تحليلات

المشهد السياسي في ساحل العاج

وتطوراته في ضوء تنظيم الانتخابات الرئاسية لعام 2025

 

يتناول هذا التقرير المشهد السياسي الراهن في ساحل العاج، خاصة الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 أكتوبر 2025، مبينا فيه أبرز الأحزاب السياسية وشخصياتها وعدد المرشين والذين تم استبعادهم من السباق الانتخابي مع بيان أسباب منعهم من مشاركة الانتخابات، كما يعرض أسماء المرشحين الذين تأهلوا فيها ويلقي الضوء على الأحزاب المعارضة وتحالفاتها ودورها في فرص نجاح المرشحين في هذه الانتخابات أمام قوة حزب تجمع أنصار هوفويت من أجل الديمقراطية والسلام (R.H.D.P).

علما أنه تم تأسيسه يوم 18. مايو. 2005م كحركة تحالف انتخابي ثم تحول إلى حزب سياسي موحَّد بتاريخ 16. يوليو. 2018م تحت قيادة الرئيس الحسن وتارا[1]  ويضم أكثر من سبع مجموعات من الأحزاب، على رأسها حزب التجمع الديمقراطي الإفريقي (PDCI-RDA).

وأخير سيتم عرض توقعات الانتخابات الرئاسية وسيناريوهاتها في التطورات السياسية في ظل الانتخابات الرئاسية في كوت ديفوار.

 

أولا: لجنة الانتخابات المستقلة وملف الترشيحات

في فترة انتخاباتها الرئاسية المقررة في 25 أكتوبر 2025، تتجه الأنظار إلى كوت ديفوار في وسط أجواء سياسية متصاعدة متوترة. وقد فتحت اللجنة الانتخابية المستقلة باب تقديم ملفات الترشح في الانتخابات الرئاسية في الفترة ما بين 25/07/ إلى 26/08/2025 ووضحت للناخبين الراغبين للترشح أن الملفات يجب أن تقدم إلى لجنة الانتخابات المركزية في الفترة المذكورة أعلاه.

وفي وسط هذا الجو ما بين خوف وأمل أعلن الرئيس الحسن واتارا، ترشحه لفترة رئاسية أخرى، قائلا إن دستور بلادنا يسمح لي بالترشح، وصحتي تسمح بذلك”. وبرهن قرر ترشحه أن البلاد “تواجه تحديات أمنية واقتصادية ومالية غير مسبوقة تتطلب خبرة للتعامل معه، [2] ستكون هذه الولاية الجديدة بمثابة مرحلة الانتقال للأجيال مع الفريق الذي سأُشكّله.

سنتمكن من ترسيخ إنجازاتنا ومواصلة تحسين الحياة اليومية لمواطنينا، وخاصةً الفئات الأكثر ضعفًا، وأضمن لكم جميعا بإن الانتخابات الرئاسية المقررة في 25/أكتوبر القادم 2025، ستُجرى بكل ديمقراطية وشفافية في ظروف سليمة وأمن واستقرار بعيدا عن التوتر “[3]

وهذا الضمان الأمني مايجعل أنصار الرئيس الحسن واتارا أنه حاليا هو الشخص الوحيد القادر على إدارة البلاد، وهو الضامن للاستقرار والتنمية، وأكد ذلك غيره أن الحسن وتارا نجح بالفعل في تحقيق نمو اقتصادي كبير، وأنجز الكثير في مجال البني التحتية لكنه يدخل البلاد في مأزق سياسي قد يعيدها لفترة طويلة إلى فترات الجمر التي عانتها لسنوات.[4]

بينما ترى المعارضة عكس ذلك وتقول بأن مايجري في كوت ديفوار ما هو إلا انتكاسة الديمقراطية، وتأكيدا لهذا الموقف المعارض رد لوران غباغبو على الحسن وتارا قائلا “إنه لن نسمح له بترشح وتارا في الولاية الرابعة” بينما معظم المحامين والقضاة وأنصار الحسن وتارا لا يرونها الولاية الرابعة وإنما هي الولاية الثانية للجمهورية الثالثة.

 إعلان لجنة الانتخابات المستقلة للترشيحات 

أعلنت لجنة الانتخابية المستقلة بأن مراكزها الانتخابية المركزية شهدت إقبالا حاشدا من ترشيحات الانتخابات الرئاسية في يوم 08/09/ 2025م، حيث تلقت 60 ملفا تضم أسماء المرشحين في القائمة الأولية. وأنها قد سلمتها إلى المجلس الدستوري، الذي بدوره. حسب الدستورـ سوف ينشر القائمة النهائية للمرشحين، وذلك قبل 45 يومًا من الجولة الأولى من التصويت، وفقًا لأحكام قانون الانتخابات[5].

أ ـ المجلس الدستوري والقائمة النهائية للمرشحين

بـ ـ المجلس الدستوري وأسباب منع زعماء المعارضة

جـ ـ عرض المجلس الدستوري أسباب قضائية تمنع من السباق الانتخابي

وفي قلب هذا الجو السياسي المشحون في البلاد نجمت خطوة أخرى مهمة في المشهد السياسي للبلاد وهو أن المجلس الدستوري بعد مراجعته لملفات المرشحين أعلنت رئيستها، Chantal Camara Nanaba شانتال نانابا كامارا ، في مؤتمر صحفي أن المرشحين الذين استوفوا متطلبات المادة 55 من الدستور والمادة 48 من القانون الانتخابي، وعليه كشف المجلس الدستوري، يوم الاثنين 8 سبتمبر، عن القائمة النهائية للمرشحين للانتخابات الرئاسية فمن بين 60 مرشحا لم تعتمد اللجنة غير خمسة أشخاص وهم كالآتي:

  • الرئيس المنتهية ولايته الحسن واتارا.
  • جان ـ لويس بيون الوزير السابق للتجارة.
  • أهوا دون ـ ميلو جاكوب الوزير السابق
  • سيمون إيهفيت غباغبو. السيدة الأولى السابقة.
  • والسياسية هنرييت لاغو.

كما أعلنت اللجنة أن هناك 55 مرشحا لم يكونوا مؤهلين لخوض الانتخابات لعدم توفرهم للشروط فقد تم استبعادهم من اللائحة الانتخابية النهائية من بينهم أربعة من المعارضين:

  • تيجان تيام، الرئيس التنفيذي السابق لبنك كريدي سويسرا ورئيس الحزب الديمقراطي العاجي.
  • ولوران غباغبو الرئيس السابق للبلاد.
  • وغيوم سورو وزير الوزراء الأسبق.
  • وشارل بليه غوديه

 بـ ـ المجلس الدستوري وأسباب منع زعماء المعارضة

أفاد المجلس الدستوري سبب منع هؤلاء الأشخاص من السباق الانتخابي وقالت بأنهم لا يستوفون شروط الانتخابات. وبرّرت اللجنة أن لوران غباغبو غير مؤهل لخوض السباق لذلك شطب اسمه من القائمة الانتخابية نتيجة لإدانته بـ ” سرقة أو سطو على البنك المركزي لدول غرب إفريقيا”، فحكم بالسجن لـ 20 عاما في حقه وأن إدانته لا تزال مثبتة في سجله العدلي وهذا ما يجعله غير مؤهل للخوض في الانتخابات الرئاسية الخاصة.

وأن سبب استبعاد تيجان تيام رئيس الحزب الديمقراطي العاجي هو”ازدواجية الجنسية”حيث يحمل الجنسية الفرنسية منذ عام 1987م.

ومن يحمل الجنسيتين الإيفوارية، فإن الدستور في مادته 48 من قانون الجنسية الإيفوارية، الذي يعود تاريخ وجودها في الدستور يرجع إلى 1961م، والتي تنص على أن اكتساب جنسية أخرى يعني فقدان الجنسية الإيفوارية، وعليه فإن القضاء الإيفواري يري أنه فقد جنسيته الإيفوارية قانونيًّا عند حصوله على الجنسية الفرنسية، وهذا ما أدى إلى شطب اسمه من اللائحة الانتخابية [6].

بينما غيوم سورو رئيس الوزراء الأسبق، فكان قد حُكم عليه بالسجن 20 سنة غيابيًّا، إضافة إلى الحرمان من حقوقه المدنية والسياسية، وهو ما يمنعه من التصويت أو الترشح لأي انتخابات كانت، وبناءً على ذلك، تم شطب اسمه من القائمة الانتخابية الرئاسية.

وأعلنت اللجنة أن شارل بليه غوديه لم يتأهل إلى السباق الانتخابي حيث إن القضاء الإيفواري يتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال أزمة ما بعد الانتخابات 2010–2011 فحُكِم في كوت ديفوار بالسجن 20 عامًا، وهذا ما جعلت اللجنة المستقلة للانتخابات أن تشطب اسمه من القائمة الانتخابية.

 جـ ـ عرض المجلس الدستوري أسباب قضائية تمنع من السباق الانتخابي

وقد أثارت هذه الاستبعادات انتقادات واسعة من جانب المعارضة، وعلى الرغم أن المجلس الدستوري، أبرز كل الأدلة التي أدت إلى شطب أسماء زعماء المعارضة من القائمة النهائية إلا أن أنصار المعارضة يرون أن هذه الأدلة تم توظيفًها كعنصر العدالة والقضاء بهدف منع أبرز الخصوم السياسيين، حتى يخلق موازين قوى غير متكافئة لتعطي فرصة الفوز للرئيس الحالي الدكتور الحسن وتارا، وهذه تعتبر خطوة أخرى خطيرة تنعكس على المناخ السياسي أكثر توترا وتعقيدا في هذا المشهد السياسي.

وفي وسط هذا الجو السياسي يذهب المحامي بن ميتي إلى أنه لا يرى فرقا بين المناخ السياسي العاجي الحالي وبين أي مناخ انتخابي لأي بلد آخر من العالم في خلال مناخ الانتخابات الرئاسية. ” تلك فترة يُفترض أن تكون، مبدئيًا، فرصةً لمناقشة الأراء والخلافات وتقييمها وتعزيز المواقف بالأدلة، وأنه لايحدث أي مشكلة سياسية في البلاد.

وما بين من يري أنه مشهد يثير القلق الخوف وبين من يري أنه ظرف طبيعي مثل أي دولة أخرى في العالم في ظل الانتخابات، وما بين هذا وذاك يذهب الدكتور توري مامادو إلى أن شطب أسماء الأشخاص الذين لا يستوفون الشروط المطلوبة من القوائم الانتخابية هذا قانون الحياة الانتخابية، ويحدث ذلك في كل العالم، وليس أول مرة يحدث في تاريخ بلادنا وبالتالي لن يحدث أي توتر سياسي.

ويؤكد الكاتب جوفروا جوليان كوا رأي ميتي عندما قال: “لكن، رغم التجاذب إلا ألا يتوقع أي محلل سياسي حر وقوع أزمة حادة وإن كان معظم الانتخابات لايخلوا من التوترات”.

ويرى أحمد محمد المصطفى، أنّ: “المشهد السياسي الحالي في ساحل العاج هو جزء من المشهد العام في غرب أفريقيا عموما الذي يتميز بحالة من الاحتقان.

وأضاف المصطفى في تصريح لـ”عربي21”: “نحن أمام مشهد في طور التحول بالعديد من بلدان غرب أفريقيا بما فيها ساحل العاج، حيث منظومة الحكم متآكلة والمشهد متأزم في عمومه ”

مظاهرات الجبهة المشتركة للمعارضة:

يبدو أن الجبهة المعارضة من تكتيكها السياسي جعلها ترجع إلى استخدام قوة الشارع وذلك عندما أعلنت رسميا أنها ستنظم مسيرة سلمية كبرى، في أحياء  وشوارع يوبوغو في يوم 4 يوليو/ 2025.

وأن تلك المظاهرات السلمية سوف تشاركها الآلاف من المتظاهرين، ومن أهدافها أنها سوف تدعو لعودة قادة المعارضة إلى السباق الرئاسي، ونقض الأحكام القضائية التي قضت بإبعادهم من الاستحقاق، وتعلن رفض ترشح الرئيس الحسن واتارا لولاية رابعة حسب قولهم.

ولقد نظرت المحكمة الدستورية العليا هذه المسيرة وإن كانت وصفت بالسلمية إلا أنها تعتبر حسب متطلباتها طعنا لقرار المحكمة علما حسب الدستور ” فإن قرار المحكمة الدستورية نهائي غير قابل للطعن ويطبق على الجميع ” بناء على ذلك أعلنت السلطات حظر المظاهرات والمسيرات التي تهدف إلى الطعن في قرارات المجلس الدستوري”.[7]

استعدادات السلطة للانتخابات

وحري بالذكر أن المشهد السياسي في كوت ديفوار ما بين إرادة المعارضة في تنظيم مسيرتها السلمية وبين قرار حظر المظاهرات مما خلق في النفوس شيئا من التخوف وترك الناس بين القلق والأمل. ولعل هذا الخوفً من الاضطرابات السياسية في الأيام القادمة، مما أدى إلى أخذت السلطات الإفوارية قرار نشر 18 ألف ضابط شرطة و18 ألف من الدرك و8 آلاف جندي، ليصل إجمالي عدد ضباط 44 ألفً امرأة ورجل، لضمان أمن العملية الانتخابية في جميع أنحاء البلاد، وذلك ابتداء من يوم 5/ أكتوبر/ من العام الجاري أي قبل عشرين يومًا من الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية.[8]

وهذا مايعني حسب رأينا أن هذه الانتخابات الرئاسية هي فريدة بنوعها في ظل التطورات السياسية الراهنة في كوت ديفوار وتلعب دورًا جوهريا وذلك أنها إما تقوم بتعزيز الديمقراطية الصحيحة واغلاق باب التوتر السياسي نهائيا مع فتح صفحة جديدة في سياسة البلاد، وإما لا سمح الله تدخل البلاد في حرب أهلية مستمرة.

وخاصة أنها تمر في وسط ظروف إقليمية ملحوظة بتغييرات الديناميكيات الاجتماعية والاقتصادية المتغيرة وتحديات الأمن في السودان الغربي ومن حولها. وهذا ما أكده الدكتور إيف إيكوي أمايزو، رئيس مركز أبحاث أفروسنتري سيتي عندما قال: ستثبت هذه الانتخابات مدى فعالية الديمقراطية في كوت ديفوار، وهي ديمقراطية قائمة على صدق صناديق الاقتراع “. [9] .

  ثانيا: أهم الأحزاب السياسية في ساحل العاج وأبرز قياداتها

ارتبطت التعددية الحزبية في ساحل العاج بتطور الاجتماع القومي في تاريخه البعيد فإن تجربة البلاد بتعددية الأحزاب الحديث بدأت في مرحلتها ما بعد الاستقلال فقد عرفت البلاد الأحزاب السياسية العديدة ورجالاتها البارزة في البلاد، وسوف نختصر بذكر أهمها:

  • الحزب الديمقراطي العاجي للتجمع الأفريقي (P.C.I.R.D.A):

أسست في العام 1946م.[10] وقد حكم هذا الحزب ساحل العاج من فترة ما بين 1960م ـ 24 ديسمبر 1999م. كان هو أقوى حزب سياسي في البلاد إلى أن انشق منه حزب التجمع الديمقراطي الجمهوري (R.D.R) أضعف نفوسها وفقد هيمنتها وصلابتها وحجمها السياسي.

  • حزب الجبهة الشعبية العاجية (P.I ):

أسس في العام 1982م [11] ، قد حكم البلاد في الفترة ما بين 2000م ـ 2010م. ومن أبرز أشخاصها القيادية: لوران غباغبو Laurent Gbagbo سيمون ايهيفيت جباجبو Simone Ehivet Gbagbo باسكال أفي نجيسان Pascal Affi N’Guessan ومامادو كوليبالي Émile Boga Doudou إيميل بوغا  دودو  Mamadou Coulibaly.

وقد انشق منه حزب الشعب الأفريقي العاجي (  PPA -CI)  الذي أسسه لوران غباغبو  Laurent Gbagbo فأصبح هو قائدها، كما انشقت منه سيمون ايهيفيت جباجبو Simone Ehivet Gbagbo وأسست حزب حركة الأجيال القادرة (MGC) فهي ترأسها .

بناء على هذه الانشقاقات أصبح باسكال أفي نجيسان Pascal Affi N’Guessan رئيساجديدا على حزب الجبهة الشعبية العاجية ، ( P.I F.) وهذا الانشقاق مما أدى إلى ضعفه وفقد هيمنته في البلاد .

 

  • التجمع الديمقراطي الجمهوري (R.R) :

تم تأسيسه في يوم 27 سبتمبر 1994 وهو الحزب الحاكم أصبح اليوم أقوى حزب سياسي على مستوى الدولة منذ عام 2010م تحكم البلاد إلى يوم الناس هذا، وأبرز شخصياتها:

الحسن واتارا Alassane Ouattara و جيني كوبينا Djéni Kobina وهنرييت داغري دياباتي Henriette Dagri Diabaté و أمادو جون كوليبالي Amadou Gon Coulibaly وحامد باكايوكو Hamed Bakayoko علي كوليبالي Ali Coulibaly و ابراهي باكونجو سيسي Ibrahim Bacongo Cissé و  جيلبرت كوني كافانا Gilbert Koné Kafana

حزب التجمع الهوفوتي للديمقراطية والسلام (R.H.D.P) تم تأسيسها يوم 18. مايو. 2005م كالحركة السياسية وتحول إلى حزب سياسي بتاريخ 16. يوليو. 2018م [12] وتضم أكثر من سبع مجموعة من الأحزاب على رأسها حزب التجمع الديمقراطي الإفريقي (PDCI-RDA.

  • تحالف التناوب السلمي في ساحل العاج (CAP) تأسيس في عام 2025م
  • حزب الشعب الأفريقي العاجي (PPA -CI) أسس في العام 2021م

ومن أبرز أشخاصها القيادية: لوران غباغبو Laurent Gbagbo Gbagbo وسيباستيان جيدجي دانو Sébastien Djédjé Danoو Justin Koné Katinan جاستن كوني كاتينان

  • حزب الأجيال والشعوب المتضامنة (GPS)

أسسه   Guillaume Kigbafori Soro غيوم كيغبافوري سو وزير الوزراء الأسبق، في 28ديسمبر 2019م   [13] .

  • حزب حركة الأجيال القادرة (MGC) :

ومن أبرز شخصياتها القيادية: سيمون ايهيفيت جباجبو Simone Ehivet Gbagbo أسست في عام 21 سبتمر.2021م ثم تحول من 20 أغسطس 2022م، إلى حزب سياسي.

مؤتمر الشباب الوطني والأفارقة (COJEP) الذي أسسه شارل بلي غوديه Charles Blé Goudé تم تأسيسها في يوم 16 أغسطس 2015، تم التحديث في 17 أغسطس 2015   [14]

  ثالثا: التحالفات السياسية ودورها في فرص نجاح المرشحين

التحالفات السياسية مألوفة على الصرح السياسي في البلاد وقد لعبت دورا أساسيا فيما يجري من التطورات السياسية في ساحل العاج فهو بمثابة همزة الوصل بين الأحزاب للعملية السياسية، فبواسطتها فاز حزب الحاكم في العام 2011م حيث انضمت أغلب قوى الأحزاب السياسية إلى حزب الحاكم، وهذا ماسبب ظفر حزبه آنَذَاك.

فكان أول تحالف سياسي يظهر في البلاد كان في يوم 5 أبريل عام 1995م أطلق عليه اسم: (تحالف الجبهة الجمهورية / Front Républicain) انضم لوران غباغبو Laurent Gbagbo، رئيس الجبهة الشعبية العاجية (FPI) إلى الحسن واتارا Alassane Ouattara رئيس حزب التجمع الجمهوري (RDR) للوصول إلى ” الاتفاق ” رغم أن الحزبين متناقضان إيديولوجيا تم التحالف بينهما. وكان الهدف المعلن هو الفوز في الانتخابات ومحاربة سياسة التمييز العنصري الإيفوارتي (Ivoirité).

وفي التطورات السياسية الراهنة تبلورت إلى خطوة تعكس تحولًا جديدًا في المشهد السياسي في البلاد، حيث ظهر تحالف آخر من حيث أعلنت 25 حزبًا معارضًا وقد وصفهم البليطلوغ أنتير بانغا بأنها مجموعة من الأحزاب السياسية لاوزن ولا قوة سياسية لها وسموه بـ: “تحالف التناوب السلمي في ساحل العاج (CAP)”

وأبرز قياداتها: تيجان تيام، الرئيس التنفيذي السابق لبنك كريدي سويس ورئيس الحزب الديمقراطي العاجي وباسكال أفي نجيسان Pascal Affi N’Guessan رئيس حزب

الجبهة الشعبية العاجية، (P.I F.)  سيمون ايهيفيت جباجبو Simone Ehivet Gbagbo

رئيس حزب حركة الأجيال القادرة (MGC) شارل بلي غوديه Charles Blé Goudé رئيس مؤتمر الشباب الوطني والأفارقة (COJEP)  بالإضافة إلى أحزاب وتكتلات أخرى تسعى لتغيير موازين القوى في الانتخابات المقبلة.

أـ فرص نجاح الأحزاب المعارضة المتحالفة

والجدير بالملاحظة هو أن أكبر التحدي للمعارضة هو توحيد الصفوص لأن هناك انشقاق واسع بينها حيث كل طرف يعمل لمصلحته الخاصة وهذه هي الكارثة. وقال بعضهم إن فرصة نجاح المعارضة قليل جدا، تكاد تنعدم لأنهم مختلفين تماما حتى إيديولوجيا. وتجربة البلاد المتألفة بها لم ينجح أي تحالف سياسي مع انشقاق داخلي ولاسيما إن كان اختلافا ايديولوجيا أيا كان قوة التحالف حيث لم يحدث ذلك منذ تاريخ البلاد السياسي.

وأكبر مشكلة تعانيها هذه التحالفات هي أن معظم أسماء أنصارها خالية من اللائحة الانتخابية وهذا ما يمنعهم من التصويت لهم، وذلك نتيجة استمرار مقاطعة المعارضة للانتخابات الرئاسية الماضية ومن ثمة طلب رؤساء الأحزاب المعارضة من أنصارها عدم تسجيل أسماءهم في لائحة اللجنة الانتخابية وهذا ما أدى إلى عدم وجود أسماء أنصار المعارضة على لائحة الانتخابات، وهذا ما جعل رؤساء المعارضة يطلب من الجنة الإنتخابية المستقلة النظر في أسماء الناخبين على اللائحة الانتخابية واتهموها بالتزوير.

بينما هناك من يري أنه مع كل ذلك لواستطاع الأحزاب المعارضة على أن يوحدوا صفوفها بهذا قد يخلق المفاجعة ولكن يبدوا أن هذا يعتبر أكبر التحدي للمعارضة لتحقيق ذلك حيث حسب رأي بعض المحللين يرون الأحزاب المعارضة لا تزال غير قادرة على تشكيل تحالف انتخابي قوي يوحد فكريا وإيديولوجيا.

 بـ ـ حملة الانتخابات الرئاسية في كوت ديفوار:

ستُفتح حملة الانتخابات الرئاسية في الأيام المقبلة في فترة ما بين 10 إلى 23 هذا الشهر الجاري، وفقا لمرسوم رئاسي نقلته وسائل إعلام البلاد، والتي من خلالها يقوم المترشحون في كل أنحاء كوت ديفوار.

بعرض برامجهم الانتخابية، وإقناع الناخبين، والدفاع عن وجهة نظرهم بخصوص مستقبل البلاد، علما أن عملية الاقتراع ستجرى في 12 ألفا و906 مركز تصويت، منها 11 ألفا و835 داخل كوت ديفوار و71 مركزا في خارج البلاد، وستُختتم في يوم الخميس 23 أكتوبر 2025 عند منتصف الليل.[15].

رابعا: توقعات الانتخابات الرئاسية الراهنة في ساحل العاج وسيناريوهاتها

يقف الخبراء من الساسة العاجيين وكذلك الاقليمين والدولين حول التوقعات إلى الآراء التالية[16] :

إذا انطلقنا من الوضع الحالي من حيث أن أبرز وجوه المعارضة لم يستوفوا شروط الانتخابات مما أدى إلى منعهم من السباق الانتخابي وهذا ما يفتح باب النجاح للحسن وتارا، لذلك فإن السيناريو الراجح، هو فوز الحسن واتارا مرشح الحزب الحاكم “تجمع أنصار هوفويت من أجل الديمقراطية والسلام” (RHDP) ، بالإضافة إلى ذلك فهو الحزب الوحيد الذي يملك انتشارا في كل أنحاء البلاد، وتظهر قوته الانتخابية في معاقل وسط البلاد والشمال؛ وله إستراتيجية للاستحواذ على الميدان السياسي لذلك يعتبر “حزب الدولة” خصوصًا أن مسؤوليه يسيطرون على الإدارات، والبلديات، ويعملون للاستقرارالأمني، ونتيجة أعمل الحسن وترا يروج له الحملات الانتخابية بدون أن يتكلم لذلك فإن السيناريو الراجح هو نجاح الحسن وترا في الجولة الأولى .

وهناك سيناريو آخر؛ وهو أنه لو استطاع الأحزاب المعارضة أن توحد صفوفها وتصل إلى الحد الأدنى من التوافق، وترشح أحدا منهم، سيمون ايهفي غباغبو، أو أوادون ميلو بهذا ممكن أن يكون هناك جولة ثانية في الانتخابات.

سيناريو آخر، وهو أن المعارضة تعلم أن أسماء أعضائهما وأنصارها لا يكاد يوجد تنعدم على اللائحة الانتخابية لقلة عددهم بسبب مقاطعاتهم للانتخابات الماضية طوال خمسة عشر سنة؛ بل طلبوا من أنصارهم عدم تسجيل أسمائهم في اللائحة الانتخابية مما قلل عدد أنصارهم في اللائحة الانتخابية لذلك يصعب لهم الفوز مهما وحدوا صفوفهم.

إذا نظرنا إلى ما شهدته البلاد من طفرة في مشاريع البنية التحتية في عهد الرئيس الحالي من موانئ جديدة في كل من سان بيدرو وأبيدجان، بالإضافة إلى إنشاء الجسور وطرق حديثة، وملاعب رياضية على الستوى العالمي مع استضافته كأس الأمم الأفريقية للعام الماضي.

وفي قطاع الطاقة، ارتفعت نسبة الوصول للكهرباء من 55.8% عام 2012 إلى 72.4% عام 2023، مع توسع حصة الطاقات المتجددة إلى 30% من المزيج الطاقي ويؤكد خبراء أن التعرفة الكهربائية هي الأرخص في المنطقة. وارتفاع القوى الناتج الاجمالي في عام 2022، وتقديرات صندوق النقد الدولي بنسبة 7.2% لعام 2023 وخاصة التقدم المحرز في مجالات الأمن الغذائي ونوصيل الكهرباء والماء إلى القرى والبوادى وارتفاع عدد جامعات من ثلاث إلى عشر جامعات.

وهذا لخصه د. اتير بنغا في قوله: ” ما لا يختلف عليه الإيفواريون والمراقبون الأجانب، هو أن الفترات الرئاسية الماضية شهدت نموا اقتصاديا كبيرا واستتبابا للأمن في كل ربوع كوت ديفوار” تلك تطورات ظاهرة وملموسة ويراها الجميع من المزارعين في البوادي والقرى إنها رصيدة مهمة في الحملة الانتخابية في صالح الرئيس الحالي مما يجعل معظم المجتمع الإيفواري سيصوتونه في الانتخابات وبالتالي فإن السيناريو الذي لا يختلف فيه العاجيون وهذا ما جعل المحللون يقولون إن الفوز في الانتحابات قريب حليف إلى الرئيس الحالي.

خاتمة

لقد خبر المشهد السياسي الإيفواري، فيما مضي قرارات قضائية، مما منع بعض قيادات المعارضة مما أدى إلى تصاعد احتجاجات المعارضة ومن المتوقع أن يكون الصرح السياسي أشد نشاطا في البلاد نظرا إلى الحملة الانتخابية، إلا أن هذا المشهد السياسي يبقى أمام كل احتمالات وذلك ما بين مخاوف واستقرار الأمني.

وذلك ما دام أن المعارضة مصممة على الاصرار في مشاركتها في الانتخابات الرئاسية مهما كانت الظروف. فهل المعارضة لها القدرة والقوة على توقف سير عملية الانتخابات؟ أم ستقوم بجرد عملية المقاطعة؟ أم سوف تقوم الجبهة المعارضة تصويب حزبا آخر في هذه الانتخابات؟

أم ستعود البلاد إلى ” المفارقة الإيفوارية”، أم ستكتب كوت ديفوار صفحة سياسية تاريخية جديدة المتمثلة في قدرتما على تنظيم انتخاباتها الرئاسية الاديمقراطية مع الاستقرار الامني؟

وهل الحكومة لها القدرة الكافية أن تضمن الانتخابات وتحميها فعلا كما وعد الناس أنها ستجرى في ظروف سلمية بكل شفافية، وديمقراطية، وأمن، واستقرار؟

وقد لايكون هذا ولاذاك لأن طبيعة السياسة الإفوارية تحمل في محتواها مفاجئات أخرى وذلك بناء على المثل الإيفواري القائل: ” إذا فهمت سياسة ساحل العاج، معنى ذلك أنهم شرحوها لك خطأ، أما إذا شرحوا لك حقيقتها كما هي؛ بلا زيادة ولا نقصان لن تفهمها أبدا “[17]

وبين هذا وذاك أي بين الخوف والأمل، وبين القلق والتفاؤل ستخبرنا الأيام المقبلة ما تحمله من مفادآت، وهذا ما لخصه أحد حكماء العرب في قوله: سَتُبْدِي لك الأيّام ما كُنْتَ جاهلا ويأتيك بالأخبار مَنْ لم تُزَوِّدِ.

 

 

[1] https://fr.wikipedia.org Rassemblement des houphouëtistes pour la démocratie

[2] https://information.tv5monde.com,Côte d’Ivoire Alassane Ouattara candidat à un nouveau mandat présidentiel car “sa santé le permet”29 Novembre 2025

[3] https://www.la-croix.com cote-d-ivoire-alassane-ouattara-candidat Publié le 29 juillet 2025 à 16h46

[4] محمد ولد شينا، أزمة سياسية بساحل العاج وسط أجواء متوترة.. مخاوف من العودة لسنوات الجمر، نواكشوط – عربي21

[5] https://www.aip.ciCôte d’Ivoire-AIP/Présidentielle 2025 : la campagne électorale fixée du 10 au 23 octobre (Décret)

[6] https://www.youm7.com/story

[7] https://www.jeuneafrique.com Manifestations interdites en Côte d’Ivoire tout comprendre Publié le 2 octobre 2025

[8] https://www.jeuneafrique.com  Présidentielle en Côte d’Ivoire un dispositif sécuritaire Publié le 2 octobre 2025

[9] https://www.bbc.com Pourquoi l’élection présidentielle ivoirienne est-elle importante ?

[10] كوليبالي لنسني، المدارس العربية في ساحل العاج  تاريخها وتأثيرها في التأصيل  الثقافي الإسلامي، بحث تكميلي لنيل درجة  الماجستير، كلية الدعوة الإسلامية العالمية ،قسم الدعوة والحضارة، الجماهيرية  العربية  اللبيبة الشعبية الاشتراكية  العظمى،  2007م  طرابلس، ص

[11]كوليبالي لنسني، المدارس العربية في ساحل العاج  تاريخها مصدر عينه ، ص 51

[12] https://fr.wikipedia.org Rassemblement des houphouëtistes pour la démocratie

[13] https://www.fratmat.info Générations et peuples solidaires” : Guillaume Soro,mardi 7 janvier 2020

[14]https://www.bbc.com,CI : Charles Blé Goudé crée un parti

[15] https://africa24tv.com Côte d’Ivoire – Présidentielle 2025 : la campagne électorale fixée du 10 au 23 octobre 2025

[16] هذه النظرية تحملها معظم المحللين السياسين والبلوتولوغيين والأكادمين والباحثين على رأسهم د. أتير بنغا ووالبروفسيور أندري كيو والمحامي ميتر ميتي وغيرهم من المثقفين العاجيين ويساندهم في ذلك الرأي عدد من الصحفيين الغربين .

[17] وهذا واحد من ميئات الأمثال الشعبية التي تضرب بها المثل في ساحة السياسية لأن معظم الشعب العاجي يكاد لا يصدق رجال الساسة لأنهم كالشعراء يقولون ما لايفعلون والعكس صحيح ، مثل آخر  تقول : ” وإذا قال لك سياسي عندنا:  قلت فخذ منه كلمة ” قلت”  فهو الحق ” وترك له الباقي فإنه أوهام وغرور “

كماغاتي صالح

أستاذ جامعي وعضو مجلس خبراء افرو بوليسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى