إعداد: فريق المركز
نظم المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات ندوة سياسية حول” جمهورية تشاد ما بعد الحوار الوطني الشامل ” وهي الندوة السابعة ضمن الندوات الشهرية التي ينظمها المركز. وقد تمت أشغال هذه الندوة بمقر الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات في إسطنبول بتاريخ 4 مارس/آذار 2023 ودامت قرابة ساعتين، شارك فيها عدد من الأكاديميين ومن المختصين في الشأن تشادي وشخصيات سياسية سودانية.
استهلت أشغال هذه الندوة بكلمة ترحيبية من الأستاذ محمد صالح عمر مدير المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات، والذي بدأ بشكره لضيف المركز والمتحدث الرئيس بالندوة الدكتور محمد النظيف يوسف وبحضور الندوة وقام بتقديم أهم المحاور التي طرحت في الندوة، رفقة فقرة تمهيدية للموضوع تعرف بأهم المراحل السياسية التي مرت بها تشاد.
افتتح الدكتور محمد النظيف يوسف وهو وزير سابق وأستاذ جامعي ومؤلف مثقف ورئيس مجلس إدارة المعهد العالي الجامعي للعلوم التطبيقية والإنسانية بتشاد، كما أنه شغل عديد المناصب الوزارية وشغل منصب مستشار لدى الرئيس تشادي السابق إدريس ديبي، وتطرق في بداية كلمه إلى أهمية الموقع الاستراتيجي لتشاد على مر التاريخ من الناحية الجغراسياسية ومن ثم انتقل إلى الحديث عن التغيير التاريخي الكبير الذي عرفته تشاد مع وفاة الرئيس السابق إدريس ديبي في أفريل 2021 بعد وفاته تمثل في اشتباكات مسلحة شمالي البلاد مع مجموعة مسلحة من المتمردين لتطوى بذلك صفحة حكم ديبي التي استمرت طيلة 30 سنة، حيث اعتبرها محمد النظيف أنها تحمل إيجابيات أكثر من سلبيات وخصوصا فيما يتعلق بالمجال التعليم والطب في تشاد، بالرغم من ثلاث عقود من عدم الاستقرار بالبلاد بسبب الجماعات المتمردة.
ومن ثم تناول الدكتور قضية تولية محمد إدريس ديبي ابن الرئيس السابق الحكم بعده التي اعتبرها الطيف السياسي المعارض في تشاد عملية انقلابية والتي تمت بتوافق من قبل جنرالات الجيش والبرلمان، وبعد تدخل كل من الرئيس الفرنسي والرئيس الموريتاني من خلالها عقد اجتماع مع المعارضة تشادية لإقناعها بهذه العملية، ليتم توقيع اتفاقية بين المعارضة والسلطة في تشاد ضمّ قرابة 70 حزب لحفظ الأمن والاستقرار في البلاد وتحولت منذ تلك اللحظة المعارضة إلى شريك في الحكم بتشاد.
وفي تناوله للحوار الوطني الشامل الذي مهدت له اتفاقية الدوحة، قال ان الحوار ضم كل المكونات السياسية والمعارضة في البلاد أي قرابة 1500 شخص شاركوا في الحوار وحوالي 225 حزب سياسي ما عدا جبهة التغيير والوفاق في تشاد المعروفة اختصارا بفاكت التي قاطعت الحوار. وأشاد الدكتور النظيف بمخرجات المتمثلة في:
1- تشكيل الهياكل الانتقالية:
* برلمان لا يقصي أحد (جامع لكل الأطراف السياسية في البلاد)، حيث تم اسناد 45 مقعد داخل البرلمان للحركات المسلحة.
* تعيين رئيس وزراء من المعارضة وتكوين حكومة شاملة للجميع معارضة سياسية ومسلحة.
* تمديد فترة الرئاسة لمحمد إدريس ديبي لقيادة المرحلة الانتقالية للبلاد لمدة عامين.
2- خارطة الطريق وتضم أربع نقاط كبرى:
* الدفاع والأمن والتماسك الاجتماعي والمصالحة الوطنية.
* العودة إلى النظام الدستوري (وضع دستور جديد)
* الحكم وسيادة القانون
* إنعاش الاقتصاد وتحسين الظروف المعيشية
وأكد على أن مخرجات الحوار تم الاشتغال عليها،
ففي النقطة الأولى تم وضع رئيس حكومة من المعارضة وإشراك المعارضة في البرلمان والحكم بصفة عامة، أما النقطة الثانية فيما يتعلق بخارطة الطريق فإن اللجان بدأت بالعمل في وضع الدستور وبدأ العمل في وضع مشاريع تنموية في البلاد حيث تزخر تشاد بثروات طبيعية كبرى بترولية وثروة مائية هائلة وثروة حيوانية وفلاحية، ولكن هنالك عقبات أمام المرحلة الانتقالية وأبرزها حسب الدكتور المظاهرة التي قامت في 20 أكتوبر 2022 التي سقط خلالها قرابة 50 قتيلا وأكثر من 300 جريح التي طالبت بتنحي الرئيس ديبي، وحسب تعبيره ساهمت هذه الحركة في ارباك المرحلة الانتقالية قليلا بسبب سقوط ضحايا فيها، ومع ذلك المناخ السياسي الداخلي في تشاد يسير بطريقة جيد جدا.
وفي تطرقه للسياسية الخارجية لتشاد أكد الدكتور أن العلاقات التشادية في حالة جيدة وحتى من ناحية الاتحاد الافريقي الذي توجس في البداية من العملية السياسية في البلاد إلا أنه في الأخير أصبح ينظر إليها بأنها ليست انقلاب، كما أن البرلمان الإفريقي أيضا يعترف بتشاد، كما أن تشاد حاليا محل اهتمام كبير من قبل القوى الإقليمية والدولية وقد نجحت الحكومة والديبلوماسية التشادية في التعامل مع كل هذه القوى واقناعها بنجاح الحوار الوطني الشامل في البلاد وأن العمل قائم حاليا ليكون الاستفتاء والدستور جاهزان خلال 24 شهر من تاريخ انتهاء الحوار وهناك دعم كبير من قبل هذه الدول لإنجاح المرحلة الانتقالية.
وأكد في ختام مداخلته على أن تجربة الحوار في تشاد، تجربة ناجحة وذلك بسب الإرث الذي تملكه البلاد في هذا المجال الذي انطلق منذ سنة 1993 واستمر حتى سنة 2022، حيث عقدت العديد من الحوارات الوطنية، بالرغم من النقاشات الحادة التي تحدث خلال الحوارات وتراشق بالتهم، إلا أن التشاديين عبر هذه التجارب الحوارية تولدت لديهم فكرة بأهمية للخروج من المشاكل والأزمات ولإقامة دولة ديمقراطية ومتجانسة يتعايش فيها الناس سواء بسواء.
وبعد انتهاء المداخلات الرئيسية، تم فتح باب أمام النقاش، ليتداخل الحاضرين بتساؤلاتهم وإضافاتهم حول الوضع الحالي بتشاد ما بعد الحوار الشامل، بحيث عملت مداخلات الحضور على مقاربة الموضوع من مختلف زواياه، وقدمت وجهات نظر مختلفة حول هذا الموضوع. وتم إعطاء الكلمة الأخيرة للمتحدث الرئيسي في الندوة للإجابة عن الأسئلة وتقديم كلماته وتعليقاته الختامية حول موضوع الندوة ولتفاعل مع الحضور والإجابة عن الأسلة الموجهة له.
وفي الأخير وجه مدير المركز بعض الأسئلة والتعليقات حول الموضوع وتوجه بالشكر لكافة الحضور من الباحثين والمهتمين بالشأن التشادي بصفة خاصة والإفريقي بصفة عامة