إعداد: فريق المركز
تعتبر القارة الإفريقية أكبر منطقة في العالم تضررا من التغيير المناخي في العالم من الرغم من أنها أقل منطقة في العالم مساهمة في انبعاثات الكربونية المتسببة في الكارثة المناخية.
فالانبعاثات العالمية تنعكس على التغيير المناخي وما ينتج عنه من جفاف، وفيضانات، وتصحر، وأعاصير تعاني منها القارة. فإفريقيا موطن ل 17% من سكان العالم ومع ذلك لا تتجاوز مساهمتها في الانبعاثات 4 %، كما أن القارة تنتظر منذ اتفاقية باريس للمناخ وفاء الدول الغنية بوعودها فيما يتعلق بصرف التزاماتها المالية نحو مساعدة إفريقيا للتكييف مع التغيير المناخي.
في ظل تواصل معاناة الأفارقة من ارتفاع دراجات الحرارة، والمياه الملوثة والجفاف وعدم التزود بالكهرباء فهناك 600 مليون مواطن إفريقي من جملة 1.3 مليار يعانون من انعدام الكهرباء، كما أن القارة التي تذخر باحتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي والطاقات المتجددة الصديقة للبيئة تسعى لحشد دعم مالي غربي للتمكن من استغلال هذه الإمكانيات التي ستنعكس إيجابيا على القارة بصفة خاصة (اقتصاديا، ومناخيا) وعلى العالم بصفة عامة فيما يتعلق بالتغيير المناخي.
ولم يخرج الأفارقة من القمم السابقة سوى بوعود لم تقم الدول الملتزمة بتنفيذيها، لذلك مثلت قمة شرم الشيخ التي تقام في القارة الإفريقية وبقيادة دولة إفريقية (مصر) بصيص أمل للخروج بمكاسب من .COP27 ومن ضمن أهم أسباب تعثر المفاوضات في السابق هو رفض الدول الغربية تقديم المساعدات المالية بدون مساهمة من الصين والهند، اللتان تتغيبان رفقة كل من روسيا وأوكرانيا عن القمة الحالية.
طموحات إفريقية قبيل انعقاد القمة:
قبل انعقاد القمة بنحو شهرين دعا ممثلو 24 دولة إفريقية الدول الغنية إلى احترام التزاماتها المالية المتعلقة بمساعدة القارة الإفريقية على التكييف مع التغيير المناخي عبر تمويل وتنمية مخصصة لعوامل التحول البيئي ولا سيما إفريقيا.
كما أن اللجنة الاقتصادية الافريقية التابعة لأمم المتحدة أكدت على أن أهم أهداف CO27
يتمثل في رفع صوت القادة الأفارقة لحشد المزيد من الدعم الدولي لأجل تعافي القارة.
وحددت الرئاسة المصرية المستضيفة للقمة المناخية بشرم الشيخ أربعة أهداف للدورة 27 كالآتي: التكيف، التخفيف، التمويل، التعاون، وهذه الأهداف من بين أهم المطالب التي ينشدها القادة الأفارقة خلال هذه القمة.
وكانت من ضمن أهم النقاط التي تم الاتفاق عليها من قبل عديد المنظمات والجمعيات الافريقية فيما يتعلق بالمشاريع الأساسية لمقومات التغيرات والتكيف مع المناخ في القارة تتمثل في:
– الزراعة المقاومة للمناخ.
– البنية التحتية المقاومة لتغييرات المناخية.
– إدارة مخاطر المناخ.
– سبل العيش المقاومة للتغيير المناخي.
– التخطيط وتخصيص الموارد.
مطالب القادة الأفارقة خلال قمة المناخ بمصر
كان أبرز مطلب للقادة الأفارقة خلال القمة الوفاء بالالتزامات المالية والحصول على الدعم الغربي لرفع إنتاج الغاز الطبيعي، حيث تذخر القارة الإفريقية بثروات طبيعية كبيرة ومن ضمنها احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي، ويستند القادة الأفارقة في ذلك لقلة نسبة تلوث الغاز الطبيعي مقارنة بالوقود الاحفوري والفحم والنفط.
كما أن القارة تحتوي على إمكانيات طاقية ضخمة من الطاقة المتجددة الصديقة للبيئة كالطاقة الشمسية، فالقارة تستحوذ على نسبة 60% من إمكانيات الطاقة الشمسية في العالم، ولكن يتم حاليا استغلال %1 منها فقط.
وطالب زعماء القارة الدولة الملتزمة بالمساعدات لتمكين %10 فقط من الأفارقة في تزود بالكهرباء، مؤكدين على أن إفريقيا ليست ملزمة بإنقاذ الكوكب على حسابها فهي لم تتسبب في الكارثة المناخية، ولكنها مع ذلك أكثر منطقة متضررة في العالم، وبأن مطالبها في مضاعفة انتاج الغاز 3 أضعاف لن يجاوز مساهمتها في الانبعاثات الحالية العالمية نسبة %0.67.
لذلك يمكن تلخيص المطالب الإفريقية في أربع نقاط كبرى:
– التزام الدول الغنية بالتزاماتها المالية لمساعدة افريقيا على التكييف المناخي.
– استغلال الاحتياطات الافريقية.
– توليد الكهرباء.
– زيادة الصادرات لأوروبا.
وهذا ما أكد عليه رئيس الاتحاد الافريقي ورئيس السنغال ماكي سال في الكلمة التي ألقاها خلال فعاليات القمة، قائلا إن إفريقيا قوة تدفع التنمية بقدر منخفض من الكربون، على الرغم من أن القارة تساهم بأقل من 4 % من غازات الاحتباس الحراري العالمية.
ومضيفا بأن من يلوث أكثر من غيره هو من “يجب أن يدفع أكثر من أجل إخراج كوكبنا من مسار أزمة المناخ هذه.”
وتدعم الدول الأوروبية الطرح الإفريقي فيما يتعلق باستخراج وتصدير الغاز الطبيعي نحوها بسبب بحثها عن بدائل للغاز الروسي وهذا الهدف الذي تسعى إليه أوروبا في الاستغناء عن الغاز الروسي نهائيا خلال سنة 2030، ولذلك ستكون القارة الإفريقية هي البديل، وقد بدأت العديد المشاريع بين الدول الإفريقية والدول الأوربية فيما يتعلق بالغاز الطبيعي كالجزائر، ونيجيريا، ومصر كبار منتجي الغاز الطبيعي في القارة.
احتجاجات إفريقية على هامش أشغال القمة
تصدرت المسيرات الاحتجاجية التي نظمتها عديد الجمعيات والمنظمات الدولية فعاليات القمة المناخية بشرم الشيخ وكان أبرزها الاحتجاجات التي نظمتها المنظمات الإفريقية، فقد نظمت قافلة المناخ الإفريقية رفقة 375 منظمة و28 دولة إفريقية مسيرة احتجاجية تحمل فيها الدول الغنية مسؤولية الأضرار الناجمة عن ظاهر الاحتباس الحراري، كما نظمت مجموعة أخرى مكونة من 100 دولة من القارة وممثلين من جنسيات مسيرة أخرى تحت مسمى ” شعلة العدالة المناخية “ التي تم اعتبارها ” صوت شعب إفريقيا” تحت شعار ” ألا ترون لا نريد سوى العدالة المناخية “.
وعلى هامش القمة نظم مسؤول كونغولي مسيرة تطالب العالم بتقديم التزاماته نحو دولة الكونغو الديمقراطية التي تعتبر من بين أهم الدول في قضية التغيير المناخي باعتبارها رئة الكوكب الخضراء لاحتوائها غابات حوض الكونغو.
أهم مكاسب الدول الإفريقية خلال أشغال قمة المناخ 27
– تقديم الولايات المتحدة لمساعدات بقيمة 500 مليون دولار لدعم مصر في التحول إلى الطاقة النظيفة.
– توقيع مصر 8 اتفاقيات لتطوير مشاريع الطاقة بقيمة 83 مليار دولار في قطاع الطاقة المتجددة.
– الربط الكهربائي بين مصر واليونان، الذي يعتبر ممر جديد لتبادل الطاقة النظيفة بين أوروبا وشمال إفريقيا.
– رصد ولايات المتحدة الأمريكية ل 2 مليار دولار لتنفيذ مشاريع طاقة شمسية جديدة في أنغولا.
– إطلاق روندا مرفقا ب 46 مليون يورو بالشراكة مع ألمانيا لتمويل مؤسسات حكومية التي تعمل على تنفيذ خطة العمل المناخي وجلب مستثمرين لدعم رحلة النمو الأخضر في روندا.
– التأكيد على الالتزام الغربي بتقديم 100 مليار دولار سنويا للتكيف ومجابهة آثار العوامل المناخية على الدول الإفريقية.
– إحداث صندوق خاص بالخسائر والأضرار وهو من بين ضمن اهم مكاسب هذه القمة بالنسبة لدول الإفريقية.
استمرت القمة لأكثر من أسبوعين حيث انطلقت أشغالها يوم 6 نوفمبر وتم تمديد فيها ليوم كامل لتنتهي المفاوضات دون الوصول إلى اتفاق فجر يوم الأحد 20 نوفمبر 2022 فيما يتعلق بصرف المساعدة التي تم الالتزام بها من قبل الدول الغنية، وقدد هددت دول الاتحاد الأوروبي من الانسحاب من المفاوضات عديد المرات خلال الأيام الأخيرة للقمة بسبب رفض كل من الصين والهند المساهمة في هذه المساعدات باعتبارهما من بين أكبر الدول المساهمة في الانبعاثات. وبالرغم من الخروج من القمة بأهم مكسب وهو المتمثل في إحداث صندوق التعويضات عن الخسائر والأضرار، لكن يبقى ملف الالتزامات السابقة أهم بكثير لانطلاق القارة في بعث المشاريع المساعدة على التكييف مع التغيير المناخي.