إصداراتسياسات

الساحل الإفريقي وصراع القوى الدولية: الدوافع والمآلات

بقلم: محمد زكريا أبو فضل، باحث اقتصادي، مهتم بالشؤون الإفريقية الاقتصادية والاجتماعية

الساحل الإفريقي بمفهومه الشامل يُقصد به الشريط الساحلي المتاخم للصحراء الكبرى في القارة الإفريقية، وهو الحزام الفاصل بين الصحراء والمناطق الجنوبية الخصبة والكثيفة بغابات السافانا.

بعد انتهاء الحرب الباردة، طرأت على العالم تغيرات جوهرية وجذرية في مختلف المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. هذه التغيرات غيرت هيكل النظام العالمي وفرضت عليه تفاعلات ذات طابع ديناميكي وأبعاد متعددة. فبدلاً من أن تكون الدولة هي الفاعل والمؤثر المحوري في قضايا الأمن القومي في العلاقات الدولية؛ أصبحت قضايا الأمن القومي مرهونة بقرارات بعض المؤسسات الدولية، ومؤسسات المجتمع المدني، والجماعات العرقية، والتكتلات الإقليمية، وهي صاحبة الأثر في العلاقات الدولية خاصة.

مفهوم الأمن نفسه أخذ طابعا تعددياً وبُعْداً دولياً بشكل أو بآخر، فلم يكن موضوع الأمن القومي يتحقق منفردا عن الأمن الغذائي، والأمن الصحي، والأمن السيبراني، والأمن الإقليمي والأمن الدولي؛ بل أحيانا يتطلب الأمر مراعات أمن الدول المجاورة ودول المنطقة من أجل تحقيق الأمن القومي. وتعتبر منطقة الساحل الإفريقي من أهم المناطق التي أصبحت تشهد تفاعلات سياسية دولية متصاعدة ومتعددة الأطراف بسبب انتشار التهديدات والأزمات الأمنية ذات الأبعاد الإقليمية والدولية كالتنظيمات الإرهابية، وتجارة الأسلحة والهجرة السرية وغيرها.
لذا، تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على دوافع صراعات القوى الدولية على منطقة الساحل الإفريقي ومآلاتها، وذلك من خلال التعرف على أهم الدول المتصارعة والآليات المستخدمة في ذلك. وتناولت الدراسة الموضوعات التالية: التعرف على منطقة الساحل الإفريقي، والاهمية الاستراتيجية لمنطقة الساحل الإفريقي، القوى الدولية المتنافسة على منطقة الساحل الإفريقي، ومستقبل الصراع التنافس الدولي على منطقة الساحل الإفريقي، وأخيرا خاتمة موجزة.

أولا: التعريف بمنطقة الساحل الإفريقي ومجموعة الخمس

الساحل الإفريقي بمفهومه الشامل يُقصد به الشريط الساحلي المتاخم للصحراء الكبرى في القارة الإفريقية، وهو الحزام الفاصل بين الصحراء والمناطق الجنوبية الخصبة والكثيفة بغابات السافانا. يُغَطِّي الساحلُ أجزاءً من شمال السنغال، وجنوب موريتانيا، ووسط مالي، وشمال بوركينا فاسو، وأقصى جنوب الجزائر، والنيجر، وأقصى شمال نيجيريا، وأقصى شمال الكاميرون، وجمهورية إفريقيا الوسطى، ووسط تشاد ووسط وجنوب السودان وأقصى شمال جنوب السودان وإريتريا وأقصى شمال إثيوبيا (1).

فمنطقة الساحل الإفريقي بهذا المفهوم، تُشَكّل حزاما عُرْضه 1,000كـم، يمتد على مسافة تبلغ 5,400 كـم من المحيط الأطلسي وحتى البحر الأحمر(2).  الشكل (1) يوضح المناطق التي يمر بها الشريط الساحلي في إفريقيا جنوب الصحراء.


الشكل البياني 1: المناطق التي تقع ضمن نطاق الشريط الساحلي

قديماً، نشأت العديد من الإمبراطوريات الإسلامية في منطقة الساحل الإفريقي وحولها، ولكن حملات الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر والعشرين دمرتها ولم تترك لها قائمة تذكر إلا بعض الروايات الشفهية وقصص التاريخ المزيفة في تلك المنطقة. كما كان شريط الساحل الإفريقي المعبر الرئيس للقوافل التجارية التي ربطت بين شمال القارة بجنوبها، فهو يعتبر بمثابة نقطة التقاء الحضارات الإنسانية، والانتماءات العرقية والدينية (3).
هذه الدول التي تقع على الشريط الساحلي الذي يعتبر حزاما فاصلا بين الصحراء الكبرى ومنطقة السافانا ذات الغابات الكثيفة؛ تتفاوت في المساحات التي تشارك في هذا الخط، كما أن بعضها يقع في منطقة متاخمة للصحراء الكبرى وهي تقع في عمق الساحل الإفريقي، ومن ثم تكون أشدّ عرضة لأزمات بيئية جغرافية واجتماعية واقتصادية وأمنية وسياسية (4).  نتيجة لذلك، انبثقت مجموعة الخمس للساحل التي تمثل عمق منطقة الساحل الإفريقي وأصبحت اللاعب الأساسي في المنطقة. وبناء عليه، ستركز هذه الدراسة على دول هذه المجموعة الخمس.

‌أ. مجموعة دول الساحل الخمس (G5 du Sahel)

مجموعة دول الساحل الخمس وتُعْرَف بـ: G5 Sahel أو (G5S) تمثل إطاراً مؤسسياً لتنسيق التعاون الإقليمي في سياسات التنمية والشؤون الأمنية لدول الساحل الإفريقي. تأسّسّتِ المجموعة في 16 فبراير 2014م في نواكشوط، موريتانيا، إثر قمة شملت خمسة من دول الساحل، وهي بوركينا فاسو، وتشاد، ومالي، وموريتانيا، والنيجر(5).  اعْتُمِدَت اتفاقية التأسيس في 19 ديسمبر 2014م، واخْتُيرَتْ موريتانيا لتكون المقر الدائم للمجموعة (6).  التنسيق يُنَظَّم على مستويات مختلفة، فيُنَسَّقُ الجانب العسكريّ من قبل رؤساء أركان الجيش للدول الأعضاء.
الجدول 1 يقدم معلومات جغرافية واقتصادية عن دول الساحل الخمس، والتي تتمثل في اللغة الرسمية في كل بلد، وعدد السكان (إحصائيات 2021م)، ونسبة المسلمين، ومساحة كل دولة، والكثافة السكانية، ومقدار الناتج المحلي الإجمالي لكل بلد، ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي (بالدولار الأمريكي)، ومن ثم يلخص إجمالي عدد سكان الدول الخمس، واجمالي المساحة لكافة الدول، ومن ثَمَّ حساب الكثافة السكانية للمساحة الإجمالية لهذه الدول الخمس.

جدول 1: معلومات جغرافية واقتصادية عن دول الساحل الخمس

المصدر: إعداد الباحث بالاعتماد على بيانات البنك الدولي
(www. data.worldbank.org) ، وموقع مراجعة سكان العالم
(www. worldpopulationreview.com).

موريتانيا، رسميا تعرف باسم جمهورية موريتانيا الإسلامية، وهي تقع ي شمال غرب إفريقيا، وكل سكانها مسلمون (%100). يحدها المحيط الأطلسي من الغرب، والصحراء الغربية من الشمال والشمال الغربي، والجزائر من الشمال الشرقي، ومالي من الشرق والجنوب الشرقي، والسنغال من الجنوب الغربي. موريتانيا هي الدولة الحادية عشر من حيث سعة المساحة في إفريقيا؛ إذ تبلغ مساحتها حوالي 1,030,700 كيلومتر مربع، وتقع 90 في المئة من أراضيها في الصحراء. يبلغ عدد سكانها قرابة 4 ملايين و820 ألف نسمة، يعيش معظمهم في جنوب البلاد، ويتمركز ثلث السكان تقريبًا في العاصمة، نواكشوط (7).

تمتلك موريتانيا احتياطيات كبيرة من النفط، تم تأكيدها مؤخرا، نتيجة لذلك اتجهت استثمارات أجنبية كبيرة إليها. ولكن حسب تقارير البنك الدولي، هناك تقريبا نصف السكان لا يزالون يعيشون تحت خط الفقر؛ حيث الزراعة والثروة الحيوانية هي مصدر رزق معظم الناس في موريتانيا. علاوة على ذلك، تمتلك موريتانيا كميات كبيرة من خام الحديد، والتي تمثل نصف صادراتها؛ لكن الطلب عليها يتناقص بشكل تدريجي.

تتميز موريتانيا من بين نظيراتها في المنطقة باتساع مساحة أراضيها النسبية وقلة عدد سكانها؛ حيث هناك تقريبا 5 أشخاص لكل كيلومتر مربع، الأمر الذي جعل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في موريتانيا يعتبر الأعلى من بين بقية الدول، وهو يساوي 1,673 دولار أمريكي في عام 2020م. ومع ذلك لا يعكس هذا الرقم مستوى الرفاهية الحقيقية للمجتمع؛ بل ويعتبر متدنيا بشكل كبير. حيث يذكر المراقبون أن الفساد والجفاف وسوء الإدارة المالية على مر السنين تسبب في إغراق موريتانيا بديون سيادية كبيرة.

تقع دولة مالي في غرب إفريقيا وهي دولة مسلمة؛ حيث تبلغ نسبة المسلمين فيها أكثر من 90 في المية. يعتمد الاقتصاد المالي -إلى حد كبير- على الزراعة الريفية التي تستوعب 70 في المئة من القوة العاملة في البلاد، واقتصادها يصنف ضعيفا للغاية؛ حيث صنفتها المؤسسات العالمية كأحد أفقر 10 دول في العالم، وأنها مدرجة في قائمة 37 دولة تعتبر شديدة الفقر ومحمّلة بالديون، وهذا ما جعلها تعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية رغم امتلاكها احتياطيات كبيرة من الذهب والمعادن الأخرى (8).

تتمتع جمهورية مالي باتساع مساحات أراضيها التي تحتوي على موارد طبيعية هائلة مثل الصخر الزيتي، والحديد، والزنك، واليورانيوم، والبوكسايت، والفوسفات، والمنغنيز، فضلا عن الذهب الذي اشتهرت به البلاد منذ الإمبراطوريات الإسلامية المتعاقبة عبر التاريخ وما زال يعتبر أهم مورد لمالي حتى يومنا هذا (9).  ومن حيث الكثافة السكانية تعتبر مالي ثاني أكبر كثافة سكانية من بين دول الساحل الخمس؛ حيث نجد حوالي 17 شخص لكل كيلومتر مربع. أما من حيث متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فإنها تأتي في المرتبة الثانية بعد موريتانيا (859 دولار) على أساس سنوي.

في بوركينا فاسو يمثل المسلمون الأغلبية (60.5 في المئة)، ذات كثافة سكانية عالية بواقع 79 شخص لكل كيلومتر مربع، وهي أعلى كثافة سكانية في دول الساحل الخمس؛ ولكن من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي فتأتي بوركينا فاسو في المرتبة الثالثة بعد موريتانيا ومالي (831 دولار أمريكي).  هذا وغيره من عوامل جعلها تُصَنّفُ كأحد أفقر دول العالم. ويعتمد اقتصاد بوركينا فاسو بشكل كبير على مواردها الطبيعية، وأكثر من 90 في المئة من البوركينابيين مزارعين؛ حيث تُعدّ الأراضي الصالحة للزراعة مسخرة لزراعة المحاصيل مثل القطن والذرة الرفيعة. أما الموارد المعدنية مثل الذهب – وهو مورد طبيعي رئيسي- إلى جانب الزنك، والنحاس، والحديد، والتيتانيوم، والفناديوم، والنيكل، والبوكسايت، والدولوميت، والفوسفات، والأنتيمون، والجرافيت، والرخام فإنها لم تستغل استغلالا أمثل لتستفيد منها البلاد (10).

تتميز النيجر بكونها تمتلك أكبر مساحة من بين دول الساحل الخمس، والأولى من حيث عدد السكان، والثاني بعد مالي من حيث نسبة المسلمين (أكثر من 98 في المئة)؛ ولكنها تمثل الأقل من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الذي بلغ 565 دولارا أمريكيا فقط. اللغة الرسمية في النيجر هي اللغة الفرنسية (11).
تمتلك النيجر إمكانات تعدين صناعية كبيرة في اليورانيوم، والذهب، والملح، والكالسيوم، والفوسفات، والقصدير، والجبس. يشمل إنتاج النيجر من المعادن أيضًا الإسمنت والفحم والجبس والحجر الجيري والملح والفضة والقصدير. لكن لم يخلق التعدين الحرفي فرص عمل للسكان المحليين بشكل كاف، ولم يقلل من الحاجة للهجرة من أجل العمل خارج البلاد، الأمر الذي جعل النيجر تصطف مع الدول الأشد فقرا وتحافظ على مركزها لسنوات عديدة (12).

تقع جمهورية تشاد في منطقة وسط إفريقيا، وتحتل المرتبة العاشرة بين الدول الإفريقية التي تمتلك احتياطيات نفطية مؤكدة؛ حيث تنتج إنتاج أكثر من 140 ألف برميل يوميًّا في عام 2020م. يمثل المسلمون في جمهورية تشاد أغلبية بنسبة تزيد عن 51 في المئة، وهي ثاني أكبر دولة من دول الساحل الخمس من حيث سعة المساحة، وخامس دولة على مستوى القارة الإفريقية، وفي الوقت ذاته لديها أقل كثافة سكانية (13 شخص لكل كيلومتر مربع) مقارنة بمثيلاتها في المنطقة مع أقل مبلغ لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي (615 دولار)  ما أدى إلى تصنيفها كدولة هشة وفقيرة، وكانت تتنافس مع النيجر لعدة سنوات في حجز آخر خانة في قائمة دول العالم الأشد فقرا.

تتمثل الموارد الطبيعية والمعدنية التشادية في البترول، واليورانيوم، والنطرون، والكاولين، والأسماك، والذهب، والحجر  الجيري (13).  ويعتمد اقتصاد البلاد على الزراعة بشكل كبير رغم اكتشاف النفط، ثم صيد الأسماك، والرعي أو تربية المواشي مثل الإبل والأبقار والغنم. يُصنِّفُ الخبراء دولة تشاد كأفقر دولة في المنطقة بعد النيجر رغم مكوناتها المادية والطبيعية؛ لأنّ الفساد الإداري وظروف الحكم غير المستقرة أدّت إلى التدهور المستمر(14).
من خلال الجدول 1 -أيضا- يُلاحَظُ أنّ مجموع سكان دول الساحل الخمسة تجاوز 90 مليون نسمة، وبأرض شاسعة بلغت مساحتها 5,050,390 (خمسة ملايين، وخمسون ألف، وثلاثمئة وتسعون مليون كيلومتر مربع)، وكثافة سكانية منخفضة نسبيا تصل إلى قرابة 18 شخص لكل كيلومتر مربع. هذه الدول هي التي تمثل عمق الساحل الإفريقي ويقع بعضها على حافة الحزام الفاصل بين الصحراء وغابات السافانا. هذه المعطيات على الرغم من أهميتها وبساطتها؛ لكنها ذات أهمية في فهم أسباب عدم مقدرة هذه الدول في التحكم في حدودها وضبط أمنها، ومن ثم أصبحت الحكومات عاجزة أمام التحديات الأمنية والعسكرية في المنطقة برمتها.

‌ب. أهداف مجموعة الساحل (G5S) وتفاعل القوى الدولية

تعمل مجموعة الساحل (G5) بشكل أساسي على تعزيز الروابط بين التنمية الاقتصادية والأمن، ومحاربة تهديدات الجماعات التي تتبنى العنف كالمتمردين والانفصاليين، والمنظمات الجهادية المنتشرة في المنطقة، مثل: تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة التوحيد، وبوكو حرام وغيرها (15).

وعندما أطلقت فرنسا حملتها لمكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي والتي سمتها بعملية برخان، نشرت 3000 جندي في دول المجموعة الخمس، وذلك في أغسطس عام 2014م. وفي 20 ديسمبر من العام نفسه، تقدمت المجموعة بطلب إلى مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة مدعوما من قبل الاتحاد الإفريقي لتشكيل قوة دولية من اجل تحييد خطر الجماعات المسلحة، والمساعدة في المصالحة الوطنية، وإقامة مؤسسات ديمقراطية مستقرة في ليبيا؛ ولكن الجزائر اعترضت على هذا الطلب، بينما يرى البعض هذا الطلب خارج نطاق عمل المجموعة (16).

وفي يونيو عام 2017م، تقدمت فرنسا بطلب إلى مجلس الأمن الدولي طالبةً فيه السماح لها بنشر قوات فرنسية قوامها 10,000 جُندي لمكافحة الإرهاب في مجموعة دول الساحل الخمس. بمجرد طرح الموضوع للنقاش وقبل الموافقة على الطلب عبّرت ألمانيا عن مساهمتها بـ 900 جندي، وحدّدَت طبيعة عملهم وموقعه، وهو منطقة غاو بشمال مالي لأغراض المراقبة. بينما خصص الاتحاد الأوروبي 50 مليون يورو لتمويل القوة، وأعربت كلٌّ من روسيا والصين عن دعمهما للعملية؛ ولكن الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة لم تتفقا على تقديم تمويل للحملة بشكل من الأشكال وقتئذ (17).  المراقب للأوضاع يلاحظ توافقا غريبا دوليا وأمميا بشأن التدخل عسكريا في الساحل الإفريقي بشكل غير مسبوق.

وفي يوم 20 يونيو من العام نفسه، توصلت فرنسا والولايات المتحدة إلى اتفاق بينهما بخصوص تفاصيل دقيقة حول الحملة العسكرية المزمع إقامتها، وفي اليوم التالي وافق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع على نشر قوة عسكرية لمكافحة الإرهاب تابعة لمجموعة دول الساحل الخمس (18).  وبعد ثمانية أيام من الموافقة على هذا القرار (29 يونيو)، أعلن وزير الخارجية الفرنسي “جان إيف لو دريان” على أنّ الجيش الفرنسي سيتعاون مع مجموعة دول الساحل الخمس (19).

ثانيا: الاهمية الاستراتيجية لمنطقة الساحل الإفريقي

موقع منطقة الساحل الإفريقي بين صحراء كبرى مترامية الأطراف وترزح تحت رمالها المتناثرة موارد الطاقة الهائلة؛ وبين منطقة السافانا ذات الغابات الكثيفة التي تذخر بموارد طبيعية متنوعة وهائلة كالنفط، والذهب، والنحاس، واليورانيوم، والغاز الطبيعي، فضلا عن الموارد الزراعية وتربية المواشي وغيرها؛ ولكنها لم تُسْتَغلّ استغلالاً أمثل حتى تنعم شعوب تلك المنطقة. هذا كله جعل المنطقة تكتسب أهمية تتمثل في الأبعاد الجيو استراتيجية، والجيوسياسية والاقتصادية والتي تشكل أهمية قصوى لأصحاب النفوذ إقليميا ودوليا (20).

ومن الناحية الجغرافية، فيكتسب الساحل الإفريقي أهمية عالمية وليس على مستوى إفريقيا فحسب؛ كونه يعتبر جسرا بريّاً يربط بين القارتين الأمريكيتين والمحيط الأطلسي مرورا بمنطقة القرن الإفريقي والمحيط الهندي والبحر الأحمر والخليج العربي. فضلا عن كونه الطريق الرئيس للقوافل التجارية التي ربطت شمال القارة بجنوبها وغربها عبر التاريخ (21).

ثالثا: القوى الدولية المتنافسة على منطقة الساحل

الموقع الاستراتيجي لمنطقة الساحل الإفريقي وكثرة موارده الطبيعية والمعدنية؛ أسال لعاب الدول الكبرى وجعل المنطقة موضع اهتمام بالغٍ في أجنداتها التوسعية، ومن ثَمّ تشكلّ صراع مختلف المستويات بين هذه الدول، كل منها يسعى لفرض وجوده فيزيائيا أو بالوكالة من أجل الحصول على حصة من حصص الموارد الطبيعية، أو موضع قدم يكسبه نفوذا سياسيا في فترة زمنية محددة أو لا متناهية أحيانا كفرنسا وحلفائها. فيما يلي، سيتم التركيز على أبرز القوى الدولية المتصارعة في المنطقة والتي لها نشاط اقتصادي وتواجد عسكري أو مسلح، وهي فرنسا وأمريكا وروسيا.

1. النفوذ الفرنسي في منطقة الساحل الإفريقي

يرجع الوجود الفرنسي في إفريقيا بصفة عامة -وفي منطقة الساحل الإفريقي بشكل خاص- إلى الغزو الاستعماري الذي تعرض له الأفارقة من قبل القوى الأوروبية، فعملت فرنسا بشكلٍ مُرَكّز على الاستيلاء على أكبر رقعة ممكنة في القارة الإفريقية، فاحتلتْ عدد كبير من الدول، مثل: الجزائر، والمغرب، وتونس، وموريتانيا، والسنغال، وغينيا، ومالي، والنيجر، وتشاد، وكوت ديفوار، والجابون، والكونغو برازافيل، وبنين، وبوركينا فاسو، وجمهورية إفريقيا الوسطى، ومدغشقر، وجيبوتي؛ وجزر القمر، فضلاً عن الكاميرون وتوغو اللتان تخضعان لألمانيا ووضعت فرنسا عليهما يدها بالانتداب ولا تزال حتى الآن (22).

كانت هذه المستعمرات تمثل لفرنسا أهمية بالغة؛ بل تُعْتَبر شريان حياتها ومصدر مواردها الاقتصادية عبر القرون المتعاقبة. فمن هذه المستعمرات تنقل فرنسا المواد الغذائية، وموارد الطاقة والوقود، والمواد الخام الزراعية والمعدنية إلى شركاتها ومصانعها المختلفة. وفي الوقت ذاته، تمثل تلك المناطق سوقا استهلاكية واسعة للمنتجات الفرنسية المصنعة. ومن أجل تحقيق هذه المعادلة الجيوسياسية والاقتصادية؛ استخدمت فرنسا عدّة أدوات، منها: طمس هويات شعوب تلك المناطق، واستئصال الحضارات التقليدية القائمة آنذاك واستبدالها بالثقافة الفرنسية وتمكين اللغة الفرنسية كلغة تفاهم بين الشعوب والعالم الخارجي على حدٍّ سواء، وغيرها كثير (23).

ولضمان استمرارها والحفاظ على مصالحها في القارة الإفريقية، رسمت فرنسا سياسة خاصة بها تتبع للسياسة الخارجية التي تنفذها الخارجية الفرنسية عبر الدبلوماسية الفرنسية تحت إشراف رئيس الجمهورية ومتابعته شخصيا (24).  تهدف هذه السياسة إلى تمكين فرنسا من إحكام قبضتها على مستعمراتها القديمة وتمنحها سيطرة تامة، وذلك من أجل الوصول إلى مصادر الطاقة والموارد الخام التي تُزَوِّد شركاتها ومصانعها باحتياجات التصنيع الأساسية؛ فضلا عن إعطائها نفوذا سياسيا واسع النطاق على الصعيد الدولي. وتتمثل المصالح الفرنسية في القارة الإفريقية وخاصة في منطقة الساحل الإفريقي في الآتي:

  • المصالح الاقتصادية: البحث المستمر عن موارد أولية لتنمية الصناعات الفرنسية المدنية والعسكرية، والبحث عن أسواق لتصريف السلع المصنعة. كذلك ربط النظام المالي لبعض الدول الإفريقية بالخزينة الفرنسية، وإيداع نصف قيم وارداتها في حساب العمليات في الخزينة الفرنسية من أجل ضمان العملات المحلية واستقراراها (منطقة الفرنك سيفا).
  • المصالح الاستراتيجية: ضمان الوصول إلى الموارد الاستراتيجية التي تتمتع بها القارة الإفريقية من أجل تنمية الصناعات الفرنسية الثقيلة والعسكرية، والسيطرة على أهم المواقع الاستراتيجية في القارة لتحقيق ذلك، من بينها منطقة الساحل الإفريقي.
  • المصالح السياسية والدبلوماسية: الحفاظ على استمرار واستقرار الأنظمة الإفريقية التي تتعهد بالحفاظ على المصالح الفرنسية، وهذا ينتج عنه توطيد العلاقات بين الحكومات الإفريقية والإدارة الفرنسية لضمان المساندة الدبلوماسية الفرنسية في المحافل الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي مما يتيح لفرنسا الاحتفاظ بمركزها كدولة كبرى دائمة العضوية.

ولتحقيق هذه المصالح، رسمت فرنسا خطة محكمة للسيطرة على هذه الدول بشكل دائم ومستمر، ونُفِّذتْ في سبيل ذلك سياسات وأدوات مختلفة، مثل الأدوات العسكرية، والاقتصادي، والثقافية، والإعلامية. هذه الأدوات تُكَمّل كل واحدة منها الأخرى وتُعَزّز نفاذها في العمق الإفريقي، وهو ما مكّنها من التحكم بشكل شبه تام على هذه الدول، وحتى هذه اللحظة تعتبر فرنسا هي صاحبة السيطرة الأكبر على منطقة الساحل الإفريقي.

وبما أنّ منطقة الساحل الإفريقي اكتسبت أهمية إقليمية ودولية للأسباب سالفة الذكر؛ فإنّ الجوّ لم يخلُ لفرنسا كما كان سابقا أو كما تشتهي هي. فقد بدأتْ دول أخرى تنافس فرنسا في المنطقة من أجل سحب بساط السيطرة من تحت أقدامها تارة، ومن أجل تقسيم الكعكة تارة أخرى. هذه الدول تتمثل في الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا وتركيا وغيرها. ولكنا سنركز على الحضور الروسي فقط تماشيا مع أهداف الدراسة.

2. أمريكا والمشاريع الأمنية الكبرى في منطقة الساحل

منذ فترة الحرب الباردة وما بعدها لم تكن أمريكا تولي اهتماما كبيرا بالقارة الإفريقية وكانت تكتفي بالتعاون مع وسطاء أوروبيين كفرنسا وغيرها فيما يخص الشؤون الإفريقية. لكن منذ أحداث 11 سبتمبر 2001م أصبحت الشؤون الإفريقية تنال اهتمام أمريكا ووضعتها ضمن برامجها الاستراتيجية مستفيدة من آلياتها الاقتصادية والعسكرية الأمر الذي أصبح يهدد المصالح الفرنسية بشكل أو بآخر (25).

استهلاك الطاقة يُعَدّ قضية جوهرية وحيوية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها قوة عظمى اقتصادية وعسكرية، فأي توقف للإمدادات النفطية أو عرقلتها يعتبر تهديدا مباشرا لأمنها القومي. وبناء عليه، فكرت أمريكا في تقليص الاعتماد على النفط الخليجي وهو ما دفعها للبحث عن بدائل. حدد تقرير الطاقة الأمريكي (مايو 2001) منطقتين بديلتين، هما: بحر قزوين والقارة الإفريقية. ولكن بحر قزوين تحيط به بعض العراقيل فكانت المنطقة المفضلة هي غرب القارة الإفريقية (26).

وبما أن دول الساحل الإفريقي تقع في غرب القارة وتمثل ثقلا اقتصاديا وسياسيا في المنطقة، فوقع الاختيار عليها بشكل أساسي. وبرز الاهتمام بها من خلال الاستثمارات الضحمة التي ضختها الولايات المتحدة الأمريكية عبر شركاتها العملاقة. مثلا في تشاد، تستحوذ شركة أكسون موبيل، وبتروناس (الماليزية)، وشيفرون على نحو 63 في المئة من استثمارات النفط التشادي، بينما في نيجيريا فإن 38 في المئة من النفط يذهب إلى الولايات المتحدة الأمريكية ما يمثل حوالي 8 في المئة من الواردات النفطية الأمريكية (27).  فضلا عن خليج غينيا الذي يمتلك 7 في المئة من احتياطيات النفط العالمية، وهي النسبة التي توازي -تقريبا- نسبة كل من إيران وفنزويلا والمكسيك مجتمعة، إضافة إلى كونه يمثل أعلى جودة بالنسبة للسوق الأمريكي (28).

وللوصول إلى ذلك، وضعت أمريكا استراتيجيات أمنية وعسكرية كغطاء للأهداف الاقتصادية من ناحية، ولاستغلال هشاشة دول الساحل وحاجتها للدعم العسكري واللوجستي من ناحية أخرى. تتمحور هذه الاستراتيجيات حول احتكار مصادر النفط والطاقة الإفريقية -التي يمكن أن تؤمن احتياجات الولايات المتحدة-، وتوسيع نطاق القواعد العسكرية من أجل بسط النفوذ السياسي وفتح أسواق لشركاتها النفطية والتجارية. ولتحقيق هذه الطموحات، اعتمدت آليات أمنية وعسكرية بالدرجة الأولى يمكن تلخيصها في التالي:

  • مبادرة “عموم الساحل 2002م” (PSI) Pan Sahel Initiative: هي مبادرة خاصة بمنطقة الساحل، وهي عبارة عن شراكة بين الولايات المتحدة وأربع دول من دول الساحل الخمس باستثناء بوركينا فاسو. تفرض هذه المبادرة بتواجد قوات عسكرية أمريكية في المنطقة تحت مسؤولية القيادة العسكرية الأمريكية بأوروبا ( (EUCOM وتقدم الدعم اللوجستي والتدريب العسكري لجيوش هذه الدول بحجة محاربة الجماعات الإرهابية وتجارة المخدرات والحد من تجارة الأسلحة.
  • مبادرة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء (TSCTI) Trans-Saharan Counter-Terrorism Initiative: هي فقط مجرد امتداد لمبادرة “عموم الساحل” فقط وسع نطاقها في عام 20025م لتشمل الجزائر والسنغال كأعضاء أساسيين إلى جانب الدول الأربع السابقة، وأيضا اعتماد نيجيريا وتونس والمغرب كمراقبين.
  • القيادة العسكرية الخاصة بإفريقيا (AFRICOM) 2007م: هي قيادة عسكرية متكاملة خاصة بعموم إفريقيا ومقرها الإقليمي في جيبوتي، وحددت عدة أهداف، أهمها محاربة تنظيم القاعدة والشبكات المرتبطة بها، التعاون مع بعض الدول الإفريقية لخلق بيئة مسالمة لا تسعى لامتلاك ما هو غير مصرح به ولا تحبذ امتلاك أسلحة دمار شامل، وحماية الأفراد من الأمراض المعدية القاتلة، تحسين القطاع الأمني واستقرار الحكم من خلال الدعم العسكري الشامل.

ومنذ أن أصبحت القارة الإفريقية ذات أهمية في السياسة الخارجية الأمريكية؛ تنوعت الاستراتيجيات العسكرية والاقتصادية التي وضعتها الولايات المتحدة الأمريكية في الساحل الإفريقي وتعددت الأدوات والآليات التي استخدمتها فيها من أجل تحقيق مصالحها القومية والحفاظ عليها. هذه الإجراءات وضعت المصالح الفرنسية في مواجهة مباشرة مع التحديات الأمريكية.

3. الوجود الروسي في منطقة الساحل الإفريقي

إنّ الحضور الروسي في إفريقيا بصفة عامة ليس وليد اليوم؛ بل هو امتداد لعلاقات روسية-إفريقية سُجّلت منذ القرون الوسطى عندما حطّت مجموعة من البحارة والمستكشفين الروس رحالهم على مشارف بعض الدول الإفريقية كالكونجو الديموقراطية والمغرب العربي وجمهورية مصر، الأمر الذي مكّن روسيا القيصرية من افتتاح أول قنصليتين في مصر، واحدة في القاهرة والأخرى في الإسكندرية، وذلك في نهاية القرن الثامن عشر (29).  وفي عام 1898م توسّعتْ عاقتها الدبلوماسية لتشمل كل من أثيوبيا، والمغرب وجنوب إفريقيا (30).

3.1. روسيا السوفياتية وعلاقتها بإفريقيا

تبلورت الاتصالات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفياتي ودول جنوب الصحراء الكبرى بشكل أوسع بعد الثورة البلشفية وفي عصر الأممية الاشتراكية منذ عام 1917م؛ حيث استقطبت روسيا مجموعة من الأفارقة إلى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بهدف التعليم والتكوين السياسي. وهذا ما دفع بالتقارب بين روسيا ودول إفريقيا جنوب الصحراء أن يزداد ويزدهر خاصة أثناء قيام حركات التحرر الإفريقي المناهضة للاستعمار في ربوع إفريقيا جنوب الصحراء في فترة الخمسينيات (s1950) (31).

وفي تلك الفترة، أصبحت روسيا الداعم الأكبر للدول الإفريقية المستقلة حديثا، فقدمت دعما للمؤتمر الوطني الإفريقي (ANCP)، والحركة الشعبية لتحرير أنغولا (MPLA)، والحزب الشعبي لجنوب إفريقيا (SACP) ، وجبهة تحرير موزمبيق (FRELIMO)، واتحاد الشعب الإفريقي الزيمبابوي. بل ذهب الدعم لأبعد من ذلك؛ إذْ وصل أروقة الأمم المتحدة التي اعتمدت قرارا بمنح الدول والشعوب المستعمرة استقلالها عام 1960م. اعترضت تسع دول غربية كبرى على هذا القرار مقابل 89 دولة وافقت عليه من بينها روسيا وهي صاحبة المبادرة وقت ذاك (32).

والجدير بالذكر، أنّ الدول التسع التي امتنعت سبعة منها كانت قوى الاستعمار في ذاك الوقت، وهي: إسبانيا، وأمريكا، وفرنسا، والبرتغال، وبلجيكا، وبريطانيا واتحاد جنوب أفريقيا. واثنتان لم تكونا ضمن القوى الاستعمارية لكنها شبه خاضعة للقوى الاستعمارية، وهي استراليا وجمهورية الدومينيكان. وهذا ما يفسر سلوكها المعترض لإعلان الأمم المتحدة بإنهاء حقبة الاستعمار (33).

على هذا الأساس، استمرت العلاقات الروسية الإفريقية لتشمل دولا مختلفة في جنوب الصحراء الكبرى؛ لكنها تمركزت أكثر في جنوب القارة الإفريقية وشرقها وشمالها بشكل أوسع، وخاصة عندما توطدت علاقتها بليبيا لتصبح الحليف الأساسي والاستراتيجي للعقيد معمر القذافي. ولم تقتصر العلاقات الروسية الإفريقية على الدعم السياسي والعسكري فقط؛ بل شملت مجالات اقتصادية وثقافية أيضا. ففي منتصف الثمانينات وقّع الاتحاد السوفياتي اتفاقيات متعددة مع مجموعة واسعة من الدول الإفريقية، شملت 42 اتفاقية تجارية، وحوالي 37 اتفاقية في مجالات تقنية.

هذه الاتفاقيات أسهمت في تخريج أكاديميات عسكرية وسياسية روسية آلاف من الأفارقة الذين أصبح البعض منهم لاحقا نخبا تقلدت مناصب سيادية في بلدانها الأصلية، مثل: Mbeki Thabo) ) في جنوب أفريقيا، و((Ahmadou toumani في مالي، وJose Dos Antos في أنغولا (34).  دون أدنى شك، قامت هذه النخب بدور فعال في تعزيز التقارب الروسي الإفريقي أثناء تقلدهم تلك المناصب.

ولكن التنافس الدولي والتجاذب بين القوى الكبرى حول إفريقيا في تلك الفترة هو المحدد الرئيس للعلاقات الروسية الإفريقية؛ حيث لم تعتبر روسيا الدول الإفريقية حلفاء ثانويين بقدر ما تنظر إليهم كجبهات للتصدي والمواجهة العالمية ضدّ الرأسمالية المتوحشة (35).  لذا، لم تكن لديها طموحات استعمارية وتواجد عسكري دائم ومستمر في القارة بقدر ما كانت تستخدم تلك العلاقات للأهداف السياسية وتصدير بعض المعدات العسكرية الأمر الذي نتج عنه مديونية علِقت في ذمم بعض الدول الإفريقية إلى أن تفكك الاتحاد السوفياتي وانسحبت روسيا عن المشهد الإفريقي بشكل تام تقريبا، وفضلت الانكفاء على محيطها الآسيوي وحدائقها الخلفية فقط.

3.2. العودة الروسية إلى إفريقيا وأجندتها الاستراتيجية

بتولي فلاديمير بوتين (Vladimir Putin) الحكم في روسيا عام 2000م، استيقظت روسيا الحديثة، وأعلن بوتين عن أهم مبدأ السياسة الروسية الجديدة وعُرف بـ”مبدأ بوتن” الذي يتضمن الدعوة إلى عالم متعدد الأقطاب، ولا يخضع لقوة عظمى واحدة ويكون لروسيا دورا أساسيا فيه. كما سعى بوتن أيضا إلى استعادة مكانة روسيا الدولية والمحافظة على أمنها القومي ورسم خارطة عمل لسياستها الخارجية الجديدة ومن ضمنها خطة التعامل مع إفريقيا كمنطقة من مناطق العالم التي يجب أن تتواجد فيها روسيا بثقلها العسكري والاقتصادي(36).

وفي عام 2006م ترجم بوتن هذه الرؤى إلى أعمال فعلية، فقام بزيارة تاريخية إلى جنوب إفريقيا والمغرب، ولما خَلَفَهُ الرئيس ميد فيديف (Medvedev) واصل المشروع نفسه وسجل زيارة في 2009م لكل من نيجيريا، وأنجولا، وناميبيا، ومصر مصطحباً معه حوالي 400 من رجال الأعمال أصحاب شركات روسية كبيرة (37)،  ونتجت عن هذه الزيارة توقيع اتفاقيات تجارية كبيرة بين هذه الشركات ورجال أعمال أفارقة وقطاعات عامة مختلفة (38).

هذه الخطوات تشير إلى أنّ السياسة الروسية الجديدة تجاه إفريقيا اتخذت منحىً جِدِّيا، وبنيت على استراتيجيات وأهداف اقتصادية وسياسة وأمنية. والدافع الأساسي لهذا التحرك كان اقتصاديا وجيو سياسا معاً عكس التوجه السوفياتي القديم الذي جعل العلاقة مع إفريقيا علاقة ثانوية وتعتمد على النفوذ السياسي وتسويق الفكر الشيوعي فحسب (39).

والدليل على ذلك، الشروط التي وضعها بوتين وميد فيديف لإلغاء الديون عن الدول الإفريقية مبنية على أحد خيارين، الخيار الأول: إما أن تُحَوَّل أسهم بعض الشركات الوطنية الإفريقية إلى الشركات الروسية، أو منح روسيا تراخيص استغلال معادن من الدرجة الأولى لعقود طويلة. والخيار الثاني: أو أن تُسْتَبْدَل تلك الديون بتوقيع صفقات وعقود جديدة في المجال العسكري أو الصيد البحري. وبهذا أصبحت الشركات الروسية تركز على الجانب الاقتصادي وبات لديها حضور قوي في مجال استخراج المعادن واستغلالها (40).

وعلى هذا الأساس، وغيره، بدأت الشركات الروسية بالتغلغل في إفريقيا جنوب الصحراء بشكل ملحوظ. ففي مجال النفط وقّعت شركة ROSNEFT الروسية مذكرة تفاهم حول التنقيب واستغلال حقول النفط والغاز مع شركة النفط الوطنية الموزمبيقية، وفي أنغولا نجد حضور شركة GAZPROM. وفي مجال اليورانيوم، نجد الشركات الروسية التالية تعمل في أكثر من دولة، مثل شركة ROSATOM في أنجولا، وشركة RENOVA في ناميبيا، وجنوب إفريقيا. أما في غرب إفريقيا ركزت شركة RUSAL الروسية على غينيا كونها تمتلك ثروات معدنية كبيرة وباعتبارها أكبر منتجللألمنيوم في العالم، وفي نيجيريا في قطاع استغلال الذهب (41).

أما في الجانب العسكري فنجد أن روسيا قد بدأت أولاً باستعادة علاقتها مع الدول الإفريقية بعمليات بيع الأسلحة وتحديث المنظومات العسكرية الروسية القديمة، مع إقامة شراكات عسكرية جديدة سواء على مستوى الحكومة ووزارة الدفاع الروسية أو عن طريق القطاع الخاص المتمثل في الشركة شبه العسكرية الخاصة “فاغنر”. وأبرز مثال هنا، العلاقة الروسية الأفررو-وسطية، والعلاقات الروسية المالية مؤخرا والتي شكلت نقطة انعطاف كبيرة في تاريخ التواجد الروسي في القارة بشكل عام وفي مساعي الأخيرة في التوغل إلى عمق الساحل الإفريقي (42).

ويمكننا أن نخلص إلى أن السياسة الروسية الحديثة تجاه القارة الإفريقية وخاصة علاقتها مع دول الساحل الإفريقي ذات بعد اقتصادي أكثر من البعد الجيو سياسي. فما يجذب الدول الأخرى إلى إفريقيا مثل فرنسا وأمريكا وغيرهما هو الأمر نفسه الذي يجذب روسيا أيضا. وبما أنّ روسيا متأخرة نسبيا في التطور التكنولوجي مقارنة بأمريكا وبعض الدول، فإن علاقات روسيا مع الدول الأفريقية بنية على ثلاث أسس، وهي (1) العلاقات الفردية مع الأفارقة الدارسين في روسيا أو الذين تلقوا تدريبا عسكريا أو أمنيا فيها، (2) صفقات تجارة السلاح والتدريبات العسكرية، و(3) المفاوضات الروسية-الإفريقية حول إسقاط الديون التي منحت الفرصة للشركات الروسية دخول الأسواق الإفريقية.

رابعا: مآلات الصراع الدولي على منطقة الساحل الإفريقي

تشير كل المعطيات إلى أن تنافس القوى الدولية على منطقة الساحل الإفريقي يتجه نحو التصعيد أكثر خلال العقود القادمة، وقد لا يتحقق الاستقرار السياسي والأمن القومي والرفاه الاقتصادي لكثير من دول المنطقة وخاصة دول الساحل الخمس في العقود القادمة. ففرنسا ترى أنها ذات الأحقية في التعاطي مع القضايا الأمنية والعسكرية والاقتصادية المتعلقة بشأن الساحل الإفريقي كونها المستعمر السابق لكثير من دوله مستفيدة من تواجدها العسكري القديم في العديد من دول القارة وخبرتها الطويلة في التعامل مع شعوب تلك المنطقة.

ولكنها في واقع الأمر تواجه تحديات كثيرة في سبيل الحفاظ على مكانتها وحصصها في منطقة الساحل، مثل إخفاقاتها المتكررة في التعامل مع ملفات الأمن والإرهاب، أو بتباطؤ الدعم الغربي الأوروبي لها وبتراجع الدعم الأمريكي لها المرتبط بسياساتها الأمنية والعسكرية في المنطقة خاصة، وعلى مستوى الصناعات العسكرية وصفقاتها المختلفة بشكل عام؛ ما جعلها تواجه استياءً شعبيا وتذمرا رسميا.

الاستياء الشعبي بلغ ذروته، وأصبحت جميع طبقات المجتمعات الإفريقية في الدول الفرنكوفونية تعبر عن غضبها وكرهها لفرنسا بأشكال مختلفة، فقد شوهدت مظاهرات في بعض العواصم (بانقي وباماكو) مناهضة لفرنسا وترفع شعارات تطالب بمغادرة فرنسا لدولهم وتمزيق علمها ورفع أعلام دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا. أما التذمر الرسمي فعُبّر عنه في أشكال متعددة، أبرزها البحث عن شركاء أمنيين غير فرنسا (روسيا)، أو شركاء اقتصاديين مثل الصين وتركيا.

الشراكات الأمنية والعسكرية البديلة لفرنسا لاقت استجابة سريعة وفعالة من قبل روسيا، فتوغلت في جمهورية إفريقيا الوسطى وحققت نجاحا في دعم الحكومة المنتخبة وإعادة انتخابها مرة أخرى، وتقليل النفوذ الفرنسي بشكل ملحوظ؛ ما دفع تنامي توقعات الدول الأخرى بقدرة روسيا على تحدي الوجود العسكري الفرنسي من ناحية، وعلى صدقها وجديتها في إنهاء الحروب الأهلية ودحض التمرد والقضاء عليه، فضلا عن مشاركتها في الجوانب الاقتصادية الأخرى، الأمر الذي دفع السلطات في جمهورية مالي إلى التقرب من روسيا واعتمادها شريكا أمنياً جديداً.

هذا الصراع شبه المباشر بين روسيا وفرنسا في الساحل الإفريقي، وتراجع فرنسا أمام الزحف الروسي، سيجعل أمريكا نفسها أن تعزز وجودها في منطقة الساحل الإفريقي لتأمين مصالحها القومية من جهة، وللحدّ من التوسع الروسي الذي بدأت فرنسا وشركاؤها الأوربيون يفشلون في صده والصمود أمامه.   وهذا في حدّ ذاته يؤدي إلى مزيد من الصراعات وتوسع رقعتها في المنطقة، وقد تدخل دول وأطراف أخرى في الصراع من أجل تأمين مصالحها القومية وكذلك مناكفة خصومها الآخرين.

أما دول الساحل الإفريقي، فقد تحاول اللعب على التناقضات من كسب حلفاء آخرين غير تقليديين بُغْيَة إحداث توازنات سياسية ومكاسب وطنية، والاستفادة من الصراعات بين القوى الدولية لتحقيق مصالحها الوطنية وتحقيق طموحات شعوبها. لكن هشاشة بُنية دول المنطقة، وفقدانها لمقومات الدولة الحديثة، بالإضافة إلى الانفلات الأمني وتفشي الفقر وقلة الكوادر المؤهلة تجعلها تفقد السيطرة على الأوضاع، وتصبح ضحية هذا التنافس، وفي نهاية المطاف تخضع لإملاءات الحليف الأقوى الذي يفرض نفسه في المنطقة، ولا يُسْتبعد أن نرى ميلاد دولا شيوعية في المنطقة أو تحت أي أيدولوجيات أخرى.

خامسا: الخلاصة

من خلال ما تم طرحه يتبين لنا أن منطقة الساحل الإفريقي التي كانت مهمشة لعقود من الزمن، أصبحت موضع اهتمام القوى الدولية ومسرح الصراع الدولي ذو الطابع العسكري والسياسي والأمني والاقتصادي من اجل الحصول على موطئ قدم. هناك دول كثيرة آسيوية وأوروبية تتنافس على منطقة الساحل التي تمتلك مقومات اقتصادية ومصادر طاقة كبيرة؛ لكن هذه الدراسة اقتصرت على فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا كونها الأبرز والتي تدخلت في المنطقة عسكريا واقتصاديا بشكل قويّ.

على الرغم من الموقع الجيو سياسي الذي تتميز به منطقة الساحل، والموارد الطبيعية والثروات المعدنية التي تتمتع بها إلى جانب الموارد الزراعية؛ إلا أن المنطقة تشهد توترات سياسية وتحديات أمنية تتعلق بالانفلات الأمني في الحدود، وانتشار حركات التمرد والانفصاليين، وتمدد المنظمات الإرهابية وتجار الأسلحة وتوسع نطاق الجريمة المنظمة. هذه المعضلات جعلت دول الساحل، خاصة الدول الخمس موضع الدراسة، تُصَنَّفُ كدول فاشلة تفتقد إلى مقومات الدولة الحديثة.  وبالتالي، أصبحت المنطقة جاذبة للقوى الدولية، وفرص التدخل الخارجي للقضاء على هذه الأزمات مواتية؛ بل هي أكثر المبررات شيوعا.

يجب على حكومات تلك الدول أن تضع استراتيجيات واضحة المعالم للتعامل مع أزماتها ومشكلاتها الداخلية وحلها على مستوى الوطن وإشراك فئات المجتمع المختلفة في الحلول كالمؤسسات الحقوقية ومنظمات المجتمع المدني. وهذا لا يتأتى إلا بتحديد نظام الحكم بشكل واضح ووضع آليات فعلية لانتقال السلطة والقضاء على الانقلابات العسكرية وغيرها. كما يجب الاهتمام بالشباب وتوفير فرص عمل تستوعب القوى العاملة العاطلة عن العمل، وتوفر تعليم وتدريب مناسبين لسوق العمل الوطني والإقليمي.

تصفّح المزيد عن إصداراتنا من هنا

الهوامش والإحالات: ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)  زريق، نادية، التهديدات الأمنية في الساحل الإفريقي وأثرها على استقرار النظام السياسي الجزائري، مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماستر في العلوم السياسية والعلاقات الدولية،
تخصص: استراتيجية وعلاقات دولية، جـامعة محمد بوضياف -الـمسيلة- كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية والعلاقات الدولية. السنة الجامعية 2015-2016م
(2)   الساحل (أفريقيا)، ويكيبيديا، الموسوعة الحرة: الساحل (أفريقيا) – ويكيبيديا (wikipedia.org)
(3)  الساحل (أفريقيا)، ويكيبيديا الموسوعة الحرة: https://bit.ly/30K6D2n
(4) The World Bank, Sahel G5 Meeting Brings Together Governments and Donors to Accelerate Regional Development. On July 14, 2014. https://www.worldbank.org/en/news/feature/2014/07/14/sahel-g5-meeting-brings-together-governments-and-donors-to-accelerate-regional-development
(5) African nations form G5 to work on Sahel security, development: https://www.reuters.com/article/us-africa-sahel-g-idUSBREA1F0P520140216
(6) G5 Sahel : les partenaires techniques et financiers se mobilisent pour accélérer le développement regional: https://web.archive.org/web/20190615091135/http://www.banquemondiale.org/fr/news/feature/2014/07/14/sahel-g5-meeting-brings-together-governments-and-donors-to-accelerate-regional-development
(7)  Mauritania Population 2021, World Population Review:  https://worldpopulationreview.com/countries/mauritania-population
(8)  Mali Population 2021, World Population Review: Mali Population 2021 (Demographics, Maps, Graphs) (worldpopulationreview.com)
(9)   https://eiti.org/mali
(10)  https://eiti.org/burkina-faso
(11)  Niger Population 2021, World Population Review: https://worldpopulationreview.com/countries/niger-population
(12)  /Land Links, Niger: https://www.land-links.org/country-profile/niger
(13)  Index Mundi, Chad Natural resources: https://www.indexmundi.com/chad/natural_resources.html
(14) International Trade Administration, Chad – Country Commercial Guide: https://www.trade.gov/country-commercial-guides/chad-mining-and-precious-metals
(15)   مجموعة دول الساحل الخمس، ويكيبيديا الموسوعة الحرة: https://bit.ly/3mF5phL ​
(16) Le G5 Sahel demande une intervention de l’ONU en Libye, en accord avec l’Union africaine: https://web.archive.org/web/20201023120215/http://www.opex360.com/2014/12/20/le-g5-sahel-demande-/intervention-de-lonu-en-libye-en-accord-avec-lunion-africaine
(17) Mali: la France propose à l’ONU le déploiement d’une force africaine au Sahel: https://web.archive.org/web/20181116110016/http://geopolis.francetvinfo.fr/mali-la-france-propose-a-l-onu-le-deploiement-d-une-force-africaine-au-sahel-145973
(18) La France va demander à l’ONU d’autoriser une force antiterroriste au Sahel: https://web.archive.org/web/20200114090746/https://www.lci.fr/international/la-france-va-demander-a-l-onu-d-autoriser-une-force-antiterroriste-au-sahel-2054447.html
(19)  French military to work with G5 Sahel troops: https://web.archive.org/web/20191029141420/http://en.rfi.fr/africa/20170629-french-military-work-g5-sahel-troops
(20)  سمير، قلاع الضروس، منطقة الساحل الإفريقي وأهميتها الاستراتيجية في إفريقيا: دراسة جيوسياسية، مجلة أكاديميا للعلوم السياسية-المجلد 06، العدد 02 (2020)
(21) المصدر نفسه
(22)  العلاوي، محمود، السياسة الخارجية الفرنسية: صناعة القرار والرهانات، مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل، المركز الديمقراطي العربي” ألمانيا – برلين. المجلد الثالث، العدد الثاني عشر- يوليو 2021م.
(23) المصدر نفسه
(24) المصدر نفسه
(25)  بن قطية، مراد و بويدة، فاطمة الزهراء، التنافس الدولي على منطقة الساحل الإفريقي وانعكاساته على المصالح الإستراتيجية الفرنسية، دفاتر المتوسط، العدد الخامس
(26)  African Oil Policy Initiative Group, «African Oil a priority for U.S National Security Development», Working paper ,Institute for Advanced Strategic and Political Studies Symposium, May 16, 2001, p 6
(27)  Danielle Longton, «U.S trade and investment relationship with Sub- Saharan Africa: The African growth and opportunity act and beyond», Scientific Report, CRS Congress, October 28, 2008, p 7
(28) بن قطية، مراد و بويدة، فاطمة الزهراء، التنافس الدولي على منطقة الساحل الإفريقي وانعكاساته على المصالح الإستراتيجية الفرنسية، – مرجع سابق
(29) صميض، هشام: روسيا والعودة إلى أفريقيا: المحددات والأبعاد، مجلة البحثية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 7،8 (2017)، مؤسسة خالد الحسن – مركز الدراسات والأبحاث
(30) المصدر نفسه
(31)  Alexandra Arkhangelskaya, « le retour de Moscou en Afrique sub-saharienne ? Entre héritage soviétique, multilatéralisme et activisme politique », Afrique Contemporaine, N°248, 2013, p62
(32) المصدر نفسه
(33) www.un.org/ar/event
(34) Guy Pandji: “Russia’s Return to Africa – The Scholarship Dimension”, Norragnews, Special Issue: «The Geopolitics of Overseas Scholarships & Awards Old and New Providers, East & West, North & South», Number 45, April 2011, p86
(35) Alexandra Arkhangelskaya, « le retour de Moscou en Afrique sub-saharienne ? Entre héritage soviétique, multilatéralisme et activisme politique », Afrique Contemporaine, N°248, 2013, p63
(36) الدكتور ناصر زيدان: دور روسيا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بطرس الأكبر حتى فلاديمير بوتين، بيروت: الدار العربية للعلوم ناشرون، ط 4، (2014)، ص 212
(37) صميض، هشام: روسيا والعودة إلى أفريقيا: المحددات والأبعاد، مجلة البحثية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 7،8 (2017) – مرجع سابق
(38) Muriel Pomponne, « vers un retour de la Russie en Afrique», rfi on 05 -12 – 2014: https://www.rfi.fr/fr/hebdo/20141205-russie-afrique-commerce-echange-cooperation-matieres-premieres-armement-diplomatie-education-guerre-froide-urss
(39) صميض، هشام: روسيا والعودة إلى أفريقيا: المحددات والأبعاد، مجلة البحثية للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 7،8 (2017) – مرجع سابق
(40)  المصدر نفسه، ص 307
(41) Alexandra Arkhangelskaya, “Le retour de Moscou en Afrique subsaharienne? Entre héritage soviétique, multilatéralisme et activisme politique”. Afrique Contemporaine, N°248, 2013, pages 61 à 74
(42) المصدر نفسه

أفروبوليسي

المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي) مؤسسة مستقلة تقدم دراسات وأبحاثاً حول القضايا الأفريقية لدعم صناع القرار بمعرفة دقيقة وموثوقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى