إعداد فريق المركز
أسبوع من المواجهات الدامية
منذ ان اندلعت المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 ابريل الجاري اتسعت رقعة المواجهات لتشمل مروي في الشمال ودارفور وكردفان في الغرب، إضافة إلى مستوى أدنى في بعض الولايات الشرقية والنيل الأزرق، مع تركز القتال في العاصمة الخرطوم حيث مواقع إدارة البلاد الرئيسية، .سرعان ما انخفضت المواجهات في الولايات، ماعدا شمال وجنوب دارفور التي ما تزال فيها بعض الجيوب
الخرطوم مركز الصراع
تركزت المواجهات بين الجيش والدعم السريع في الخرطوم التي خططت قيادة الدعم السريع للاستيلاء على مراكز قيادة البلاد فيها، وركزت كل جهدها من أجل السيطرة على أربعة مراكز رئيسية والتي تمكنها من بسط سيطرتها الكاملة على السودان لو سيطرت عليها وهي:
- القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية
- القصر الجمهوري
- هيئة الإذاعة والتلفيزيون
- مطار الخرطوم الدولي
إضافة إلى السيطرة على عدد من المطارات الولائية في مروي ونيالا والفاشر، ويبدوا إصرار الدعم السريع واضحا من خلال الكر والفر المستمر منذ اندلاع الحرب بين الطرفين حول هذه المراكز الرئيسية التي لم تشهد هدوءا إلا لتبدأ جولة أخرى من المواجهات فيها، هذه غير المواقع التي تشكل مراكز قيادة للدعم السريع في عدد من مناطق العاصمة.
الموقف الميداني
منح سلاح الطيران تفوقا للجيش على قوات الدعم السريع ما مكنه من تدمير المقرات الرئيسية للدعم السريع ومراكز القيادة الأساسية، ولكن ولأن معركة الخرطوم تعتبر مفصلية بالنسبة له فقد حاول جلب تعزيز موقفه في العاصمة من الأطراف:
ــــ انضمت القوات التي نجت من معركة مروي إلى قوات الدعم السريع في أم درمان
ـــــ متحرك قادم من الأبيض حاول الالتفاف إلى الخرطوم تصدى له الطيران الحربي وتم تشتيته
ــــ أرتال من قوات الدعم السريع تحركت من الفاشر في دارفور بعدد 97 سيارة وشاحنات محملة بالوقد تم قصفها بالطيران الحربي
تشير بيانات الجيش إلى القضاء عليها وتشتيتها ولكن تفيد مصادر الدعم السريع بوصول بعضها الى الخرطوم
بالمقابل عزز الجيش السوداني موقف العملياتي بوصول تعزيزات كبيرة من عدد من الولايات مثل الدمازين في ولاية النيل الأزرق، والقضارف والفشقة ومن مشاة الفرقة الثالثة شندي والمدفعية عطبرة في سياق إحكام الخصار على فلول قوات الدعم السريع التي بدأت تتمركز بشكل عشوائي في الأحياء السكنية.
يمكن تلخيص الموقف الميداني وفق آخر تقارير الرصد والمابعة لعدد من المصادر الخاصة والإعلامية العامة:
- هيمن الجيش على كافة مقار الدعم السريع في الولايات ما عدا ولايتين في غرب السودان ما تزال فيها مواجهات محدودة شمال دارفور وجنوب دارفور
- سيطر الجيش على كافة المقرات الرئيسية في الخرطوم وشتت قوات الدعم السريع داخل الأحياء السكنية ما عدا بعض المقار الإدارية والتي تتواجد أيضا داخل الأحياء.
- بعض ضرب مقراتها الرئيسية استولت قوات الدعم السريع على المقار الحكومية مثل مبنى السجل المدني بوزراة الداخلية ووزراة مجلس الوزراء والاستيلاء على منازل موظفين حكوميين،
- بعد فقدانها لمواقها الرئيسية وانقطاع خطوط الإمداد شرعت مجموعات من الدعم السريع في نهب الأسواق والمتاجر ومتلكات المواطنين
- سطت مجموعات من قوات الدعم السريع على بنك السودان المركزي فرع ولاية الخرطوم ونهبت الأموال الطائلة منه لتوفير مصادر تمويل
- يستخدم الجيش سياسة إنهاء وجود الدعم السريع عبر استراتيجية تنظيف الأطراف وصولا لمحاصرته في أضيق نطاق من أجل الاستسلام أو الحسم العسكري إذا تعذر الأمر.
خرق اتفاقات الهدنة
لم تنجح حتى الآن عدد من مبادرات الهدنة كان آخرها هدنة العيد التي اتفق عليها مطلع العيد على ان تستمر بسبب خرقها من قبل الدعم السريع حسب بيانات وتصريحات القيادة العامة للقوات المسلحة
مواقف واصطفافات
على مستوى الرأي العام السوداني تجد القوات المسلحة السودانية تأييدا كبيرا وسط السودانيين حتى مستوى النخب التي كانت وما تزال تبدي رايا معارضا لموقف الجيش من الانخراط في الشأن السياسي ابدت موقفا مؤيدا للجيش باعتبار انه يخوض معركة فرض سيادة ضد مليشيات كان يُفترض ان تأتمر بأمره:
- القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري: في اليوم الأول ناشدت الجيش والدعم السريع لإيقاف الحرب والعودة للمسار السلمي بالعمل مع الآلية الثلاثية والرباعية، وبعد مرور ثلاثة أيام على الحرب طالبت بالتدخل ولكن بعد مرور الأسبوع الأول من الحرب صرحت بعض قيادات المجلس المركزي عن البحث عن البدائل الديمقراطية، هذا فضلا عن اتهام المؤتمر الوطني المحلول بإشعال الحرب وتدمير العملية السياسية في ذات الوقت تشير أصابع الاتهام بأن قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، تقف داعمة للدعم السريع.
- قوى التيار الإسلامي العريض: تقف مؤيدة الجيش وتتهم اتهاما مباشرة لقوى الحرية والتغيير بأنها من استخدمت الدعم السريع بالتنسيق مع قوى إقليمية، يسندها في هذا الموقف الاتحاد الديمقراطي بقيادة السيد محمد عثمان الميرغني
- بعض التيارات الصوفية أعلنت تأييدها للجيش، إضافة إلى مجلس الصحوة الذي يقوده السيد موسى هلال وهو معروف بمنافسته لقائد الدعم السريع وتربطه صلات قرابة به.
الموقف الإقليمي
دول الجوار
تتالت الاتصالات من دول الإقليم تطلب التوسط بين الطرفين المتقاتلين ابتداء من الرئيس المصري ورئيس دولة جنوب السودان ومن رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي ومجموعة دول الإيقاد التي يراسها السودان في هذه الدورة ولكن لم تتبلور حتى الآن مبادرة واضحة المعالم تفصل خطوات التوسط وطرق حل الخلاف.
ولكن نستطيع القول إن مواقف دول المحيط السوداني يميل لصالح الجيش إن لن تكن تصريحا ففي بعض الجوانب العملية التي اتخذتها تجاه الحرب ونتائجها على المستوى المباشر مثل تشاد ومصر أما إثيوبيا التي اتهمت سابقا تواطؤ الجيش مع التقراي في حرب السنتين الأخيرتين فيبدوا غامضا على أقل تقدير بينما يعتبره البعض تصنيفه في كفة الدعم السريع، كما يلاحظ غموض الموقف الإرتري تجاه ما يجري في السودان خاصة وأن قائد الدعم السريع حميدتي كان في زيارة لها في فترة الاستعداد للحرب، وقدتم تداول معلومات عبر وسائط بأن حميدتي طلب من الرئيس الإرتري مساعدة في مواجهته للجيش. دون أن تؤكدها أو تنفيها إرتريا.
اتهامات بضلوع أطراف إقليمية
تداول إعلاميون وناشطون بل وسياسيون أن عمليات الدعم السريع هو انقلاب تديره أطراف إقليمية بالتنسيق مع مجموعة الاتفاق الإطاري تتقاطع مصالحها في التخلص من الجيش عبر عناوين الإصلاح وإعادة الهيكلة، باعتبار أن الجيش والأجهزة الأمنية المختلفة معاقل للنظام السابق ويصعب السيطرة عليه إلا عبر قوى جديدة تخدم هذه الاستراتيجية، وهي اتهامات غير موثقة، غير أن الاتهامات التي توجهها قوى الحرية والتغيير بأن فلول النظام البائد هم من أشعل الحرب، مع قراءة الوقوف الصلب للقوى الإسلامية على وجه العموم خلف الجيش يشير إلى نسبة عالية من صحة هذا الزعم.
إجلاء الأطقم الدبلوماسية والرعايا الأجانب
بعد تحول الخرطوم عاصمة البلاد ومركزها السياسي إلى مسرح عمليات حربية بين الجيش والدعم السريع الذي انتشر في الأحياء السكنية واستغل منازل المواطنين في المواجهات العسكرية بعد ان فقد مراكزه الرئيسية، وتراجع حالة الاطمئنان والسلامة الشخصية، فقررت الدول إجلاء دبلوماسييها ورعاياها، وقد أجلت عدد من الدول رعاياها من الدبلوماسيين ومواطنيها عبر عمليات معقدة بسبب إغلاق المجال الجوي السوداني حتى 30 ابريل الجاري، تم إجلاء البعض برا عبر بورتسودان التي تبعد عن العاصمة أكثر من 1170 كلم، وبعض الدول تمكنت من التنسيق مع طرفي القتال ليتم الإجلاء عبر مطار الخرطوم، وحسب آخر التقارير من وكالة الأناضول فإن هناك 28 دولة تعمل جاهدة وتسابق الزمن لإجلاء رعاياها وقد اغلق بعضها السفارات مؤقتا بسبب الظروف الأمنية.
مواقف القوى الدولية
على الرغم من إقرار الدول الغربية أهمية استقرار السودان بالنسبة لها إلا أن المواقف لا تزال تنظر إلى ما يدور في السودان بعين الحذر والريبة، وسبب ذلك يعود إلى كون الطرفين المتقاتلين ليسوا حلفاء لها بل تنظر إلى قائد الدعم السريع باعتباره خطرا محتملا على مصالحها لارتباطاته بالروس عبر مرتزقة فاغنر التي تربطها علاقات وطيدة معه، هذا غير سجل حميدتي في حرب دارفور السابقة، وكونه أحد الذين ذكرت أسمائهم في المطلوبين للعدالة الدولية في لاهاي.
فالولايات المتحدة الأمريكية جاء على لسان المتحدث باسم خارجيتها أن واشنطن تتشاور عن كثب مع الشركاء الإقليميين وغيرهم بشأن الوضع في السودان، وتدعو جميع الأطراف إلى نبذ العنف والعودة للمفاوضات.
وقال جوسيب بوريل مبعوث الاتحاد الأوروبي وفقا للبي بي سي إن الاتحاد الأوروبي سيواصل العمل من أجل التوصل إلى تسوية سياسية للصراع في السودان على الرغم من الإجلاء الأخير للموظفين الدبلوماسيين وغيرهم من مواطني الاتحاد الأوروبي من البلاد. وأضاف بوريل قبل اجتماع مع وزراء الخارجية في الاتحاد الأوروبي: “علينا أن نستمر في الضغط من أجل تسوية سياسية. لا يمكننا تحمل تكاليف انفجار الوضع في السودان لأن هذا سيكون له ردات فعل صادمة في جميع أنحاء إفريقيا.
منع من السفر واحتجاز وثائق السفر
وفقا لموقع كواليس الإخباري فإن الجيش منع سفر كل من مريم الصادق المهدي نائب الأمين العام لحزب الأمة والمهندس خالد عمر يوسف الناطق الرسمي للعملية السياسية والاتفاق الإطاري، وعمر الدقير الرئيس السابق لحزب المؤتمر السوداني وعدد من منسوبي المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، كما كشفت على لسان جهاز المخابرات بأنه وضع يده على وثائق تكشف التنسيق بين قوى الحرية والتغيير وقوات الدعم السريع، واطلق حملة اعتقالات جراء ذلك
خلاصات
انتهت هدنة العيد ولم تتوقف الحرب، وتمترس الدعم السريع وسط الأحياء السكنية، وليس هناك حديث من الطرفين عن إيقاف الحرب، ويسعى كل طرف لتعزيز موقفه الميداني، بتعزيزات من خارج الخرطوم، استعداد للمعركة الحاسمة، مع جنوح الدعم السريع إلى ممارسة الضغط على المواطنين من خلال التضييق عليهم واستخدام منازلهم للقنص والاختباء، وإطلاق آلاف السجناء من سجون الخرطوم في سوبا وسجن كوبر في بحري وسجن الهدى في أم درمان، لإضافة إلى المناوشات في المراكز الرئيسية التي يتركز فيها تواجد الدعم السريع الذي يغلب على حركته الكر والفر.
بالمقابل وفي ظل شح الخدمات وحالة الخوف بدأ سكان الخرطوم في البحث عن مناطق آمنة فتوجه العديد منهم إلى الولايات، فضلا عن تكدس المستشفيات بالجرحى في ظل انعدام المعينات الطبية، العدية والطارئة، مما رفع توقعات إخلاء الخرطوم من السكان لتتهيأ لسجال الحرب التي لا يُعلم ومتى تتوقف.
في تعميم عن الموقف العملياتي صدر في 24 ابريل طمأن الجيش بأنه يستمر في توسيع نطاق تأمين منطقة الخرطوم بالتدرج مع تجنب إلحاق الأضرار بالمدنيين العزل، وجدد الجيش نداءه لقوات الدعم السريع أن مؤسستهم السابقة لم يعد لها مكان ضمن المنظومة الأمنية بالبلاد بعد تمردها ، وبالتالي ندعوهم للانضمام إلى صفوف القوات المسلحة السودانية والخروج من دائرة التمرد على الدولة ، وذلك عن طريق التبليغ لأقرب وحدة عسكرية وسيتم استيعابهم بجيش البلاد من تاريخ التبليغ طبقا لقرارات السيد القائد العام للقوات المسلحة.