إعداد الباحث: أحمد صدقي اليماني
المقدمة:
تقع كينيا في شرق إفريقيا ، وهي من الدول التي لعب المستعمر البريطاني فيها دوراً كبيراً في تشكيل وعيها وكيانها السياسي والجغرافي ؛ فقد ظلت تحت الاحتلال البريطاني مدة ثمانين سنة ابتداءً من العام 1895م ، قبل أن تنعم بالاستقلال عام 1963 ، بعد فترة انتداب استباقية لم تتجاوز ستة أشهر ، ثار خلالها الكينيون ضد الحكم البريطاني، وعمل النظام السياسي المهيمن خلالها على تهيئة البلاد لهذا الاستقلال من خلال إعادة صياغة وتشكيل كبيرين للمؤسسات والقطاعات المختلفة.
وكانت كينيا في سنوات مبكرة مضت وخلال القرن العاشر قبل الميلاد ، قد استقطبت إليها جماعات بشرية من أجزاء مختلفة من القارة الإفريقية ، وهو ما جعلها لاحقاً إحدى الدول الإفريقية الزاخرة بالعرقيات والإثنيات والأطياف البشرية حتى اللحظة، الأمر الذي يلعب دوراً كبيراً في زيادة حدة مشكلاتها السياسية والاجتماعية والثقافية ناهيك عن المشكلات الاقتصادية والجغرافية ، تعقيداً وتوتراً ، خاصة مع ما يمثله اصطفافها الدائم مع المعسكر الغربي وبرغم انتماء كينيا في جزء معتبر منها إلى الثقافتين العربية والإسلامية، بالإضافة لثقافات أخرى أكثر محلية منها ثقافة غربية بمعطياتها الطامعة والمتطلعة .
مشكلة البحث وتساؤلاته: يهدف هذا البحث إلى تقديم تحليل سياقي لتجربة كينيا في مجال إثنية ـ عرقية الانتخابات من خلال الإجابة على أربعة أسئلة مطروحة بخصوص الوضع الكيني الراهن:
1. متى بدأ الصراع العرقي في كينيا ؟ هل للاستعمار يد باشتعال فتيل العرقية؟
2. ماهي إثنية الانتخابات ؟ وكيف كان الصراع الانتخابي في كينيا؟
3. كيف عالجت سياسات القيادة الكينية مشكلة الصراع العرقي في الدولة وخاصة في فترة الانتخابات؟
4. ما هو الوضع الحالي لاقتصاد كينيا وما طبيعة نظامها السياسي وكيف تسير علاقاتها الخارجية؟
إلى غير ذلك من أسئلة، تحاول هذه الدراسة استجلاء الخفايا من ورائها عبر قراءة بحثية للأوضاع الداخلية والخارجية ومآلاتهما في هذا البلد.
أهمية وهدف البحث: يكمن أهمية الموضوع في التعرف على طبيعة الوضع السياسي في كينيا ومعالجات القيادة السياسية في التغلب على الاحتقان السياسي، والاستفادة من التجربة الكينية في تجاوز الصراع العرقي مع تفنيد أسبابه البادئة من الاستعمار البريطاني حتى استخدام السياسيين العرقية كوسيلة للانتصار الانتخابي، مع بيان الوضع الاقتصادي والسياسي للدولة حاليًا، والاستلهام من التجربة الكينية لتطبيقها في مجتمعاتنا العربية بصورة عامة وبلادنا بصورة خاصة مع مراعاة الفروقات المجتمعية والبيئية وهذا هدف في حد ذاته يرجوه الباحث.
منهج البحث: يعد منهج البحث الأساس العلمي الذي يقوم عليه البحث، فلا يؤتي البحث ثماره إلا إذا سار وفقًا لمناهج علمية محددة، لذا اتبعت في هذا البحث المنهج الاستقرائي التحليلي، فوفقًا لهذين المنهجين نستطيع أن نعطي صورة جلية لموضوع البحث.
خطة البحث: للإجابة على الأسئلة المطروحة أعلاه، يستعرض المبحث الأول من الدراسة تاريخ كينيا السياسي والنزاع فيها وصولاً للمصالحة الوطنية ، وينقسم هذا المبحث إلى ثلاث مطالب، يتناول بمطلبه الأول الاستعمار في كينيا، ويعرض المطلب الثاني منه بداية الصراع العرقي في كينيا، ويبرز في المطلب الثالث آليات الدولة في مقاومة إثنية الانتخابات، أما المبحث الثاني فيستعرض النظام السياسي والاقتصادي في كينيا وسياساتها الخارجية، وينقسم إلى ثلاثة مطالب، يشير بمطلبه الأول إلى طبيعة ملامح النظام السياسي في كينيا، ويبرز بمطلبه الثاني الوضع التنموي للاقتصاد الكيني، ويركز بمطلبه الثالث إلى طبيعة سياسة كينيا الخارجية، ويقدم هذا البحث أيضا دروسا للبلدان الأخرى الخارجة من النزاعات، ويشدد بشكل خاص على الجهود المتضافرة التي تتطلبها عملية التوافق الوطني الناجحة والتي تبذلها الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في إطار استغلال الثقافة الملائمة للبلد، وذلك على النحو الآتي :
المبحث الأول : تاريخ كينيا السياسي والنزاع فيها وصولاً للمصالحة الوطنية
المبحث الثاني : النظام السياسي والاقتصادي في كينيا وسياساتها الخارجية
المبحث الأول
تاريخ كينيا السياسي والنزاع فيها وصولاً للمصالحة الوطنية
كينيا بلاد جبلية تتصل شمالا بإثيوبيا وجنوب السودان ، وجنوباً بتنزانيا ، وغرباً بـ بأوغندا وقسمٍ من بحيرة فكتوريا ، وشرقاً بالصومال ، وساحل المحيط الهندي ، وهي دولة تقع داخل الحزام الأفرو عربي ، ومن ثم فهي إحدى الدول الإفريقية المتأثرة حتماً بالثقافتين العربية والإسلامية ، هذا باستثناء تأثرها الثقافي المغاير والناتج عن حدودها مع السودان الجنوبي غير المسلم.
قبل وقت طويل من وصول المستعمرين البريطانيين، كانت أراضي كينيا الحالية مأهولة بثلاث مجموعات عرقية كبيرة، الكوشيون والنيليون والبانتو. كان البانتو من المزارعين المستقرين، أما النيليين فكانوا من الرعاة الرحل، لكن بعض المجموعات استقرت بالقرب من بحيرة فيكتوريا واشتغلت بالصيد والزراعة.
اليوم، يمثل البانتو أغلبية سكان كينيا، يليهم النيلوتيك، في حين يمثل الكوشيون أقلية صغيرة. انحدرت من هذه العائلات الكبيرة المجموعات العرقية المختلفة التي تعيش في البلاد حاليا. من جهتها، تعترف الحكومة رسميا بما مجموعه 45 مجموعة عرقية، على الرغم من أن بعض الباحثين يرجحون أن العدد قد يصل إلى سبعين مجموعة.
تشكل خمس مجموعات إثنية ثلثي السكان، الكيكويو (17.7 بالمئة من السكان)، وقبيلة اللوهيا (14.3 بالمئة)، وقبيلة الكامبا (9.8 بالمئة) وهم من البانتو، والكالينجيون (13.4 بالمئة)، واللوو (10.7 بالمئة) وجذورهم نيلية.
وقد تعرضت كينيا للاحتلال البريطاني بداية من عام 1895م، كانت البداية بألمانيا التي قامت باحتلال المناطق المحاذية للساحل والتي استولت عليها من سلطان زنجبار والذي كان الساحل الشرقي لكينيا يخضع لسيطرته، وبعد عدد من السنوات قامت بريطانيا بإعلان كينيا مستعمرة من مستعمرات التاج البريطاني. وتأسيسًا على ماسبق أرتأتينا تقسيم المبحث إلى ثلاث مطالب وهم:
المطلب الأول: الاستعمار في كينيا
المطلب الثاني: بداية الصراع العرقي في كينيا
المطلب الثالث: آليات الدولة في مقاومة إثنية الانتخابات
المطلب الأول
الاستعمار في كينيا
نتناول في هذا المطلب عدة محاور أساسية ، وفق الآتي :
الفرع الأول: بداية الاستعمار البريطاني في كينيا
الفرع الثاني: ظهور حركة ” ماو ماو “
الفرع الثالث: مرحلة بناء الدولة الجديدة
الفرع الأول
بداية الاستعمار البريطاني في كينيا[1]
تعرضت كينيا للاحتلال البريطاني بداية من عام 1895م، وعند وصولهم قام البريطانيون بإنشاء خط سكة حديد بين كمبالا، عاصمة أوغندا الحالية، والتي كانت في أيدي البريطانيين أيضا في ذلك الوقت، ومدينة مومباسا الساحلية في كينيا، وذلك لربط الأراضي والوصول إلى البحر.
أثناء إنشاء الخط، مرّوا في سنة 1899 بمرتفعات وسط البلاد، وأسسوا عاصمة الإقليم التي أطلقوا عليها بعد ست سنوات اسم نيروبي، وهو مشتق من التسمية التي أطلقها الماساي على نهر قريب، ويعني “المياه الدافئة”.
بعد 20 سنة، وفي سنة 1920، أصبح الإقليم رسميا مستعمرة بريطانية تحت اسم “كينيا”، وهو مشتق من اسم أعلى جبل في البلاد، جبل كيرينياغا، والذي لم يتمكن المستوطنون من نطقه بشكل صحيح، ومعناه لدى شعب الكيكويو “جبل البياض”.
بالإضافة إلى تسمية الدولة والعاصمة، كان للبريطانيين دور في التقسيم الإداري الحالي لكينيا، وخلق ما يسمى بـ“المحميات العرقية”، وهي مناطق متجانسة عرقيا مصممة للسيطرة على الأقاليم وتجنب أعمال الشغب.
وقع فصل المجموعات العرقية المختلفة وحصرها في مناطق نادرا ما كان بإمكانهم مغادرتها. بهذه الطريقة، قسّم البريطانيون المجتمع وكرّسوا الفكر القبلي.
ولم يتمتع الكينيون الأصليون بنفس الحقوق السياسية والاجتماعية التي كانت متاحة للمستعمرين البريطانيين. حيث تم تحييد الكينيين عن عملية صنع القرار ومنعهم من ممارسة حقوقهم الأساسية.
وبشكل عام، يكمن التأثير الأكبر للاستعمار البريطاني لكينيا في استغلال الأرض. سيطر البريطانيون على الأراضي الكينية، وفي سنة 1934 كان ثلث المساحة القابلة للزراعة تحت أيديهم، على الرغم من كونهم يمثلون 0.25 بالمئة فقط من السكان. أجبر الاحتلال البريطاني، والذي كان يقوم أحيانا بعمليات تهجير قسري للسكان المحليين، الجماعات العرقية على الانتقال إلى مناطق أقل خصوبة أو احتلال أراضي مجموعات عرقية أخرى. كما قام الاستعمار البريطاني بتعزيز اقتصاد استنزافي في كينيا يهدف إلى استغلال الموارد الطبيعية بدون مراعاة للبيئة أو للعمالة الكينية. تم تجاهل احتياجات السكان المحليين وتجاهل تطوير قطاعات الصناعة المحلية.
وإضافة إلى تركهم بلا أرض وتهجير مئات الآلاف، خلق الاحتلال صراعات عرقية. احتل شعب الكيكويو على سبيل المثال أراضي الماساي، وهو ما جعل هذه المجموعة التي تمثل الأغلبية في كينيا منبوذة من بقية الإثنيات. بالإضافة إلى ذلك، خلق البريطانيون انقساما في صفوف قبيلة الكيكويو نفسها ما أدى إلى ظهور نخبة حافظت على وجودها حتى اليوم. ومع الأزمة الاقتصادية في ثلاثينيات القرن العشرين، أضطر البريطانيون إلى تحديث الزراعة المحلية لدفع تكاليف النظام الاستعماري من خلال بيع المنتجات الزراعية. استفاد من ذلك بعض مالكي الأراضي من الكيكويو.
الفرع الثاني
ظهور حركة ” ماو ماو ” [2]
أدت معاملة البريطانيين السيئة للسكان المحليين إلى تولد الشعور القاسي بالاضطهاد؛ فبعد أن خدم الجنود الكينيون في صفوف الجيش البريطاني، بعد رجوعهم وجدوا أن السلطات الاستعمارية قد استولت على بيوتهم وأراضيهم وأعطتها كمكافأة للجنود البريطانيين العائدين من الحرب، هذا بالإضافة للعديد من مظاهر القهر التي تعرض لها الشعب الكيني، من انتزاع أراضي المواطنين ومنحها للبيض وفرض الضرائب العالية، أدى ذلك إلى تأسيس أول اتحاد يطالب بالاستقلال، وهو الاتحاد الأفريقي الكيني في سنة 1944، وبعدها تأسست ميليشيات من شعب الكيكويو تنتمي للاتحاد تُعرف بـ حركة ماو ماو.
ابتداءا من سنة 1952، هاجم الماو ماو المستوطنين بهدف إسقاط الحكومة البريطانية. في الحقيقة، دعمت الغالبية العظمى من قبيلة كيكويو الحركة، لكن نخبة صغيرة رفضت العنف وبقيت موالية للنظام الاستعماري. استمر تمرد حركة ماو ماو ثماني سنوات، وأسفرت عملية الرد على المقاومة عن مقتل حوالي 11 ألف من شعب الكيكويو حسب الإحصائيات الرسمية، على الرغم من أن اللجنة الكينية لحقوق الإنسان تؤكد أنه وفاة ما لا يقل عن 90 ألف شخص واحتجاز 160 ألف آخرين.
استولى البريطانيون على ممتلكات المتمردين وتنازلوا عنها فيما إلى مجموعات الكيكويو الموالية لبريطانيا. عندما تم إطلاق سراحهم من السجون، تُرك المتمردون بلا أرض وأجبروا على الهجرة أو العمل مع قبيلة كيكويو.
من بين المعتقلين في ذلك الوقت، جومو كينياتا، وهو أحد قادة الإتحاد الإفريقي الكيني. بعد الحرب العالمية الثانية، وتجربة حركة ماو ماو، حاول البريطانيون التوصل إلى اتفاق مع الكينيين المعتدلين ومنحوا كينيا آنذاك الاستقلال في الثاني عشر من أكتوبر 1963م.
وفي السنة ذاتها، أجرت كينيا أول انتخابات لها باعتبارها دولة مستقلة، وأصبح جومو كينياتا أول رئيس للبلاد. وقد قيل جاء اسم الدولة ” كينيا ” مستمداً من اسم هذا القائد، وفي عام 1964م أصبحت كينيا دولة جمهورية .
تداعيات الاستعمار في كينيا كانت واسعة النطاق ومستمرة حتى اليوم. ولعلى بعض أبرز تلك التداعيات، التفرقة العنصرية والانقسام القبلي حيث عملت سياسات الاستعمار على ترسيخ التفرقة العنصرية وتكوين انقسامات قبلية عميقة في المجتمع الكيني. تركزت السلطة والمواقف الاقتصادية والسياسية في يد أقليات قبلية، مما أدى إلى توترات دائمة بين العرقيات والقبائل المختلفة.
الفرع الثالث
مرحلة بناء الدولة الجديدة
بعد الاستقلال، تحركت كينيا بسرعة نحو استبدال النظم الاقتصادية والثقافية، التي كان يطبقها الاستعمار البريطاني، ثم استولت الحكومة على كثير من المزارع ومؤسسات الأعمال الحرة، المملوكة لغير الإفريقيين، وباعتها أو أجرتها للأفارقة. أما غير الأفارقة الذين وافقوا على أن يصبحوا مواطنين كينيـِّـين، فقد سمح لهم بالاحتفاظ بممتلكاتهم. وفي مجال التربية والتعليم، أجرت الحكومة توسعـًا سريعـًا في نظام المدارس الحكومية، كما قامت مجموعات كثيرة من المواطنين بإنشاء مدارس خاصة. وعند الاستقلال، كان معظم الكينيـين يشعرون بولاء نحو مجموعتهم العرقية أكثر مما يشعرون به نحو حكومتهم القومية، هذا بالإضافة إلى وجود فوارق بين كثير من المجموعات العرقية. ولكن منذ الاستقلال، حاولت الحكومة الكينية تحقيق بعض التقدم في تدعيم الشعور بالاعتزاز القومي بين المواطنين والحد من عوامل الفرقة بينهم.
ومن الناحية السياسية، أصبحت كينيا دولة حزب واحد في عام 1964م، عندما حل أعضاء حزب كادو حزبهم، وانضموا إلى حزب كانو. وفي عام 1966م، تم تكوين حزب باسم اتحاد الشعب الكيني (كبو) ولكن الرئيس كينياتا قام بحله في عام 1969م بعد أن اتهم كثيرًا من أعضائه بالقيام بأنشطة مناوئة للحكومة. وللمرة الثانية، أصبحت كينيا دولة حزب واحد، ولكن لم يمنع هذا من قيام تنافس شديد بين أعضاء حزب كانو، تركزت حول من يخلف كينياتا في رئاسة القطر والحزب. وبعد الاستقلال بقليل، نشأ خلاف على الحدود بين كينيا وجارتها الصومال، تسبب في نشوب قتال بينهما، ولكن القتال توقف بين الطرفين عام 1967م. وفي العام نفسه، كونت كينيا وتنزانيا وأوغندا تجمع شرق إفريقيا. وقد تم إنشاء هذه المنظمة لتطوير التجارة بين الأقطار الثلاثة، وكانت تتضمن ترتيبات للإدارة المشتركة لبعض المرافق كالسكك الحديدية والمطارات، غير أن توتر العلاقات بين الدول الأعضاء أدى إلى إنهاء أعمال المنظمة عام 1977م التي أُعيد تأسيسها في 7 يوليو 2000م ثم تمت زيادة كلًا من بوروندي وجنوب السودان و جمهورية الكونغو الديمقراطية و ورواندا.
المطلب الثاني
الصراع العرقي في كينيا
نتناول في هذا المطلب عدة محاور أساسية ، وفق الآتي :
الفرع الأول: بداية الصراع العرقي في كينيا
الفرع الثاني: عرقية الانتخابات
الفرع الثالث: شواهد فوز رئيس كينيا ” روتو “
الفرع الأول
بداية الصراع العرقي في كينيا[3]
الصراع القبلي والعرقي في كينيا بعد الاستعمار هو ظاهرة معقدة لها جذورها في تاريخ البلاد قبل الاستعمار. كما ساهمت السياسات الاستعمارية أيضًا في تفاقم التوترات القبلية والعرقية.
كانت كينيا موطنًا لمجموعة متنوعة من المجموعات القبلية والعرقية، حيث تضم أكثر من 40 قبيلة مختلفة لكل منها لغتها وثقافتها وعاداتها الخاصة. وغالبًا ما كانت هذه المجموعات تعيش في سلام ووئام مع بعضها البعض، مع وجود هناك أيضًا بعض النزاعات.
بدأ الاستعمار البريطاني لكينيا في عام 1895. عمل البريطانيون على تقسيم البلاد إلى مناطق تحكمها مجموعات عرقية معينة. كان هذا التقسيم في بعض الأحيان مبنيًا على الاختلافات الثقافية واللغوية، وفي أحيان أخرى على أساس المصلحة البريطانية.
ساهم هذا التقسيم في تفاقم التوترات القبلية والعرقية. أدت المنافسة على الموارد وأراضي الرعي إلى صراع بين المجموعات القبلية المختلفة. كما استخدم البريطانيون أحيانًا المجموعات القبلية لعرقلة بعضها البعض ، مما أدى إلى مزيد من التوتر.
بعد الاستقلال في عام 1963 ، حاولت حكومة كينيا الجديدة توحيد البلاد. ومع ذلك، استمر الصراع القبلي والعرقي. حيث يُعد الصراع العرقي أحد التحديات الرئيسية التي تواجه كينيا. وقد كانت النزاعات على الأراضي أيضًا عاملاً مهمًا ساهم في الصراع العرقي في كينيا. ومع نمو السكان، أصبحت المنافسة على الأراضي الخصبة أكثر حدة، مما أدى إلى اشتباكات بين المزارعين والرعاة والمجتمعات التي لا تملك أرضا. وكثيراً ما تصاعدت النزاعات حول ملكية الأراضي وتخصيص الموارد إلى صراعات عنيفة، حيث أدت الهويات العرقية إلى تفاقم التوترات.
البعد الآخر للصراع العرقي في كينيا[4] هو الانقسام بين المناطق الحضرية والريفية. تاريخيًا، كان الزعماء السياسيون الأكثر نفوذًا في كينيا ينحدرون من مجموعات عرقية معينة، وفي المقام الأول من المناطق الوسطى والغربية. وقد خلق هذا شعوراً بالإقصاء والتهميش بين المجموعات العرقية التي شعرت بأنها ممثلة تمثيلاً ناقصاً في السياسة الوطنية، مما أدى إلى توترات بين المجموعات والشعور بالمحسوبية العرقية.
كما لعبت العرقية السلبية، أي التلاعب بالانقسامات العرقية لتحقيق مكاسب سياسية، دوراً مهماً في تأجيج الصراع. وكثيراً ما يستخدم السياسيون الهويات العرقية لحشد الدعم، مما يؤدي إلى تسييس العرق وإدامة الصور النمطية والأحكام المسبقة. وقد ساهم هذا التلاعب في انعدام الثقة والعداء بين المجموعات العرقية المختلفة. خاصةً في الانتخابات.
الفرع الثاني
عرقية الانتخابات
انفجرت سياسات الهوية الكينية مع إدخال انتخابات متعددة الأحزاب في عام 1992. منذ ذلك الحين، أدت التعبئة السياسية للتوترات العرقية إلى أعمال عنف واسعة النطاق. فقد كانت التكتيكات التي تبناها الرئيس الأسبق دانيال أراب موي (1978-1992) للحفاظ على سلطته في مواجهة أحزاب المعارضة التي كانت تضم العديد من “الكيكويو”، أدت إلى تقسيم المجتمع الكيني، مستغلا في ذلك حالة التعددية الإثنية داخل كينيا، حيث يتوزع المجتمع على (45) جماعة إثنية، أكبرها من حيث العدد جماعة “الكيكويو” بنسبة 17.7% من إجمالي عدد سكان كينيا، وهم الأكثر تعليمًا والأعلى دخلًا. يأتي بعدها جماعات “الوهيا”، و”اللوه” (التي ينتمي إليها زعيم المعارضة أودينجا)، ثم “الكالينجين”، و”كامبا”، و”ميرو”، حيث ينتمي الرئيس دانيال أراب إلى إثنية “الكالينجين”.
وقد شهدت الفترة (1992- 1997) حملة ضد جماعة “الكيكويو” [5]، ومواجهات في الوادي المتصدع بين “الكالينجين” و”الكيكويو”. ووفقًا لشهادات بعض الجماعات الحقوقية الكبيرة ومنظمات مراقبة حالة حقوق الإنسان في العالم، مثل “هيومن رايتس وتش” [6]، و”منظمة العفو الدولية”، أن الدولة كانت ترعى هذا النوع من العنف. وقبل فوز الرئيس مواي كيباكي في انتخابات عام 2002، والذي ينتمي إلى جماعة “الكيكويو”، كان العنف الإثني قد أصبح متواترًا داخل المجتمع الكيني.
إلا أن فوز مواي كيباكي بالانتخابات طرح أبعادًا جديدة للأزمة السياسية تجاوزت البعد الإثني، حيث تمكنت المعارضة بقيادة ( كيباكي و أودينجا ) في انتخابات [7]2002 من الفوز بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية للمرة الأولى في تاريخ البلاد. وجاء هذا الفوز كنتيجة لتحالف كيباكي مع عدد من القوى السياسية أبرزها الحزب الليبرالي الديمقراطي، والذي تحول لاحقًا إلى “الحركة الديمقراطية البرتقالية”، بزعامة رايلا أودينجا، الذي كان من المتوقع أن يتقاسم السلطة مع كيباكي إلا أن الأخير لم يف بوعوده. كما نجح رايلا أودينجا في إفشال مشروع كيباكي لتمرير دستور جديد للبلاد يزيد من صلاحياته، مما زاد من شعبية أودينجا. وظهر هذا بصورة واضحة في انتخابات 2007 البرلمانية، حيث فاز حزب أودينجا بما يقرب من نصف مقاعد مجلس النواب، في حين فاز حزب كيباكي بأقل من ربع مقاعد المجلس. وقد اعتبر البعض ذلك تمهيدًا لفوز أودينجا بالانتخابات الرئاسية.
ولكن فشل أودينجا في الفوز بالانتخابات الرئاسية، فتلى ذلك انتشار العنف في أنحاء مختلفة من البلاد، حيث عاد البعد الإثني للظهور، فتحالفت أفراد جماعة “الكالينجين” مع جماعة “اللوه” التي ينتمي إليها أودينجا في مواجهة جماعة “الكيكويو” التي دفع أفرادها ثمنًا فادحًا نتيجة لاستئثار كيباكي بالسلطة. حيث أسفرت الاشتباكات العرقية خلال الانتخابات العامة لعام [8]2007 وحدها عن مقتل أكثر من 1300 شخص وتشريد 650 ألف شخص وتدمير أكثر من 117 ألف من الممتلكات.
وفي المقابل اتجه نظام كيباكي لاستخدام العنف المفرط في مواجهة معارضيه، إلى أن تم التوصل إلى اتفاق تقاسم للسلطة في مارس 2008 بين التحالف الحاكم بزعامة كيباكي والحركة الديمقراطية البرتقالية بزعامة رايلا أودينجا، حيث مثل اتفاق السلام محاولة لإنهاء العنف.
وحاول زعيم المعارضة ( أودينجا ) الفوز خلال الانتخابات الرئاسية التي شهدتها البلاد في عام [9]2013، ولكنه فشل للمرة الثالثة، حيث فاز بها أهورو كينياتا (الكيكويو)، الذي اختار ويليام روتو (الكالينجين) نائبًا له. وقد أحاطت أعمال عنف بانتخابات عام 2013 أسفرت عن مقتل 430 شخصًا.[10]
ومع فوز الرئيس كينياتا في انتخابات (2017) اتجه أودينجا لتعبئة أنصاره على أساس إثني في مواجهة جماعة الكيكويو، إلا أن استخدام الشرطة للعنف المفرط تجاه المتظاهرين أدى إلى نشوب وتصاعد العنف في البلد. والجدير بالذكر أن المحكمة العليا في كينيا ألغت نتيجة الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 8 أغسطس 2017 في حادثة هي الأولى في أفريقيا، بعد أن قام أودينجا برفع شكوى، قال فيها إن أجهزة الكمبيوتر التابعة للجنة المستقلة للانتخابات والحدود، قد اُخترقت بهدف تحقيق الفوز للرئيس أوهورو كينياتا.
ومع ذلك أعيدت الانتخابات في أكتوبر من نفس العام. وفاز الرئيس أوهورو كينياتا بالانتخابات المعادة بعد أن انسحب منافسه الرئيسي رايلا أودينجا وسط غموض من أسباب انسحابه.
وبعد شهور من التوترات السياسية الاجتماعية وبالتحديد في مارس 2018، بادر زعيم المعارضة ريلا أودينجا، بمقابلة علنية مع الرئيس كينياتا ومصافحته أمام وسائل الإعلام في لقاء عرف إعلامياً “بالمصافحة”، أنهت آخر موجات التوتر السياسي والعرقي، وبدأت مرحلة جديدة للتحالف بين الخصمين الكبيرين. بعد أن وضع اتفاق “المصافحة”، غير الرسمي في عام 2018، حداً للمواجهة بين كينياتا وأودينجا، مما مهد الطريق أمام التعاون السياسي والانتخابي في انتخابات 2022، بين الخصمين،
جاءت انتخابات 2022، في وقت يسود فيه استياء كبير بسبب التأزم الاقتصادي، حيث ارتفاع تكاليف المعيشة والدين العام ونسبة البطالة وانتشار الفساد؛ كما أن المشهد السياسي معقد إلى حد ما، فالرئيس كينياتا المنتهية ولايته ليس له حق الترشح وفقاً للدستور بعد أن استنفذ ولايتين متتاليتين، كما أنه لن يدعم نائبه وليم روتو المرشح الرئيسي في الانتخابات وذلك بعد انشقاق تحالف اليوبيل الحاكم واتجاه الرئيس كينياتا إلي دعم مرشح المعارضة المخضرم “رايلا أودينجا”بعد التحالف بين اليوبيل بقيادة كينياتا والحركة البرتقالية بقيادة أودينجا.
كما تخوف الكينيين من اندلاع موجات من العنف الإثني أثناء الانتخابات؛ على خلفية التجارب الانتخابية السابقة، وتاريخ البلاد بعد الاستقلال من العنف المرتبط بالانتخابات، وطبيعة الديناميات السياسية الحالية، وتغير التحالفات الانتخابية المتشكلة، كل ذلك؛ دفع العديد من الكينيين يتكهنون باحتمالية وقوع اضطرابات أثناء إجراء الانتخابات.
فقد توجه الناخبون الكينيون – وعددهم 22،120،458 ناخبًا مسجلاً- يوم 9 أغسطس2022؛ لاختيار الرئيس، و47 حاكماً للأقاليم ونوابهم و47 عضوا في مجلس الشيوخ، و290 عضوا في البرلمان بالإضافة إلي 47 مقعداً للمرأة، وأعضاء مجالس المقاطعات.
وقامت اللجنة المستقلة للانتخابات والحدودIEBC ، بإدخال تغيرات على التكنولوجيا المستخدمة في عملية الاقتراع؛ حيث أضافت عدد من الميزات في مجموعة الأنظمة الكينية المتكاملة لإدارة الانتخابات(KIEMS) ؛للتحقق من هوية الناخبين،وذلك لتوفير تحديد الهوية البيومترية والأبجدية الرقمية للناخبين أثناء الإدلاء بأصواتهم، وهو ما ساهم في التقاط ونقل صور استمارات نتائج الانتخابات الرئاسية المكتملة حسب الأصول، من مركز الاقتراع إلى مركز الفرز الوطني،
وقد رحبت البعثة الدولية المراقبة للانتخابات بإدخال مثل هذه التدابير، والتي تعكس الشفافية، وتعمل على تحسين نزاهة العملية الانتخابية، كما أشاد المراقبون الدوليون بالانتخابات التي اعتبروها تنافسية للغاية، وأن الحملات الانتخابية كانت أكثر سلمية قياساً بالانتخابات السابقة.
ولعل التحول الملحوظ هو تركيز الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة على قضايا المجتمع الكيني أكثر من القضايا العرقية؛ كما كان الإطار القانوني والقضائي الذي يحكم الانتخابات في كينيا مناسبًا إلى حد كبير لإجراء انتخابات ديمقراطية وذات مصداقية، مما زاد من ثقة المواطنين في العملية الانتخابية، واستعدادهم للتوجه إلى المحاكم للفصل فيها.
وأظهرت النتائج الرسمية التي أعلنتها اللجنة الانتخابية يوم 15 أغسطس 2022 أن روتو، الذي شغل منصب نائب الرئيس منذ 2013، حصل على أغلبية الأصوات بنسبة 50.5٪ ، بينما حصل أودينجا، رئيس الوزراء السابق على 48.8%، وهو ما مهد الطريق أمام روتو لحلف اليمين الدستورية خلفًا للرئيس أوهورو كينياتا في 13 سبتمبر، كما حصل تحالف روتو كينيا كوينز على 169 مقعد في مجلس النواب مقابل 162 مقعد لتحالف أودينجا.
وقد رفض أودينجا وحلفاءه نتائج الانتخابات الرئاسية وقرر الطعن على النتائج أمام المحكمة العليا، والتي رفضت التماس أودينجا بالإجماع، وأيدت فوز روتو في الانتخابات الرئاسية في 5 سبتمبر2022، ليصبح روتو رئيساً لكينيا بعد هزيمته لأقوى سياسيين في كينيا وتكون الهزيمة الخامسة لأودينجا.
وعقب إصدار الحكم صرح أودينجا إنه سيحترم الحكم على الرغم من اختلافه معه، كما أن كينياتا تحدث بأنه سيعمل على نقل سلس للسلطة للإدارة الجديدة، وهو ما هدأ المخاوف من أن تشهد كينيا جولة أخرى من العنف.
الفرع الثالث
شواهد فوز رئيس كينيا ” روتو “
كانت استراتيجية حملة ويليام روتو تركز على قضية رئيسية وهي تكاليف المعيشة والديون. عانى الكينيون من ارتفاع معدلات التضخم ونقص الغذاء والفقر المدقع، وتفاقم هذا الوضع بسبب وباء وحرب أوكرانيا والجفاف. بناءً على ذلك، وجه روتو خطابه إلى فئات الفقراء والشباب الذين أطلق عليهم “المحتاجين”، وركز على مصالحهم في مقابل مصالح الطبقة الخمولية الذين أطلق عليهم “السلالات”. استخدم شعار “المحتاجون مقابل السلالات” لتعزيز رؤيته. وبوجود روتو من أصل فقير، وعده بنموذج اقتصادي يخدم الفقراء بدلاً من الأغنياء، حقق جذباً للكثير من الكينيين ودعمهم له.
في انتخابات عام ٢٠٢٢، انخفضت العنصرية العرقية هذه المرة بسبب عدم وجود مرشح رئاسي من الكيكويو، وهم أكبر مجموعة عرقية في كينيا والتي يعتبرها كثيرون القوة السياسية والاقتصادية في البلاد. وعلى الرغم من صعوبة إنكار تأثير العرق بشكل مباشر على السياسة الكينية، قد يظهر هذا التأثير في المستقبل القريب من خلال إعادة تشكيل التحالفات السياسية في البرلمان أو تشكيل الحكومة.
ويعتبر فوز روتو بهامش ضئيل له دلالاته، إذ يعني ذلك أن المنافسة كانت شديدة للغاية، لا سيما أنه كان يتنافس مع أكبر السياسيين في البلاد، وهما أودينجا وكينياتا. ومن ناحية أخرى، سيضطر روتو إلى التعامل مع معارضة قوية خلال فترة رئاسته وداخل البرلمان، بسبب تقارب الأعداد بين التحالفين الانتخابيين، سواء في الجمعية الوطنية أو مجلس الشيوخ أو على مستوى الأقاليم.
لذا يمكن أن نقول أن انتخابات كينيا في عام 2022 كانت تعزز ديمقراطيتهم وتسهم في إجراء انتخابات عادلة بشكل كبير مقارنة بالانتخابات السابقة. وتمت هذه الانتخابات تحت إشراف مجتمع دولي ومنظمات مدنية. يبدو أن النخبة السياسية في كينيا، سواء كانوا يحملون السلطة أو يعارضونها، قد استوعبوا الدروس المستفادة من الماضي وقرروا تجنب العنف في المنافسة السياسية كعامل مهم في تعزيز عملية التحول الديمقراطي وتطور المؤسسات وتعزيز سيادة القانون.
عندما ننظر إلى ذلك، ندرك أن نجاح كينيا في تحقيق استقرار سياسي بعد الانتخابات التي ستجرى في عام 2022، واستمرار الأحزاب والتحالفات السياسية في قبول الخيارات الديمقراطية، يقدم لنا تجربة حية في عملية الانتقال الديمقراطي في قارة أفريقيا، ويمكن أن يكون نموذج محتذى به من قبل الدول الأفريقية الأخرى.
المطلب الثالث
جهود الدولة في مقاومة إثنية الانتخابات[11]
ونتناول في هذا المطلب عدة محاور أساسية ، وفق الآتي :
الفرع الأول: لجنة التحقيق في أعمال العنف بعد الانتخابات
الفرع الثاني: لجنة المراجعة الانتخابية المستقلة
الفرع الثالث: لجنة الحقيقة والعدالة والحقيقة والمصالحة
الفرع الرابع: اللجنة الوطنية للترابط والتكامل
الفرع الأول
لجنة التحقيق في أعمال العنف بعد الانتخابات (لجنة واكي – CIPEV) [12]
هي لجنة تحقيق وطنية أنشأتها الحكومة الكينية في عام 2008 لجمع الأدلة حول الصراعات العرقية فترة الانتخابات في البلاد. وقد ساعدت هذه اللجنة في تعزيز الحوار بين المجتمعات العرقية المختلفة وتعزيز المصالحة.
ترأس اللجنة فيليب واكي، وهو قاضي في محكمة الاستئناف الكينية. وقد ضمت اللجنة
المفوضان، السيد جافين مكفادين والسيد باسكال كامبالي، على التوالي، من مواطني نيوزيلندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وكان السيد ديفيد ماجانجا والسيد جورج كيجورو (جميعهم كينيون) كمستشار مساعد للجنة وأمين بعثة اللجنة على التوالي.
تم تعيين اللجنة بموجب قانون لجان التحقيق (الفصل 102) من قوانين كينيا، نتيجة لاتفاقية الحوار الوطني والمصالحة. وبدأت اللجنة عملها في مايو 2008، واستمرت في جمع الأدلة من شهود عيان وخبراء ومسؤولين حكوميين.
كانت الاختصاصات الأساسية للجنة هي التحقيق في الوقائع المتعلقة بأعمال العنف التي أعقبت الانتخابات. أفعال أو إغفالات أجهزة أمن الدولة أثناء سير أعمال العنف، وتقديم توصيات ذات طبيعة قانونية أو سياسية أو إدارية، حسب الاقتضاء، بما في ذلك التدابير المتعلقة بتقديم المسؤولين عن ارتكاب الأعمال الإجرامية إلى العدالة، والقضاء على الإفلات من العقاب، وتعزيز المصالحة الوطنية. وكان عليها أيضًا تقديم مثل هذه الاقتراحات إلى لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة آنذاك.
في ذات نشأتها، أصدرت اللجنة تقريرًا نهائيًا يحتوي على توصيات لمعالجة الصراعات العرقية في كينيا. وقد تضمن التقرير توصيات لتعزيز الحوار بين المجتمعات العرقية المختلفة، وتعزيز التعليم والوعي المجتمعي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة.
وقد وافقت الحكومة الكينية على توصيات اللجنة، وبدأت في تنفيذها.
فيما يلي بعض أهم توصيات لجنة واكي:
• إنشاء محكمة خاصة للفصل في القضايا الجنائية و لمعالجة الجرائم التي ارتكبت خلال الصراعات العرقية التي أعقبت انتخابات 2007 .
• اجراء اصلاح شامل لدائرة الشرطة الكينية وإنشاء هيئة مستقلة لسلوك الشرطة للتحقيق في سلوك الشرطة وتوفير الرقابة المدنية
• قيام حكومة كينيا بسن وتنفيذ سياسة بشأن اللاجئين – نتيجة الصراع – والمشردين داخليًا فيما يتعلق بتعزيز وحماية حقوقهم وإعادتهم وفق برنامج شامل.
• تعزيز العدالة الاجتماعية والمساواة بين جميع المواطنين، بغض النظر عن عرقهم أو دينهم أو انتمائهم القبلي.
وقد ساعدت توصيات لجنة واكي في تعزيز الحوار بين المجتمعات العرقية المختلفة في كينيا. وقد ساهمت هذه الجهود في انخفاض وتيرة العنف العرقي في البلاد.
الفرع الثاني
لجنة المراجعة الانتخابية المستقلة (لجنة كريغلر – IREC) [13]
شكلت الحكومة لجنة المراجعة الانتخابية المستقلة برئاسة القاضي يوهان كريغلر في فبراير 2008 بعد أعمال العنف التي وقعت بعد الانتخابات التي جرت في عام 2007 مباشرة لتقديم توصيات بشأن إصلاح العملية الانتخابية في كينيا.
وكانت الاختصاصات الأساسية للجنة هي:
• تحليل الإطار الدستوري والقانوني وتحديد نقاط الضعف والتناقضات في القوانين الانتخابية.
• دراسة الهيكل التنظيمي والتكوين ونظام الإدارة للجنة الانتخابات في كينيا (Electoral Commission of Kenya)
• دراسة المشاركة العامة في العمليات الانتخابية لعام 2007.
• التحقيق في تنظيم وإجراء العمليات الانتخابية لعام 2007 بما في ذلك التثقيف المدني وتثقيف الناخبين من بين أمور أخرى.
•التحقيق في عملية فرز وفرز الأصوات على كافة المستويات.
• تقييم الكفاءة الوظيفية لـلجنة الانتخابات آنذاك في كينيا للقيام بولايتها.
ركز تقرير اللجنة على أن هناك الكثير من الممارسات الانتخابية الخاطئة من عدة مناطق ارتكبتها جميع الأحزاب المتنافسة لتحديد المرشح الفائز في الانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر 2007 بشكل قاطع . وشملت هذه الممارسات السيئة انتشار الرشوة، وشراء الأصوات، والترهيب، وحشو بطاقات الاقتراع من كلا الجانبين، فضلاً عن عدم كفاءة اللجنة الانتخابية الكينية والخلل الفادح في جمع بيانات الانتخابات وفرزها، وقد تم حلها بعد ذلك بوقت قصير من قبل البرلمان الجديد.
وأوصت لجنة كريغلر بإنشاء لجنتين جديدتين – اللجنة الانتخابية المستقلة المؤقتة ولجنة مراجعة الحدود المستقلة المؤقتة. وتشرف اللجنة الانتخابية المستقلة المؤقتة على الإصلاحات الانتخابية ولاسيما على إنشاء سجل للناخبين الجدد، ووضع نظام حديث لجمع وترتيب ونقل وفرز البيانات الانتخابية، وتعزيز تثقيف الناخبين، وإدارة الانتخابات والاستفتاءات بصورة فعالة. وتقوم لجنة مراجعة الحدود المستقلة المؤقتة بتشكيل ووضع ومراجعة الحدود الإدارية للدوائر الانتخابية الجديدة. كما تقدم توصيات أيضًا لتحديد الدوائر الانتخابية والوحدات الإدارية للسلطات المحلية وتوصي بالعدد المثالي للدوائر الانتخابية على أساس المساواة في الأصوات.
الفرع الثالث
لجنة الحقيقة والعدالة والحقيقة والمصالحة (TJRC) [14]
لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة في كينيا (TJRC) هي جزء من عنصر المساءلة في الأجندة الرابعة من الاتفاق الوطني الموقع عام 2008. تساهم اللجنة من خلال معالجة سبب وآثار الظلم التاريخي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في تحقيق الوحدة الوطنية والمصالحة والإبراء. أُنشئت اللجنة بموجب قانون برلماني (قانون لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة رقم 6 لعام 2008) للتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وغيرها من المظالم التاريخية في كينيا بين 12 كانون الثاني/ ديسمبر عام 1963 و28 شباط/ فبراير عام 2008. توفر الأجندة الرابعة لعملية الحوار الوطني والمصالحة لعام 2008 والتي تتعلق بقضايا طويلة الأمد والإصلاحات، تؤمن إطار «للعدالة الانتقالية» التي تدير أجندتها لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة.
تتمتع لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة في كينيا بالقدرة على التحقيق والتحري فيما حدث بين عامي 1963 و2008 فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم الاقتصادية والاستيلاء غير القانوني على الأراضي العامة وتهميش المجتمعات والعنف العرقي والسياق الذي وقعت فيه الجرائم وتثقيف الجمهور حول نتائجها. ومع ذلك، لا تتمتع اللجنة بسلطة المقاضاة. يمكنها التوصية بالمحاكمة ومنح تعويضات للضحايا والقيام بالتغييرات المؤسسية بالإضافة إلى العفو مقابل الإدلاء بالحقيقة بالنسبة للجناة الذين لم يرتكبوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
من خلال عملها ستتابع اللجنة تحقيق الأهداف التالية:
• الحقيقة: من خلال إنشاء سجل دقيق وكامل وتاريخي لانتهاكات حقوق الإنسان والظلم التاريخي بالإضافة إلى تثقيف الجمهور
• العدالة: العدالة الجنائية والعدالة الإصلاحية والعدالة الاجتماعية من خلال توصيات بالمحاكمة والعفو والتعويض
• السلام والوحدة الوطنية
• الإبراء والمصالحة (الوطنية والفردية)
• استعادة الكرامة الإنسانية للضحايا والجناة
بالإضافة إلى إنشاء سجل دقيق وكامل وتاريخي لانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في الفترة ما بين 12 ديسمبر عام 1963 و28 فبراير عام 2008، مثل:
• عمليات الاختطاف والاختفاء والاحتجاز والتعذيب والقتل والمذابح والقتل خارج نطاق القضاء والجرائم ذات الطابع الجنسي ضد الضحايا الإناث ومصادرة الممتلكات التي يتعرض لها أي فرد.
• التحقيق في الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان وتحديد المسؤولين عن ارتكابها.
• التحقيق وتقديم التعويض عن الجرائم ذات الطبيعة الجنسية ضد الضحايا الإناث.
• التحقيق في السياق والأسباب والظروف التي وقعت في ظلها الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
• تحديد الجهات الفاعلة التي يُزعم أنها تصرفت نيابة عن أي هيئة عامة والمسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى محاكمة الأشخاص المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
• التعرف على ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وتعويضهم
• تسهيل منح العفو المشروط للأشخاص الذين يكشفون بالكامل عن جميع الحقائق المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم الاقتصادية والذين يمتثلون لمتطلبات قانون اللجنة.
وتقديم توصيات رداً على انتهاكات حقوق الإنسان المنصوص عليها في الشروط التالية:
• وضع سياسة أو تدابير الإصلاح الهادفة إلى منح التعويضات وإعادة الكرامة المدنية والإنسانية للضحايا.
• منع انتهاكات حقوق الإنسان والاعتداءات من خلال التدابير المؤسسية والإدارية والتشريعية
• منح العفو المشروط للأشخاص الذين يدلون بالحقيقة الكاملة.
• مقاضاة الجناة أو الأشخاص المعنيين.
• تعزيز الإبراء والمصالحة والتعايش بين المجتمعات العرقية.
وتُقدَّم اللجنة التوصيات في الشؤون التالية:
• الإصلاحات وغيرها من التدابير اللازمة لتحقيق هدف اللجنة، وتوجيه أي قضية محددة واتخاذ الإجراءات حيالها
• الآلية أو الإطار والترتيب المؤسسي في هذا الصدد لتنفيذ توصيات اللجنة
• تنفيذ تقارير لجان التحقيق ذات الصلة.
• إعادة ملكية الأراضي العامة المكتسبة من خلال التخصيص المخالف وغير القانوني أو تحديد هذه القضايا.
• معالجة التهميش الاقتصادي الحقيقي أو المتصور للمجتمعات.
الفرع الرابع
اللجنة الوطنية للترابط والتكامل[15] (NCIC)
هي هيئة حكومية مستقلة تأسست في عام 2008 بموجب قانون الترابط والتكامل لعام 2008. تتمثل مهمتها في تعزيز الترابط والتكامل بين جميع المواطنين الكينيين، بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللغة أو الأصل.
حيث أنشئت اللجنة لإصلاح أجهزة الدولة وتوفير المزيد من الكمال والسلام والترابط بينها . وولايتها هي تحديد وتحليل العوامل التي تعرقل الوصول إلى علاقات متناسقة بين الجماعات الإثنية المختلفة، ولا سيما الحواجز التي تحول دون مشاركة أي جماعة إثنية في المشاريع الاجتماعية والاقتصادية والتجارية والمالية والثقافية والسياسية، وتقديم توصيات بشأن كيفية تحقيق المصالحة في الأمة من خلال تشجيع التحكيم والتوفيق والوساطة وأشكال مماثلة من آليات تسوية المنازعات من أجل تأمين وتعزيز الانسجام الاثنين والعنصري والسلام.
تشمل مجالات عمل اللجنة ما يلي:
• تعزيز الوعي العام بالترابط والتكامل
• تطوير سياسات وبرامج تعزز الترابط والتكامل
• حل النزاعات بين الجماعات المختلفة
• حماية حقوق جميع المواطنين الكينيين
حققت اللجنة تقدمًا ملحوظًا في تحقيق أهدافها. فقد قامت بالعديد من المبادرات لتعزيز الوعي العام بالترابط والتكامل، بما في ذلك حملات التوعية والتعليم. كما قامت بتطوير العديد من السياسات والبرامج التي تعزز الترابط والتكامل، مثل برنامج الحوار وبناء الثقة.
فقد أطلقت اللجنة عددًا من الأنشطة منها برنامج التعليم الإلكتروني حول الترابط المجتمعي. وقامت بتنظيم سلسلة من المؤتمرات والندوات حول التكامل الاجتماعي كما نشرت اللجنة العديد من المنشورات حول التعايش والانسجام الوطني في كينيا.
وقد ساهمت هذه الأنشطة في زيادة الوعي العام بالترابط والتكامل في كينيا. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه اللجنة في تحقيق أهدافها. فهناك بعض الجماعات التي لا تزال تعاني من التمييز والتهميش. كما أن هناك بعض العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي يمكن أن تعيق الترابط والتكامل، مثل الفقر والأمية. وتعمل اللجنة على مواجهة هذه التحديات من خلال التعاون مع الجهات الحكومية الأخرى، ومؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص.
المبحث الثالث
النظام السياسي والاقتصادي في كينيا وسياساتها الخارجية
كينيا التي فقدت مئات الأشخاص في اقتتال عرقي، نجحت في إحداث تحول سياسي واقتصادي جديد، حيث استطاعت أن تدفن صفحة ماضيها الأليم في وقت قصير جدًا. حققت تقدمًا كبيرًا في جوانب مهمة، مما جعلها دولة مهمة بين دول أفريقيا، وذلك دون وعود كاذبة غير قابلة للتحقق، ودون الاعتماد على الاستعراض بهذا الماضي البطولي أو الوعود المستقبلية المثلى، وبأدنى تكلفة وإمكانيات متاحة، تحولت كينيا تدريجيًا لتصبح إحدى الدول الأفريقية البارزة ، وتمثلت تلك المكاسب للدولة الكينية الوليدة في عدة جوانب ، أهمها : نظامها السياسي ، والمكاسب الاقتصادية ، وسياستها الخارجية ، وذلك وفق التفصيل الآتي :
المطلب الأول: طبيعة النظام السياسي في كينيا
المطلب الثاني: ملامح النظام الاقتصادي في كينيا
المطلب الثالث: سياسة كينيا الخارجية
المطلب الأول
ملامح النظام السياسي في كينيا[16]
نظام كينيا السياسي يستند إلى نمط الجمهورية الرئاسية. وفقًا للدستور الحالي الذي تم تبنيه في عام 2010، يكون النظام السياسي في كينيا عبارة عن توازن بين السلطات الثلاث: السلطة التشريعية، السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية. ويشغل رئيس الجمهورية كلاً من منصبى رئيس الدولة ورئيس الحكومة، ويتم انتخابه بالاقتراع الشعبي لفترة رئاسية مدتها خمس سنوات . بحيث له الحق في مدة ثانية.
ويمكن تفصيل هيكلية النظام السياسي الكيني فيما يلي :
( أ ) السلطة التنفيذية:
تتألف السلطة التنفيذية الوطنية من الرئيس ونائب الرئيس وبقية أعضاء مجلس الوزراء. والرئيس هو رئيس الدولة والحكومة ويمارس السلطة التنفيذية للجمهورية، بمساعدة نائب الرئيس ووزراء الحكومة. ويتألف مجلس الوزراء من الرئيس؛ ونائب الرئيس؛ ووزير العدل؛ وما لا يقل عن أربعة عشر وزيراً ولا يزيد عن اثنين وعشرين وزيراً. ويرشح الرئيس وزراء الحكومة ويعينهم بموافقة الجمعية الوطنية. ولا يجوز أن يكون أمين مجلس الوزراء عضواً في البرلمان. ويعكس تشكيل السلطة التنفيذية الوطنية التنوع الإقليمي والعرقي لشعب كينيا.
الحكومة: تتسم الحكومات على الصعيدين الوطني والمحلي بالتميز والترابط، وترتبط بعلاقات تقوم على أساس التشاور والتعاون. وتشمل مهام الحكومة الوطنية الشؤون الخارجية والسياسة الخارجية والتجارة الدولية؛ واستخدام الموارد المائية والمياه الدولية؛ والهجرة والجنسية؛ والعلاقة بين الدين والدولة؛ والسياسة اللغوية؛ والدفاع الوطني؛ وخدمات الشرطة؛ والمحاكم؛ والسياسة النقدية؛ وسياسة التعليم والمعايير والمناهج الدراسية.
حكومة المقاطعة – حكومة محلية: تتكون حكومة المقاطعة من جمعية مقاطعة وسلطة تنفيذية للمقاطعة. ويرأس السلطة التنفيذية للمقاطعة محافظ ينتخب خلال الانتخابات الوطنية. وتتألف السلطة التنفيذية للمقاطعة من محافظ المقاطعة ونائب المحافظ وأعضاء اللجنة التنفيذية للمقاطعة الذين يعينهم محافظو المقاطعات.
( ب ) السلطة القضائية:
تعتبر السلطة القضائية في اى نظام حاكم هى الحكم النهائى في كل القضايا التي ترجع إلى ممارسة السلطة وحماية الحقوق والحريات للافراد والمجتمعات وايضا للقوانين ولذلك فان ما يحدث للسلطة القضائية في أى دولة يعتبر مؤشر لمدى صحة ومصداقية سياسات النظام وتوجهاته وفاعليته.
وقد ورثت كينيا تقاليد ثقافية قضائية بعد الاستقلال نظماً قضائية عديدة من بينها القانون المحلى الأفريقى المعمول به في المجموعات الاثنية وفقا لتقاليدها واعرافها القوانين الاسلامية المطبقة على المسلمين فقط ، القانون الهندوسي خاص بالزواج والطلاق والمواريث بين الهندوس ، القانون العام للدولة والذى انشأه وطبقه الاستعمار البريطاني.
ويتسم النظام القضائى الكيني بالتماسك والاستقلالية رغم سادره واشكاله ومخرجاته وبالرغم من التعديلات الدستورية التي تمت منذ الاستقلال وحتى الان لا يزال النظام القضائي قائما على القانون العام الانجليزى والذى انشائه قوى الغزو البريطاني في ويقوم النظام القضائي الكيني في الوقت الحالي على وجود محاكم متنوعة ولجنة للخدمة القضائية وهي كالتالي : محكمة كينيا للاستئناف ، المحكمة العليا ، المحاكم ، الثانوية المحكمة العمالية .
وتتمثل السلطة القضائية الكينية في محكمة الاستئناف والتي يتم تعيين قضاتها بواسطة رئيس الجمهورية وهي أعلى سلطة قضائية بكينيا إلى جانب المحكمة العليا ويستمد النظام القانونى فى كينيا قوامه من القانون الإنجليزى والكينى العام والقوانين القبلية والشريعة الإسلامية وتقوم المحكمة العليا بمراجعة القوانين وتقبل كينيا السلطة الإلزامية لمحكمة العدل الدولية ولكن بتحفظ ، ويتميز النظام القضائى الكينى باستقلاليتة رغم تعدد مصادره وأشكالة ؛ حيث يقوم النظام القضائى الحالى على وجود محاكم متنوعة بالإضافة إلى وجود لجنة الخدمة القضائية والتى تختص بسلطة فرض النظام وممارسة السلطة التأديبية لتنمية الموظفين القانونيين وعلى قمة هذا النظام محكمة كينيا للاستئناف يليها المحكمة العليا ثم المحاكم الثانوية ذات قضاة للأقاليم والمناطق والمدن ومحاكم إسلامية على مستوى المناطق والمدن.
( ج ) السلطة التشريعية :
وفقاً لأحدث التعديلات الصادرة في الدستور الكيني خلال العام 2010 ، فإن الفصل الثامن من الدستور ، نص على أن تأسيس البرلمان الكيني يتشكل من الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ ، بحيث يؤدي كلا المجلسين المهام المسندة إليهما طبقاً لأحكام الدستور الجديد وينص الدستور على أنه لا يحظى أى شخص أو أية جهة غير البرلمان بسلطة وضع النصوص نظراً لتمتعه بقوة القانون في كينيا ، إلا بموجب السلطة التي يمنحها هذا الدستور أو التشريع وقد حدد الدستور الجديد دور كل من المجلس الوطني ومجلس الشيوخ. فالجمعية الوطنية يمثل سكان الدوائر الانتخابية والمصالح الخاصة ، ويحل المسائل المثيرة لقلق الشعب ، ويسن التشريع طبقاً للباب 4 من الدستور ، وكذلك يتولى الإشراف على الإيراد الوطني وإنفاقه ، ويراجع سلوك منصبى الرئيس ونائب الرئيس وغيرهما من مسئولي الدولة ويبدأ عملية إقالتهم من مناصبهم، والموافقة على إعلان الحرب وتمديد حالات الطوارئ. أما مجلس الشيوخ فهو يمثل المقاطعات ويعمل على حماية مصالحها وحكوماتها، ويشارك البرلمان في مهمة التشريع من خلال النظر في مشروعات القوانين التي تخص تلك المقاطعات وفقاً للمواد من 109 إلى 113 ، بالإضافه لكونه متحكما في تخصيص الإيرادات الوطنية على مستوى المقاطعات كما تنص المادة 217، وكذلك يشارك مجلس الشيوخ في الإشراف على مسؤولي الدولة من خلال النظر في أى قرار بعزل الرئيس أو نائبه من منصبهما طبقاً للمادة 145 .
المطلب الثاني
ملامح النظام الاقتصادي في كينيا[17]
تُمثل كينيا ثالث أكبر اقتصاد في القارة الإفريقية جنوب الصحراء بعد كلٍ من نيجيريا وجنوب إفريقيا بناتج محلي إجمالي يقارب 100 مليار دولار أمريكي، في العام الحاليّ، وناتج محلي للفرد يبلغ قرابة ألف دولار، مما يجعلها ضمن أكبر 65 اقتصاد في العالم.
بشكلٍ عامٍ، الاقتصاد الكيني واحد من بين أكثر اقتصادات القارة الإفريقية أداءً وتطورًا، لما يتمتع به من تنوع وإمكانات نمو مختلفة، كما يتميز بسمةٍ فريدةٍ من نوعها، حيث تسهم المؤسسات والشركات جنبًا إلى جنب مع المشروعات الصغيرة لرواد الأعمال والشركات الناشئة في دفع عجلة النمو الاقتصادي في البلاد، فضلًا عن أن الاقتصاد الكيني هو اقتصادٌ قائمٌ على السوق يحافظ على نظام تجارة خارجية متحررة، بينما تدير بعض المؤسسات الحكومية أنشطة اقتصادية تشمل صناعات رئيسية: الزراعة والغابات وصيد الأسماك والتعدين والتصنيع والطاقة والسياحة والخدمات المالية.
والزراعة تمثل رأس الرمح للاقتصاد الكيني، إذ تشكل نحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي، مع العلم بأن تصدير الشاي الأسود يمثل 40% من جملة الصادرات الكينية، فكينيا هي أكبر مُصدّر له في العالم. ورغم انخفاض معدل النمو الإجمالي لعدة عوامل سنأتي لها بالتفصيل، فإن تدفق الاستثمارات الأجنبية في البنية التحتية والنمو السكاني المرتفع، إلى جانب تنشيط قطاع السياحة والفندقة يمكن أن يؤدي ذلك كله إلى ازدهار متوقع للاقتصاد الكيني في المستقبل القريب إذا نجحت الحكومة في الحفاظ على الأمن والاستقرار وقامت بتسوية المشكلات السياسية الداخلية والخارجية مع دول الجوار.
تراهن كينيا على تصدير النفط لتحسين اقتصادها وإقالة عثرته، وفي هذا الإطار دخلت الحكومة الكينية في شراكات مع عدد من المؤسسات الدولية العملاقة، فقد وقعت شركة قطر للبترول اتفاقية مع كل من شركة إيني الإيطالية وشركة توتال الفرنسية.
الشيء الآخر الذي تراهن عليه كينيا لتحسين اقتصادها ورفع معدلات النمو هو تطوير البنية التحتية خاصة ميناء مومباسا، فقد أنشأت الحكومة الكينية بتمويل صيني يندرج ضمن مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، مشروع قطار يربط العاصمة نيروبي بميناء مومباسا تم افتتاحه في العام 2017.
أسمهت خطوط السكة الحديدية بين مومباسا ونيروبي في تنمية الاقتصاد بنسة 1.5%، ووفقًا لتقديرات الحكومة الكينية، من المفترض أن يقلل الخط تكاليف الترحيل والشحن في منطقة شرقي إفريقيا بنسبة 79% والتكلفة التجارية بنسبة 40%، فيما تجري في الوقت الحاليّ، عملية توسيع ميناء مومباسا، ومن المتوقع أن ترتفع قدرة التفريغ والشحن للميناء من 19 مليون طن إلى أكثر من 30 مليون طن سنويًا، بحلول سنة 2030 بعد انتهاء المرحلة الأخيرة من التوسعة. مستقبل جيّد ينتظر الاقتصاد الكيني إذا أحسنت نيروبي اقتناص فرصة تصدير النفط وقامت بإنشاء مصافٍ عالمية لتكريره ومعالجته، كما ينبغي عليها إيجاد حلول للمشكلات الداخلية والنزاعات مع دول الجوار، والحكومة الكينية تعتبر صديقة للاستثمار بشكل عام، فقد سنّت العديد من الإصلاحات التنظيمية لتبسيط الاستثمار الأجنبي والمحلي، بما في ذلك إنشاء منطقة لمعالجة الصادرات، مما جعل البلاد تحقق طفرة كبرى في مجال سهولة الأعمال.
المطلب الثالث
سياسة كينيا الخارجية
تبنت الدولة الكينية منذ إستقلالها[18] سياسة خارجية متوازنة ومرنة تسعى من ورائها الى تعزيز وحماية مصالحها وتزين صورتها على المستوى الاقليمي والدولي، وذلك عبر دبلوماسية مبتكرة ومساهمة فعالة لاجل تحقيق نظام دولي عادل وسلمي ومنصف. وتسترشد أهداف السياسة الخارجية الكينية برغبة ساستها في جعلها بلداً مسالماً ومزدهراً وفقا ماهو منصوص عليه في نشيدها الوطني ودستورها ورؤية كينيا 2030. من خلال الوقوف على أهداف السياسة الخارجية الكينية يمكن القول أنها تهدف إلى تعزيز وحماية السلام الداخلي والإقليمي والدولي بإعتبارها تدعم عمل المنظمات الإقليمية والدولية والمتعددة الأطراف في إيجاد حلول دائمة للصراعات المحلية والاقليمية والدولية ومحاربة أنشطة المنظمات الإرهاب والمسلحة وذلك من أجل عالم حر وآمن حسب مساعيها الدبلوماسية.
وتقف السياسة الخارجية على أربع ركائز أساسية مترابطة ومتداخلة وهي:(الاقتصاد النشط؛ السلام العادل ؛ المحافظة على الموارد الطبيعية والبيئة ؛ والثقافية( حيث تهدف نيروبي من الدبلوماسية الاقتصادية إلى تحقيق تحول اقتصادي قوي وتنمية مستدامة من أجل ضمان التنمية الاقتصادية الاجتماعية والازدهار في كينيا بما يتماشى مع أهداف وتطلعات رؤية كينيا 2030. وعبر دبلوماسية السلام إلى توطيد إرث كينيا في تعزيز السلام والاستقرار كشروط ضرورية للتنمية والازدهار في بلدان المنطقة. وعبر الركيزة الدبلوماسية البيئية تعترف بحصة كينيا الهائلة في إدارة مستدامة لمواردها الطبيعية الخاصة، على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وأما بالنسبة الدبلوماسية الثقافية تهدف إلى استخدام الثقافة كأداة حيوية في العلاقات الدولية خاصة من خلال استخدام التراث الثقافي والأوقاف كركائز لمشاركتها في المحافل الخارجية.
المبادئ التوجيهية للسياسة الخارجية الكينية:
• حرمة سيادة وسلامة الأراضي الكينية.
• التعايش السلمي مع دول الجوار.
• حل النزاعات بالوسائل السلمية.
• تعزيز التكامل الإقليمي.
• عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان.
• احترام الأعراف والقوانين الدولية.
أهداف السياسة الخارجية الكينية:
•التعاون مع الدول الأفريقية لحل الصراعات المحلية والاقليمية والدولية وذلك من خلال المنظمات الاقليمية مثل منظمة الايغاد وجامعة شرق أفريقيا والسوق المشتركة لشرق أفريقيا (كوميسا) والاتحاد الافريقي بهدف تعزيز السلام والتنمية المستدامين.
• دعم الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في إحلال السلام في المنطقة وذلك من خلال المساهمة بقوات وتوفير القيادة في بعثات حفظ السلام داخل القارة وعلى الصعيد العالمي.
• لعب دور وقائي في حل النزاعات الداخلية في دول المنطقة.
• المحافظة على المصالح الكينية الحيوية العليا.
وسعياً لتحقيق هذه الأهداف، تواصل دبلوماسية السلام الكينية الاستفادة من تجاربها في الوساطة وحل النزاعات وحفظ السلام الاقليم. علاوة على ذلك، تواصل الحكومات الكينية دعم المؤسسات التي تشارك في حفظ السلام في القارة والتي تشمل مركز التدريب على دعم السلام الدولي وقيادة القوة الاحتياطية لشرق إفريقيا وغيرها.
محطات في السياسة الخارجية الكينية:
بالرغم من الايجابية التي عرفت بها دولة كينيا في سياساتها الخارجية الا أن هناك تطورات طرأت في علاقتها مع دول الجوار حملت نيروبي الى إتباع سياسة خارجية متشنجة وصارمة وإبتعدت عن الأطر السمحة في حلحلة الخلافات الجارية. على سبيل المثال:
1. الخلاف الحدودي مع الصومال: إن المواقف المتشنجة التي أبدتها الحكومة الكينية حيال أزمة الحدود مع دولة الصومال أظهرت حالة التبدل في الموجهات السياسية للبلاد. وصلت الخلافات الى مرحلة الى حد القطيعة الدبلوماسية بين البلدين وحاولت نيروبي الى العبث بالداخل الصومالي من خلال التواصل مع اقليم أرض الصومال الانفصالي. وبالتالي ان شكل تعاطي الحكومة الكينية مع الخلافات الحدودية مع جارتها الصومال أظهرت تحول وتراجع عن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية في البلاد.
2. الازمة الكنغولي –الرواندي: ويعتبر قرار إرسال قوة عسكرية للمشاركة في عملية مكافحة الحركات المسلحة في شرق الكونغو موقفاً متعارضاً مع الموقف الكيني المعروف إذ جاء في هذا القرار خطوة تتنافى مع الموقف الحيادي تجاه التعاطي مع الملفات الخلافية بين دول الاقليم. حيث أظهرت كينيا تعاطفاً مع الكنغو الديمقراطية التي تتهم رواند بزعزعة إمنها وإستقرارها.
3. الانحياز في الازمة السودانية: اتهم السودان كينيا بعدم حيادتها في التعاطي مع الازمة السودانية حيث بادرت الاخيرة نشاط من خلال استضافة مجموعة متحالفة مع مليشيا الدعم السريع المتمردة. فضلاً عن اتهامها الصريح للجيش السوداني بضرب المدنيين وتجاوز انتهاكات مليشيا الدعم السريع. كما أشار مجلس السيادة الانتقالي في بيانات عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن كينيا تحتضن المتمردين وتدخل في الشأن السوداني بصورة غير لائقة.
أسباب التحولات الجذرية في السياسة الخارجية الكينية:
هناك أسباب عديدة يمكن سردها في سبيل البحث عن التغيرات الجذرية التي طرأت على السياسة الخارجية الكينية، ومنها الاتي:
1. الرغبة في تثبيت الحقوق وحماية المصالح:سعت حكومة أهورو كينياتا الى توظيف حالة الانقسام الداخلي في دولة الصومال وذلك لأجل تثبيت الحقوق الطبيعية في مياه المحيط الهندي بالرغم من أن الموقف الكيني خالف الاعراف القوانين الدولية.
2. تبني مواقف سياسية لأجل المصلحة العامة: تعاني الحكومة الكينية من مشاكل إقتصادية حادة وفاتورة ديون عالية أفقرت الدولة والشعب لذلك تسعى حكومة وليام روتو الى التكسب الجيوسياسي من خلال تجسير العلاقات مع دول تسعى للتنفذ الى المنطقة. وعلى سبيل المثال، إزدهرت العلاقات بين كينيا ودولة الامارات العربية المتحدة خلال الفترة الماضية بعد سعت نيروبي الى توظيف حالة التعطش الاماراتية لاجل الحصول على إستثمارات عينية وتدفق مالي مقابل التخلي على المبادئ التوجيهية للسياسية الخارجية عبر الانخراط في مشروع حيال دول المنطقة. وكان التنسيق عالياً بين البلدين تجاه الازمة السودانية حسب معلومة إعلامية.
3. لعب دور محوري تجاه أزمات دول المنطقة:من المعلوم ان هناك حالة من التنافس قائمة بين كينيا وإثيوبيا واوغند في عملية الإمساك بملفات إقليمية مختلفة. وفي خضم صراع النفوذ القائم بين البلدان الثلاثة تسعى كينيا الى إقتحام الصفوف وإجتراح الحلول لمشكلات محلية وإقليمية ودولية قد تتسبب في الوقوع في تناقضات المواقف مع شعارات السياسة الخارجية.
تنفرد العلاقات الدولية والإقليمية في كينيا بخصائص أكثر انفتاحاً وسرية وتحولاً في كثير من مراحلها واشتباكاتها ؛ ذلك أن الحالة الكينية منذ النشأة ثم الاستقلال وإلى وقتنا هذا، تتأرجح صعوداً وهبوطاً في مجمل علاقاتها داخلياً وخارجياً ، وفق أهواء السلطة والنفوذ والهيمنة ، في وجهيها السياسي والعسكري ، ثم الأمني . يمكن رصد عضويات كينيا في المنظمات والمؤسسات الدولية إقليميا ودوليا في الآتي:
عضويات كينيا الدولية:
كينيا عضو دولي شريك في العديد من المنظمات الدولية ومن هذه المنظمات:
منظمة الأمم المتحدة UN، مجموعة الخمسة عشرة G-15 ، مجموعة السبع والسبعين G-77 ، الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA ، رابطة الشعوب البريطانية (الكومنولث) C ، منظمة العمل الدولية ILO ، صندوق النقد الدولي IMF ، المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) Interpol ، حركة عدم الانحياز NAM ، منظمة حظر الأسلحة الكيميائية OPCW ، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة UNESCO ، مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR ، ومنظمات دولية وعالمية أخرى عديدة .
عضويات كينيا الاقليمية :
كينيا عضو شريك فاعل في العديد من المنظمات والهيئات الإقليمية والإقليمية / الدولية المرتبطة بدول القارة ودول الجوار ، ومن هذه المنظمات والهيئات : مجموعة دول أفريقيا والبحر الكاريبي والمحيط الهادئ ACP ، السوق المشتركة لشرق أفريقيا والجنوب الأفريقي COMESA ، جماعة شرق أفريقيا EAC ، مصرف التنمية لشرقي أفريقيا EADB ، بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية MINURSO ، العملية المختلطة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور UNAMID ، بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان UNMISS ، الاتحاد الإفريقي AU ، قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان UNIFIL ، ومنظمات وهيئات أخرى عديدة .
الخاتمة:
وفي ختام بحثنا توصلنا إلى جملة من النتائج والتوصيات ، والتي تتمثل في الآتي :
أولاً : أهم النتائج
• كل صراع فريد من نوعه، ومعالجته تتطلب النظر في طبيعته. ولذلك، لا توجد بشكل عام صيغة واحدة أو “طرق مختصرة سهلة” لتعزيز الوئام الوطني، بل إن الناس لديهم تجارب مشتركة في ثقافات وسياقات مختلفة. إذا انخرطوا في أعمال عنف (شديدة) في حالات الصراع، فقد عانوا أو شهدوا ذلك بغض النظر عن نوع الحرب أو العرق أو الدين، هناك قواسم مشتركة في البحث عن المصالحة، واستنادا إلى تجربة كينيا في المصالحة الوطنية يبدو لمساعدة تلك البلدان التي شهدت صراعات عنيفة كبيرة.
• وتقع على عاتق الدولة مسؤولية تمهيد الطريق وتعزيز المصالحة الوطنية. ويتطلب تشكيل حكومة شاملة وديمقراطية بناء القدرات أو ربط الأقوال بالأفعال. وهذا يتطلب إرادة سياسية قوية من الحكومة (الجديدة). – حكومة ما بعد العنف باعتبارها الفائز الذي لا ينبغي عليه أن يحتفظ بكل شيء.
• تتطلب المصالحة الوطنية الناجحة جهودًا متضافرة من جانب الدولة/الحكومة والجهات الفاعلة غير الحكومية، ويجب أن يتضمن ذلك مساحة آمنة للحوار بين الجهات الفاعلة التي تمثل المستويين الوطني والنخبوي وكذلك المستوى المحلي (الشعبي). يجب أن يتفق الفاعلون على الأهداف الأساسية للمصالحة الوطنية وأولوياتها وآليات تنفيذها. ومن أعظم المزايا هنا الرؤية المشتركة للماضي والمستقبل التي يقبلها الجميع، أي التاريخ والمستقبل المشترك.
• يتطلب نجاح المبادرات المعتمدة آلية إدماج وتنسيق ، كما كان الحال مع لجنتي واكي و كريلغر ولجنة العدالة والحقيقة والمصالحة واللجنة الوطنية للترابط والتكامل ، لتنسيق ورصد وإدماج الجهود كافة المبذولة على المستويين الوطني والمحلي بهدف تعزيز المصالحة ، ويتعين بالتالي على الجهات الفاعلة المشاركة في المصالحة الوطنية أن تدرك أن الوفاق الوطني ما زالت عملية طويلة ومعقدة ودينامية يتوقف نجاحها على اعتماد نهج شامل ومتكامل .
• عندما تصنف كينيا بأنها ضمن أعلى معدل نمو اقتصادي، وأقل معدل بطالة، وأعلى نسب تعليم في القارة الأفريقية، فهذه مؤشرات مهمة ممكن أن تجعل كينيا نموذجاً على الدول التي تعاني ما عانته أن تأخذ خطواتها وتجعل سبيل سياساتها أكثر انفتاحاً سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
ثانياً : التوصيات
• يمكننا الاستفادة من مختلف الوسائل والآليات التي أتخذتها بها الحكومة الكينية سواءً السياسية منها أم الاقتصادية أو الاجتماعية، وهذه التجربة تمثل مرجعية رائدة بالنسبة لدول النزاعات والصراعات لدول مثل(اليمن، سوريا وغيرها). مع الأخذ بعين الاعتبار طبيعة الاختلاف الاجتماعي والسياسي .
• ليس من المستحيل تحقيق النهضة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب مهما كانت الظروف التي يواجهها، وقد أثبتت تجربة كينيا المتميزة ذلك. بل إن مسألة النهضة تتطلب ببساطة الإرادة الجماعية للشعب والقيادة الرشيدة من جانب السلطات.
• الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي ليس بالمهمة السهلة، خاصة في دول العالم الثالث. ولذلك فإن النجاح في هذه البلدان يتطلب قيادة واعية ورؤية استراتيجية مثالية، وتخطيطاً دقيقاً للانتقال من الحروب الأهلية والفقر المدقع إلى النمو وإعادة الإعمار والتنمية الشاملة والمستدامة.
• الاتفاق المثمر هو اتفاق شامل، لأن الأساليب الانتقائية (على سبيل المثال، النظر بتعمد في بعض المظالم لإيذاء الآخرين) فهي أساليب محكوم عليها بالفشل. ويجب أن تؤخذ في الاعتبار جميع القضايا والعوامل المتعلقة بالصراع والعنف ويجب الاستماع إلى جميع الأطراف. (الضحايا/الناجين، الجناة، الشهود والمارة). حيث يجب تنفيذ الجهود الوطنية بمصداقية وشفافية.
المراجع:
المراجع العربية:
• كتاب ماو ماو، ثورة الأحرار في كينيا راشد البراوي 2008
• سياسة كينيا الخارجية فيما بعد الإستقلال عن بريطانيا، ١٩٦٣-١٩٧٨ م: حكم جومو كينياتا ، محمود عبد الحميد سرحان عبده
الرسائل العلمية:
• عبدالستار أبو الحسن، النظام السياسي في كينيا منذ الاستقلال، رسالة دكتوراه ، معهد البحوث والدراسات الأفريقية ، جامعة القاهرة 2009
• رسالة دكتوراه، صدام بن فرج ، الجزائر السياسة الإستعمارية البريطانية جامعة في كينيا (1895-1963م)
الوثائق:
• لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة في كينيا، ويكيبيديا
• تقرير وطني مقدم وفقاً للفقرة 15 أ من مرفق قرار مجلس حقوق الانسان، كينيا ، الجمعية العامة ، الأمم المتحدة
• أرشيف البنك الافريقي للتنمية
التشريعات:
• دستور الجمهورية الكينية 2010
المراجع الاجنبية:
• Manyasa, Emmanuel Okoth. “Ethnicity: An Opportunity or a Bane in Africa‟s Development.” In
East Africa: In Search of National and Regional Renewal. Edited by Felicia Arudo Yieke,
67-79. Dakar, Senegal: CODESRIA Publications, 2005.
• Republic of Kenya, Report of the Commission of Inquiry, pp. 272, 305; for a discussion of the
causes and dimensions of the violence, see Branch and Cheeseman, “Democratization,
Sequencing, and State Failure in Africa: Lessons from Kenya.”
• Republic of Kenya, Report of the Judicial Commission Appointed to Inquire Into Tribal Clashes in Kenya (Akiwumi Report) (Nairobi: Government Printer, 31 July 1999).
• Human Rights Watch/Africa Watch. State-Sponsored Ethnic Violence in Kenya. New York: Human Rights Watch, 1993.
• Government of kenya informations:dec.2002 elections ,on internet:
www.kenyaelictions.com,27/9/2004 .
• The 2007 Elections in Kenya: Independent Review Commission Report (IREC) (Nairobi: Government
Printer, 9 September 2008), 23–24.
• Elections Observer Group (ELOG). The Historic Vote: Final Report on the Kenyan Elections of 2013.
Nairobi: ELOG, 2013.
• European Union. Election Observation Mission to Kenya: General Elections 2013 Final Report.
Brussels: European Union,
• Roger Southall, “Alternatives for Electoral Reform in Kenya: Lessons from Southern Africa,” Journal
of Contemporary African Studies 27, 3 (2009), 456–57.
• Kriegler and Waki Report on 2007 Elections https://www.kas.de/c/document_library/get_file?uuid=d8aa1729-8a9e-7226-acee-8193fd67a21a&groupId=252038
[1]رسالة دكتوراه، صدام بن فرج ، الجزائر السياسة الإستعمارية البريطانية جامعة في كينيا (1895-1963م)
[2]2008 كتاب ماو ماو، ثورة الأحرار في كينيا راشد البراوي
[3] Manyasa, Emmanuel Okoth. “Ethnicity: An Opportunity or a Bane in Africa‟s Development.” In
East Africa: In Search of National and Regional Renewal. Edited by Felicia Arudo Yieke,
67-79. Dakar, Senegal: CODESRIA Publications, 2005.
[4] Republic of Kenya, Report of the Commission of Inquiry, pp. 272, 305; for a discussion of the
causes and dimensions of the violence, see Branch and Cheeseman, “Democratization,
Sequencing, and State Failure in Africa: Lessons from Kenya.”
[5] Republic of Kenya, Report of the Judicial Commission Appointed to Inquire Into Tribal Clashes in Kenya (Akiwumi Report) (Nairobi: Government Printer, 31 July 1999).
[6] Human Rights Watch/Africa Watch. State-Sponsored Ethnic Violence in Kenya. New York:
Human Rights Watch, 1993.
[7] Government of kenya informations:dec.2002 elections ,on internet:
www.kenyaelictions.com,27/9/2004 .
[8] The 2007 Elections in Kenya: Independent Review Commission Report (IREC) (Nairobi: Government
Printer, 9 September 2008), 23–24.
[9] Elections Observer Group (ELOG). The Historic Vote: Final Report on the Kenyan Elections of 2013.
Nairobi: ELOG, 2013.
[10] European Union. Election Observation Mission to Kenya: General Elections 2013 Final Report.
Brussels: European Union,
[11] Roger Southall, “Alternatives for Electoral Reform in Kenya: Lessons from Southern Africa,” Journal
of Contemporary African Studies 27, 3 (2009), 456–57.
[12]Kriegler and Waki Report on 2007 Elections https://www.kas.de/c/document_library/get_file?uuid=d8aa1729-8a9e-7226-acee-8193fd67a21a&groupId=252038
[13] Kriegler and Waki Report on 2007 Elections https://www.kas.de/c/document_library/get_file?uuid=d8aa1729-8a9e-7226-acee-8193fd67a21a&groupId=252038
[14]لجنة الحقيقة والعدالة والمصالحة في كينيا، ويكيبيديا
[15] تقرير وطني مقدم وفقاً للفقرة 15 أ من مرفق قرار مجلس حقوق الانسان، كينيا ، الجمعية العامة ، الأمم المتحدة
[16] عبدالستار أبو الحسن، النظام السياسي في كينيا منذ الاستقلال، رسالة دكتوراه ، معهد البحوث والدراسات الأفريقية ، جامعة القاهرة 2009
[17] أرشيف البنك الافريقي للتنمية
[18] سياسة كينيا الخارجية فيما بعد الإستقلال عن بريطانيا، ١٩٦٣-١٩٧٨ م: حكم جومو كينياتا
محمود عبد الحميد سرحان عبده
تحليلات المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي)
المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات