Site icon أفروبوليسي

سيناريوهات ومآلات الاوضاع بجنوب السودان و أثرها

سيناريوهات ومآلات الاوضاع بجنوب السودان و أثرها

ما يجري في الجنوب يحتاج لمنهج حلول غير تقليدية، فالراجح هو اندلاع حرب تهدد تماسك الدولة ووحدة أراضيها وفقا للسيناريوهات السيئة المتوقعة.

انحدرت الأوضاع بجنوب السودان الى مربع الازمة بصورة متسارعة، وإن لم تكن مفاجئة فإن الكثير من أحداثها لم تكن متوقعة، وكان سقوط الناصر في يد الجيش الأبيض هو ما نبه المراقبين على خطورة الأوضاع بجنوب السودان خاصة بعد تدخل القوات اليوغندية للدفاع عن نظام الرئيس سلفاكير. سبقت احداث الناصر قرارات رئاسية شكلت خروقات واضحة لاتفاقية السلام المُنَشّطْ الذي وُقِّعَ في الخرطوم في العام 2018م، وأعقب ذلك إجراءات وقرارات حكومية أجهزت تماما على اتفاقية السلام المنشط.

اتهمت حكومة الجنوب الحركة الشعبية بالمعارضة التي يقودها د/ رياك مشار النائب الأول للرئيس بانها وراء هذه الاحداث، واجتهد اعلامها في اثبات هذه التهمة. لكل ذلك دخل الجنوب في حالة احتقان سياسي وامني كبيرين وأصبحت نذر المواجهة بين الحكومة  وأكثر من طرف معارض وربما مسلح تحتاج فقط الى من ينزع فتيل الاشتعال داخل جوبا! فما هي أسباب ذلك؟ و ما هي مالاته و سيناريوهاته؟ و ما اثره؟ هذا ما سيتم تناوله في هذا المقال

أسباب الصراع:

السبب الجوهري لهذا النزاع هو رغبة الرئيس سلفاكير في تعيين السيد/ بول ميل نائبا له في موقع السيد/ جيمس واني ايقا وهو ما حدث وكان من الممكن أن يتم دون ربطه باتفاق السلام المنشط، لكن ذلك الامر اقتضى بعض الإجراءات التي شرعت فيها حكومة الجنوب منذ فترة ولم تنتهي بعد، و المتوقع هو اجراء بعض التعديلات داخل الحركة الشعبية لضمان ان يحل السيد/ بول ميل موقع الرئيس سلفاكير عند خلوه، وهي إجراءات تواجهه عقبات كبيرة داخل الحركة الشعبية الام ليست محل بحثنا الحالي.

أحداث الناصر تعتبر أحد تمظهرات الصراع وليس سببا له ولكنها كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، وتعود احداث الناصر بالأساس الى حالة التضييق والمحاصرة التي تمارسها حكومة الجنوب ضد د/ رياك مشار الذي اصبح عاجزا عن تقديم أي شي لأنصاره بصفة عامة وأهله النوير على وجه الخصوص، وهي حالة استمرت منذ توقيع اتفاقية السلام المنشط وتزداد بوتيرة تتناسب مع حالة الفشل في تنفيذ الاتفاقية، وترجع بالأساس لقرارات اتخذتها منظمة الايقاد التي أشرفت على توقيع اتفاق السلام المنشط . هذا الواقع هو ما دفع نوير الناصر واللاو نوير للخروج عليه وعلى حكومة الجنوب، وهما يمثلان 50% من قبيلة النوير، لذلك فان احداث الناصر التي قادها الجيش الأبيض من اللاو نوير والجيكانق يصعب الوصول الى تسوية بشأنها في المدى القريب.

ما يربط أحداث الناصر بتعيين بول ميل هو ان حكومة جنوب السودان ترتب للخروج من اتفاقية السلام المنشط وتسجيل أسباب ذلك على الحركة الشعبية بالمعارضة، كما تخطط في ذات الوقت ومنذ فترة ان يحل بول ميل مكان سلفاكير الذي تشير المعلومات المتداولة بانه لم يعد قادرا لمباشرة مهام الحكم. اما التخطيط للتنصل عن اتفاقية السلام المنشط فيعود لصعوبات موضوعية في تنفيذ الاتفاقية كان من الأوفق حلها بحوار خارج صندوق الاتفاقية، وهو حوار لم يفت أوانه بعد، لكن ظاهرة القفز من مركب الاتفاقية دون مشورة الأطراف هو ما يدخل الجنوب في دوامة صراع يصعب الخروج منها . أما التوجه لإحلال بول ميل محل الرئيس سلفاكير فقد اتخذت الحكومة في اطاره عدد من القرارات أهمها الاتي:

أدت التعديلات المذكورة أعلاه الى جملة من الازمات منها أحداث الهجوم على منزل الفريق أكول كور بعد اعتقاله وإلى توتر كبير على الساحة الجنوبية، لكن الأخطر من ذلك ان بول ميل بعد تعيينه كان سببا في إقالة عدد من الشخصيات المنتمية الى رياك مشار من مناصبهم الدستورية و لذلك أصبح الطريق الى أحداث الناصر مفتوحا، فحدثت كتداعيات لكل ذلك.

ما بعد سقوط الناصر:

رغم سقوط الناصر لم تسر الاحداث الى الأفضل، حيث اتخذت الحكومة جملة من الإجراءات والقرارات التي ضاعفت من التوتر الموجود أصلا، و من ذلك:

نخلص من ذلك إلي ان حكومة جنوب السودان ضربت باتفاقية السلام المنشط عرض الحائط، كما ان القيود المفروضة على د/ رياك مشار قد تضاعفت وانتهت بإقالته واعتقاله، وان نذر الحرب أصبحت على الأبواب.

السيناريوهات المتوقعة:

السيناريو الأول:

اندلاع حرب بين حكومة الجنوب وقبيلة النوير التي تنتشر في كل ولاية أعالي النيل الكبرى، حيث تعمل الحكومة على التعبئة لحرب المتمردين بالناصر، وقد بدأت الحرب فعلا.

ملامح تحقق هذا السيناريو تتمثل في الاتي:

تداعيات هذا السيناريو تتمثل في الاتي:

السيناريو الثاني:

يتمثل هذا السيناريو في اندلاع حرب شاملة في جنوب السودان تندلع شرارتها من جوبا.

ملامح تحقق هذا السيناريو تتمثل في الاتي:

تداعيات هذا السيناريو تتمثل في الاتي:

اثر الاوضاع على السودان:

لا خلاف في أن إندلاع حرب بالجنوب يزيد من حجم المشكلات والتحديات التي تعاني منها منظمة الايقاد، كما إن إقترب القوات اليوغندية من الحدود السودانية مع وجود التآمر الإماراتي المعروف والمشهود يعد خطورة  كبيرة على الاوضاع بالسودان والاقليم. إن إعادة التوتر على العلاقة بين جنوب السودان والسودان، تفتح احتمالات موجات لجوء للسودان، وربما، وقف تصدير البترول وهو ما يعد من المهددات الحقيقية للدولتين وتحديات لدول الاقليم.

التوصيات:

نعتقد أن اتفاق السلام المنشط واتفاقيات اخرى مماثلة وقعت على مستوى السودان (نماذج نيفاشا) هي اتفاقيات غير قابلة للتنفيذ لاسباب يطول بحثها، أقول ذلك بصفتي من المشاركين في اتفاق السلام المنشط واتفاقات مماثلة سابقة له. إن الحل يكمن خارج هذه الاتفاقيات ـــ خارج الصندوق ـــ ورغم ذلك لابد من التدخل السريع لمنظمة الايقاد لإطلاق سراح د/ رياك مشار كما فعلت في السابق ما مهد لتوقيع اتفاق السلام المنشط نفسه. هذا التحرير ضرورى لقيادة حوار بناء يتفادى عيوب الماضي ويخرج جنوب السودان من حالة الاحتقان القائم الان ويجنبه شبح الحرب الأهلية اللعينة، وذلك قبل فوات الاوان.

الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر عن وجهة نظر كاتبه، ولا تعكس بالضرورة موقف مركز Afropolicy.

تحليلات المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي)
المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات

 

Exit mobile version