محمد صالح عمر
مدير آفروبولسي
مقدمة
ربما تشكل انتخابات كينيا 2022 أهم أبرز الأحداث على مستوى القارة الإفريقية لما تمثله كينيا من ثقل دبلوماسي وكونها محدد مهم في استقرار منطقة شرق إفريقيا على وجه الخصوص، ومبعث الاهتمام يأتي بسبب العنف الذي ارتبط بالانتخابات منذ 1992 وحتى انتخابات 2017، حيث قتل الآلاف وشرد مئات الآلاف، وتزداد المخاوف كلما اقترب موعد الانتخابات، خاصة وأنه لم تتمكن الأطراف الكينية المعنية من الوصول إلى اتفاق لتجاوز متلازمة العنف الانتخابي، تسلط هذه الورقة الضوء على العنف المتكرر في الانتخابات الكينية بالتركيز على الانتخابات القادمة وتشكلات الساحة السياسية الكينية واهم التحالفات والمتنافسين على مقعد الرئاسة.
حركة هرامبي وفلسفة المؤسس
هي واحدة من أهم الحركات التي جمعت الكينيين ودفعتهم إلى المشاركة الفاعلة، في الحياة السياسية وهي الحركة التي ابتدرها أبو الاستقلال ومؤسس كينيا ـ جومو كينياتا ـ بعد الاستقلال مباشرة في 1963.
هرامبي (HARAMBEE) هي كلمة في اللغة السواحلية تعني ” التماسك” استخدمتها القيادة الكينية لتجميع الطاقات وبث روح التعاون بين الكينيين، واستطاعت بالفعل تنفيذ عدد من المشروعات التنموية من خلال هرامبي ـ وفي المناطق الريفية على وجه الخصوص في مجالات التعليم والصحة والمحافظة على البيئة وحشدت الكينيين بمختلف مشاربهم خلف الحكومة الوليدة(1).
صاغ شعار هرامبي الرئيس المؤسس جوموكينياتا عشية أدائه اليمين الدستورية كرئيس للوزراء في يونيو 1963 حيث قال: كما نشارك في هذه المناسبة بمظاهر العظمة والافتخار تذكروا باننا بهذا السلوك نرتاح فبل أن يأتي التعب، يجب أن نعمل بجدية أكثر لمحاربة أعدائنا ــ الجهل والمرض والفقر ــ لذلك أُطلقُ مصطلح هرامبي، دعونا نعمل جميعا من أجل بلادنا. كرر ذلك في افتتاح البرلمان حيث خاطب وزراءه قائلا: لقد نشأ شعار هرامبي في إطار تحدي بناء الأمة الماثل أمامنا يجب علينا حكومة وشعبا أن نتكاتف، وخصصت الحكومة الكينية للحركة ما نسبته 6% من اجمالي الانفاق الحكومي(2)
طبيعة الحكم وتوازناته في كينيا
شهدت كينيا ظاهرة حكم الحزب الواحد منذ استقلالها وحتى 1991 حيث امتد حكم الرئيس المؤسس من 1963 إلى 1978 وامتد حكم خلفه دانيال أراب موي بين 1978 إلى 1991 وهي الفترة التي تشكلت فيها الخارطة السياسية في كينيا على مستوى الجماعات العرقية والنخب السياسية التي تم إدماجها حتى لا تعارض الحكم وبالمقابل احتفظ الحكام بالمناصب الإستراتيجية لشركائهم من المجموعات الإثنية الموالية. هيمنت على الفضاء السياسي الكيني في فترة حكم كينياتا نخبة صغيرة من عرقية الكيكويو أُطلق عليها مافيا كيمبو(KIMBO MAFIA) تنتمي إلى مسقط رأس كينياتا ولعبت هذه المجموعات دورا أساسيا في تقويض شعبية الرئيس بسبب عزلها للمجموعات العرقية الأخرى فضلا عن التمييز الذي أحدثته داخل عرقية الكيكويو نفسها. اتسم الحكم في عهد كينياتا وأراب موي بالقبضة الأمنية المحكمة وتمركزت السلطة التنفيذية ومورس الاستبداد والتعسف كما استخدمت شرعنة القوة والعنف المفرط من قبل الدولة فضلا عن إضفاء الطابع الشخصي على السلطة وهي الأساليب التي وضعت اساس للانقسامات العرقية والعنف المتبادل(3).
تداول السلطة والتعددية في كينيا
جرت نقاشات عديدة منذ الاستقلال في كينيا (1963) حول تقاسم السلطة وتداولها حيث تم تقسيم البلاد إلى ثماني محافظات في اتحاد فيدرالي وتم تشريع القوانين الخاصة بانتخابات الهيئات الإقليمية والتي اعتبرتها الأغلبية الكينية انها امتياز لبعض الأقليات العرقية والمستوطنين البيض والتي حاولت ان تحصل على ضمانات ضد الأغلبية. قام الاتحاد الوطني الافريقي(KANU) بحل كل الهياكل المقترحة وتقويضها من خلال حجب الدعم المالي واللوجستي، مما اضطر الزعماء الذين كانوا يدعون إلى تقاسم السلطة للانضمام إلى حزب كانوا لتنتهي بذلك الدعوات إلى تقاسم السلطة وتم تعديل الدستور ليتماشى مع هذا التوجه، كما تم إلغاء المجالس التي تأسست على فلسفة تقاسم السلطة لتنتهي بالتالي فكرة تقاسم السلطة ويسيطر على الحكم حزب واحد وهو حزب كانوا (KANU) (4)
موجة الديمقراطية الثالثة وتبني التعددية في كينيا
عادت الدعوات إلى الإصلاح الدستوري من جديد في 1991 ونشطت مجموعات المعارضة السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الدعوة إلى إجراء تغييرات دستورية للحد من سلطة الرئاسة وزيادة الضوابط والتوازنات وتعزيز الحريات المدنية ومع موجة الديمقراطية الثالثة تبنت كينيا التعددية الحزبية والديمقراطية.
في انتخابات 2002 اتحدت أحزاب المعارضة بتأسيس تحالف عريض اتخذ من مطالب الإصلاح الدستوري قضية اساسية للحملة حيث وعد المرشح مواي كيباكي بتنفيذ دستور جديد في غضون 100 يوم من توليه المنصب، ولكن لم يتجاوز الأمر أكثر من عملية مراجعة دستورية شكلية … بهدف تطوير مسودة دستور جديد لطرحها على الجمهور في استفتاء عام، وتم انتاج مسودة أطلق عليها مسودة بوماس( BOMAS) ولكنها لم تطرح للتصديق إلا في 2005 ولم يحالفها النجاح وفشلت في التصديق على الاستفتاء. وفي ظل حالة عدم اليقين جاءت انتخابات 2007 التي طغى عليها الاستقطاب العرقي حيث تم التصويت على أسس عرقية وطائفية وأشعلت أعمال عنف كبيرة (5).
عرقنة الانتخابات وتحدي التحول الديمقراطي
ترتبط ثقافة العنف الانتخابي في كينيا بثقافة المجتمعات ذاتها وأعرافها وممارساتها، فالمجتمعات التقليدية تربى الصغار على أن يكونوا محاربين لحماية مجتمعاتهم وممتلكاتها خاصة الأرض، وهو ما يوفر أرضية خصبة للعنف الذي يصاحب الانتخابات في ظل توظيف النخب السياسية للشبكات الإجرامية والمليشيات المسلحة المنظمة لتحقيق أهدافها، مع شحن زائد بالإرث الثقافي الذي يصور العنف باعتباره دفاع عن حق القبيلة ومسعى مشروع لتحقيق سطوتها وسيطرتها على الآخرين(6).
شهدت كينيا منذ أن تبنت سياسة التعددية الحزبية في 1991 نزاعات متكررة ترافق الانتخابات وقد ذهبت تقارير عديدة إلى أن هناك اسباب وعوامل هيكلية ومؤسسية وقانونية وثقافية تقف وراء هذه النزاعات لكنها في كل المرات تحمل عنوان الصراع العرقي، والمثير في الأمر هو أن كينيا يُضربُ بها المثل في السلام والاستقرار على مستوى القارة إلا أن الانتخابات الكينية ظلت تشهد حالة من العنف الانتخابي متسببة في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات وفقدان الثقة بين مختلف المكونات.
أجريت أبحاث عديدة لتحليل هذه الظاهرة وخلص أغلبها إلى أن السياسيين والأحزاب قسما البلاد على أساس الاصطفافات العرقية ولكنهم لا يُظهرُون التحالفات العرقية التي يتوقعون بانها تدفعهم إلى السلطة. في عهد كينياتا المؤسس تم إضفاء الطابع الشخصي عل السلطة ما أدى إلى مظالم حقيقية عبر مكافأة الموالين للسلطة ومعاقبة المخالفين، وتم العبث بالأعراق للكسب السياسي، أما خلفه دانيال أراب موي فقد قام بتعديل الدستور ومحاولات إصلاحات مؤسسية في البلاد ولكنه في ذات الوقت لم يكن بعيدا من توظيف العرق في المنافسة السياسية وهنا يتفق الباحثون في الشأن الكيني أن الزعماء السياسيين في كينيا اتخذوا الأحزاب السياسية كأدوات لكسب السلطة عبر التموضع العرقي(7).
الولاءات العرقية في السياسة الكينية
حَكمَ كينيا أربعة رؤساء من مجموعتين عرقيتين منذ الاستقلال هي الكيكويو وكالنجيين ولذلك تعتقد المجموعات الأخرى التي تنتمي إلى 40 قبيلة أخرى ــ أنه حان دورها لتولي الرئاسة ــ حيث تشكل خمس مجموعات رئيسية وهي الكيكويو ، كامبا، لوه ، كالينجين ولوهيا حوالي 66% من مجموع السكان وظل الولاء العرقي ثابتا خلال الانتخابات الخمسة التي مرت بها كينيا بعد تبنيها التعددية الحزبية في 1992، وهو الذي ظل يحكم سلوك المجموعات في عملية الاقتراع، ويعود الأمر إلى فترة الاستعمار البريطاني حيث لم تنفصل الأحزاب السياسية عن الانتماءات العرقية وتعتبر قبائل الكيكويو وكالينجين ولوه ولوهيا هي القبائل المتنافسة والمتناحرة على مدى التاريخ السياسي لكينيا(8)
متلازمة العنف في الانتخابات الكينية
شهدت الساحة السياسية الكينية عنفا غير مسبوق على مدار العشرين سنة الفائتة أثناء الانتخابات وأحيانا بعدها ولكن الذي يُجْمعُ عليه المراقبون أن القادة السياسيين وأحزابهم يقفون وراءها بغرض الكسب السياسي، دون الوصول إلى حل جذري ليس للمشكلات الطارئة التي تتسبب فيها المنافسة السياسية فحسب ولا جذور القضايا الأصلية المتوارثة منذ الاستقلال.
تسبب العنف الذي صاحب فوز الرئيس السابق مواي كيباكي بالرئاسة في فوضى وأعمال عنف واسعة حيث قُتل فيها ما يزيد على 1000 شخص ونزح حوالي 600,000 مواطن كيني من منازلهم، وفي 2008 وكنتيجة لأحداث الانتخابات في 2007 عقد الحزبان الرئيسيان ( حزب الوحدة الوطنية PNUبرئاسة مواي كيباكي والحركة الديمقراطية البرتغالية ODM برئاسة رايلا أودينقا) عقدا جولة من الحوارات والمفاوضات بحثا عن حل سياسي من شأنه أن يضع حدا للصراع، تدخلت الأمم المتحدة وتقدمت بمبادرة تكوين حكومة ائتلافية موسعة يتقاسم بموجبها الحزبان المتصارعان على السلطة مع الاحتفاظ لحزب كيباكي بالرئاسة وحزب أودينقا برئاسة الوزراء وهو منصب تم استحداثه لغرض التسوية، عل أن ينال كل حزب من الحقائب الوزارية ما يوازي نسبة المقاعد التي يسيطر عليها في البرلمان. كلن الهدف الأساسي من الاتفاق هو انهاء العنف وتحسين الأوضاع الاقتصادية وخلق درجة من الاستقرار السياسي وإجراء إصلاحات أساسية في الأجهزة الأمنية، إلا أن الاتفاق خلق مشكلات جديدة مثل ثقافة الافلات من المحاسبة ما جعل محكمة الجنايات الدولية ان ترفع قضايا ضد مسئولين حكوميين لتجاوزات في حق مواطنين أبرياء بسبب غياب المحاسبة المحلية.
كان أهم إنجاز لحكومة تقاسم السلطة هو تقديم دستور 2010 لاستفتاء عام تم إقراره بنسبة 68,6% وأنشأ الدستور الجديد نظاما جديدا وشرع لقوانين تحفظ الحقوق بشكل أقوى، كان أهم جوانبه تقوية الجوانب القانونية وإرساء قاعدة أرسخ للمحكمة العليا واستقلال القضاء وعالج نسبة معقولة من المشكلات القديمة بينما ذهب آخرون في تقييم الأمر إلى أن النظام البرلماني أكثر أمانا ما عده الكثيرون بمثابة رفض من قادة الأحزاب وما زالت هناك قضايا كثيرة مثار جدال بين النخب المختلفة في كينيا(9).
دوامة النزاعات الانتخابية ــ انتخابات 2007 نموذجا
هزمت الحركة الديمقراطية البرتغالية المعارضة بزعامة رايلا أودينقا حزب الوحدة الوطنية الذي يقوده الرئيس آنذاك مواي كيباكي في الانتخابات البرلمانية 2007 حيث فاز حزب أودينقا ب 99 مقعدا مقابل 43 مقعدا لحزب كيباكي، وتقدم المرشح الرئاسي من الحركة البرتقالية بأكثر من مليون صوت ــ لكن أعلنت اللجنة الانتخابية الكينية في اليوم التالي ان الرئيس المنتهية ولايته قد أعيد انتخابه بهامش ربع مليون صوت، وأدى كيباكي اليمين الدستورية لولاية ثانية وانفجر الوضع في البلاد خلال شهري يناير وفبراير 2008 وقتل حوالي 1500 شخص وتم تشريد نصف مليون من منازلهم بسبب الغضب على نتائج الانتخابات وانتشرت ظاهرة القتل والحرق والفوضى في جميع أنحاء البلاد.
تقدم كوفي عنان الأمين العام السابق للأمم المحتدة للتوسط بين الزعيمين المتنافسين وأحزابهم وبعد جولات من المفاوضات توصل الطرفان بواسطة عنان إلى اتفاق يقضي بتشكيل الحزيبن حكومة ائتلاف واسع وتم الاتفاق على استحداث منصب رئيس الوزراء يتولاه رايلا أودينقا وأدت هذه الحكومة اليمين الدستورية في ابريل 2008. كان العنف الذي صاحب انتخابات 2007 صادما للكينيين والمراقبين الخارجيين بسبب السرعة التي انزلقت بها البلاد إلى الفوضى والتي كانت لعقود من الزمان استثناءا في الاستقرار في منطقة تعصف بها الحروب الأهلية والصراعات العرقية ما جعلها ملاذا للاجئين من جوارها في السودان وأوغندا والصومال والكونغو، وتميز هذا الصراع بالطابع العرقي مما جعل الجميع يستحضر مصير رواندا في منتصف تسعينيات القرن الماضي.
لم يكن العنف في كينيا وليد لحظة الانتخابات بل يعود إلى بدايات تشكل الدولة بعد الاستقلال وفي عهد جومو كينياتا حيث أنشأ قوات النخبة من قبيلته (الكيكويو) لحماية حكمه من الانقلابات وفعل ذلك تماما الرئيس دانيال أراب موي الذي أعقبه في الحكم وأنشأ مليشيات تابعة له من قبيلة كالنجين ومضى على ذات الطريق مواي كيباكي ويثبت لنا هذا أن كل قبيلة لديها قوات جاهزة داخل المؤسسات الرسمية وخارجها(10).
وتواصلت أعمال العنف في انتخابات 2017 بعد إعلان إعادة انتخاب أوهورو كينياتا ورفض منافسه رايلا أودينقا ومناصروه نتائج الانتخابات متهما خصومه بالتزوير وبدأت الاحتجاجات من مدينة كيسوموا والمناطق التي حولها وهي معقل أودينقا وقتل ما لا يقل عن 24 شخصا.
بناء الجسور ومبادرة الرئيس كينياتا
لم تتوقف محاولات البحث عن حل للأزمات المتكررة في كينيا فبعد كل معركة انتخابية تبذل الأطراف المختلفة جهودا من أجل الوصول إلى نقطة إيقاف العنف المدمر في كينيا، وفي أعقاب انتخابات 2017 طرح الرئيس الحالي مبادرة أطلق عليها مبادرة بناء الجسور. تصالح الفائز في الانتخابات ( كينياتا) مع الخاسر فيها العنيد (رايلا أودينقا) وفي 2018 في لقاء اشتهر في كينيا بلقاء المصافحة (SHAKE HANDS) وكنتيجة لهذه الخطوة عيّن الرئيس فريق عمل في مهمة توثيق ورفع التوصيات بشأن الاصلاحات السياسية فيما يخص التحديات الرئيسية التي تهدد الوحدة الوطنية في كينيا، إلى جانب جمع آراء ووجهات النظر من أكثر من 7000 مواطن كيني كعينة من كل المجموعات العرقية والأجناس وكل ما يخص الجوانب الثقافية والدينية ومختلف الأقسام الاجتماعية والاقتصادية. سمع فريق العمل من أكثر من 400 من القادة المنتخبين في الفترات السابقة والمنتخبين حديثا، والشخصيات المجتمعية البارزة والقيادات الشبابية التي كان لها إسهام على مستوى البلديات والأفراد الذين يمثلون المؤسسات الرئيسية مثل الهيئات الدستورية وأصحاب المصلحة الرئيسيين في القطاعين العام والخاص بينما أرسل حوالي 261 شخصا فردا ومنظمة أرائهم عبر البريد الالكتروني و755 مواطن آخر قدموا مذكرات مكتوبة أثناء اللقاءات الجماهيرية في المقاطعات المختلفة(11)
خلص فريق العمل إلى عدد من التحديات التي تهدد “كينيا الموحدة” لخصتها في 9 نقاط رئيسية:
1.انعدام الروح الوطنية 2. مسئوليات وحقوق المواطنة 3. العداء والتنافس العرقي 4. الانتخابات المسببة للانقسامات والخلافات 5. الشمولية 6. الازدهار المشترك 7. الفساد 8. الانحطاط 9. السلامة والأمن.
قدمت الحكومة مقترحات حلول حول النقاط التسع التي خلصت إليها لجنة العمل ولكن ظهرت بعض الملاحظات والتحفظات على المبادرة وعلى الحول التي وردت فيها كان أهما:
– يعتقد العديد من الكينيين في المعسكر المعارض بأن ما تم بين كينياتا ورايلا إنما هو تسوية سياسية أطّرتْ لها الأطراف بوثيقة بناء الجسور وينظر إليها المعارضون بالتالي باعتبارها محاولة مما يُعرف في كينيا بالسلالات السياسية التي تعاقبت على الحكم بتعديل الدستور لترسيخ مكاسبهم.
– وذهب المعارضون إلى أن هذا المسعى إنما يهدف إلى خلق منصب رئيس الوزراء للرئيس الحالي بمجرد انتهاء ولايته الحالية إضافة إلى الحد من فرص وليم رتو في الفوز بالرئاسة ويضيف المعارضون أيضا أن جدعون أراب موي وهو نجل الرئيس الأسبق دانيال أراب موي قد انضم إلى المبادرة لحجز مقعده في كبينة الحكم.
– يرى المعارضون ان المبادرة تعيق الأولويات التي أعلنها الحزب الحاكم وهي : الأمن الغذائي، الاسكان الميسور التكلفة، التصنيع المحلي والرعاية الصحية الشاملة ويعتقدون أن رايلا أودينقا هو سبب هذا الاتفاق من أجل مصالحه الشخصية.
وفي نظر بعض النخب المنافسة للحليفين كينياتا ورايلا خاصة أولئك الموالون لوليم روتو تعتبر المبادرة مزيدا من الترسيخ لسيطرة النخبة وسياسة الرجل الكبير التي تعتبر أحد سمات السياسة الكينية وهي عبارة عن أيديولوجيا شخصية وليس نتاج خطاب مستنير وكما أنها حصيلة لاستمرار الأنظمة الشخصية المرتبطة بأبناء القادة السياسيين السابقين(12).
عقدة المبادرة
تشير أكثر الانتقادات التي وجهت إلى المبادرة بأنها مبادرة قصيرة المدى تخدم استراتيجيات الانتخابات ولا تتعمق في اتجاه خلق اتفاق سياسي دائم ولم تطل القضايا والتحديات الرئيسية التي تواجه كينيا.
وفي رأي بعض الباحثين في الشأن الكيني أن أول ما يواجه المبادرة هو كونها اعتبرت نتاج المصافحة الشهيرة بين أوهورو كينياتا ورايلا أودينقا ولم يُنظر إليها باعتبارها خارطة لحل المشكلات العديدة التي تعاني منها كينيا منذ ولادتها في ظل تكرار العنف والمواجهات التي تحمل طابع الصراع العرقي والطائفي.
بينما ترى الباحثة كارول أوبري بان المبادرة استطاعت تهدئة الساحة المشتعلة ورأت بأن المبادرة تُسرع من الوحدة الوطنية بشرط إذا قام القادة السياسيون بإصلاح الجسور الحزبية والعمل بانسجام ومكافحة الفساد وتتوقع ان تغير المبادرة المشهد السياسي الكيني، من خلال تقليل الانقسام العرقي وبناء جسور التعاون بين الحكومة وقادة المعارضة والعمل للأمة بديلا عن الأشخاص وعبر الحوار المحلي بعيدا عن التدخل الدولي(13).
الطريق إلى انتخابات 2022
تعتبر الانتخابات الكينية المزمع عقدها في أغسطس القادم 2022 مفصلية في تاريخ البلاد، وهو العامل الذي يشحن الساحة الانتخابية من جديد بين أطراف ترغب في ترسيخ حكمها للمحافظة على مكاسبها ومصالحها، والتي أسست لها منذ فترة ليست بالقصيرة وبين الغالبية العظمى من الكينيين الذين يتطلعون إلى التغيير السياسي والاقتصادي الذي ظلت تحتكره دوائر عرقية محددة على مدى تاريخ كينيا ما بعد الاستقلال. ينتاب الكينيون قلق استثنائي عند حلول فترات الانتخابات لما تحمله من موجات عنف مفتعلة تقف وراءها عوامل تاريخية وهيكلية ومؤسسية وقانونية وثقافية ولكن في ذات الوقت ينتصب العامل العرقي كعنوان لهذا العنف الذي يتكرر كلما قامت الانتخابات في بلد عرف برمز السلام والاستقرار في شرق إفريقيا، حاول قانون المصالحة والحوار في 2018 معالجة الأسباب المغذية لهذه النزاعات والتي يتمثل غالبها في انعدام المساواة في التنمية الإقليمية، وذهب البعض إلى أن توقيع الكينيين على دستور 2010 كان أهم أهدافه هو إحداث تغيير في أنماط الصراع ولكن ما لبثت أن تبددت الآمال واشتدت المنافسة (14).
تأتي انتخابات هذا العام في ظل انقسامات سياسية كبيرة وتغيير في التحالفات تسبب فيه جدل الخلافة للرئيس الحالي بعد انتهاء دورته الثانية والمنافسة الشديدة على أحقية الخلافة بين خصوم اليوم وحلفاء الأمس ما سيشعل الانقسامات العرقية إضافة إلى الفوارق الاجتماعية والاقتصادية التي خلقتها المظالم التاريخية ما خلق مجتمع الأغنياء ومجتمع الفقراء ــ أطلق عليه في كينيا من يملكون ومن لا يملكون ــ تعبيرا عن التفاوت الاقتصادي والتنمية المتحيزة ما يجعل الاستجابة قوية في مجتمع القاع، كما أن مبادرة الجسور أفرزت خلافات عميقة بسبب التعديلات التي اقترحها الرئيس على المستويين التشريعي والتنفيذي.
تحالفات انتخابات كينيا في 2022
وعلى مسافة أشهر قليلة من الانتخابات لعام 2022 بدأت الساحة السياسية في كينيا في الاستعداد وبرزت التحالفات الرئيسية التي ستخوض الانتخابات ويبرز هنا تحالفين رئيسيين:
الأول : تحالف أزيميو لا أموجاAzimio la Umoja وهو تحالف عريض يضم أحزابا كثيرة (26): أبرزها حزب اليوبيل وهو الحزب الحاكم، الحركة الديمقراطية البرتغالية ODM ، حزب وايبرWP، حزب كانوا KANU، حزب الوحدة الوطنية PNU، حزب التحالف الديمقراطي ـ كينيا DAP-K، الحزب الديمقراطي الموحد UDP، التحالف التقدمي المتحد UPA، تحالف باموجا الإفريقي PAA، الاتحاد الكيني CUP، الحزب المتحد للتحالف المستقل UPIA.
الثاني: التحالف الثاني هو تحالف كينيا كوانزا الذي يتكون من UDA، مؤتمر أماني الوطني ANC، وحزب فورد كينيا ford-Kenya، حزب الخدمة ، حزب شاماشا كازي وحزب توجيبيبي وحزب شاماشا ماشيماني وحزب سافينا والمزارعين.
وهناك تحالف ثالث حديث التأسيس قد لا يمكنه الوقت والاستعداد من المنافسة وهو تحالف OKA يترأسه السيد كالونزو موسيوكا تعرض لحالة من الضعف بسبب انسحاب عدد من الزعماء والتحقوا بتحالف كينيا كوانزا.
وتؤكد آراء المراقبين أن التحالفين الأول والثاني مستعدان بنسبة 90% للانتخابات بينما التحالف الثالث ما زال في بداية الطريق بحاجة إلى وقت لإعادة تشكيل تحالفه وبالتالي نتحصر المنافسة بين تحالفي أزيميو لا أموجا وكينيا كوانزا (15).
خلافة كينياتا وترتيبات المرحلة القادمة
منذ 2018 تداولت المحافل السياسية في كينيا أحاديث عن مستقبل الديمقراطية وعن ترتيبات المطبخ السياسي في نيروبي وتخطيطه للفترة ما بعد كينياتا الابن، وفي قراءة بعض السياسيين لما عرف حينها بالمصافحة بين الخصمين اللدودين “أوهورو كينياتا ورايلا أودينقا” رأوا فيها مؤشرا لترتيبات الخلافة بعد انتهاء الدورة الثانية للرئيس الحالي، وهو في ذات الوقت كان ملتزما فيه بتقديم نائبه وليم روتو للرئاسة في 2022، على الرغم من أن بعض الموالين لكنياتا في 2018 تناولوا سيناريوا بقاءه لدورة ثالثة عبر مجموعة أطلق عليها ( مجموعة بوتين) والتي كانت تخطط لاختبار نبض الساحة السياسية الكينية وتهيئتها لعودته للرئاسة بعد منح حليفه اودينقا فترة رئاسية واحدة وان يصبح كينياتا رئيسا للوزراء ويعود بعدها رئيسا على طريقة فلاديمير بوتين في روسيا(16).
طموح كينياتا وترشيح أودينقا
لم يسجل التاريخ السياسي الكيني أن رئيسا بقي في مقعد التأثير من خلف الكواليس ولكن يبدوا أن أهورو يخطط لذلك ليبقى مؤثرا إلى ما بعد تسليم السلطة بعد انتهاء ولايته الثانية وهو ما دفعه لترشيح السياسي المخضرم رايلا أودينقا للرئاسة وأن يصبح هو رئيسا للوزراء فإن عودته بعد انتهاء دورة رايلا واردة وبقوة وهو التفسير الذي تؤيده عدد من المصادر، فيما ذهب بعض المحللين السياسيين بأن الرئيس ربما يواجه تحدي إقناع الناخبين بتوجهه وقراراته وأبدوا تخوفا قبولهم أي شخص يؤيده الرئيس وشكك البروفيسور كيسيا نجاني في قدرة الرئيس على إقناع حلفاءه بخطة خلافته سيكون أمرا شاقا، خاصة المقربين الذين يتوقع أن يحملوا خارطة الخلافة أو يطمحون في الترشح للرئاسة وأن المخاوف من الانقسامات ما تزال ماثلة(17).
بروز قوة ثالثة أو الحصان الأسود
توقعت بعض التحليلات انسحاب جزء من حلفاء الرئيس خشية فشله في حشد القوى السياسية وكتل الناخبين لضمان فوز مرشحه خاصة أولئك الذين يميلون للإصلاح وتشمل هذه المجموعات القيادات السياسية التي لا تؤيد معسكر كينياتا أو وليم روتو مدعومة ببعض المؤسسات المدنية وجماعات الضغط السياسي، ربما تخطط هذه المجموعات للانضمام إلى معسكر ثالث وهو ما يعتقد الكثيرون بأنها كفيلة بهز خطة الرئيس، وينطلقون في ذلك من أن بعض الوزراء وكبار المسئولين الحكوميين قد تمردوا على خط خلافة الرئيس ويخططون وفقا لذلك لخطوة أخرى، خوفا من ان التحالف بين الحركة الديمقراطية البرتغالية واليوبيل قد يقضي على طموحات بعض السياسيين وموظفي الخدمة المدنية خصوصا في ظل تطبيق نظرية ” الفائز يأخذ كل شيء” المشهورة في السياسة الكينية، وتأتي اهمية مثل هذه المجموعات كونها تنحدر من جبل كينيا الذي يعتبر معقل الرئيس كينياتا ومخزن أصواته في الانتخابات(18).
حظوظ المشحين في الفوز
تشكل المشهد الانتخابي في كينيا استعداد لانتخابات أغسطس 2022 وعلى الرغم من حالة عدم اليقين التي تسود المشهد السياسي في كينيا، بسبب تحرك بعض الأحزاب والقيادات السياسية من تحالف إلى آخر ومحاولة تموضع البعض في المواقع التي يتوقعون انها سترفع حظوظهم وتحفظ مقاعدهم في التشكيلة الحكومية القادمة، على المستوى التكتلات السياسية يبرز تحالفين رئيسيين وثالث في طور التشكل ولكن كل الاحتمالات واردة في تطور هذه التحالفات. أما على مستوى من يترشح لمقعد الرئاسة ممثلا لكل تحالف ينحصر في مرشحين اثنين حتى الآن:
• رايلا أودينقا عن تحالف أزيميو لا أموجا وتعني باللغة السواحيلية “تعهد الوحدة” وهو يمثل 26 حزبا وفي مقدمة الأحزاب التي تشكل التحالف الحركة الديمقراطية البرتغالية بقيادته وحزب اليوبيل الذي يقوده الرئيس الحالي أوهورو كينياتا، ظل أودينقا مناهضا للسلطة على الرغم من أن والده كان نائبا للمؤسس جومو كينياتا، وينتمي إلى مجموعة (لوه) والتي لم تكن ضمن السلالات التي حكمت كينيا منذ الاستقلال ـ الكيكويو و كالينجين ــ ويوصف السياسي المخضرم بالاستراتيجي وصاحب قدرة على التعبئة والجماهيرية العالية
• وليم روتو عن تحالف كينيا كوانزا والذي يتكون من 12 حزبا ويأتي الحزب الديمقراطي الذي يقوده وليم روتو على رأس المجموعة وهي المجموعة التي أطلق عليها رتو تحالف الأحرار أو تحالف الراغبين، يوظف رواية الأمة المحتالة ضد السلالات الحاكمة وهو تعبير عن التفاوت الاقتصادي والاجتماعي وكفاح المجموعات المهمشة تاريخيا ضد العرقيات التي هيمنت على الحكم منذ الاستقلال.
يحظى مرشح الرئيس وتحالف ازيميو بدعم رسمي وحشد كبير من الأحزاب المتحالفة معه ويدعم موقفه تاريخه السياسي ونضاله المتصل وقدرته على إقناع الناخبين وقوة حضوره، بينما يظل حظ وليم روتو على المحك لضعف تحالفه وربما قلة الخبرات المتوفرة له كمرشح إضافة إلى أن الدولة تساند مرشح الرئيس وبالتالي ستوفر له أسباب النجاح حتى تحافظ على استمرار السلالات في السيطرة على الوضع ويظل تحالف المحتالين في خندق المعارضة لتستمر قاعدة الفائز يأخذ شيء.
خاتمة
بذلت الأحزاب الحاكمة وقياداتها في كينيا في الدورة المنتهية جهودا ظنت أنها ستخفف من حدة العنف العرقي المصاحب للانتخابات وطرحت عددا من التعديلات في الجهاز التنفيذي والتشريعي من شأنه استيعاب القوى السياسية المعارضة ولكن لم يكتب لها النجاح لعدم إشراك الآخرين المختلفين في الطرح والحوار وهي ذات الملاحظات التي أبداها المعارضون حول مبادرة بناء الجسور.
تشير اتجاهات الصراع وديناميات السياسة الكينية بأنه يصعب تجاوز العنف السياسي لتداخل عناصر عديدة، ذات علاقة بالمظالم التاريخية والتي خلقت حالة من الطبقية، وبعض الممارسات التي توصف بالإقصاء على قاعدة الفائز يأخذ كل شيء السائدة في كينيا، وتحمل انتخابات هذا العام صراعا خفيا بين الأجيال ومحاولة نقل مركز الطبخ السياسي خارج الأسر التي ظلت تتحكم في السياسة الكينية منذ الاستقلال.
تتفق القوى السياسية الكينية على المستوى النظري بأنها معنية بالمساهمة في الحل النهائي والجذري لمسببات الأزمات التي تعانيها بلادهم وهو ما حققت فيه المنظمات المدنية المحلية ومؤسسات المراقبة الدولية المهتمة بالحوكمة والمأسسة وأن الاستقرار السياسي واستدامة الديمقراطية في كينيا يجب أن يتضمن حل المشكلات التالية:
1/ حل المظالم التاريخية التي خلقت تباينات وراكمت التمييز بين الكينيين مما رسخ وعمق للتفاوت الاقتصادي والاجتماعي وأسس لمصطلح من يملكون ومن لا يملكون ومجتمع الفقراء جدا والأغنياء جدا وما اصطلح عليه بالسلالات الحاكمة والمحتالين
2/ إعادة الثقة بين أجهزة الدولة ومواطنيها من خلال خلق توازن في التعيين والتوظيف في مختلف المؤسسات واستبعاد التعيين المبني على الأسس القبلية وإبطال نظرية الفائز يأخذ كل شيء
3/ إيقاف الخطاب التحريضي بين الإثنيات وبناء حالة مصالحات على قاعدة الحقوق والمواطنة، بعيدا عن بث روح الكراهية وعبر تبني منهج يراكم للإيجابية والتسامح في التعامل مع الآخرين.
4/ تسوية الخلافات السياسية والقبلية والدينية بين مختلف أطراف المعادلة السياسية في كينيا كضامن رئيسي للسلام والاستقرار ودافعا لعجلة التنمية والبناء
5/ منع تدخل السلطات في العنف ضد المعارضين وممارسة التجاوزات باستخدام الميلشيات القبلية الخاصة إلى جانب القوات الرسمية مما يعمق الفجوة بين المكونات العرقية المختلفة.
وغيرها من المشكلات المتوارثة أو تلك التي ولدتها الاحتكاكات والمماحكات السياسية من أجل الكسب السياسي الآني، فهل يفوز أودينقا في جولته الخامسة ليصبح الرئيس الكيني الخامس أم يقلب وليم روتو المعادلة التي ظلت تحكم البلاد منذ الاستقلال ويعيد ترتيب البناء والتكوين السياسي من جديد ويؤسس لمرحلة جديدة في التاريخ السياسي الكيني، مما سيحدد مستقبل العملية الديمقراطية في كينيا برمتها إما في اتجاه التطوير أو العودة إلى الوراء عبر إعادة الصراع على السلطة وانخراط الجميع فيه من أجل تحقيق المكاسب أو المحافظة عليها بالنسبة للسلالات التي ظلت تتحكم في المعادلات السياسية في كينيا.
الهوامش والمصادر ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) Harambee in Kenya, A.V. Noreh, University of Nairobi liberary Oct. 1968. (2) The Harambee movement and its effect on Kenyan economic development, Mary.M. Moga, Texas, 1984, Master degree thesis. (3) The politics behind Kenya`s building bridges initiative, Philip Onguny, Canadian Jurnal of African studies, 04 Nov. 2020, www.tandofline.com (4) Power sharing in Kenya, Jermy Horowitz, University of California, San Diego, 20028 (5) Jermy Horowitz,ibid (6) The Ethnification of Electoral conflicts in Kenya, Muema Wambua, 2107, www.accord.org.za (7) The politics behind building bridges, ibid. (8) How Kenyan could move away from the politics of ethnicity, Daisy Maina, 35 june 2017, www.theconversation.com (9) Ethnic violence and the prospects of Democracy in aftermath of the 2007 Kenya elections, Adam Ashforth, University of Michigan,2008, www.researchgate.net (10) power sharing in Kenya, ibid. (11) Building Bridges to a UnitedKenya, a report of the taskforce on building bridges, Oct. 2019, www.kenyalaw.org (12) Building Bridges,ibid. (13) The building bridges initiative or the missed opportunity, Carole Obune, the Catholic University of East Africa,feb.2020, www.researchgate.net (14) the 2022 Kenya general elections: an analysis of new enduring violence Risk factor, the Sential project 29march 2022 www.thesentilaprojact.org (15) The 2022 General Kenyan elections possible coalitions that will win the elections, Stan Night, feb.2022, www.ke.opera.news (16) Political intrigue surrounds presidential succession plan in Kenya, Morris Odhiambo, 20.12.2021, www.freedomhouse.org (17) Kenya`s president Kenyatta backs his former rival Odenga in polls, 13 mar. 2022. www.aljazeera.com (18) Push for third force rocks Uhuru`s succession plan, James Mbaka, 25.06.2021, www.the-star.co.ke