إعداد: فريق المركز
بعد تأزم الأوضاع عقب ما عُرف لدى فريق من الساسة في السودان بإنقلاب 25 أكتوبر 2021، وما عُرف عند البض بالخطوة التصحيحية، تقدمت منظمة الإيغاد بمبادرة لتسهيل الحوار بين كافة الأطراف بحثا عن حلول جذرية للأمة السودانية وكان لها في الخرطوم مبعوث.
وبعيد اندلاع الحرب الراهنة في الخمس عشر من أبريل 2023، تقدمت الإيغاد بمبادرة أخرى تضمنت مقترحات لحل النزاع، كان أبرزها، وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، وأن يوفد كل طرف مبعوثا يمثله إلى جوبا، وشكلت لجنة منثلاث رؤساء لقيادة المبادرة وصولا لحلول المطلوبة، وهم الرئيس الكيني وليم روتو والرئيس الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت، والرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة، ولكن الانخراط في الحرب ورغبة الانتصار على الآخر كان المسيطر على الموقف ولم تتمكن المنظمة من جمع الأطراف المتقاتلة.
اجتماع اللجنة الثلاثية في جيبوتي
عقدت اللجنة الثلاثية المكلفة بالشأن السوداني اجتماعا قبيل انعقاد قمة الإيغاد في جيبوتي حضره الرؤساء الثلاث، وبحثت القمة المصغرة سبل إنفاذ توصيات منظمة الإيغاد، كما بحثت اللجنة الثلاثية رؤية لحل الأزمة السودانية وتقديمها لقمة الإيغاد التي كان مقررا انعقادها في اليوم التالي.
وفي ذات الوقت نقل السيد مالك عقار نائب رئيس المجلس السياي ورئيس وفد السودان لقمة الإيغاد استعداد رئيس الوزراء الإثيوبي أبي احمد استعداده لزيارة الخرطوم والجلوس مع طرفي النزاع على الرغم من ثقته الكاملة في الوساطات الإفريقية، كما جدد عقار دعوته للقوى الإقليمية والدولية لتوحيد الجهود والعمل بتناغم وتنسيق كاملين، ووصف تعدد منابر الوساطة بالأمر المضر الذي لا يساعد على حل الأزمة.
قمة جيبوتي
انعقدت في جيبوتي الاثنين الثاني عشر من يونيو الجاري القمة العادية الرابعة عشر لرؤساء الدول والحكومات الإفريقية”الإيغاد” وجمعت القمة قادة ومسؤولين من مختلف الدول لمناقشة القضايا الإقليمية والتقدم المحرز في عملية السلام في جنوب السودان بما في ذلك استجابة الهيئة للمساعي الإقليمية، وتحمل القمة عنوان السودان كأبرز الأجندة المطروحة وأكثرها إلحاحا.
حضر القمة كل من الرئيس الكيني وليم روتو والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود والرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة والمستضيف للقمة ورئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، والسيد مالك عقار نائب رئيس المجلس السيادي مترئسا الوفد السوداني، والسيد عثمان صالح وزير الخارجية الإرتري ممثلا للرئيس الإرتري أسياس أفورقي، ومثل أوغندا الجنرال الحاج أودونقو وزير الخارجية الأوغندي، إلى جانب السيد موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي والسيد ورقيني جيبيو السكرتير التنفيذي للإيغاد، وممثل الأمين الأمم المتحدة للقرن الإفريقي، وممثل الصين للقرن الإفريقي وعدد من السفراء المقيمين في جيبوتي.
أعرب المجتمعون عن قلقهم إزاء استمرار القتال وتدهور الوضع الأمني والإنساني في السودان، وأشادوا في هذا الصدد بالجهود الحثيثة التي يبذلها وفد الإيقاد رفيع المستوى برئاسة معالي د. سلفا كير ميارديت، رئيس جمهورية جنوب السودان، من أجل تهدئة الاشتباكات المسلحة وحل النزاع في جمهورية السودان كما ثمن المجتمعون الدول المجاورة لجمهورية السودان وخاصة جمهورية جنوب السودان التي فتحت حدودها على الرغم من مواردها المحدودة وتحدياتها الماثلة لتوفير اللجوء والحماية للاجئين الفارين من الصراع، وطالبوا البلدان المجاورة على اعتماد سياسات وممارسات وتدابير مواتية تسهل الحركة إلى أراضي الدول الأعضاء وداخلها حتى يتجاوز السودان هذه المرحلة الحرجة.
اعتمدت القمة خارطة طريق الإيغاد لحل النزاع في جمهورية السودان تتكون من 4 نقاط على النحو التالي:
1. ضم جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الاتحادية كعضو رابع في الوفد الرفيع المستوى التابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية المعني بعملية السلام في جمهورية السودان؛ سعادة وليام روتو رئيس جمهورية كينيا، لرئاسة دول المجموعة الرباعية المكونة من جيبوتي، إثيوبيا وكينيا وجنوب السودان كلجنة رباعية للعمل عن كثب والتنسيق مع مفوضية الاتحاد الأفريقي.
2. في غضون عشرة (10) أيام، تقوم الرباعية بترتيب لقاء وجهاً لوجه بين سعادة. الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس ادارة مجلس السيادة الانتقالي لجمهورية السودان ، والجنرال محمد حمدان دقلو في احدى عواصم المنطقة.
3. في غضون أسبوعين يجب تأمين وضمان التزام من قيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع لإنشاء ممر إنساني
4. الشروع في عملية سياسية شاملة نحو تسوية سياسية للنزاع في جمهورية السودان في غضون ثلاثة (3) أسابيع وشدد البيان الختامي للقمة على أهمية التشاور والتنسيق مع حكومة السودان فيما يتعلق بالجهود الشاملة التي تهدف إلى حل الصراع الدائر منذ الخمس عشر من أبريل الماضي.
اعتراض أطراف الصراع على الخارطة
اعترض السودان على فقرات من بيان قمة الإيغاد وجاء اعتراض السودان في بيان للخارجية السودانية على عدد من النقاط الرئيسية في خارطة الطريق وقال البيان ان وفد السودان اعترض الفقرات لعدم مناقشتها والاتفاق عليها مع الحكومة السودانية وطالب وفدها السكرتارية بحذفها وعدم تضمينها وفقا للبيان:
1- تتعلق الفقرة الرئيسية في اعتراض السودان رفض السودان لتغيير رئيس اللجنة التي أصبحت بضم إثيوبيا إليها ووفقا لبيان الإيغاد فقد تم اسناد رئاسة اللجة للرئيس الكيني ويم روتو ويرى السودان الإبقاء على رئاسة سلفا كيير ميارديت رئيس جنوب السودان وهو ذات التوجه الذي تبناه من قبل الاتحاد الإفريقي، ويعتبر السودان ان السيد روتو لم يعد محايدا طالما استضاف عناصر من قيادات الدعم السريع
2- الفقرة الثانية جاءت غامضة إلى حد ما وهي طلب السودان حذف أي إشارة توحي بخروج الوساطة من بيت الاتحاد الإفريقي دون توضيحات لذلك.
ولعل الفقرة الأساسية التي لم يتم التصريح بها في بيان الخارجية هو رفض البرهان أي لقاء مع حميدتي، وقد أعلن عن ذلك مرارا بأنه يرفض أي لقاء مع من يصفه بالمتمرد على الجيش والخراج على القانون.
اعتراض الدعم السريع
اعترضت قوات الدعم السريع على المنتديات المتعددة للتسوية السياسية، ودعت إلى توحيد مبادرة الإيغاد مع المبادرة التي توسطت فيها السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، وقال يوسف عزت المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع، الثلاثاء، في بيان إن قوات الدعم السريع “ملتزمة بالمبادرة السعودية الأمريكية باعتبارها منتدى لمناقشة قضايا وقف إطلاق النار والحل السياسي الدائم وأضاف عزت “نقف مع توحيد المبادرة مع المبادرة السعودية الأمريكية التي نتمسك بها”
وعلى الرغم من اعتراض الاطراف السودانية على المبادرة إلا أن الإيغاد مصرة على التمسك بالوساطة الرباعية بقيادة كينيا، ووفقا لمسئولين في المنظمة، فإن تظل القرارات التي تم الإعلان عنها في بيان رسمي لإيجاد سارية حتى يتم مراجعتها رسميًا من قبل رؤساء دول وحكومات الكتلة المكونة من ثمانية أعضاء
وفي بداية يونيو الجاري أطلق الاتحاد الإفريقي خارطة طريق من ست نقاط أهمها على الإطلاق وقف إطلاق النار، وحماية المدنيين والاستجابات الانسانية لتداعيات الحرب وآثارها وبمقارنة المبادرتين نجد أن مبادرة الإيغاد أكثر عملية من تلك التي طرحها الاتحاد الإفريقي لأنها تشتمل على لقاء مباشر بين الطرفين من أجل فتح حوار بينهما بغض النظر عن الاستجابة لذلك.
تعدد المبادرات وتعثر الحلول
منذ تفجر القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع تتالت المبادرات الساعية لإيقاف الحرب وتقديم تصورات ورؤى للخروج من الأزمة الراهنة، ثمة مبادرات محلية وجدت طريقها إلى الجامعة العربية، أو الاتحاد الإفريقي، ومبادرات من منظمة الإيغاد وأخرى من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، والوساطة السعودية الأمريكية، وهي الأكثر حضورا في معالجة التداعيات الإنسانية للحرب، ومبادرة لم تتبلور بعد وتحمل بعدا إنسانيا أكثر وهي المبادرة المصرية القطرية، ولكن ما يجمع كل هذه المبادرات هو انها لم تفلح من تحقيق أدنى مستوى مما دعت إليه بما فيه البعد الإنساني، وإخلاء الأعيان المدنية من المقاتلين وخروج القوات العسكرية من المستشفيات، إلى آخر القائمة، فضلا عن الوصول إلى مرئيات من شأنها إيجاد مخرج سياسي للفوضى الخلاقة التي تجتاح السودان.
من يملك مفتاح الحل
من البديهي ان نقول أن السودانيين هم من بيدهم مفتاح الحل والقرار، ولكن عندما يختارون الحرب لغة للحوار والبندقية وسيلة للحسم، فإن الاتحاد الإفريقي هو من يعنيه الأمر تاليا، حتى مباردة الإيغاد في تقديرنا يجب ان تكون ضمن سياق رؤية الاتحاد الإفريقي، وآلياته المختصة لحل النزاعات، وكل المبادرات الأخرى يجب أن تكون مساندة له دون الحاجة إلى تأسيس منابر متعددة وتشتيت جهودها بيد أن المبادرات المتعددة ليس لديها قوة التنفيذ والإلزام، كما أن الجامعة العربية كان يفترض ان يكون لديها إسهام في الشأن السوداني وهو عضو مهم في المحفل العربي، بأبعاد إفريقية وجيوسياسية مهمة.
خلاصة
مضى شهرين على اندلاع الحرب وما زالت تتسع رقعتها وتتعاظم خسائرها والأوضاع الإنسانية تتفاقم يوما بعد آخر مع إصرار الأطراف المتقاتلة على الحسم العسكري والمؤسسات المعنية لم تقدم حتى الآن حلولا مقبولة فهل سنشهد حسما عسكريا أم تتدخل الحكمة الإفريقية أو الدبلوماسية الحصيفة لتضع حدا للحرب في السودان وهل لدي منظمة الإيغاد تملك قدرة تنفيذ المبادرة فيما يخص جمع قائدي الجيش والدعم السريع؟.