محمد صالح عمر | المدير العام للمركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات
مقدمة
تعتبر الكونغو الديمقراطية أحد أكثر البلدان الإفريقية اضطرابا واحترابا داخليا لأسباب متداخلة، يعود بعضها إلى طبيعة التركيبة الإثنية غير المتجانسة إذ يبلغ تعداد الأعراق فيها أكثر من 200 مجموعة عرقية تتحدث لغات بعددها، وبعض العوامل ترتبط بالإرث الاستعماري والمشكلات المتوارثة منه، وبعضها يعود إلى التدخلات الخارجية المتصلة بالأطماع في الثروات المعدنية التي تتمتع بها الكونغو.
نالت الكونغو استقلالها في 1960 ولكنها لم تشهد استقرارً إلى يومنا هذا ما عدا فترة وجيزة في ثمانينيات القرن العشرين، كما انها لم تشهد انتخابات حقيقية إلا بعد 2006 وما تزال البلاد تتهددها المخاطر والأزمات، والتدخلات إذ تشهد الخلافات الداخلية فيها استجابة سريعة من دول الجوار التي تقف إلى جانب فريق ضد آخر وتوسع نطاق الصراع ومستوى الأزمات.
التطور السياسي للكونغو الديمقراطية
عُرفتْ جمهورية الكونغو الديمقراطية بجغرافيتها المعروفة في 1885، ونالت استقلالها في 1960 وكان أول رئيس لها هو الزعيم باتريس لوممبا وشهدت الكونغو تاريخا استعماريا وحشيا يهدف إلى استغلال مواردها الطبيعية الهائلة.
واجهت الكونغو بعد الاستقلال تمردا من الجيش الوطني وتهديدات من عدد من الحركات الانفصالية التي تمردت على الدولة، بذلت الحكومة إذ ذاك جهودا كبيرة لتجاوزها ولكن لآثار صراع الحرب الباردة دورٌ في إذكاء الصراعات فيها، حيث وقفت الولايات المتحدة وبلجيكا إلى جانب المتمردين، حتى تولى موبوتو سيسي سيكو الحكم عام 1965 في أطول دكتاتورية عرفتها القارة الإفريقية، استضافت الكونغو حوالي مليونين من الفارين من حرب الإبادة في رواندا في 1994 والذي كان سببا في غزو كل من أوغندا ورواندا لها في 1996، ولكنها باءت بالفشل لوقوف كل من زمبابوي وأنغولا وناميبيا إلى جانب الكونغو، بعد 1997 أطاح زعيم المتمردين لوران كابيلا بالرئيس موبوتو وفي 1999 تم التوصل إلى وقف إطلاق النار وتم الاتفاق إنشاء قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة لمراقبة الاتفاقية (1).
الانتقال إلى الديمقراطية
انتهت دولة الحزب الواحد في الكونغو في 1990 وفيما عرف بموجة الديمقراطية الثالثة، وبدأت مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية التعددية حيث تم إطلاق حملة استشارات شعبية(استفتاء) حول مستقبل البلاد في مواجهة ضغوط شعبية كبيرة من أجل التحول السياسي وطالبت المعارضة بعقد مؤتمر وطني على مستوى البلاد من أجل اتخاذ القرار حول مستقبل البلاد، حاول موبوتو تعطيل هذه المحاولات عبر إنشاء مؤسسات موازية بغرض السيطرة على البلاد حتى تم التوصل إلى الدستور الانتقالي في 1994 وتكوين حكومة انتقالية.
وبعد ازمة منطقة البحيرات في 1994 وحرب الإبادة في رواندا بدا تحالف القوى الديمقراطية لتحرير الكونغو وبدعم من رواندا وأوغندا حملة للإطاحة بالرئيس موبوتو بالقوة، وفي 1997 سيطرت قوات التحالف على العاصمة كنشاسا واصبح لوران كابيلا رئيسا للبلاد. ولكن سرعان ما اندلعت الحرب الأهلية الأشرس في تاريخ الكونغو، والتي راح ضحيتها ما يزيد على 6 ملايين شخص حسب كثير من التقارير في الفترة بين 1998 إلى 2003 فشلت معها كل التسوية وإحلال السلام الدائم.
بذلت الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية للجنوب الإفريقي جهودا جبارة وشاقة حتى تم الاتفاق على وقف إطلاق النار في لوساكا وقع عليها إلى جانب أطراف النزاع كل من جمهورية الكونغو وناميبيا ورواندا وأوغندا وزمبابوي ووزير دفاع أنغولا (2).
انتخابات 2006 والبدايات الحذرة
عُقدت أول انتخابات ديمقراطية حرة في الكونغو الديمقراطية في 2006 عندما أدلى حوالي 70% من الناخبين الكونغوليين المسجلين والبالغ عددهم 26 مليون حينها بأصواتهم لاختيار البرلمان والرئيس ، حصل كابيلا على 44.8% من أصوات الناخبين في الجولة الأولى وحل في المرتبة الثانية بيير بيمبا الذي اصبح نائبا للرئيس، وقد ترشح فيها 33 مرشحا. ونظرا لعدم حصول أي من المرشحين على الأغلبية المؤهلة للفوز وهي الأغلبية البسيطة انعقدت جولة ثانية بين المرشحين الأعلى اصواتا وفاز فيها كابيلا بنسبة 58% بينما حصل بيمبا على 42% كما فاز كابيلا ايضا في انتخابات 2011 وانتهت فترته الثانية في 2016 ولكنه ابدى رغبة في الاستمرار وحاول تعطيل الانتخابات مما اضطر الكنسية أن تتدخل عبر اتفاق لإنجاز الانتخابات في 2018 والتي فاز فيها المعارض ابن المعارض التاريخي فليكس تشيسكيدي الرئيس الحالي (3).
عوامل عدم الاستقرار في المؤسسات السياسية والإدارية في الكونغو الديمقراطية
عانت الكونغو الديمقراطية منذ استقلالها صعوبات عديدة لعدد من الاسباب الداخلية والخارجية خاصة في الفترة ما بين 1998 و 2004 حيث عانت حربا أهلية عنيفة كان التدخل الإقليمي أخد ابرز عناصرها ما فاقم الأزمة وزاد من حجم الخسائر فيها، بشريا وسياسيا واقتصاديا (4) واجتماعيا وبالتالي عدم القدرة على بناء المؤسسات المعنية بإدارة الدولة وشؤونها وانعدام الاستقرار في المؤسس منها:
1- الصراعات المسلحة والنزاعات الانفصالية حيث شهدت البلاد تمردات منذ 1963، 1967، 1977، 1978 و 1996 وإلى يومنا هذا.
2- حركات الاحتجاج الاجتماعية والاضرابات الكبيرة لموظفي الخدمة المدنية والمعلمين والتي تتكرر كثيرا وتعطل الحياة.
3- عدم ملائمة الدساتير للواقع الاجتماعي والسياسي في البلاد حيث لا يراعي التجانس العرقي ويتم تسييس الإدارة وتوزيع الثروات
4- الاستغلال الاقتصادي والتمييز في الحقوق والعبودية والقمع والفصل العنصري
5- التدخل الخارجي من قبل بعض الدول الاقليمية والشركات المتعددة الجنسيات والصراع بين القوى العظمى وسياستها واطماعها في ثروات الكونغو.
تحديات غياب السلطة المركزية وتصاعد مراكز قوى أخرى
مع تصاعد الاضطرابات السياسية واستمرار حالة عدم الاستقرار في الكونغو حدث فراغة مؤسسي أدى إلى ما عرف بخصخصة الدولة غير الرسمي حيث يتعدد الفاعلون غير الحكوميين ما جعل المجتمع الكونغولي يطور أشكال جديدة من التنظيم الاجتماعي لتعويض فشل الدولة وغيابها فأسس تكوينات جديدة أصبحت عناصر فاعلة تمثلت في الجماعات المسلحة وحركات التمرد والمليشيات العرقية ورجال الأعمال في المجال الاقتصادي والعسكري وبروز جماعات عابرة للدولة والحدود (5):
– التجمع الكونغولي من أجل الديمقراطية: (RCD Goma) وهي جماعة كونغولية متمردة أنشأتها أوغندا ورواندا بسبب مخاوفها الأمنية ومصالحها الاقتصادية في الكونغو الديمقراطية تفرعت لاحقا إلى فصيلين احدهما تابع لأوغندا والآخر لرواندا.
– مليشيا الماي ماي التي كان يراسها الجنرال باديري بوليندا والتي كانت تنشط بشكل رئيسي في جنوب مقاطعة كيفوا وقدمت نفسها على أنها هي الإطار الذي يسعى لاستعادة هيكل الدولة المنهار وحماية الكونغوليين من القوى الخارجية، وأنشأت نظاما شديد العسكرة والاستبداد يطالب بالسلطة السيادية.
– حركة 23 آذار/ مارس: وهي حركة أعلنت عن نفسها في 2012 وتتكون من متمردين سابقين في الجيش الوطني الكونغولي/ المؤتمر الوطني للدفاع عن الشعب ويقودها لوران نكوندا واخذت الاسم من التاريخ الذي وقعت فيه اتفاقا مع الحكومة في 23 مار 2009، وأبرز الأسباب التي دفعتهم إلى التمرد هي الوعود الحكومية التي لم تتحقق عند إدماجهم في الجيش عام 2009، وهي أبرز الحركات التي تواجه الحكومة المركزية شرق البلاد.
سياقات وسباقات قبل الانتخابات
تخطط اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات قبل نهاية 2022 لتحديد الناخبين والتأكد من هويتهم في تسع مقاطعات من أصل 26 مقاطعة وفي ذات السياق بُذلت جهودٌ كبيرة من عدد من الأطراف المهتمة بالاستقرار في الكونغو الديمقراطية:
الأمم المتحدة على رأس قائمة المترقبين
خوفا من عودة العنف المدمر والمصاحب للانتخابات إلى الكونغو قبل 2023 عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا في اكتوبر 2021 من أجل تقييم وتحليل الوضع في البلاد وحث الدول الإفريقية إلى اهمية تعزيز المؤسسات وإعادة هيكلة عمليات بعثة الأمم المتحدة حضره الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الكونغو الديمقراطية ورئيس بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو (مونوسكو) وتم بحث التحديات التي تواجه البعثة في المناطق الشمالية، كما تركزت المناقشات حول تحقيق المزيد من الاستقرار وصيانة حقوق الانسان التي تخرقها جهات فاعلة حكومية وغير حكومية في عدد من المقاطعات مثل إيتوري وشمال كيفوا وجنوبها واعتداءات جنسية طرفها موظفو الأمم المتحدة.
وأشار ممثل الأمين العام أنه ومع اقتراب انتخابات 2023 لاحظنا حدوث تدهور في المناخ السياسي خاصة مع عدم وجود توافق في الآراء بشأن تعيين أعضاء اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة الجديدة وانقسام حاد على المستوى السياسي ومؤسسات المجتمع المدني مما تسبب في اضراب دموي صاحب ترشيح الرئيس الحالي تشيسكيدي وهو ما يعزز فرضية أهمية التوافق السياسي قبل الشروع في ترتيبات انتخابات 2023 (6).
مقترح قانون للهُوية الكونغولية يثير جدلا من جديد
في يوليو 2021 اقترح المرشح الرئاسي في انتخابات 2018 توبل تشيباني وبدعم من بعض اعضاء البرلمان تعديلا للتشريع الذي يحكم الأهلية للمناصب العليا في جمهورية الكونغو الديمقراطية ووفقا للمقترح يجب أن يكون المرشحون الرئاسيون أو رؤساء مؤسسات الدولة مثل الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ مواطنين مولودين لأبوين من جمهورية الكونغو الديمقراطية، بينما يرى المعارضون لهذا المقترح أن تشيباني الذي ينتمي إلى نفس المنطقة التي ينحدر منها الرئيس تشيسكيدي متحالفا مع الرئيس يريدون استبعاد المرشحين الرئاسيين المحتملين من خلال استغلال قانون الجنسية ومن شأن هذا القانون ان يستهدف أحد أبرز المنافسين وهو المرشح المحتمل مويس كاتومبي المنحدر من ام كنغولية وأب يهودي من اليونان وهو نسيم سوريانو والذي فر من إيطاليا في 1938 وكان كاتومبي حاكما لمقاطعة كاتانقا ومُنع من الدخول إلى البلاد في عهد الرئيس السابق كابيلا. وتعتبر جهات كثيرة أن القانون المقترح يهدد استقرار الكونغو ويزرع العنصرية فيما يرى مؤيدوه انه يحمي السيادة الكونغولية من تسلل الأجانب ويحد من خطر عدم بقاء ثنائيي الجنسية موالين لمصالح البلاد (7).
قانون المساواة بين الجنسين في الانتخابات
ينص دستور 2006 المادة(14) منه أن تضمن الدولة المساواة بين في التمثيل بين الجنسين على جميع المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية ويشترط قانون الانتخابات الذي صدر في ذات العام أن تأخذ قوائم المرشحين أو الانتخابات في الاعتبار التمثيل المتساوي بين الجنسين ولكن لم تتحذ أي تدابير قانونية لذلك سواء كانت بطريقة الحصص أو غير ذلك لتفعيل هذه التدابير، ولا توجد آليات لضمان وانفاذ التمثيل المتساوي، ساعد في ذلك القانون الذي استخدم في الانتخابات، حيث استخدم نظام القوائم المفتوحة بدلا من المغلقة، حيث مال الناخبون في المجتمعات الأبوية لانتخاب الذكور ونتيجة لذلك لم تتجاوز نسبة النساء 8.4% في البرلمان (8)
في يونيو 2022 تم إجازة القانون الجديد والذي سيحكم انتخابات 2023 بموجب مرسوم تم إقراره حديثا حيث تقرر إعفاء الأحزاب السياسية التي تقوم بترشيح الذكور والإناث مناصفة بنسبة 50% على الأقل انها ستُعفى من دفع الرسوم الخاصة باستيفاء شرط دخول الانتخابات وهذه هي المرة الأولى التي يُعطي فيها القانون الأولوية بشكل صريح للمساواة بين الجنسين وهو ثمار جهد المؤسسات الرسمية ممثلة في الرئاسة والبرلمان وخبراء من الحكومة وممثلين للأحزاب السياسية ووسائل الإعلام والمجتمع المدني (9).
الولايات المتحدة الأمريكية تخصص 24 مليون دولار دعما لإجراء انتخابات مستقرة
دعما لاستقرار الكونغو الديمقراطية ومن إجراء الاستعدادات الكافية تفاديا لأي تداعيات محتملة استبقت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم بلغ 24 مليون دولار خصصته لتعزيز الشفافية وإدارة الانتخابات وحسب المسؤولين الأمريكيين أن هذه الميزانية ستكون من أجل تشجيع وتحسين التثقيف المدني للناخبين وتمكين قطاعات النساء والشباب من المشاركة الفاعلة في الانتخابات ومساعدة المجتمعات المهمشة لفهم العملية السياسية، والانخراط فيها خاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها وهذا يدعم الالتزام المشترك بمشروع الشراكة المميزة من أجل السلام والازدهار التي وقعها الرئيس الحالي أثناء زيارته إلى واشنطن في 2019، حيث اصبحت الولايات المتحدة شريكا ثابتا للكونغو وتتمتع بالأولويات في تعزيز المعادن الحيوية التي تحتويها الكونغو مقابل وفاء الأخيرة بالإصلاحات على أن تدعم الولايات المتحدة الاستقرار ودعم الحكومة الكونغولية في جهودها لتحقيق الاستقرار وتوطيد السلام (10).
الكنيسة البروتستانتية على خط انتخابات 2023
ظلت الكنيسة البروتستانتية في جمهورية الكونغو الديمقراطية تلعب دورا رئيسيا في الشأن السياسي بتدخلها كثيرا باعتبارها صاحبة أغلب المسيحيين حثي يتبعها ما يزيد على نصف سكان البلاد وقد نشرت في انتخابات 2018 أكثر من 40 ألف مراقب وهو رقم ربما يوازي أو يزيد عن جملة مراقبي مؤسسات المجتمع المدني الأخرى.
تشدد الكنسية البروتستانتية في الكونغو على أهمية الالتزام بعقد الانتخابات في موعدها دون أي تأجيل، وتضع الكنيسة خطوطا عريضة تمثل خارطة طريق للانتخابات. وترى الكنيسة المسيحية عن اهمية العمل عبر الأنشطة التعبوية لإعداد السكان حول الانتخابات وستعمل الكنيسة للإعداد على عدد من المسارات:
1- إنشاء فرق ومجموعات عمل في الجامعات والمدارس الثانوية حتى في المناطق النائية عن المدارس
2- محاولة الترويج لمشروع الاصلاح وتمليكه لجميع المواطنين حتى يكونوا على درجة كافية بالوعي بها.
3- أن يقوم البرلمان بإصلاحات عاجلة لقانون الانتخابات الذي يحكم اللجنة الانتخابية
كما ترى الكنيسة أهمية تعيين افراد جدد في المجلس الانتخابي قبل الإصلاح (11)
تصاعد التوترات ومخاوف من التلاعب في الانتخابات
وقبل وقت طويل من الانتخابات في 2023 بدأت الشكوك وتبادل الاتهامات بين التيارات المتنافسة وبرزت مطالب الأطراف المعارضة بتغييرات رئيسية في الجنة الوطنية للانتخابات، كما ظهرت الاحتكاكات وأعمال العنف بين أنصار الرئيس تشيسكيدي والمنافس الرئيسي على الرئاسة مارتن فايولو والتي تحولت إلى أعمال عنف بين الطرفين، ويطالب فايولو والمعارضة بضرورة التعجيل بتعيين رئيس لجنة الانتخابات وعدم تسييسها حتى تكون الانتخابات ذات مصداقية وضغطت بعض التيارات بضرورة أن يكون الرئيس الجديد من الكنيسة البروتستانتية التي تمثل أغلب مسيحيي الكونغو الديمقراطية، تفاديا لأي تزوير محتمل في الانتخابات القادمة، وتعهد فايولو بتكوين تكتل سياسي للضغط على الرئيس تشيسكيدي من أجل انتخابات حرة ونزيهة.
في أكتوبر 2021 وافقت الجمعية الوطنية في الكونغو على تعيين رئيس جديد للجنة الوطنية للانتخابات في البلاد، في الوقت الذي بدأت المعارضة بالتظاهر المبكر تطالب بمعالجة الخلل في اللجنة الانتخابية الوطنية.
أظهر استطلاع للرأي صدر مؤخرا تم إجراؤه بواسطة مجموعة الكونغو للأبحاث ومقرها جامعة نيويورك ومعهد استطلاعات الرأي الكونغولي أظهر نقصا واضحا ومتزايدا في الثقة في المؤسسات الديمقراطية في البلاد، حيث افاد أن 40% فقط من الكونغوليين سيصوتون في الانتخابات المقبلة مقارنة ب 67% في وقت سابق وبأغلبية ساحقة ب 97% في 2018 (12)
بروفة الانتخابات المحلية في 2021
جرت انتخابات محلية في المقاطعات في منتصف 2021 في الكونغو فيما اعتبرها المراقبون على أنها بروفة للانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة في 2023، وقد اكتسح الائتلاف المعروف بالاتحاد المقدس للأمة والمعروف اختصارا ب (SUN) وهو الائتلاف الحاكم والذي فاز بحكام 11 مقاطعة من مجموع 14 مقاطعة جرت فيها الانتخابات، بينما فازت الجبهة المشتركة للكونغو بقيادة الرئيس السابق جوزيف كابيلا بمقعد واحد، وثلاث مقاعد للنساء، ويتحسب المنافسون الرئيسيون على عزمهم لإزاحة الرئيس الحالي تشيسكيدي الذي يسعى لولاية ثانية ويشتكي معظم النشطاء من الفساد الكبير في الانتخابات المحلية ما سيكون له تأثير أكبر في الانتخابات القادمة ويقول مراقبون أن عدد من النواب المحليين حصلوا على الآلاف من الدولارات كشرط للمشاركة والتصديق على مرشح محلي معين كما تحدث الكثيرين عن شراء السياسيين للضمائر بغية السيطرة على المقاطعات (13).
مرشحو انتخابات 2023
تشتعل الساحة السياسية في الكونغو الديمقراطية مبكرا لأهمية الانتخابات القادمة في 2023 عندما أعلن الرئيس الحالي تشيسكيدي نيته الترشح لولاية ثانية، بدأ عدد من المرشحين استعدادهم لدخول السباق المبكر(14):
1- جوزيف كابيلا الرئيس السابق الذي حكم في الفترة بين 2006 و 2016 والذي يخطط للعدوة للحكم مرة أخرى
2- أوغستين ماتاتا رئيس الوزراء السابق (2012 ــ 2016) الذي فاجأ الوسط السياسي بإعلان ترشحه بعد اختتام مؤتمر حزبه: القيادة والحوكمة من أجل التنمية ويقدم نفسه على أنه سيعيد سيرة الزعيم باتريس إيمري لوممبا أول رئيس للكونغو الديمقراطية
3- مارتن فايولو زعيم حزب المشاركة من أجل المواطنة والتنمية وهو المرشح السابق الذي خسر أمام الرئيس تشيسكيدي
4- أدولف موزيتو وهو زعيم الائتلاف المعارض المعروف ب “لاموكا” ورئيس حزب “نوفيل إيلان”
5- مويس كاتومبي وهو الحاكم السابق لمقاطعة كاتانقا وهو منافس قوي على الرغم من التهم الموجهة إليه باعتباره يحمل جذورا أجنبية. وغيرهم من المرشحين الذين قد يبدوان رغبة في الترشح في الفترات المتبقية.
خاتمة
في ظل التقاطعات الحادة بين الفاعلين المحليين مع عدم التوصل إلى تسوية سياسية داخلية وهواجس دول الإقليم الأمنية والأطماع الاقتصادية لها وحضور كثيف للأجندة الدولية يبدوا أن الوضع في الكونغو الديمقراطية سيظل محافظا على مستوى عال من التوتر والاحتكاكات وتكرار الأزمات، رغم وجود قوات حفظ السلام الدولية والمحاولات التي تبذلها مجموعة دول شرق إفريقيا التنموية وإنشاءها قوة لحفظ الأمن إلا أن مناخ الاستقرار بحاجة إلى وقت وجهود ونوايا واسباب موضوعية وذاتية، فهل سيتمكن الرئيس تشيسكيدي قيادة الكونغو إلى انتخابات حرة ونزيهة تقود البلاد نحو الاستقرار وتجاوز عهود الفوضى والاحتراب من خلال احترام الجداول الزمنية للانتخابات وبتاء توافقات سياسية تحفظ توازن القوى واحترام القوى المنافسة وحقها في السلطة والثروة.
المراجع
-
Staff, political and economic consequences un the DRC, Brazilian army general command college, Riode Ganero, 2014.
-
Dieudonne Tshiyoyo, DRC. Roadmap to political transition, 2006, www.eisa.org
-
Accord, elections in the Democratic Republic of the Congo,2nd sep.2019, www.accord.org.za
-
Chelo Kapts, the instability of political and administrative institutions in DRC.Central China Normal University,feb. 2019, www.scirp.org.
-
Koen Vlanssenroot, Armed groups Militias in Eastern DRC. The Nordic Africa Institute, www.diva-portal.org
-
Patrick Ilunga, DRC. On United Nation`s watch list a head of general elections slated for 2023, 10.10.2021, www.theeastafrican.co-ke
-
Controversial Congolise Nationality law debates a head of the 2023 elections, Aug. 2021, Report lansing institute, www.lansinginstitute.org
-
DEMOCRATIC Republic of Congo`s women Representations quotas, march 2008, www.eisa.org
-
The president of DRC. Promulgates a law that promote gender equality in the upcoming elections, July 2022, www.jhr.ca
-
Staff, Elections of DRC. US provides 24 million dollars for comprehensive poll, Aug. 2022, www.zambiandigest.com
-
Luis Tato, DRC. Protestant church publishes Roadmap for the election 2023, Teller Report, 28.03.2021, www.tellerreport.com
-
Ida Sawyer, la tension monte RD Congo, a Cause da la remise, en question de la Credibilities des prochainses election, Africa up close magazine, 22.10.2021, www.welsoncentre.org
-
Ikaba Koyi, DR Congo: Provincial elections address a rehearsal for 2023 polls, 10.05.2022, www.aljazeera.com
-
Khalid Almouhidi, DRC candidates for 2023 presidential elections are coming out, medafric, may 2022, www.medafrictimes.com