إعداد: فريق المركز
خفت حدة المواجهات رغما عن تواصل القتال في الخرطوم وعدد من الولايات في دارفور، والهدنة الثانية عشر على مشارف الانتهاء، وما زال حدود الوساطات الزام الأطراف المصارعة بالتزام قوانين الحرب المعروفة وتجنيب المدنيين ميدان الحرب المباشرة، وضمان السماح لإيصال المعونات الإنسانية للمحاصرين في الأحياء التي تتخذها قوات الدعم السريع مواقع وتمركزات، مع تحركات دبلوماسية متواضعة في الاتحاد الإفريقي ومطالبات السودان بتغيير المبعوث الأممي كانت أبرز الأحداث التي ميزت الأسبوع المنصرم في السودان.
واقع العمليات الميدانية
لاحظت الوساطة الأمريكية السعودية تحسنا ملحوظا في مستوى العمليات العسكرية من حيث العدد والنوع مع إقرارها بوجود الانتهاكات وتواص القتال بين الطرفين، وأن اللجنة المعنية بالمراقبة رصدت انتهاكات في عدد من مناطق الاحتكاك بتاريخ 24 مايو. وأكدت الخارجية الأمريكية أنها على تواصل مع أطراف الصراع في السودان، وأن واشنطن لن تتردد في استخدام جميع الأدوات المناسبة لمحسبة الأطراف المتصارعة إذا الأمر ذلك.
تركزت المواجهات الأعنف في الأسبوع الماضي في ثلاث مواقع، تحاول قوات الدعم السريع تحييدها منذ ما يزيد على الأسبوعين وهي قاعدة وادي سيدنا العسكرية، وهي القاعدة التي ينطلق منها الطيران لضرب متحركات الدعم السريع أيا كان حجمها، وسلاح المهندسين وهو سلاح مركزي للجيش في مواجهة الخصوم إضافة إلى قيادة سلاح المدرعات بمنطقة الشجرة جنوبي الخرطوم، ولم تحقق أية اختراقات حتى الآن بل تكبدت خسائر كبيرة في كل محاولة ويبدوا ان قوات الدعم السريع لن تتوقف محاولاتها مل دام الحل عسكري وفي اتجاه واحد، مع وجود بعض الحالات في بعض مناطق تمركز الدعم السريع، إذ توقفت المواجهات في المناطق الرئيسية التي بدأت فيها المواجهات الأولى.
شهدت دافور الأسبوع المنصرم اشتباكات في مدينة الفاشر ولاية شمال دارفور حيث صرحت بيانات الجيش انه تم صد الجيش هجوما كبيرا للدعم السريع على مدينة الفاشر، كما شهدت مدينة الجنينة اشتباكات عنيفة وهي لا تقف إلا لتبدأ حيث التوتر القبلي أسبق للحرب الحالية، كما جاءت تأكيدات من الجيش بتمكنه من فك الحصار الذي ظلت تعانيه مدينة زالنجي منذ أسبوع من قبل قوات الدعم السريع، ما تسبب في انطاع كامل للخدمات.
استهداف النظام الصحي
وفقا لبيانات وزارة الصحة في الخرطوم فإن قوات الدعم السريع تواصل استهداف المستشفيات حيث هجمت الأسبوع الماضي على مستشفى أحمد قاسم لجراحة القلب واستولت عليه بعد إخلاء المرضى، وجعلته أحد مواقع تمركزها، كما هجمت على مستشفى البان جديد التعليمي الواقع جنوبي الخرطوم ومستشفى أم درمان لترتفع أعداد المستشفيات التي تتمركز فيها قوات الدعم السريع إلى 29 مستشفى وعدد 6 مؤسسات صحية حيوية، والاستيلاء على 21 عربة إسعاف.
حميدتي في تسجيل جديد
بعد فترة تم فيها تداول أخبار عن احتمالات وفاة حميدتي قائد الدعم السريع ظهر في تسجيل جديد يؤكد ان قواتهم لن تتراجع حتى تنعي الانقلاب، ونفى هذه المرة وجود عداء مع قواته والجيش وأن الحرب قد فُرضت عليهم مؤكدا على حرصهم على سلامة البلاد والشعب، وقال أن قادة النظام المباد المتطرف مع قادة الانقلاب في الجيش خططوا لقطع الطريق أمام التحول الديمقراطي، مشددا على تمسك الدعم السريع باستعادة التحول الديمقراطي، وإنهاء الحلقة الشريرة التي دمرت السودان حسب التسجيل وأكد قائلا أنن لن نتراجع إلا بإنهاء الانقلاب ومحاكمة كل من أجرم في حق الشعب السوداني إلى المسار الديمقراطي، وخاطب البرهان قائلا: جمع قرارتك لا تسمن ولا تغني من جوع.
الجيش يستولي على شحنة سلاح في طريقها للدعم السريع
صرح الجيش السوداني باعتراضه شحنة سلاح مهربة من دولة مجاورة لم يسمها كانت في طريقها للدعم السريع، وتم القبض على الأسلحة في على سواحل البحر الأحمر جنوبي منطقة سواكن، وأشارت الاستخبارات العسكرية أنها كانت ترصد نشاط مجموعات تعمل في تهريب السلاح منخرطة في جلب السلاح في المناطق الشرقية تمهيدا لتوصيلها للدعم السريع.
الجيش يسلح المتقاعدين
في بيان أذاعه وزير الدفاع وتباين الفهم حوله، استدعت فيه قيادة القوات المسلحة المتقاعدين من الضباط وضباط الصف والجنود، ما دون ال 65 سنة، وأن يبلغوا في أقرب نقطة عسكرية للجيش واستلام الأسلحة بعد تسجيل أنفسهم للدفاع عن أنفسهم وجيرانه، وجاء هذا الإجراء على خلفية حملة الاعتقالات التي قامت بها قوات الدعم السريع لكل من له صلة بالجيش سواء كان يعمل او في المعاش.
فيما أشيع في بداية الأمر أن القرار يستدعي قوات الاحتياط من الضباط وضباط الصف والجنود من أجل إسناد الجيش في قتاله ضد الدعم السريع، ولدعم الجهود العسكرية، ممن تتوفر فيهم شروط اللياقة الطبية والبدنية والقدرة على حمل السلاح، وأنه يجب ان ينفذ القرار مع نهاية الهدنة التي بدأت من 22 مايو،,ويستمر لمدة أسبوع ولكن في توضيحات لاحقة تم تصحيح المطلوب وهو تسليح المتقاعدين من أجل الدفاع عن أنفسهم.
حاكم دارفور يدعوا المواطنين لحمل السلاح
دعا السيد مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور المواطنين في الإقليم لحمل السلاح لحماية أنفسهم وممتلكاتهم حيث قال: لقد تضاعفت الاعتداءات على المواطنين، لذا أدعوا موطنينا الكرام جميعا أهل دارفور شيبا وشباب نساء ورجال أدعوهم لحمل السلاح ونحن حركات الكفاح سنسندهم في جميع حالات الدفاع
البرهان يطلب استبدال فولكر
فجر الفريق البرهان قنبلة في وجه الأمم المتحدة إذ خاطب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش طالبا استبدال مبعوث الأمم المتحدة فولكر بيريتس متهما إياه بالمساهمة بالوصول بالنزاع السوداني إلى مستوى الحلقة الدامية وذلك بسبب اسلوبه المنحاز ودعاه بترشيح بديل له لارتكابه تزويرا وتضليلا أثناء قيادته العملية السياسية والتي تحولت إلى حرب مدمرة. وقال البرهان في خطابه: إن بيريتس مارس تضليلا وتدليسا بزعم الاجماع على الاتفاق الإطاري مضيفا .. أصر على فرض الاتفاق الإطاري بوسائل وأساليب غير أمينة، رغم ما اعترى الاتفاق من ضعف وثغرات الأمر الذي أفضى إلى ما حدث من تمرد ومواجهات عسكرية، وأن حمدان دقلو ما أقدم على ما أقدم عليه لولا تلقيه إشارات ضمان وتشجيع من أطراف بينها المبعوث الأممي.
في المقابل رفض الأمين العام للأمم المتحدة طلب البرهان وجدد ثقته في فولكر قائلا إنه فخور بالعمل الذي قام به فولكر مؤكدا ثقته الكاملة بمبعوثه الخاص، جاء ذلك على لسان الناطق الرسمي للأمين العام السيد استيفان دوجاريك
إحاطة فولكر في الأمم المتحدة
قدم مبعوث الأمين العام فولكر بيريتس إحاطة حول الأوضاع في الأمم المتحدة، وكان أبرز ما جاء في إحاطته: الوقت محدود بالنسبة للسودانيين للتوصل إلى حل سياسي لإيجاد مخرج للأزمة، وأنه قد صرح سابقا إن المحادثات لن تنتج إلا في بيئة مواتية، كما قال أنهم في البعثة حثوا السلطات على ضرورة التواصل مع الجمهور لكي يوضحوا لهم بأنهم يدعمون الحوار باعتباره السبيل الوحيد للتوصل إلى حل سياسي ولا يزال الجمود السياسي يتسبب في خسائر اجتماعية واقتصادية فادحة. مؤكدا على أن أعداد السودانيين الذين يواجهون الجوع الحاد سيرتفع إلى 18 مليون نسمة بحلول سبتمبر القادم، وقال أيضا أنه إذا لم يتم إيجاد حل للمأزق الحالي فإنه ستتجاوز العواقب حدود السودان ولجيل كامل. الأزمة التي تواجه السودان محلية ولا يمكن حلها إلا من قبل السودانيين ويدرك السودانيون أن البيئة الجيوسياسية أصبحت أكثر صعوبة ,ان نظرة المجتمع الدولي بدأت تنحرف عن السودان.
الأوضاع الإنسانية
أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن القتال تسبب في نزوح أكثر من 1.3 مليون نسمة، وأن أكثر من مليون شخص فروا من منازلهم في العاصمة إلى المناطق الأكثر أمنا، كما لجأ أكثر من 320 ألف شخص إلى دول الجوار مصر وتشاد وإفريقيا الوسطى وجنوب السودان وليبيا.
وحذر مدير مكتب الصليب الأحمر في السودان الفونسو فورد من أنهم يواجهون انهيارا مفصليا للنظام الصحي ولم تعد تعمل سوى 20% من المنشآت الصحية بالخرطوم، في وقت يواجه السكان فيه مسيس الحاجة إليها.
تحرك الاتحاد الإفريقي في الشأن السوداني
عقد مجلس السلم والأمن الإفريقي السبت اجتماعا على مستوى رؤساء الدول والحكومات في مقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا لبحث الأزمة السودانية وقدم رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي السيد موسى فقي تقريرا للقادة يتضمن رؤية الاتحاد الإفريقي لحل الأزمة السودانية.
تضمنت الرؤية وقفاً شاملاً لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وإيصال المساعدات الإنسانية، واستئناف حوار شامل يضم كافة السودانيين. وقال فكي إن مجلس السلم والأمن يطالب بإشراك المدنيين في مفاوضات وقف إطلاق النار بالسودان وهو ما توجست مه الحكومة السودانية خشية العودة إلى مربع التناحر السياسي وتدخل أطراف لديها أجندة خاصة.
وفي سياق متصل قال مجلس السلم والأمن الإفريقي إنه لا حل عسكرياً في السودان، داعياً إلى وقف القتال فوراً من دون شروط مسبقة. وأضاف البيان أن القتال في السودان سببه اختلاف الرؤى بشأن الاتفاق الإطاري الموقع في ديسمبر كانون الأول الماضي.
ودعا المجلس لإدخال المدنيين كطرف ثالث في المفاوضات لوقف الحرب التي تسببت في نزوح نحو مليون ألف شخص حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري، حسب البيان. وأكد المجلس ضرورة تأسيس آليات للرقابة، والتحقق من وقف إطلاق النار، وحماية المنشآت الحيوية للمدنيين، مثل مطار الخرطوم.
في المقابل كان رد الحكومة السودانية عنيفا على تحركات الاتحاد الإفريقي إذ هددت الحكومة بالانسحاب من الاتحاد الإفريقي إذا اتخذت أي خطوات بشأن السودان دون مشاورته، وتحدثت أوساط سودانية [انه لا يحق للاتحاد أن يتخذ قرارات بشأن السودان في غيابه باعتبار أن عضويته مجمدة في الاتحاد.
خاتمة
تتعالى الأصوات في أوسط ساكني الخرطوم ضجرا من تأخر حسم التفلتات وعمليات النهب التي يتعرضون لها في ممتلكاتهم، فقد قدرت بعض الجهات ان عدد السيارات المسروقة تجاوز 10 آلاف سيارة فضلا عن حسم قوات الدعم السريع التي تتمركز في الأحياء السكنية وتتخذ من المنازل خنادق ونقاط ارتكاز ومواقع لقيادة العمليات، سواء كانت مع الجيش أو عمليات النهب التي تُتّهم فيها هي، ودعوات تتكرر من ناشطين بتسليحهم في الأحياء وللدفاع عن أعراضهم وممتلكاتهم، في ظل تعرضهم لهجمات من عدد من الجهات المجهولة مستغلين انعدام الجهات المعنية بحماية الممتلكات العامة، فهل تأتي خطوة الجيش في تسليح المعاشيين ضمن خطوات لتسليح الشعب للدفاع عن نفسه، أم لدى الجيش مشروع آخر لحسم المعركة وإنهاء سيطرة الدعم السريع على عدد من أحياء الخرطوم.