محمد صالح عمر | المدير العام للمركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات
منحت البرتغال الاستقلال لأنغولا في 1975 واستقر الحكم للحركة الشعبية لتحرير أنغولا ذات التوجه اليساري الشيوعي والمتحالفة مع الاتحاد السوفيتي حينها، وأنشأت دستورا لدولة ذات حزب واحد برئاسة رئيس الحركة أوغستينو نيتو الذي أصبح رئيس الحكومة وحول الحركة إلى حزي ماركسي لينيني طليعي في 1977، وتم إلغاء منصب رئيس الوزراء حتى 1991، تأسس البرلمان عام 1980 توفى الرئيس المؤسس وخلفه وزير التخطيط إدواردوا دو سانتوس الذي ظل في الحكم منذ 1979 وحتى 2017.
تعتبر أنغولا بلد شديد التحضر قياسا على الدول الإفريقية بجوارها إذ يصل التحضر فيها 65%، ويظل النفط والصناعات المرتبطة بها ما نسبته 50% من الناتج الإجمالي المحلي وبشكل 92% من صادراتها.
تطور العملية السياسية في أنغولا
ظلت الحركة الشعبية لتحرير أنغولا هي الحزب السياسي الوحيد في البلاد حتى 1992 على الرغم من وجود حركات قاتلت من أجل الاستقلال مثل الحركة الوطني لتحرير أنغولا المعروفة ب “يونيتا” إلى جانب الحزب الديمقراطي اللبرالي وحزب التجديد الاجتماعي. جرت انتخابات تعددية لأول مرة في أنغولا عام 1992 تنافس فيها 12 حزب سياسي، ومع توسع هامش الحريات والديمقراطية تزايدت الأحزاب إلى أم وصلت 138 حزبا مسجلا في 2008، لكن دون أن يسمح إلا لأربعة عشر حزبا (14) لخوض الانتخابات.
اتسمت الحياة في أنغولا بالتاريخ المركزي والحروب الأهلية المتكررة بسبب ثقافة الصراع السياسي وظروف الاستقطاب الدائمة مما أضعف أداء مؤسسات الدولة بما فيها البرلمان وتراجع واضح للديمقراطية
البرلمان والانتخابات
يتكون البرلمان من غرفة واحدة تتألف من 220عضوا وتُجرى الانتخابات بقوائم متعددة يتم انتخاب 130 عضوا على المستوى الوطني كما يتم انتخاب 5 أعضاء من المقاطعات ال 18 جميعهم في بطاقة واحدة بواقع 5 لكل مقاطعة ويتم انتخاب 3 أعضاء من قبل المغتربين، وتُجرى انتخابات الجمعية الوطنية كل 4 سنوات.
يجب ألا يقل عمر الناخب عن 18 عاما وألا يكون مدانا جنائيا أو لديه جنسية مزدوجة، وألا يقل عمر المشحين عن 35 عاما
تشرف على الانتخابات في أنغولا عدد من الجهات المحلية: اللجنة الوطنية للانتخابات والتي تتفرع عنها اللجان الإقليمية والبلدية واللجنة الانتخابية المشتركة بين الوزارات إضافة إلى المحكمة الدستورية.
انتخابات 2022
تعتبر انتخابات 2022 خامس انتخابات تُجرى في أنغولا بعد تبني التعددي السياسية كما يتفق المراقبون على أن انتخابات 2022 هي الأكثر أهمية وتنافسية لما تمثله رغبة لدي قطاعات عريضة من إنهاء حكم الحركة الشعبية التي سيطرت على الحكم لما يقرب من 50 سنة، كما أنها أو انتخابات يُسمح فيها للمغتربين بالتصويت.
توجه الانغوليون إلى صناديق الاقتراع في يوم الأربعاء 24 اغسطس 2022 في أكثر الانتخابات اختلافا وحدة داخلية بسبب تفاقم الأوضاع الاقتصادية رغم البترول المتدفق من أرضها
التنافس على الرئاسة والبرلمان
تنافست على مقاعد البرلمان البالغة 220 مقعدا، سبعة أحزاب وائتلاف واحد:
– الحركة الشعبية لتحرير أنغولا برئاسة الرئيس المنتهية ولايته جواو لورينكو وهي الحركة الحاكمة منذ الاستقلال
– الاتحاد الوطني للاستقلال التام ـ يونيتا ـ
– الحزب الإنساني لأنغولا
– الحزب القومي للعدالة
– جبهة التحرير الوطني لأنغولا
– التحالف الوطني
– حزب التجديد الاجتماعي
– ائتلاف التقارب الواسع من أجل إنقاذ انغولا
وفقا للجنة الانتخابات فإنه يحق لأكثر من 14 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات العامة وتعتبر هذه الانتخابات هي رابع انتخابات منذ الحر الأهلية الشهيرة في انغولا وخامس عملية انتخابية منذ العام 1992 كما انها أول انتخابات يشارك فيها الانغوليون الذين يعيشون في الخارج.
المتنافسون على الرئاسة
يتنافس على الرئاسة رؤساء الحركتين الرئيسيتين في أنغولا:
– الرئيس المنتهية ولايته جواو لورينكو رئيس الحركة الشعبية 68 عاما
– أدالبيرتو كوستا جونيور، 60 عاما وهو زعيم المعارضة ورئيس حركة الاستقلال التام لأنغولا
الحملات الانتخابية
انطلقت الحملات الانتخابية في 25 يوليو الماضي وجرت في جميع أنحاء البلاد حيث قدمت الأحزاب برامجها للسنوات ال 5 القادمة وركزت البرامج على قضايا الاسكان ونظام الحماية الاجتماعية والتخطيط الاقتصادي ومحاربة الفساد.
تعتبر قضية الفساد اكبر التحديات التي تسوقها المعارضة لإنهاء حكم الحركة الشعبية التاريخي، فأنغولا ثاني أكبر منتج للبترول بعد نيجيريا في إفريقيا ولكن تفيد الاحصاءات الدولية أن نصف سكانها البالغ عددهم 33 مليون نسمة يعيشون بمستوى دخل منخفض وباقل من دولارين في اليوم.
الرقابة على الانتخابات
يصوت الناخبون البالغ عددهم 14,7 مليون ناخب في 13200 مركز اقتراع و26 ألف وحدة اقتراع. يقوم بتأمينها 80 ألف شرطي وأكثر من 2000 مراقب محلي.
بعث الاتحاد الافريقي بعثة مراقبة من 35 برئاسة رئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي ماريام ديسالين وتتكون من مختلف البلدان الإفريقي والبرلمان الإفريقي ولجنة الممثلين الدائمين للاتحاد الافريقي يدعمها 14 خبير من المفوضية العليا للاتحاد الافريقي وخبراء مستقلين.
كما شاركت في الرقابة بعثة مكونة من 29 عضوا من الدول المناطقة باللغة البرتغالية برئاسة الرئيس السابق للراس الأخضر خورخي كاركوس.
كما تشارك عدد من المؤسسات المدنية المحلية والدولية مثل الاتحاد الأوروبي والجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي ومركز كارتر الأمريكي والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والمجموعة الدولية لمنطقة البحيرات.
نتائج الانتخابات
– قالت مفوضية الانتخابات الخميس 25 أغسطس إن الحزب الحاكم في أنجولا حقق أغلبية بعد فرز جميع الأصوات تقريبا لكن المعارضة تشكك في نتائج الانتخابات.
– فازت الحركة الشعبية لتحرير أنغولا ب 124 مقعد بفارق مقدراه 26 مقعد من الدورة السابقة حيث كانت مقاعدها في الانتخابات السابقة 150 مقعد بنسبة 51% كما حصلت حركة يونيتا على 90 مقعد بنسبة 44% بزيادة 39 مقعد من الانتخابات السابقة.
– صرح ميهايلا ويبا نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحركة يونيتا والتي قدمت مرشحها للرئاسة أدالبرتو كوستا جونيور بأن الفائز من المتحمل أن يكون حزبه وقال قبل اعلان شبه النهائية ربما فزنا، وإن مفوضية الانتخابات اعلنت النتائج بدون سند قانوني
– تحتج المعارضة بالتسرع في إعلان النتائج بعد يوم واحد من الانتخابات بينما أعلنت في 2017 بعد أسبوع كامل
– في 2017 فازت الحركة الشعبية بنسبة 61% و 150 مقعد، من مجموع 220 مقعد هي عدد مقاعد الجمعية الوطنية بينما حلت حركة يونيتا نائبا للرئيس بنسبة 26.7% و 51 مقعد.
خاتمة
يبدوا أن أنغولا ستظل ولو إلى بعض الوقت أحد معاقل اليسار التاريخي وأحد مناطق النفوذ الروسي، وهو أحد أكبر منتجي البترول في إفريقيا، فالحركة الشعبية لتحرير أنغولا تسيطر على السلطة منذ استقلال البلاد من البرتغال في 1975، وعلى الرغم من الجهود التي بذلها الغرب في دعم حركة يونيتا من أجل إنهاء سيطرة اليساريين كما حدث في عدد من الدول الإفريقية إلا أنها لم تحقق نجاحا يذكر غير إشعال حرب أهلية طويلة ومدمرة استمرت لما يقرب من 27 عاما.
فاز لورينكو بولاية ثانية بفضل الاصلاحات الاقتصادية التي أدخلها في دورته الأولى في بلد يعادي أحادية مصادر الدخل ولكن يبدوا ربما تكون آخر عهد اليسار في الحكم إذا لم تتمكن الحركة من إدخال إصلاحات حقيقة وتجديد دورة الحياة السياسية والاجتماعية، إذا أن إفريقيا في حالة انتقال وتحولات.