الخبر:
تداولت بعض الوسائل الإعلامية خبر هجوم على مقر الأمن الداخلي في عاصمة تشاد إنجامينا من قبل عناصر مسلحة وأدى إلى قتل ضباط وجنود، وقامت الأجهزة الأمنية بالهجوم على مقر “الحزب الاشتراكي بلا حدود” الذي يقوده المعارض يحيى ديلو، وأسفر عن مقتل عدد من أنصار الحزب، وهناك أنباء محلية غير مؤكدة عن اعتقال ديلو أو قتله. وشهدت تشاد الأربعاء انقطاعا تاما للإنترنيت، بينما أكدت السلطات أن الوضع بات تحت السيطرة تماما وأنه تم القبض على المطلوبين وجار البحث عن الباقين.
التعليقات:
1. خلفية الاعتقالات وتهم الاغتيال: اعتقلت السلطات التشادية أحد المسؤولين البارزين في “الحزب الاشتراكي بلا حدود” الذي يراسه المعارض البارز يحيى ديلو، بتهمة محاولة اغتياله لرئيس المحكمة العليا سمير آدم نور، وعلى إثر ذلك وحسب تصريحات الحكومة التشادية فإن مجموعة من أعضاء الحزب وعلى راسهم يحيى ديلو هاجموا مقرا للأمن الداخلي وقتلوا عددا من عناصر الأمن.
2. الهجوم الأمني والرد المسلح: ردت الأجهزة الأمنية بهجوم عنيف على مقر الحزب الاشتراكي بلا حدود وقتلت واعتقلت عددا غير محدد من أنصار الحزب بما فيهم المسؤول المالي للحزب، وانتشرت الآليات العسكرية في شوارع العاصمة، وسمع دوي إطلاق نار حتى بعد منتصف نهار الأربعاء، كما تحدثت مصادر إعلام محلية بأن يحيى ديلو قتل في الهجوم على مقر الحزب بينما تفيد بعض المصادر الموالية للحكومة الانتقالية بأنه قيد الاعتقال، وأكدت الصور المنشورة ومقاطع الفيديو الانتشار العسكري الكثيف في شوارع العاصمة انجمينا. مع قطع كامل للأنترنيت يوم الأربعاء 28 فبراير 2024.
3. موقف يحيى ديلو السياسي: يعتبر يحيى ديلوا وهو ابن عم رئيس الحكومة الانتقالية محمد إدريس ديبي أحد ابرز المعارضين التشاديين منذ فترة حكم ديبي الأب، وقد ظل في مواجهة الحزب الحاكم، وكان يستعد لخوض الانتخابات القادمة، والتي حددتها هيئة الانتخابات العليا في السادس من مايو القادم، وترجح المصادر بأن حزب حركة الانقاذ الوطني يرى أن ديلو يشكل عقبة في ترتيب الأوضاع في فترة ما قبل الانتخابات، ويجب الضغط عليه أو إسكاته وهو ما يعبر عن هشاشة الأوضاع في تشاد والمنطقة بشكل عام حسب المصادر.
4. أهمية ومغزى الهجوم على مقر الأمن: يمثل الهجوم على مقر الأمن الداخلي في نجامينا انتهاكًا كبيرًا للأمن القومي، ويشير إلى احتمال وجود نقاط ضعف استخباراتية وعملياتية داخل البنية التحتية الأمنية في تشاد. يمكن أن تؤدي مثل هذه الحوادث إلى تقويض ثقة الجمهور في قدرة الحكومة على توفير الأمن والحفاظ على النظام، مما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المشهد الاجتماعي والسياسي في البلاد.
5. تحليلات الخبراء حول الوضع السياسي: تشير تحليلات خبراء في الشأن التشادي بأن هناك مخاوف لدى حزب” حركة الانقاذ الوطني” الذي ظل يحكم تشاد منذ 1990، وقد أعلن عن ترشيح محمد ديبي للانتخابات الرئاسية في مايو القادم، وهو ما يعتبره المعارضون التشاديون تراجعا عن الالتزام الذي قطعه ديبي للاتحاد الإفريقي بعيد تشكيل المجلس العسكري الانتقالي.
6. شائعات الانقلاب والوضع الإقليمي: نشرت بعض المواقع الأخبارية بأن هناك محاولة انقلابية في تشاد وهو ما نفته العديد من المصادر الموثوقة بما فيها مصادر المعارضة، على الرغم من أن حدوثها غير مستبعد نظرا إلى الظروف التي تمر بها المنطقة من تنافس دولي، وما تعرضت له دول المنطقة طيلة الثلاث سنوات الأخيرة
7. الآثار المترتبة على استهداف المعارضة: إن الاعتداء على مقر الحزب الاشتراكي بلا حدود والإجراءات اللاحقة ضد أعضائه وربما زعيمه يحيى ديلو، يسلط الضوء على اتجاه مقلق لاستخدام سلطة الدولة ضد المعارضة السياسية. وهذا لا يثير تساؤلات حول حالة الديمقراطية وحرية التعبير في تشاد فحسب، بل يشير أيضًا إلى المراقبين الداخليين والخارجيين عن احتمال تصعيد العنف السياسي والقمع، مما يؤثر على العلاقات الدولية للبلاد وتماسكها الداخلي.
8. التعتيم على الإنترنت كإجراء للسيطرة: يشير قرار فرض التعتيم الكامل على الإنترنت وسط هذه التوترات إلى نهج الحكومة في السيطرة على المعلومات والحد من انتشار الخطابات التي قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار. وفي حين أن مثل هذه التدابير يمكن أن تكون فعالة في إدارة الأزمات على المدى القصير، فإنها يمكن أن تؤدي أيضا إلى تفاقم عدم ثقة الجمهور، وإعاقة الأنشطة الاقتصادية، وجذب الإدانة الدولية لانتهاك حرية التعبير والوصول إلى المعلومات.
9. تحذيرات من مؤامرات أجنبية: نشرت صحف أمريكية في الفترة الماضية أخباراً عن مصادر وكالة الاستخبارات الأمريكية بأن الولايات المتحدة الأمريكية حذرت ديبي الابن من مؤامرة انقلابية يقودها مرتزقة روس لقتله ومسؤولين آخرين في الحكومة التشادية، وأن موسكوا دعمت المتمردين الذين قتلوا الرئيس السابق إدريس ديبي، وعلى الرغم من أن مثل هذه الأخبار قد تصنف في باب التنافس بين القوى العالمية ولكنها في ذات الوقت تعبر عن طبيعة الأوضاع على الأرض وما تشكله من مخاطر على استقرار الدول الافريقية، ويلقي كل ذلك بظلال كثيفة على مجريات الأوضاع في مسار الأحداث وتطورها.
وأخيرا وليس آخراً، تشير هذه الملاحظات إلى وجود بيئة أمنية واستراتيجية معقدة في تشاد، مما يتطلب توجيهًا دقيقًا لاستعادة الاستقرار وحماية الحريات المدنية ومعالجة الأسباب الجذرية للعنف والخلاف السياسي، فضلا عن الحاجة الماسة إلى توافقات وطنية تجنب البلاد مزيدا من التجاذبات السياسية التي لا نهاية لها.
تحليلات المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي)
المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات