إصداراتتقدير موقف

معركة السيطرة على الخرطوم: المشهد السوداني في الأسبوع العاشر 5 يوليو

إعداد: فريق المركز

معركة السيطرة على الخرطوم
الحرب في الخرطوم في أسبوعها العاشر

ما زال الكر والفر بين الجيش وقوات الدعم السريع المتمردة هو سيد الموقف في الخرطوم مع محاولات الدعم السريع للتخفيف عن حصاره في الخرطوم، بفتح جبهات أخرى في بعض ولايات دارفور، هذا غير الجبهات التي فتحتها الحركة الشعبية التي يقودها الحلو، في جنوب كردفان ومنطقة النيل الأزرق، ما دعا الفريق البرهان إلى دعوة الشباب السوداني لحمل السلاح سواء كان من أجل حماية نفسه وأحياءه أو التحاقا بالجيش في أقرب منطقة عسكرية.

واقع العمليات الميدانية
من واقع المتابعات ليوميات الحرب في الأسبوعين الأخير يلاحظ المراقبون بجلاء ارتفاع المواجهات كما ونوعا، وباتت أكثر شراسة كأنما تسعى الأطراف إلى تحقيق نصر سريع وساحق، ومن ثم فرض واقع لا يجد الطرف الآخر إلا بالتعامل معه ، خاصة وقد ترددت في الفترة الأخيرة أخبار تشير إلى احتمال لجوء الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها للفصل السابع مع مطالب من المؤسسات الإفريقية القارية بجعل الخرطوم خالية من السلاح.
 كان أكبر فصول المعارك في الأسبوعين الأخيرين هو سيطرة قوات الدعم السريع على رئاسة قوات الاحتياطي المركزي بعد معارك ضارية استمرت لأربعة أيام متتالية حيث حاصرت قوات الدعم السريع القاعدة من اتجاهات عديدة، وقبلها عدد من المحاولات الفاشلة، بحكم أن قاعدة الاحتياطي المركزي قريبة من معسكر طيبة الرئيسي للدعم السريع، غير ما تتيحه سيطرتهم على هذه القاعدة من التحكم في أهم منفذ لولاية الخرطوم إلى اتجاه الجنوب مرورا بجبل أولياء حيث قاعدة النجومي العسكرية التي استعاد الجيش السيطرة عليها منذ فترة.
– كما تكررت محاولات الدعم السريع للسيطرة على قيادة المدرعات في منطقة الشجرة ولم تكف عن المحاولات، باستخدام كل أنواع الأسلحة بما فيها المسيرات القتالية، ومن أجل تحقيق ذلك تتمركز مجموعات من المقاتلين في الأحياء المجاورة للقاعدة وتستمر في المحاولات مرة بعد أخرى
– ثالث هدف ظلت المواجهات فيه مستمرة وبشراسة كبيرة وهو قيادة سلاح المهندسين الذي تدار منه المعارك في أم درمان والتي تعتبر منفذ مهما للخروج والدخول، فضلا عن إدخال المهمات العسكرية التي تستقدمها قوات الدعم السريع من خارج ولاية الخرطوم سواء كانت محلية أو من خارج السودان.
– شن الطيران الحربي طلعات كبيرة على عدد من المواقع والارتكازات التابعة للدعم السريع، إضافة إلى ضرب المباني التي تتخذها مقارا للقيادة أو تخزين الامدادات العسكرية، أو المواد الغذائية، وحسب تقارير عديدة، تكبدت قوات الدعم السريع خسائر كبيرة في هذه الطلعات
– عمليات نظافة وتمشيط شملت احياء العرضة، احمد شرفي ،مقابر البكري، حول رئاسة قوات الاحتياطي المركزي بأم درمان، صينية التقانة، حي العمدة، ود نوباوي، شارع الوادي، شارع الشنقيطي، شارع الدومة،( الحارات الأولى،  الثانية، الرابعة و الخامسة) . كذلك  السوق الشعبي وسوق الخرد  ام درمان، أمبدة و شارع الردمية، المستشفى الصيني، شارع الصناعات، كبري ود البشير.
– تحد إعلام الدعم السريع عن إفشال عدد من الحملات التي استهدفته ، وصد عددا من الهجمات خاصة في محور الخرطوم بحري
– تحدث إعلام  الجيش عن قيام قوات العمل الخاص بعمليات نوعية لضرب المجموعات المختبئة في المباني السكنية وفي عدد من الأحياء مما أسفر عن القبض على عدد من مقاتلي الدعم السريع، خاصة خلايا العمل الاستخباري
– أعلنت القوات المسلحة عن نيتها إعلان مدينة أم درمان منطقة خالية من التمرد في أقرب وقت وقد بدأت فعلا عمليات تمشيط واسعة في عدد من الأحياء.
– أما في دارفور فقد اتسعت رقعة المواجهات، لتشمل مدينة الفاشر وزا لنجي ومحيط مدينة الأبيض غير الذي جرى في مدينة الجنينة حاضرة غرب دارفور، وقبلها مدن أخرى تشهد مواجهات متقطعة لا تتوقف فيها الحرب إلا لتبدأ، تحت ظروف صعبة ومعقدة بسبب غياب الأجهزة الحكومية التي تقدم الخدمات للسكان.

إعلان الاستنفار العام
في خطاب الفريق البرهان بمناسبة عيد الأضحى أعلن عن وقف إطلاق النار من طرف واحد بمناسبة العيد وفي ذات الوقت  أطلق نداءً للشباب السوداني بالالتحاق بالجيش من أجل حماية الأعراض، ودعا البرهان كل من يستطيع حمل السلاح إلى الانضمام للجيش لمواجهة “المجموعات المتمردة”، التي ارتكبت انتهاكات ترقى لجرائم حرب، وفقا لكلامه.
وقال إن حجم المؤامرة يتطلب من الجميع اليقظة والاستعداد للتصدي للمهددات الوجودية لدولتنا لذلك نطلب من جميع شباب بلادي وكل من يستطيع .. ألا يتردد أو يتأخر في أن يقوم بهذا الدور الوطني في مكان سكنه أو بالانضمام للوحدات العسكرية لنيل شرف الدفاع عن بقاء الدولة السودانية.

الدعم السريع يبدأ التجنيد بالتوازي
بالمقابل بدأ الدعم السريع بتجنيد الشباب من الأحياء التي يسيطرون عليها ويتمركزون فيها بمبالغ كبيرة خاصة وأن التناقص في صفوفهم كبيرة في الترة الأخيرة مع اتساع رقعة الجبهات، خارج الخرطوم، وقد تحدث مؤيدو الدعم السريع عن أحقيته في ذلك ما دام الطرف المقابل يفعل ذلك.

تسجيل جديد لقائد الدعم السريع
وفي تسجيل منسوب لقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلوا خاطب الشعب السوداني قائلا نتأسف مما لحق بالشعب جراء هذه الحرب التي لم نخطط لها ولم نسعى إليها ولكن خضناها مجبرين للدفاع عن أنفسنا ضد النظام البائد الذي دمر حياة السودانيين، ولتحرير شعبنا من سيطرة السودان القديم الذي أورثنا الظلم والاستبداد، كما تأسف عن الأحداث الدامية التي جرت في مدينة الجنينة وترحم على الأرواح التي راحت ضحية المواجهات التي وصفها بالقبلية وترحم على الوالي خميس أبكر وادان اغتياله وقال انهم قاموا باتصالات مكثفة لمعرفة خلفية الحادثة، وحصلنا على المعلومات وشرعنا في تأسيس لجنة تحقيق عاجلة وأشار الى امتلاكهم المعلومات الكاملة حول تسليح القبائل وتجنيد أبنائها، وتحدث عن أن معالجة وجذور هذه الحرب يجب أن يكون عبر إيجاد حل شامل للأزمة الوطنية التي يواجهها السودان منذ الاستقلال، والتأسيس لدولة المواطنة، وهذه الحرب ستكون الحد الفاصل لعهد الوصايا والظلم وعدم الاعتراف بالآخرين، ونحن كلنا سودانيين يجب ان نعترف ببعضنا البعض تنوعا واختلافا، وختم قائلا إنه لا مجال لاقتلاع السلطة بالانقلابات العسكرية كما يريد ان يفعل البرهان وعصابته والسلطة للشعب والوطن للجميع.

الجهود الدبلوماسية
جولات نائب رئيس المجلس السيادي مالك عقار
بعد جولة في عدد من الدول الإفريقية بغرض عكس وجهة نظر الحكومة فيما يجري في السودان، وفي إطار التفاعل مع الفاعلين الدوليين والإقليميين  زار عقار مؤخرا روسيا التي التقى فيها بوزير الخارجية سيرغي لافروف. وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده عقار بعد ختام زيارته قال أن وفد السودان طلب من وزير الخارجية الروسي مساعدة روسيا في إيقاف الحرب، وأضاف عقار كما أطلعنا وزير الخارجية الروسي على خريطة الطريق لحل الأزمة السودانية». وأضاف: «نحن نعتبر روسيا دولة صديقة ونطلب منها تقديم مساعدات اقتصادية واستراتيجية أيضاً.
كما صرح عقار بانهم تحدثوا عن الجوانب الانسانية ولم يثيروا الجوانب العسكرية وقال لن نفعل ذلك إلا بعد انتهاء المحركة الدائرة في الخرطوم، ومن جانب روسيا قال وزير الخارجية الروسي لافروف إن روسيا تتابع الوضع في السودان بقلق ومستعدة للمساعدة في حل النزاع، وتجري البعثة الدبلوماسية الروسية في الخرطوم اتصالات مع الأطراف المعنية.
وجاءت أبرز تصريحاته في مقابلة لقناة روسيا اليوم على النحو التالي:
– بحثنا مع عدة دول ومنظمات كيفية حل الأزمة السودانية
– تربطنا بروسيا علاقات تجارية واقتصادية وثقافية
– لدى روسيا علاقة جيدة مع السودان دون أي مطامع
– نرحب بأي مبادرة أو نوايا روسية لحل الأزمة السودانية
– روسيا من الدول القليلة التي لم تسحب سفيرها من السودان بسبب الأزمة
– لدينا بعض التحفظات على الدولة الكينية التي ترأس مبادرة “إيغاد”
– القيادة الكينية لديها بعض المصالح الاستثمارية وهي غير محايدة في الأزمة السودانية
– مبادرة جدة تنقصها آلية التنفيذ
– جميع الحروب تنتهي على طاولة المفاوضات
– يجب على المجتمع الدولي إيجاد حل للأزمة السودانية
– أولويتنا وقف الحرب ومراقبتها وتأمين المساعدات اللازمة
– أي مبادرة لنشر قوات في السودان وجعل الخرطوم منطقة منزوعة السلاح نعتبرها مبادرة احتلالية

الجهود الإفريقية
تبنى مجلس السلم والأمن الإفريقي مبادرة الإيغاد التي جاء في تفاصيلها جعل الخرطوم منطقة منزوعة السلاح وهو ما رفضته الخرطوم بشدة، باعتبارها مبادرة احتلال لعاصمة البلاد، تساوي بين الجيش الشرعي وقوات تمردت عليه، وقد يثير هذا أزمة بين السودان والاتحاد الافريقي إذا تطورت الأوضاع والمساعي إلى مستوى أعلى في المؤسسات الأممية.

ومع قبوله لخطة منظمة الإيغاد لجعل الخرطوم منزوعة السلاح يتبنى الاتحاد الإفريقي عملية سياسية، تجمع أصحاب المصلحة الرئيسيين باعتبارها المخرج للأزمة،  محذرا ممن سماهم “منتهكي القوانين الدولية لحقوق الإنسان” في السودان من أنهم سيحاسَبون على أفعالهم.
في ذات الوقت يرفض السودان مقترح الإيغاد جملة وتفصيلا، والذي يدعوا الى ابتعاد القوات العسكرية 50 كلم خارج العاصمة، مع نشر قوات إفريقيا لحراسة المؤسسات الاستراتيجية والحيوية، مع وجود قوات الشرطة لتأمين المرافق العامة.
وفي وقت سابق صرح السيد موسى فكي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي أنه أجرى مباحثات مع الرئيس الكيني وليم روتو حول تطورات الأوضاع في السودان وأهمية تفعيل المبادرة الإفريقية.

الترويكا تبحث عن تنسيق دولي لوقف الحرب في السودان
عقدت دول الترويكا التي تتكون من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والنرويج اجتماعا وبحثت ضرورة، الضغط الدولي من أجل وقف القتال في السودان، وحماية المدنيين. وقال يان للترويكا (الثلاثاء)، إن الدول الثلاث، التي اجتمع مبعوثوها في 21 و22 يونيو (حزيران)، تدعو الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى «السيطرة على قواتهما وضمان احترام حقوق الإنسان ومحاسبة المسؤولين عن الهجمات على المدنيين كما حث البيان قادة الحركات المسلحة في السودان على البقاء خارج القتال ودعم السلام وإنهاء النزاع عن طريق التفاوض.

الأمم المتحدة
وعلى صعيد الأمم المتحدة قال السيد فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن حجم وسرعة انزلاق السودان إلى الدمار والهلاك لم يسبق له مثيل، مؤكدا أنه لا يمكننا اعتبار أي جهود كافية حتى تؤدي إلى وقف إطلاق نار مستدام ودائم، وأضاف إن عمل الأمم المتحدة في السودان أصبح أكثر صعوبة؛ نظرا للمشاكل المتعلقة بالوصول إلى الأشخاص المحتاجين وعمليات النهب التي تعرضت لها مستودعات الأمم المتحدة. نحن ندعو الأطراف لمنحنا وصولا سلسا إلى كل المحتاجين في السودان.

كما دافع عن موقف وحيادية المبعوث الأممي الخاص بالعملية السياسية بالسودان فولكر بيريتس مؤكدا على رفضهم لطلب رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، باستبدال بيرتس مؤكدا على أن فولكر يواصل القيام بعمله من نيروبي في كينيا.

الجهود الانسانية
تبذل الهيئات الانسانية جهودا كبيرة في ظل تناقص التمويل اللازم لسد احتياجات المتأثرين بالحرب في عدد من الولايات المتأثرة بالحرب المباشرة أو التي تأثرت بالذين نزحوا إليها من مناطق الحرب، أو الفارين إلى خارج السودان.
تفيد التقارير الأممية بأن 84 منظمة شريكة في العمل الإنساني تسهم في التخفيف عن المتأثرين بالحرب عبر عدد من البرامج ، في ظل نقص واضح في التمويل كما تقول الأمم المتحدة، ذلك لأن الميزانية المطلوبة لتغطية احتياجات 24 مليون شخص هي 2.6 مليار، ولم يتوفر لها غير 446 مليون دولار وهو ما يساوي حوالي 17% من الميزانية المطلوبة، وتقول الأمم المتحدة أنها تمكنت من الوصول إلى 3.9 مليون شخص منذ يناير الماضي وقدمت خدمات في مجالات الصحة والتعليم والغذاء والتغذية والمياه والمساعدات المنقذة للحياة وتطلق الأمم المتحدة نداءات للوفاء بالالتزامات الضرورية لنحو 18 مليون شخص بحاجة ماسة، فضلا عن احتمالات وصول عدد اللاجئين إلى أكثر من مليونين.

خاتمة
تتسع رقعة المواجهات العسكرية خارج الخرطوم، وتتسارع حالة الاستقطاب في الأوساط المجتمعية، على أسس الانتماء العرقي وهو ما يخشاه المراقبون من توسعها إلى حرب أهلية تعقد سبل الحلول المستقبلية، ورتق النسيج الاجتماعي الذي مزقته سنوات الخلاف السياسي الطويلة، كما أن الحلول والمبادرات المطروحة لا تقدم ما يُرضي الأطراف، مع تباطؤ واضح من قبل الاتحاد الإفريقي في تهيئة الأوضاع الكفيلة، بقبول الأطراف للمبادرات والوساطات.
ويبدوا أن الفترة القادمة ربما تشهد بداية لاستيعاب الأطراف أهمية اللجوء للحل السلمي والتفاوض حول المخارج التي تحفظ للأطراف المكاسب التي تراها نصرا لرؤيتها وهو أمر ليس صعبا على اية حال لو توفرت الرغبة بين الطرفين.

 

أفروبوليسي

المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي) مؤسسة مستقلة تقدم دراسات وأبحاثاً حول القضايا الأفريقية لدعم صناع القرار بمعرفة دقيقة وموثوقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى