إصداراتتقدير موقف

شرق أفريقيا تحت المجهر (2): إريتريا وحرب التقراي.. الأسباب والمآلات؟

إريتريا … والوحل في حرب التقراي
الأسباب والمآلات؟

محمد صالح عمر

مسؤول وحدة الدرسات في الأفروبولسي

تتشابك العلاقات بين إريتريا وإثيوبيا وتتداخل إذ يربط بين البلدين تاريخ مليء بالتدافع تشكل عبر قرون طويلة غلب عليه طابع الهيمنة والاحتواء، والإلحاق وبالرغم من الوشائج التي كان يمكن أن تشكل عامل جذب للطرفين وتقارب بينهما إلا أن التدافع السلبي كان هو الملمح السائد لعلاقة البلدين، مع تأثيرات خارجية بين الفينة والأخرى تعيد رسم العلاقات وشكلها ومستواها وفقاً لتأثيرات الفاعلين.

علاقات طرفي الحرب في التقراي
(جبهة تحرير التقراي والجبهة الشعبية لتحرير إريتريا سابقا ـ الحكومة الارترية حاليا)
بدأت العلاقة بين الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا والجبهة الشعبية بتحرير التقراي منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين عندما كان الطرفين يناضل من أجل الحرية والاستقلال جمعهم النضال ضد الإمبراطورية الإثيوبية ولاحقا نظام الدرق الشيوعي الذي كان يقوده العقيد منغستو هيلي ماريام، وهنا يمكننا تلخيص أهم الملاحظات في هذه العلاقة:
1ــ لم تكن العلاقة بين الطرفين سلسة باستمرار فقد اعترتها عثرات كثيرة طيلة فترة النضال وصلت إلى درجة قطع العلاقات بين الطرفين، ولكن كان الطرفين يتجاوز العثرات أو الخلافات عندما يواجهان تحد أكبر يستهدف الطرفين، هذا ما يؤكده الطرفين.
2ــ ترعرعت جبهة تحرير التقراي داخل الأراضي الإرترية وقد قدمت الثورة الإرترية الكثير من الدعم والإسناد لها، تدريباً وتسليحاً وتأهيلاً وكان لهذا المجهود دور فاعل في إنجاز مرحلة إسقاط النظام في إثيوبيا في 1991.
3ــ برزت الخلافات إلى السطح مرة أخرى بعد منتصف التسعينيات ولكن هذه المرة وقد صارت الجبهتين حاكمتين حيث تطورت الطموحات وكبرت المتطلبات وتوفرت القوة ولم يعد التحدي المشترك قائماً، انتهت بأعنف حرب شهدها تاريخ المنطقة. ففي الحرب التي لم تستمر سوى أربعة أشهر سقط أكثر من 100 ألف قتيل من الطرفين، كان تأثيرها على إريتريا كبيرا ومدمرا
4ــ حكمت المحكمة الدولية حول مزاعم الخلافات الحدودية التي كانت ذريعة للحرب فقبل الطرفان الحكم ولكن رفضت إثيوبيا ترسيم الحدود بحجة أن هناك قضايا يجب أن تناقش قبل الترسيم وظلت العلاقات منقطعة إلى 2018 حين وصل رئيس الوزراء الجديد أبي احمد إلى الحكم وأعاد تطبيع العلاقات بعد وساطات إقليمية ودولية. وتم استئناف العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية من جديد.

التخلص من التقراي هدفاً مشتركاً 
يعتبر أبي أحمد وأفورقي أن تعبيد الطريق لعلاقات طبيعية بين البلدين بالضرورة يمر عبر إزاحة جبهة تحرير التقراي من الخارطة السياسية وقبل ذلك محاسبتها على ممارساتها على الفترة التي حكمتها في إثيوبيا وما تسببت فيه من أضرار معيقة بالنسبة لإريتريا طيلة الفترة التي أعقبت حرب 98 ــ2000 المدمرة والتي أعادتها سنوات طويلة إلى الوراء.

سرية الاتفاقات وسرية التنفيذ
بعد عدد من الزيارات التي تبادلها الطرفان عقدا عدداً من الاتفاقيات لا أحد يعرف طبيعتها ومشتملاتها وتفاصيلها ولم يعقد الطرفان مؤتمراَ لتوضيح الفصل الجديد في العلاقة بين البلدين ولم تعرض الاتفاقيات على أي مستوى حكومي في البلدين ما عرض الطرفين لانتقادات شديدة. لكنها لم تثن الرجلين من المضي قدماً في المخطط المرسوم، ولعل هذا يذكرنا بغموض الأجندة التي احترب حولها البلدين فيما يخص استخدام الموانئ والعلاقات الاقتصادية في 2000 وهي دوامة لا شك بأنها لن تفضي إلى علاقات صحية بين أطراف العلاقة في المنطقة بأية حال. لكن ما تؤكده الوقائع على الأرض هو أن الطرفين اتفقا على التخلص من جبهة تحرير التقراي وقيادتها واستبدالها.

لماذا يقاتل أفورقي في التقراي
ألحقت جبهة تحرير التقراي هزائم عسكرية ودبلوماسية وخسائر اقتصادية هائلة بإريتريا في حرب 2000 وفرضت عليها منطقة منزوعة السلاح داخل الحدود الإرترية بعمق 25 كلم مما يُخرج حوالي ربع مساحة البلد خارج سيادتها، إضافة إلى فرض عزلة دولية بسبب اتهامات التعاون مع جماعة الشباب المجاهدين في الصومال، وهو الذي كان يعتبر نفسه صاحب أفضال عليهم إبان فترة التحرير، وما ترتب على ذلك في الفترة التي أعقبت الحرب من تداعيات كارثية كانت ذات أثر بالغ على إريتريا على كافة مجالات الحياة:
1ــ الانتقام من جبهة تحرير التقراي باعتباره خصماً يستحيل التعايش معه والاقتصاص منها على ما ارتكبته تجاه إريتريا وما فرضته عبر المؤسسات الدولية من حصار وعزلة كان لها دور بارز في اعتبارها دولة منبوذة.
2ــ وجود عدد من فصائل المعارضة الارترية المسلحة والتي تشكل عنصر قلق لأفورقي وما يمكن أن تشكله من خطر مستقبلي على النظام في إريتريا خاصة وإنها مستضافة على أرض إقليم التقراي وظلت تتحرك وتناور وتنفذ العمليات العسكرية داخل إريتريا انطلاقا من التقراي، وحتى بعد تطبيع أبي احمد وتحجيم وجود المعارضة في إثيوبيا إلا أنها ظلت متواجدة بحرية في التقراي.
3ــ وجود ما يزيد على 100 ألف لاجئ إريتري في إقليم التقراي من مجموع نصف مليون لاجئ يتواجدون في إثيوبيا، وأغلبهم من الهاربين من الخدمة العسكرية والجيش وبتخوف أفورقي من كونهم خطر محتمل إذا أرادت التقراي استغلالهم وهي لا تتردد في ذلك.
4ــ كون إقليم التقراي بحكم الجوار والجغرافيا هو أسهل المنافذ للعبور من إريتريا إلى إثيوبيا ويجدون القبول والحماية حتى بعد أن منعت حكومة أبي احمد إعطاء الحماية للاجئين ظل التسرب كبيرا من إريتريا فكان لا بد أن تضع الحكومة الارترية حدا (تفيد تقارير تابعة للأم المتحدة في 2018 أن حوالي 270 ألف لاجئ استفادوا من فتح الحدود وعبروا إلى أثيوبيا ولم يعودوا وهو رقم كبير بكل المعايير.

الاستعداد للمعركة
يتفق المراقبون للأوضاع في المنطقة على أن الرئيس الإريتري أسياس افورقي هو مهندس المبادرات والذي يقف وراء كلما يجري فيها منذ منتصف 2018 كما تحملت إريتريا الجزء الأكبر من الإعداد للمعركة قبل وقت ليس بالقصير إذ تفيد تقارير عديدة بأن الرئيس الإرتري استغل جائحة الكرونا وعمد إلى أطول إغلاق كلي تجاوز العام في بلد لم تتجاوز عدد الإصابات فيه 100 إصابة، مع علمنا أن إريتريا بلد مغلق ومعزول لا يخرج منها أو يدخل إليها إلا الرئيس وبعض المتعاملين معه.

شهدت هذه الفترة إكمال لما له صلة بالحرب في التقراي من حيث التنسيق ونقل القوات الخاصة الإثيوبية إلى إريتريا وإعدادها للهجوم من خلف الحدود الإرترية كما تم إدخال كل الدعم اللوجستي الخاص بذلك عبر المنافذ الإرترية، تم كل هذا في سرية تامة، كما تم إعداد القوات الإرترية بمختلف قطاعاتها للحظة الحاسمة.

إريتريا في قلب معركة التقراي

في الخامس من نوفمبر أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي حملته العسكرية المنسقة مع حليفه افورقي في الحملة التي أطلق عليها إنفاذ القانون فيما يراها افورقي فرصة لتصفية حسابات قديمة طالما انتظر لحظتها واهتبل فرصتها التاريخية التي منحها له أبي احمد على طبق من ذهب، وانخرطت إريتريا في الحرب منذ أيامها الأولى رغم النفي الذي صاحب ذلك حتى جاءت الأدلة من أطراف دولية اضطر معها أبي بالاعتراف على مضض، وتثبت التقارير الدولية أن إريتريا انخرطت منذ اليوم الأول في الحرب لأن كل خيوط لعبة الحرب وخططها بيد الرئيس الإرتري وبالتالي فإن أي رفض للأمر أصبح غير ذي معنى.

ماذا حققت إريتريا من الحملة

ــ انتقم الرئيس الإريتري من حلفائه القدامى وخصومه الحاليين ونجح مع حليفه الجديد النيل من جبهة تحرير التقراي حيث تم قتل عدد من قيادات الصف الأول كما تم اعتقال عدد منهم وتبعثرت مراكز قيادتهم وتأثرت قوتهم كثيرا، خاصة وان استخدام الطائرات بدون طيار الإماراتية التي انطلقت من عصب الإرترية حيث القاعدة العسكرية الإماراتية حينها كان لها الدور الحاسم في تدمير الآليات الثقيلة للجبهة مما أثر في ميزان القوة في غير صالح التقراي.

ــ استباحت القوات الإرترية معسكرات اللاجئين الإرتريين في إقليم التقراي ومارست كل أنواع البطش والقتل الهمجي والاعتقال والإعادة القسرية إلى إريتريا ما يعني القتل بصيغ أخرى.

ــ نهبت القوات الإرترية وفق تقارير يصعب توثيقها من أطراف محايدة من المؤسسات الحكومية وحتى المؤسسات الإغاثية لم تسلم منها أما تدمير معسكرات اللاجئين فتقارير المفوضية السامية لشئون اللاجئين تفيد بأن المعسكرات تم محوها تماما

ــ وأهم من كل ذلك تمركزت القوات الإرترية داخل الإقليم وسيطرت على شمال الإقليم بالكامل وحتى المناطق القريبة من العاصمة ميقلي وترفض الانسحاب منه على الرغم من الرسائل الواضحة من أطراف دولية والمبعوثين الذين يترددون على المنطقة وعلى وجه الخصوص إثيوبيا ويبدوا أن الانسحاب قد يكون عسيرا لعدم تحقق أهداف الحرب على التقراي وهو القضاء على جبهة تحرير التقراي أو أي جهة تتصدر باسم التقراي لشئون الإقليم ضد حلفاء اليوم.

من ورط من في وحل التقراي؟

ذهبت اغلب التحليلات بأن مستوى الرغبة لدي الحليفين قد تكون متقاربتان مع بعض الفوارق في التطرف في الموقف فكلا الطرفين لديه الرغبة في التخلص من قياد ة التقراي ولكن الأمر عند افورقي أكثر إلحاحا لوجود تراكمات قديمة إضافة إلى القلق مما يمكن أن يتسبب فيه التقراي مستقبلا بالنسبة له ولكن يبدوا أن الرئيس الإرتري استدرج أبي احمد إلى معركته وربما مقابل بعض المكاسب فيما يخص مساعدته في إتاحة مجال في البحر الأحمر بناء القوات البحرية ومساعدته في تثبيت حكمه وتقديم الخبرات العسكرية والأمنية وغيرها من الاتفاقيات السرية بين الحليفين والتي تصب لصاح رسم أنظمة استبدادية تلتقي على القمع والدكتاتورية وحكم الفرد.

التدخل الإرتري: النتائج والمآلات

لم يعترف أبي أحمد بتدخل إريتريا إلا بعد أربعة أشهر من الحرب وتحت ضغوط أدلة دامغة أثبتتها جهات خارجية ولم تعترف إريتريا إلا بعد تقارير تحدثت عن انتهاكات زَعمت أن القوات الإرترية قد ارتكبتها وفي مقدمة هذه التقارير تقرير منظمة العفو الدولية المطعون في حياديته لكون معد التقرير أحد مواطني إقليم التقراي ولكن المهم هنا هو أن إريتريا ادعت أنها لم تتجاوز منطقة بادمي إلا أن الواقع يقول غير ذلك:

• أن المعارك الحاسمة في التقراي في كل من مدينة شيري وأكسوم وعدوا وعدي قرات وعداقا حموس وصولا إلى عاصمة الإقليم ميقلي خاضها الجيش الإرتري بنفسه وحسم معاركها.

• تتواجد القوات الإرترية في كل مناطق شمال إقليم التقراي وتكاد تهيمن على مدن الشمال كاملة وفق تقارير موثوقة حتى من قبل بعض أطراف الحكومة الإثيوبية وتقيم مواقع لتدريب القوات الإثيوبية وربما مليشيات موالية لها ولحكومة حليفها أبي أحمد.

• تحد تقارير في الفترة الأخيرة عن مصادر غربية ومعارضة إثيوبية أن القوات الإرترية لها انتشار في إقليم الأرومو مؤخرا بعد تصاعد العمليات التي شنها جيش تحرير الأرومو وكثف عملياته في مناطق تبعد 150 كلم فقط من العاصمة أديس أبابا، كما أكدت مصادر ارترية وأخرى سودانية أن القوات الإرترية تساند الجيش الإثيوبي في نزاع الفشقة مع السودان ومتواجدة بشكل واضح وفق تصريحات مسئولين سودانيين.

• بالرغم من النداءات المتكررة من الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي وتململ أجنحة كثيرة داخل إثيوبيا وعلى رأسهم الحكومة المؤقتة التي تم تنصيبها في إقليم التقراي إلا أن إريتريا لم تسحب جيشها، بل تفيد تقارير بأنه رفض وساطات نصحته بالانسحاب من فيهم الأمين العام للأمم المتحدة وان أبي أحمد ابلغ المجتمع الدولي بذلك وانه بحاجة إلى دعم دولي لتحيقي ذلك.

• تتسع مساحات العمل الميداني والعمليات العسكرية لقوات دفاع التقراي يوما بعد يوم ويتضح أن حجم الإقبال على الجبهة والالتحاق بها كبير واستطاعت نقل معركتها إلى داخل إقليم الأمهرا مما يدل على أن قدرتها على المناورة والكر والفر أصبح أكثر ترتيبا بحيث تختار أهدافها بعناية وبالتالي فإن أفورقي لم يحقق المراد، ولم تتضح بعد أسباب ما وراء هذا الإصرار.

• يتضح من سياق العمليات الميدانية في الأقاليم الثلاثة: التقراي والأرومو وبني شنقول إضافة إلى إقليم الأمهرا بأن جبهة تحرير التقراي استطاعت التنسيق بين الجبهات المقاومة في هذه الأقاليم وان زمام المبادرة في غالب الأحيان في يدها بالرغم من أنها ما تزال في طور حرب العصابات.

• من الصعب فهم التدخل الإرتري في حرب التقراي بدعوة من

دولة ذات سيادة لها جيش وقوانين ونظم، إذ انه كان يمكن فهم الدخول في حرب خاطفة في مناطق النزاع أو قريبا منها ولكن أن تحتل دولة أرض ذات سيادة وترفض إلا أن تبقى أمر مبهم وسابقة خطيرة ربما تفصح قادم الأيام عن أسراها وخفاياها والأكثر غموضا هو نوع الصمت المتعمد على مثل هذه التجاوزات من المحافل الإقليمية والدولية المعنية بالأمر والاكتفاء ببيانات التعبير عن القلق وعدم الرضا دون اتخاذ خطوات رادعة لكبح جماح المقامرين في منطقة القرن الإفريقي.

الخلاصات

ساد منطقة القرن الإفريقي تفاؤل كبير بعودة العلاقات بين إريتريا وإثيوبيا وبطريقة لم يتوقعها أكثر الناس تفاؤلا، خاصة وأن التسارع كان سمتها بعد جمود دام ما يقرب من 20 سنة، لكن الذي لم يدر بخلد أحد هو أن تكون عملية السلام بين البلدين ونيل رئيس الوزراء جائزة نوبل للسلام أن تكون الطريق ذوا الاتجاه الواحد والمفضي إلى حرب ربما ستغير الكثير مما استقر في أذهاننا من الجغرافيا والتركيبة الاجتماعية والسياسية في المستقبل.

1- ارتكب أبي احمد وأسياس أفورقي خطأ تاريخيا في التقراي إذ اعتقدوا أنهم إذا استطاعوا تصفية قيادة جبهة تحرير التقراي فسيمكنهم ذلك من السيطرة بسهولة على الإقليم ويتم إخضاعه وفات عليهم أن التقراي قد  يختلفون فيما بينهم ولكنهم يكادوا يجمعون على مكتسبات نضالاتهم الطويلة من أجل الاستقلال أو المشاركة على حد سواء عبر حكم فيدرالي يعطي الإثنيات حقوقها، فأعاد ثنائي الانتقام شعب التقراي إلى نقطة  المطالبة والنضال من أجل الاستقلال الكامل ولن يقبل التقراي بعد الذي جرى بأقل من ذلك وخير مثال لذلك استقالة رئيس الإقليم الذي عينه أبي أحمد بعد اقتلاع قادة جبهة تحرير التقراي وسيكون هذا ديدن كل من يتم تعيينه لاحقا كما أنه لن يستطيع تعيين حاكم من خارج الإقليم وهو المأزق بعينه.

2- حقق أفورقي بعض أهدافه بتشتيت معسكرات اللاجئين واعتقال وقتل المطلوبين لديه وأضعف خصومه في قيادة جبهة تحرير التقراي وإبعاد معارضيه من اتخاذ التقراي مسرحا لأعمالهم ولكن بلا شك خسر الكثير وأدخل نفسه في مأزق حقيقي يصعب تصور مآلاته وسيناريوهات التعامل معه، إضافة إلى أنه عمق الجروح بين الإرتريين والتقري وخلق عداوات لن يكون لها حل بسهولة في منطقة يشهد تاريخها على التشفي والانتقام المتبادل

3-يتضح من خلال تعامل أفورقي مع الأوضاع الراهنة في التقراي أنه يعتزم إبقاء قواته في إقليم التقراي لأنه لا بديل لها ويبدوا أن أبي أحمد مستعد للقيام بتقديم الغطاء السياسي والاقتصادي المطلوب، وهو ما يضع المجتمع الدولي أمام خيارات صعبة، فإذا لم تنسحب القوات الإرترية من التقراي فلس هناك خيار غير التدخل الذي سيكون على حساب بقاء اسياس أو أبي احمد ولا ثالث لهما.

4-إن الحرب قد تضعف الخصم لفترة مؤقتة ولكنها لا تحل المشكلة فأفورقي بدلا من حل المشكلة خلق فضاء أوسع لعدد كبير من المشاكل التي ستطارده وتطارد الشعب الإرتري من وراءه هذا غير الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي سيتحملها الشعب الإرتري جراء نزق هذا العجوز ومغامراته ومقامراته، وربما تتغير قواعد اللعبة ويتفكك تحالفه مع أبي والأمهرا ويتحمل وحده وزر الحرب الخاسرة في التقراي.

توصيات

1- الإرتريون هم المعنيون قبل غيرهم تجريم افورقي على ما ترتكبه قواته في إثيوبيا من انتهاكات لأبسط قواعد الحرب والاشتباك وما تتحدث عنه تقارير دولية اعترفت بها حتى لجنة ابي احمد لحقوق الإنسان لعزل ممارسات أفورقي بعيدا عن الشعب البريء وإدانته هو وأجهزة أمنه وهذا السلوك إنما يعبر عنه ويتحمله هو.

2- التحرك العاجل للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لتدارك الوضع في إقليم التقراي وعدم التقليل من شأن ما يمكن أن تفضي إليه التطورات السالبة لوضع حد للحرب في الإقليم لأنها يمكن أن تتوسع داخل إثيوبيا وخارجها لتصبح حربا إقليمية بامتياز، بالاعتبار من تاريخ المنطقة الذاخر بالحروب العبثية.

3- إن إحلال قوات من الإتحاد الإفريقي في الحدود بين البلدين قد يكون هو الحل مؤقتا لتطمين افورقي بعدم مهاجمة التقراي للأراضي الإرترية انتقاما وهو ما يمنعه الآن من الانسحاب، ولكن سحب الجيش الإرتري ضروري لحق الدماء ومنع انزلاق الأوضاع إلى حرب اشمل وأوسع.

 

أفروبوليسي

المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي) مؤسسة مستقلة تقدم دراسات وأبحاثاً حول القضايا الأفريقية لدعم صناع القرار بمعرفة دقيقة وموثوقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى