلت حركة الشباب انشغال المؤسسات الرسمية والقطاعات السياسية بالخلافات الداخلية، والصراعات على المسار السياسي في الصومال والاستعدادات اللازمة للاستحقاق، وتمددت بشكل يصعب محاصرتها وإضعافها، وتفيد تقارير صومالية بأنها جنت أموالا طائلة في سنوات حكم فرماجو(15 مليون دولار في الشهر) لغياب الحسم، وانشغال الأجهزة الأمنية والحكومية بالصراعات الداخلية، حيث شهد الصومال خلال عام 2021 فقط ما يربوا على 57 تفجيرا، استهدف حتى العاصمة مقديشو.
قانون الانتخاب المباشر الذي لم يرى النور
وقع الرئيس فرماجو على قانون الانتخابات الجديد الذي كان بموجبه سينتخب الصوماليون ممثليهم ” صوت واحد لرجل واحد ” والذي لم يكتب له النجاح لظهور عيوب وثغرات قانونية وموضوعية واعتراضات هنا وهناك من عدم الجاهزية والاستعداد، لأن الصوماليون لم يصوتوا تصويتا مباشرا منذ 1969، واستعاضوا عنها بمقاربة تقاسم العشائر للسلطة بقانون 4.5 الشهير والذي تواضع عليه الصوماليون بعد الحرب الأهلية الطويلة وغياب تام للمؤسسات الدستورية للبلاد.
اتفاق على الانتخابات في فبراير 2022
وبعد فترة من الصراعات واحتقان امتد إلى اتهام الرئيس لرئيس الوزراء بمحاولة الانقلاب عليه كاد ان يدفع البلاد إلى فوضى التسعينيات اتفقت الأطراف على إجراء الانتخابات وفق الترتيبات المعمول بها وهي البدء بالولايات ومن ثم البرلمان المركزي، وتم الاتفاق على إجراء انتخابات البرلمان بغرفتيه بين يناير وفبراير 2022 لتستكمل بعدها الانتخابات الرئاسية.
استمرت الانتخابات حتى أبريل 2022 لاختيار البرلمان المكون من 275 نائبا كما تم انتخاب مجلس الشيوخ والمكون من 54 مقعدا توجت هذه الأعمال بانتخاب رئيسي البرلمان والشيوخ ونوابهما في 28 ابريل الماضي.
• تم اختيار السيد آدم محمد نور مدوبي بأغلبية كبيرة رئيسا لمجلس النواب وهو صاحب تجربة رئاسية أخرى للبرلمان حيث ترأسه في الفترة بين 2007 و2010.
• تم انتخاب النائبة سعدية يسن كأول امرأة ترشح لموقع نائب رئيس البرلمان وهي سابقة في التاريخ الصومالي القديم والحديث.
• أعيد انتخاب السيد عبدي حاشي رئيسا لمجلس الشيوخ كما تم انتخاب نائبين له.
• فازت معارضة فرماجو برئاسة الغرفتين البرلمان والشيوخ مما يضعف فرص فوزه بالرئاسة.
اختيار لجنة الانتخابات
تمهيدا لانتخاب رئيس الجمهورية في 15 من مايو الجاري تم اختيار لجنة انتخابية تتكون من 17 عضوا من غرفتي البرلمان واختير لها النائب عبده قاني أوقاس، ومهمتها الأساسية الإشراف على انتخاب رئيس الجمهورية.
أبرز المتنافسين على الرئاسة
أعلنت لجنة الانتخابات أن الذين تقدموا للترشح للرئاسة تجاوز عددهم 20 مرشحا بينما تفيد بعض التقارير ان العدد يتجاوز ال 40 مرشحا ولكن يبرز من بين هؤلاء من يملكون وزنا سياسيا وعوامل ترشحهم في المواقع المتقدمة للمنافسة:
1. الرئيس الحالي محمد عبد الله فرماجو الذي تسلم السلطة في 2017 ويطمح في ولاية ثانية وسط شعب لم يوقع ابدا لرئيس على دورة ثانية وستكون سابقة في التاريخ الصومالي إذا فاز بها.
2. الرئيس السابق حسن شيخ محمود وهو حسب السيرة قائد سياسي ورجل دولة ويعتبر مؤسس الفيدرالية الحالية في الصومال لديه حظوظ كبيرة خاصة وأنه لم يدخل في صراع مع العشائر كما يحظى باحترام لدى قطاعات عريضة، ولديه علاقات دولية وإقليمية معتبرة.
3. الرئيس الأسبق شيخ شريف شيخ أحمد ويعتبر من أقوى المرشحين بالفوز يحظى باحترام في أوساط القبائل ويحفظ له التاريخ انجازات في فترة المحاكم
4. رئيس الوزراء السابق حسن علي خيري فرصته كبيرة كان رئيسا للوزراء وعراب إعفاء الصومال من الديون الخارجية كما انه رجل أعمال ناجح.
5. السيد سعيد دني وهو رئيس ولاية بونت لاند التي تتمتع بحكم ذاتي وهو من المرشحين الأقوياء كما يحظى بدعم إقليمي معتبر.
6. الوزير السابق عبد الرحمن عبد الشكور تقول عنه التقارير انه يملك رؤية واضحة لحكم الصومال ولكن يؤخذ عليه أنه لا يتحمس للتسويات والمساومات مع رجال القبائل والنخب السياسية.
حظوظ المتنافسين
من غير المرجح أن يجدد الصوماليون للرئيس فرماجو وفق ثقافة الصوماليين كما انه كان سببا في تراجع المنجزات على مستوى محاربة المتطرفين في حركة الشباب وفي هذه الحالة ربما يتجه لإنجاح الرئيس شيخ شريف وتظل حظوظ الريس السابق حسن شيخ محمود كبيرة ويأتي بعده رئيس الوزراء حسن علي خيري.
نخلص إلى أنه تنحصر المنافسة بين الرئيسين حسن شيخ محمود وشيخ شريف يأتي بعده في الترتيب رئيس الوزراء السابق حسن علي خير ورئيس ولاية بونت لاند سعيد دني.
تجدر الإشارة إلى عوامل الحسم المؤثرة في الانتخابات وهي الثقل القبلي ومجموعات نواب الولايات، والمال والدعم الخارجي والكاريزما والخبرات الشخصية لتشكل محددات مهمة فيمن سيفوز في ماراثون الرئاسة إلى قصر “فيلا صوماليا ” وهو الاسم الذي يطلقه الصوماليون على قصر الحكم
خاتمة
ينتظر الصوماليون بعد أعوام من التوتر والمعاناة بسبب صراعات النخب السياسية وظروف الجفاف الذي يعاني بسببه ما يقرب من 4 ملايين صومالي حالة عدم الأمن الغذائي وهجمات حركة الشباب المتمردة ينتظرون بفارغ الصبر انتخاب من يحمل حلولا لمشكلاتهم التي استمرت لعقود في غياب دولة القانون، ويضع حدا لمعاناتهم في الداخل والخارج، على الرغم من أن انتخاب الرئيس يمر بنفق المساومات ودفع الأموال وليس عبر البرنامج الانتخابي الذي يحاسبه عليه الناخبون.