محمد صالح عمر | المدير العام للمركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات
مقدمة
في الخامسة من صباح يوم 24 أغسطس 2022 اندلعت جولة حرب جديدة بين الحكومة الإثيوبية وقوات دفاع التقراي في بلدة كوبو بعد هدنة استمرت خمسة أشهر وسرعان ما توسعت شرقا وغربا وشمالا في جولة لا يستطيع أحد التكهن بمداها، تتهم الأطراف بعضها البعض بخرق الهدنة، ووقف إطلاق النار.
هدنة مارس وتكتيكات الأطراف
في مارس 2022 تم التوصل إلى هدنة إنسانية بعد لقاء سري بين الجنرالين الكبيرين الجنرال تسادقان من طرف التقراي والمشير برهانو قولا القائد العام للجيش الإثيوبي في جزر سيشل لإفساح المجال أمام حرية وصول المساعدات الإنسانية لأولئك المحاصرين في إقليم التقراي والذين في حاجة ماسة إليها وقد اعتبرتها الحكومة إجراءات استثنائية لإنقاذ الأرواح وخفض المعاناة الإنسانية بشرط التزام قادة التقراي بالامتناع عن الأعمال العدوانية الجديدة والانسحاب من المناطق التي يحتلونها في المناطق المجاورة للتقراي، ولكن ما ظهر للعيان هو أن الطرفين استغل الهدنة لمزيد من الاستعداد للحرب، وفي سباق مع الوقت، فكانت الطائرة التي أسقطتها الدفاعات الإثيوبية بتهمة أنها كانت تنقل أسلحة للتقراي ومن جهة سمتها إثيوبيا الأعداء التاريخيين دون أي تفاصل أخرى، لتبدأ جولة أخرى من الحرب المدمرة.
ما هي أبرز المساعي في مسار الحلول السلمية
المحاولة الأولى:
بعد اندلاع الحرب بأسبوعين في 2020 عين رئيس الإتحاد الإفريقي آنذاك رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا لجنة مكونة من ثلاث رؤساء سابقين وهم: جواكيم البيرتو شيسانو رئيس موزمبيق السابق ومدام إلين جونيون سيريليف رئيسة ليبريا السابقة وكجالينا موتلانتي رئيسة جنوب إفريقيا السابقة تمثلت مهمتها الأساسية في إنهاء الأعمال العدائية وتهيئة الظروف لحوار وطني شامل لحل جميع القضايا التي أدت إلى الصراع وإعادة السلام والاستقرار إلى إثيوبيا، ولكن لم تجد صدى لدى الأطراف ولم تحرز أي تقدم يذكر.
بداية الجهود الدولية
بذلت الدبلوماسية الدولية جهودا كبيرة في محاولة لاختراق تمنع الأطراف من الجلوس على طاولة التفاوض والحل السلمي فالولايات المتحدة الأمريكية عينت مبعوثا خاصا للقرن الإفريقي( السفير جيفري فليتمان) وكذلك فعل الاتحاد الأوروبي بتعيين السيدة آنيت ويبر، ولم يكتب النجاح للمحاولات الأولى بل وربما أخفقت الجهود الأولى ودخلت في خلافات مع الحكومة الإثيوبية خاصة في ظل تداخل الأجندة وتقاطعها كثيرا، ما اضطر الولايات المتحدة من استبدال السفير بآخر وهو ديفيد ساترفيلد والذي لم يمكث طويلا وسرعان ما استبدل بالسيد مايك هامر وهو ما يفسره المحللون بصعوبة ما يواجهه المبعوثين في ملفات المنطقة والحرب في التقراي على وجه الخصوص بسبب تصنيف موقف الولايات المتحدة لصالح التقراي
محاولات الإتحاد الإفريقي
وسط المواجهات الساخنة والحرب الطاحنة في 2021 عين الاتحاد الإفريقي مبعوثا خاصا لملف الحرب في التقراي وهو الرئيس النيجيري السابق أولسيغون أوباسانجو والذي قام بجولات مكوكية تمكن في بعضها الوصول إلى عاصمة إقليم التقراي ولكن لم يتمكن من جلب الأطراف إلى مفاوضات مباشرة ولا غير مباشرة وبعد جهود مضنية وبدعم دولي وإقليمي وافق الطرفان على التفاوض مع وضع شروط تعجيزية هي أقرب للرغبة في استمرار الحرب أكثر منها اللجوء الصادق للتفاوض السلمي.
ويمكن تلخيص فشل المحاولات الدولية والإقليمية الأولى في الحل السلمي على النحو التالي:
– الحكومة الإثيوبية رفضت المبادرة الأمريكية باعتبارها جهة غير محايدة وتتهمها اثيوبيا بدعم جبهة تحرير التقراي وتتمسك إثيوبيا بالوساطة الإفريقية دون تدخل من أحد.
– جبهة تحرير التقراي رفضت التجاوب مع وساطة الإتحاد الإفريقي باعتبار ان الإتحاد الإفريقي ليس جهة محايدة بل مؤيدة للحكومة الفيدرالية وبالتتالي يعتبر أوباسانجو في نظر التقراي جهة غير نزيهة وغير محايدة ولا يصلح ان يكون وسيطا فضلا عن اتهام التقراي لأوباسانجو بانه قريب من رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد وتطالب إشراك جهات وضامنين دوليين وهو ما ترفضه حكومة ابي أحمد.
– الشروط التعجيزية التي طرحتها الأطراف المتصارعة خاصة وأن كل طرف كانت تتملكه القناعة بحتمية انتصاره وتحقيق تفوق كاسح.
– وجود داعمين رئيسيين لإثيوبيا وخصوم الولايات المتحدة الأمريكية يبقي جذوة الصراع محتدما يغذي عناصره ( الصين وروسيا)
تجديد المبادرة الإفريقية
– في يونيو 2022 جدد الاتحاد الإفريقي عبر مبعوثه لملف إثيوبيا عرضه للحل السلمي وأهمية التوصل لوقف دائم لإطلاق الناس بين الطرفين رغم تحفظات قيادة التقراي على الوسيط الإفريقي وتمسك الحكومة بالوساطة الإفريقية دون غيرها.
– في 27 يونيو أعلنت الحكومة الإثيوبية عن فريقها للتفاوض والمكون من 7 أعضاء بقيادة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الدكتور ديمقي مكونن وفي اليوم التالي أعلن السيد رضوان حسين عضو فريق التفاوض ومستشار رئيس الوزراء للأمن القومي استعداد حكومته لمحادثات السلام في أي وقت وفي أي زمان دون أي شروط مسبقة وقبل ذلك بأيام اصدرت قيادة التقراي بيانا أعربت فيه عن استعدادها للمشاركة في عملية سلام ذات مصداقية وحيادية ومبدئية.
– بذل المبعوث الإفريقي أوبا سانجو والمبعوثين الأمريكي والأوروبي جهودا حثيثة لجلب الطرفين إلى طاولة المفاوضات وعلى الرغم من ذلك لم يكتب لها النجاح، وكانت المواقف المتباينة حول من يجب ان يقود عملية السلام ومؤشر ذلك أن قيادة التقراي كانت قد نشرت رسالة مفتوحة في 13 يونيو عبرت فيها عن قلقها بشان قرب أوباسانجو من رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد وقدمت مقترحا بأن يكون الوسيط الرئيس الكيني أوهورو كينياتا وبدعم من الشركاء الدوليين ــ الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأروربي، الإمارات العربية المتحدة، الأمم المتحدة والإتحاد الأروربي، وهنا يصبح الاتحاد الإفريقي داعما وليس الوسيط الرئيسي وهو ما تعترض عليه إثيوبيا ولا تقبل أي جدال حوله.
جولة المبعوث الأمريكي الأخيرة
قام السفير مايك هامر بجولة أخرى في بداية سبتمبر الماضي إلى كل من إثيوبيا ومصر والإمارات العربية المتحدة واستمرت حتى 16 منه وهي ثالث جولة يقوم بها بعد تسلمه الملف من سلفه السفير ساترفيلد وتعتبر في نظر الكثيرين من المتابعين للنزاع في إثيوبيا من أهم الزيارات حيث قام السفير بمحاولة إحداث اختراق للمواقف المتصلبة لأطراف الصراع:
– تركزت الجهود على محاولات حمل الأطراف ــ الحكومة الإثيوبية وقيادة التقراي ــ إلى وقف الأعمال القتالية والقبول والمشاركة في إطار عملية محادثات سلام يقودها الاتحاد الإفريقي خاصة وأن الطرفين يؤكدان دائما على أنه لا توجد حلول عسكرية للحرب.
– كما بحث مع الحكومة الإثيوبية ما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة لدفع الجهود التي يقودها الاتحاد الإفريقي، وربما هي محاولة لتقييم المواقف الإثيوبية من الولايات المتحدة.
– تباحث مع مبعوث الاتحاد الإفريقي أوباسانجو وسفيرة الولايات المتحدة الأمريكية للاتحاد الإفريقي جيسي لابين كما التقى رئيس الإتحاد الإفريقي وعدد من المسؤولين في الأمم المتحدة بينهم الممثل الخاص للأمين العام حنا تيتة والمبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي أنيت وايبر والقائم بأعمال السفارة الأمريكية في أديس أبابا تريسي جاكوبسون وعقد جولة أخرى من المباحثات مع الطرفين في محاولة لإيصال الطرفين لوقف إطلاق نار دائم
– زار هامر مقيلي عاصمة إقليم التقراي والتقى بالمسؤولين هناك ولا حظ أن التقراي كانوا يستعدون لاستئناف القتال خاصة في حالة عدم عودة الخدمات الأساسية وهو ما يرونه شرطا لا زما لانخراطهم في عملية المفاوضات.
– وحسب الإيجاز الصحفي يلاحظ أن المبعوث الأمريكي لأول مرة يلتقي بعدد كبير من كبار المسؤولين في الحكومة الإثيوبية والاستماع إلى وجهة نظرهم وتطمينهم بأن الولايات المتحدة تعمل مع الحكومة وانها تتفهم وجهات نظرهم، وقد أشيعت معلومات منذ تعيين المبعوث الأول أن كبار المسؤولين كانوا يمتنعون عن مقابلتهم باعتبارهم مؤيدين لموقف التقراي على حساب الحكومة أو على الأقل يتعاملون مع الطرفين بنفس المستوى.
مبادرة الاتحاد الإفريقي المعدلة
يبدوا أن الجهود التي بذلها المبعوث الأمريكي مع عدد من الأطراف المنخرطة في الشأن الإثيوبي في جولة سبتمبر أثمرت ومكنت الوصول إلى إقناع الحكومة الإثيوبية بضرورة تجاوز عقدة الوسيط الأوحد والذي تصر علية ما مكن الاتحاد الإفريقي من تقديم دعوة جديدة وفي مكان جديد، حيث اعلن الطرفان موافقتها على وقف إطلاق النار وانهم سيقبلون بعملية سلام يقودها الاتحاد الإفريقي. أعلنت الحكومة الإثيوبية أنها مستعدة لإجراء محادثات غير مشروطة في أي مكان وأي زمان بوساطة الاتحاد الإفريقي كما جاء في بيان أصدرته قيادة جبهة تحرير التقراي أن حكومة التقراي مستعدة للمشاركة والانخراط في المفاوضات وبعث الدكتور تسافسيون قبري ميكائيل رئيس إقليم التقراي رسالة مفتوحة إلى مجلس الأمن الدولي يقترح فيها وقف إطلاق النار بأربعة شروط:
– رفع الحصار عن الخدمات الأساسية.
– وصول المساعدات الانسانية غير المقيد
– انسحاب القوات الإرترية تحت رقابة دولية
– العودة إلى حدود ما قبل اندلاع الحرب في 4 نوفمبر 2020 واقترح لجنة ذات مصداقية من الوسطاء الدوليين رفيعي المستوى. وهي جزء من شروط أوسع كانت قد اشترطتها قيادة التقراي في السابق.
محاولات مايك هامر في جيبوتي
في محاولة لكسر الجمود والبدء في الحوار المباشر توجه مسؤولون أمريكيون من بينهم المبعوث هامر إلى إقليم التقراي ثم إلى جيبوتي سرا عبر طائرة صغيرة في مبادرة أمريكية خالصة ولكن ربما بمستوى أدنى بهدف إحداث اختراق لحالة الجمود السائدة، ولكن حسب المصادر المطلعة فإن العقبات الأربعة كانت ماثلة أمام أصحاب المبادرة ( انسحاب القوات الإرترية، مصير غرب التقراي، رفع الحصار وإعادة الخدمات، لكن يبدوا أنه تم التفاهم على إمكانية البدء في الحوار في حال مشاركة الوسطاء الدوليين والمؤسسات الدولية. مع العلم بأن عدد من المصادر ذكرت أن الولايات المتحدة أجرت محاولات سرية أخرى في سيشل دون أن تؤكدها أطراف النزاع.
محادثات جنوب إفريقيا
وبعد محاولات عديدة هدفت إلى إيصال الأطراف لمحادثات مباشرة كان أغلبها سريا نجح المبعوث الأمريكي وبالاتفاق مع الاتحاد الإفريقي وعدد من الأطراف إقناع الطرفين بالجلوس في محادثات مباشرة وبعد توسيع فريق الوسطاء لتضم الرئيس الكيني السابق أورو كينياتا ونائبة رئيس جنوب إفريقيا سابقا فومزيل ملامبو انجوكا، وداعمين دوليين أعلنت الحكومة الإثيوبية موافقتها حيث وصف وزير الدولة للسلام فيها أن إعلان التقراي بالجنوح للسلام أمر حسن لكنه اصر على أنه يجب نزع سلاح ما يسمى بقوات دفاع التقراي قبل محادثات السلام ولم يشر بيان التقراي هذه المرة إلى شروط مسبقة وربما هذا ما تم الاتفاق عليه بعد مباحثات مع المبعوث الأمريكي وآخرين، وذكر أن شعب التقراي بحاجة إلى عملية سلام ذات مصداقية مع وسطاء مقبولين من الطرفين وكذلك بإشراف مراقبين دوليين وهي العقدة التي ستعطل بدء المفاوضات لا حقا.
تحفظات التقراي على هذه الجولة: عمدت قيادة التقراي إلى الإشارة إلى الأسباب التي أدت إلى عدم ذهابها إلى المفاوضات في عدد من النقاط:
تعترض قيادة التقراي على عدم وقف أعمال الحرب اثناء التفاوض كخطوة أولى وهو ما تم التوصل إليه في مباحثات جيبوتي وتقول أن الاتحاد الإفريقي لم يضمن هذه النقطة في الأجندةتعترض قيادة التقراي كذلك على عدم إجراء مشاورات مع الأطراف قبل البدء 1. في المفاوضات الرسمية لأهميتها كما انه عرف معمول به في الاتحاد
2. عدم الوضوح لدى التقراي ما إذا كانت إرتريا ستكون جزءا من المفاوضات أم لا خاصة وأن الوسيط الإفريقي أوباسانجو كان قد اقترح في الثالث من أغسطس الماضي
3. عدم التزام الاتحاد الإفريقي على الصيغة التي تم التوصل إليها وهو ضرورة وجود دور للأمم المتحدة والشركاء الدوليين بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي وغيرهما.
4. اهمية الضمانات الأمنية لقيادة التقراي عند السفر والعودة إلى الإقليم في ظل تواصل أعمال الحرب الدائرة.
أما طرف الحكومة الإثيوبية فقد نشر عددا من التوضيحات بعد ترحيبه بموافقة التقراي على المفاوضات تحت قيادة الاتحاد الإفريقي:
1. أن الجهات التي تقود محادثات السلام والتابعة للاتحاد الإفريقي وجهت دعوة رسمية لبدء محادثات السلام واعلنت موعدها ومكانها
2. دعوة الاتحاد الإفريقي الرسمية تتماشى مع الموقف السابقة للحكومة الإثيوبية
3. إن الحكومة الإثيوبية أعربت عن أن المحادثات ينبغي أن تتم بوساطة من الاتحاد الإفريقي فقط وأن تعقد دون أي شروط مسبقة
4. الحكومة الإثيوبية ما تزال ملتزمة باعتماد جميع التدابير الممكنة لحل النزاع بطريقة تضمن السلام الدائم والسلامة الإقليمية وستواصل التمسك بهذا.
5. حذرت الحكومة الإثيوبية من استخدام الوسطاء والأصدقاء أسماء من قبيل حكومة التقراي وأنه أمر غير مقبول فضلا عن كونه انتهاك للسيادة الوطنية الإثيوبية وقواعد النظام الدولي.
أين تكمن عقدة المنشار في ملف المحادثات
الدارس لتحليل سلوك وتعاطي الطرفين مع المبادرات والوساطات، منذ البداية يخلص إلى التالي:
– لا توجد أرضية مشتركة ولو بنسبة ضئيلة حول قضايا الخلاف بين الطرفين وهي العقدة التي لم يتمكن الوسطاء من العبور عليها وربما ستشكل في المستقبل أيضا عقبة كأداء.
– التباين في الطرح بين الوسطاء يشكل أحد العقد التي تستبطن جزءا من الصراع الدولي وظلاله في المنطقة.
– الوسيط : وهي أكبر العقد في الملف فالتقراي ينظرون إلى الاتحاد الإفريقي باعتباره منحازا إلى الحكومة الفيدرالية ولا يرون فيه وسيطا نزيها ولا محايدا ويطلبون إشراك أطراف أخرى مثل الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي والأمم المتحدة وهو ما ترفضه الحكومة الفيدرالية رفضا قاطعا باعتبار هذه المؤسسات منحازة إلى التقراي أيضا
– المنطقة المتنازع عليها في غرب التقراي وهي التي تشكل ربما أكثر من 50% من التفاهم حول ما تبقى من الأجندة إذا تم تجاوزها.
– خروج الحكومة الفيدرالية من التقراي كليا والسيطرة الكاملة للتقراي على الإقليم أحرج الحكومة لفقدان أي وسيلة للضغط على قيادة التقراي غير الحرب والعودة من جديد وبالتالي إتاحة إمكانية فرض بعض الشروط على الطرف الآخر وهو ما تحاول إنجازه الآن قبل الذهاب إلى أي مفاوضات مباشرة.
– الشروط التي قدمتها قيادة التقراي في الوقت الذي ترفض فيه الحكومة الفدرالية أي شروط في حال اتفق الطرفان على بدء المحادثات المباشرة، فضلا عن عقدة تصنيف الحكومة للجبهة الشعبية لتحرير التقراي كمنظمة إرهابية.
مستقبل الصراع في إثيوبيا على ضوء تعثر الحل السلمي
تختبئ خلف تأجيل المحادثات المباشرة في جنوب إفريقيا أسئلة كثيرة ربما تفسر ما حدث ويحدث وما يمكن ان تؤول إليه الأوضاع مستقبلا من بينها مثلا هل تتوفر القناعة والإرادة للأطراف المتصارعة بالحل السلمي أم هي استجابة للضغوط التي يتعرضون لها من الوسطاء أم هي مناورة من أجل التقاط الأنفاس لترتيب الأوراق من جديد، هل هناك اتفاق لدى الوسطاء من مختلف الشركاء على آليات الحل السلمي واتفاق على الأجندة، وهل حقيقة لا يملك المجتمع الدولي أو الدول الكبرى وسيلة لإيقاف هذه الحرب ، إذ أنه بعد التأجيل المعلن أو الفشل الذي حدث في حقيقة الأمر عادت الحرب أشرس مما سبق وبإصرار واضح من الأطراف على خوض معارك كسر العظم وصولا إلى فرض ما يراه الطرف المنتصر، ولم تجد نداءات الدول الست على رأسها الولايات المتحدة والتي اعلنت في بيان مشترك دعوتها لإنهاء الأعمال القتالية فورا والجلوس للمحادثات السلمية، أو دعوة مفوض الإتحاد الإفريقي إلى استئناف المحادثات المؤجلة في جنوب إفريقيا التي لم تجد أذنا صاغية لدى أطراف النزاع، الإجابة على هذه الأسئلة تفسر صيرورة الأحداث واتجاهاتها وربما مآلاتها في المستقبل القريب
تصاعد الضغوط مع احتدام الصراع
تصاعدت حدة القتال بين الأطراف بشكل غير مسبوق كأنما هناك سباق لتحقيق انتصار وتفوق مع تقارير تحذر من حدوث تجاوزات في حق المدنيين العزل وخسائر كبيرة في الأرواح من الأطراف المتقاتلة والتي توصف ربما بأنها ليست أقل من عدد القتلى في حرب عام 2000، وبالمقابل تصاعدت الضغوط على أطراف الصراع ، فالسيد موسى فقي مفوض الإتحاد الإفريقي دعا الأطراف إلى “إعادة الالتزام بالحوار” إشارة إلى المحادثات التي أعلن قبل أسبوع عن تأجيلها وانضم الأمين العام للأمم المتحدة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدلو الغربية التي تمارس ضغوطا كبيرة لإيجاد حل سلمي لما أسمته ” الحرب الكارثية ”
خاتمة
الوضع في إقليم التقراي يتجه إلى مزيد من التصعيد وسقوط مزيد من الضحايا، وربما يحمل مفاجآت في غياب الوساطات التي تملك مفاتيح الحل، فلربما يحتاج الاتحاد الإفريقي إلى أدوات أكثر فعالية وإلى التفكير الجاد في تغيير الوسيط الحالي وربما حانت اللحظة التي تفكر فيها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية إلى الضغط على الصين لتكون جزءا من حل متوازن بدلا عن الإصرار على الموقف الذي ربما يتسبب في مزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية في إثيوبيا التي ستجعل الصين أكبر الخاسرين وهو الجانب الأكثر حساسية بالنسبة لها، هذا إضافة إلى وضع حد للتدخلات الإرترية التي تفاقم الأزمة وتزيدها اشتعالا، وقبل هذا وذاك مراجعة الأطراف المتصارعة لمصفوفة أجندها من أجل مصلحة استقرار البلاد ووحدتها وتماسكها.