محمد صالح عمر ــ مدير أفروبوليسي
تعتبر الانتخابات النيجيرية التي جرت يوم 25 فبراير 2023 انتخابات حاسمة ومهمة يصفها المراقبون باعتبارها من أهم انتخابات هذا العالم على مستوى إفريقيا والعالم بما تحمله من أهمية بالغة على مستويات مختلفة
على المستوى المحلي
تأتي انتخابات 2023 في مرحلة مفصلية تواجه فيها نيجيريا تحديات حرجة على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني والاجتماعي.
سياسيا فشلت الحكومات المتعاقبة تحقيق تقدم في الانسجام الوطني وما تزال الخلافات السياسية تعصف بالبلاد لدرجة استئناف الانفصاليين دعوتهم للانفصال، فضلا عن فقدان الثقة في النظام الفيدرالي الذي تبتنه البلاد لعيوب في التطبيق كما يصفه النيجيريون.
وعلى المستوى الاقتصادي تواجه نيجيريا ركودا غير معهود مع ارتفاع الديون إلى سقف 200 مليار دولار وهو ما جعل الناتج القومي مقابل خدمة الديون وليس مقابل التنمية، مع اعتماد البترول على الدخل القومي بنسبة 90% وهو ما تسبب في ارتفاع نسبة الفقر فيها إلى درجة غير مسبوقة وصلت نسبتها 63% في بلد يصنف المصدر الأول للبترول في إفريقيا، يضاف إلى ذلك ارتفاع نسبة العطاله إلى 37% لدرجة أخرجت 50% من شباب نيجيريا الذين يمثلون ما يزيد على 60% من السكان إلى مربع العاطلين عن العمل، مما دفعهم للبحث عن مخرج عبر تغيير قيادة البلاد.
هذا غير الخلافات العرقية والدينية والإقليمية التي تتفاقم يوما إثر آخر، كل هذا قاد إلى نشوء جماعات مسلحة متفلته أصبحت من الفاعلين السياسيين مثلها مثل أجهزة الحكومة تمكنت من خلق واقع معقد تتشابك فيه المشكلات..
على المستوى الإقليمي
جرت الانتخابات في نيجيريا في ظل تراجع واضح للديمقراطية في منطقة غرب إفريقيا فقد شهدت المنطقة انقلابات وانقلابات مضادة، في عدد من الدول، ما أعطى أهمية بالغة لنجاح الانتخابات النيجيرية أو فشلها فنيجيريا تعتبر صاحبة الاقتصاد الأكبر في إفريقيا، والكتلة السكانية الأكبر كذلك حيث تجاوز السكان 215 مليون نسمة، وتشهد في السنوات الأخيرة نشاطا متزايدا للجماعات المسلحة المحلية منها والإقليمية، إضافة إلى تزايد الصراعات الإقليمية في المنطقة ما يرفع أهمية الاستقرار وانتخابات 2023 على وجه التحديد.
على المستوى القاري والدولي
تأتي أهمية انتخابات نيجيريا هذا العام ومنطقة الساحل الإفريقي والصحراء الكبرى تشهد تنافسا بين القوى الدولية بين الفاعلين الدوليين ( الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية) عسكريا واقتصاديا وسياسيا إضافة إلى الدول الصاعدة مثل تركيا وإيران، وما يمثله ذلك بالنسبة لإفريقيا والعالم بحسبان الثقل الذي تتمتع نيجيريا على مستوى القارة الإفريقية والعالم سياسيا واقتصاديا وديمغرافيا.
وعلى الرغم من التوقعات التي تنبأت بفوز بولا تينوبو مرشح الحزب الحاكم إلا أن رغبة الشباب تعتبر قوية وجامحة وملحة في التغيير وهو ما دلل عليه الإقبال الكبير على التسجيل ومن ثم الحشود الكبيرة في طوابير الاقتراع حيث شكل الشباب ما يقرب من 70% من الناخبين وزيادة أصواتهم في انتخابات هذا العام بحوالي 12,5 مليون ناخب جديد. فهل نحن على موعد مع التغيير أم ستُحكِم تقاليد الحزبين الكبيرين قبضتها مرة أخرى على مقاليد الحكم في نيجيريا.