في 26 أغسطس 2024، أفادت إذاعة صوت أميركا أن مؤتمرًا رئيسيًا للقانون العسكري، المنتدى الإفريقي للقانون العسكري، من المقرر أن يعقد في لوساكا، زامبيا، بحضور ممثلين من أكثر من 30 دولة أفريقية. ويستضيف المنتدى بالاشتراك مع قوات الدفاع الزامبية، والقيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، والجيش الأمريكي في أوروبا وأفريقيا، والحرس الوطني في ولاية كارولينا الشمالية، وسيركز المنتدى على الدور الحاسم للمستشارين القانونيين في نشر القوات المختلفة. وسيناقش المشاركون، بمن فيهم القادة العسكريون والقضاة، ضمان الالتزام بسيادة القانون وتجنب انتهاكات حقوق الإنسان أثناء العمليات العسكرية.
وأكّد العقيد المتقاعد ماكس ماكسويل من أفريكوم على أهمية الرقابة القانونية في تعزيز الاحتراف والمساءلة داخل القوات العسكرية، وهو أمر حيوي لنجاح المهمة والحفاظ على ثقة الجمهور. وسلط العميد دان كوالي من ملاوي الضوء على الحاجة إلى بناء القدرات القانونية لمساعدة الجنود على تجنب القضايا القانونية وحقوق الإنسان أثناء العمليات، وخاصة في مناطق الصراع مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويأتي المؤتمر أيضًا في وقت تعمل فيه الولايات المتحدة على تعزيز العلاقات العسكرية والأمنية مع الدول الإفريقية، وخاصة مع تصاعد عدم الاستقرار في مناطق مثل منطقة الساحل. ويُنظر إلى المستشارين القانونيين على أنهم ضروريون في صياغة السياسات العسكرية وضمان أن تكون قرارات النشر مستندة إلى القانون.
إذْ يؤكد منتدى القانون العسكري الإفريقي في لوساكا، زامبيا، على الأهمية المتزايدة للأطر القانونية في العمليات العسكرية في جميع أنحاء القارة. ومع تزايد عدم الاستقرار، وخاصة في مناطق مثل منطقة الساحل وجمهورية الكونغو الديمقراطية، يجمع هذا المؤتمر بين القادة العسكريين الأفارقة والأمريكيين لمعالجة دور المستشارين القانونيين في ضمان عمل القوات ضمن حدود القانون. إنّ المناقشات في هذا المنتدى لها تداعيات كبيرة على أمن أفريقيا، والمشهد السياسي، والنسيج الاجتماعي، والأنظمة القانونية، والاستقرار الاقتصادي. فيما يلي، يقدم فريق أفروبوليسي تحليلا سريعا لأهم التداعيات:
1. التداعيات الأمنية:
يسلط المؤتمر الضوء على الدور الحاسم للمستشارين القانونيين في الحفاظ على الانضباط والاحتراف داخل القوات العسكرية، مما يؤثر بشكل مباشر على فعالية العمليات الأمنية. ومع مواجهة أفريقيا للصراعات المتصاعدة، وخاصة من التمردات الجهادية في منطقة الساحل، فإن قدرة القوات العسكرية على إجراء عمليات تلتزم بسيادة القانون أمر ضروري للأمن الداخلي والاستقرار الإقليمي. إن الجيش المنضبط والمطيع للقانون مجهز بشكل أفضل لمواجهة التهديدات واكتساب ثقة السكان المحليين، وهو أمر بالغ الأهمية في جهود مكافحة التمرد. ولكن التخوف يكمن في الاستغلال الأسوء لهذه الجهود من القوات الدولية وخاصة الولايات المتحدة عللى حساب الأمن في الدول الإلإريقية.
2. التداعيات السياسية:
إن مشاركة المستشارين القانونيين في العمليات العسكرية تعكس اتجاهاً أوسع نحو إضفاء الطابع المهني على الجيوش الإفريقية، وهو ما قد يترتب عليه آثار سياسية كبيرة. ومع تزايد مساءلة القوات العسكرية والتزامها بالمعايير القانونية، فإن هذا يقلل من احتمالات الانقلابات وغيرها من أشكال عدم الاستقرار السياسي التي غالباً ما تغذيها قوات مسلحة غير منضبطة. وعلاوة على ذلك، تشير الشراكات مع الجهات الفاعلة الدولية مثل القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا إلى الالتزام بالتمسك بالمعايير الدولية، وهو ما من شأنه أن يعزز العلاقات الدبلوماسية ويعزز المكانة السياسية لأفريقيا على الساحة العالمية. لكن التساؤلات حول جاهزية الدول الإفريقية وأطرها السياسية للاستفادة من هذه الشركات تبقى محل نظر!
3. التأثير الاجتماعي:
إن التركيز على الامتثال القانوني ومنع انتهاكات حقوق الإنسان أثناء نشر القوات له آثار اجتماعية عميقة. ففي مناطق الصراع، قد تؤدي الانتهاكات العسكرية إلى تآكل الثقة بين السكان والدولة، مما يؤدي إلى تأجيج الاستياء وإطالة أمد الصراعات. من خلال تعزيز الاحتراف والمساءلة، يهدف المنتدى إلى التخفيف من مثل هذه المخاطر، والمساهمة في جهود التماسك الاجتماعي والمصالحة في المناطق التي خرجت من الصراع. ومن المرجح أن يُنظَر إلى الجيش الذي يحترم حقوق الإنسان باعتباره حاميًا للشعب، وليس مصدرًا للخوف.
4. الاعتبارات القانونية:
يؤكد تركيز المنتدى على دور المستشارين القانونيين على أهمية دمج الخبرة القانونية في عمليات صنع القرار العسكري. ويمكن أن يساعد هذا في ضمان إجراء العمليات وفقًا للقوانين الوطنية والدولية، بما في ذلك تلك المتعلقة بحقوق الإنسان وقوانين الحرب. كما يمكن أن يؤدي تعزيز القدرات القانونية داخل الجيوش الإفريقية إلى تعزيز ثقافة المساءلة، حيث من المرجح أن تتم معالجة الانتهاكات من خلال القنوات القانونية المناسبة، مما يقلل من الإفلات من العقاب ويعزز سيادة القانون في جميع أنحاء القارة.
5. الاستقرار الاقتصادي:
يرتبط الاستقرار في أفريقيا ارتباطًا وثيقًا بآفاقها الاقتصادية. عندما تعمل القوات العسكرية باحترافية واحترام للقانون، فإنها تخلق بيئة أكثر ملاءمة للنمو الاقتصادي والاستثمار الأجنبي. وعلى العكس من ذلك، فإن الانتهاكات والصراعات العسكرية يمكن أن تؤدي إلى الاضطرابات الاقتصادية والنزوح وتآكل ثقة المستثمرين. ومن خلال تعزيز الإطار القانوني للعمليات العسكرية، يدعم المنتدى بشكل غير مباشر الاستقرار الاقتصادي من خلال المساعدة في خلق بيئة أكثر أمانًا ويمكن التنبؤ بها للأنشطة الاقتصادية.
في نهاية المطاف، يمكننا القول أن المنتدى القانوني العسكري الإفريقي يُعَدّ خطوة مهمة إلى الأمام في ضمان إجراء العمليات العسكرية في جميع أنحاء أفريقيا ضمن إطار قانوني يعزز الاحتراف والمساءلة واحترام حقوق الإنسان. ويمكن أن يكون لهذا التركيز على المستشارين القانونيين في السياقات العسكرية آثار إيجابية بعيدة المدى على أمن القارة واستقرارها السياسي وتماسكها الاجتماعي والأنظمة القانونية والنمو الاقتصادي. كما يعزز التعاون بين الدول الإفريقية والشركاء الدوليين مثل الولايات المتحدة من أهمية دعم سيادة القانون في معالجة التحديات الأمنية المعقدة في أفريقيا.
وفي الوقت ذاته، يطرح تساؤلات عديدة متعلقة بالأمن، والممسارسات السياسية، والقضايا الاجتماعية والاقتصادية للدول الإلإريقية المشاركة في هذا المنتدى، ومدى قدرتها على حل الأزمات المحلية والإقليمية ذات العلاقة بالأمن القومي والإقليمي في مناطق القارة المختلفة.
المصدر:
تحليلات المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي)
المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات