تحليلات

التمرد “الأنجلو فوني” في الكاميرون

قراءة في الأسباب والعواقب والمسارات المُحتملة للصراع

تشهد الكاميرون، وهي إحدى بلدان وسط غرب إفريقيا، صراعًا مُسلَّحًا بين الحكومة المركزيَّة الناطقة بالفرنسيَّة والحركات الانفصاليَّة المُتمردة الناطقة بالإنجليزيَّة في جمهورية أمبازونيا المُعلنة من طرف واحد، لأسبابٍ تتعلق بالمظالم التاريخيَّة والتهميش السياسي والتمييز اللغوي ضد الأقلية الأنجلوفونيَّة. وُينذر هذا المشهد المُتأزم الناجم عن استمرار التصعيد المُسلَّح بتفاقم الأوضاع الأمنيَّة والاقتصاديَّة والإنسانيَّة في البلاد وبلوغها مستوىً أشد وطأةً وأكثر خطورةً، في حال واصل طرفا الصراع رفضهما لجهود الوساطة وتشبثهما بمواصلة القتال عوضًا عن الحوار والجلوس إلى طاولة التفاوض. في الوقت نفسه، تواجه حكومة الكاميرون تحديات أخرى لا تقل خطورةً، تتمثل في مُحاربة الجماعات المُتطرفة الناشطة في أقصى شمال البلاد، مثل حركة بوكو حرام، والتعاطي مع الأزمات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة التي تُثقل كاهلها في الداخل، مما قد يُقوِّض قدرتها على الاستجابة لهذه الأزمات، ويُعجل بانزلاقها نحو مُستنقع أعمق من الفوضى لا تقوى على مُغادرته أو الخروج منه.

من هنا، يسعى هذا المقال إلى تسليط الضوء على التمرد الانفصالي «الأنجلوفوني» في الكاميرون، من خلال تتبع الجذور التاريخيَّة للنزعة الانفصاليَّة للأقلية الأنجلوفونية مُنذ الاستقلال وحتى الإعلان عن قيام جمهورية أمبازونيا من قبل المليشيات المُتمردة عام 2017م، واستكشاف أهم العوامل والأسباب المُحفزة لهذا التمرد، ومن ثمّ الوقوف على التداعيات والعواقب الوخيمة الناجمة عن تواصل أعمال العنف بين القوات الحكوميَّة والجماعات المُتمردة في جنوب غرب وشمال غرب البلاد، وأخيرًا تحديد أهم السيناريوهات والمسارات المُستقبلية المُحتملة للصراع المُسلَّح.

العودة إلى الوراء: الجذور التاريخيَّة للنزعة الانفصاليَّة في الكاميرون

في سياق التكالُب الأوروبي على القارة الإفريقيَّة خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر، تطلَّعت ألمانيا، بحلول 1884م، بأنظارها نحو الكاميرون وأخضعتها لسيطرتها باعتبارها جزءًا من إمبراطوريتها الإفريقيَّة، لكن بعد هزيمتها في الحرب العالميَّة الأولى واتجاه الدول المُنتصرة إلى تصفية أقاليم ومُستعمرات الدول المهزومة تمهيدًا لتقاسمها فيما بينها، أصدرت مُنظمة عصبة الأمم قرارًا يقضي بتقسيم الكاميرون بين الإدارة الفرنسيَّة والبريطانيَّة المُشتركة؛ حيث تولَّت فرنسا السيطرة على 80% من المُستعمرة الألمانيَّة، أما الأجزاء المُتبقية الواقعة في الغرب فقد أسندت إدارتها إلى بريطانيا تحت مُسمَّى «شمال الكاميرون البريطاني وجنوبه»، ولم يكن الإقليم البريطاني، خلافًا لنظيره الفرنسي، يُشكل مُستعمرةً منفصلة بذاتها، بل كانت الحكومة البريطانيَّة تديره من العاصمة لاغوس بوصفه جزءًا إداريًا من نيجيريا الاستعماريَّة.

بعد الحرب العالميَّة الثانية ونمو حركات التحرُّر الوطني ضد القوى الأوروبيَّة الاستعماريَّة في إفريقيا، أعلنت الحكومة الفرنسيَّة، في يناير 1960م، منح إقليمها الكاميروني الاستقلال التام، أعقب ذلك تنظيم استفتاء برعاية الأمم المُتحدة في إقليم الكاميرون البريطاني لتقرير مصيره؛ حيث صوَّت الجزء الشمالي ذي الأغلبية المُسلمة على الانضمام إلى نيجيريا، بينما صوَّت الجزء الجنوبي على الانضمام إلى شرق الكاميرون الفرنسي في دولة واحدة باسم جمهورية الكاميرون الاتحاديَّة، إلا أنَّ الاستفتاء الشعبي الذي شهدته البلاد عام 1972م أفضى إلى استبدال النظام الفيدرالي القائم بنظام وحدوي([1]) وتغيير مُسمَّى البلاد إلى جمهورية الكاميرون.

أثارت هذه الخطوة استياء السكان الناطقين بالإنجليزيَّة الذين رأوا فيها إجراءً لتعزيز استيعابهم بالقوة في الدولة التي يُهيمن عليها الناطقون بالفرنسيَّة ومحو هويتهم، في هذا السياق، وجّه المُحامي الناطق بالإنجليزيَّة وأول رئيس لنقابة المُحامين في الكاميرون، فون غورجي دينكا Fon Gorji Dinka، مُذكرةً إلى الرئيس بول بيا Paul Biya بحلول 1985م دعا فيها إلى استقلال جنوب الكاميرون باسم «جمهورية “أمبازونيا Ambazonia»، وهي المرة الأولى التي يُطلق فيها هذا الاسم المُشتق من خليج أمباس Ambas عند سفح جبل الكاميرون للإشارة إلى الأجزاء الناطقة بالإنجليزيَّة([2]).

خلال تسعينيَّات القرن الماضي، وهي الفترة التي اتسمت بالتحرُّر الاقتصادي والسياسي وإعادة إدخال نظام التعدُديَّة الحزبيَّة، اشتدَّت الدعوات المُطالبة باستقلال جنوب الكاميرون البريطاني، وأصبحت مصالح الناطقين باللغة الإنجليزيَّة مُمثلةً في جمعيات وجماعات ضغط أطلقتها النُخب الأنجلوفونيَّة، مثل مؤتمر عموم الناطقين باللغة الإنجليزيَّة (AAC)، الذي نظَّم اجتماعين رئيسيين في عامي 1993م و1994م، ودعا إلى العودة إلى الشكل الفيدرالي للدولة، وعندما رفضت الحكومة الاستجابة لتلك المطالب، تبنت القيادة الناطقة بالإنجليزيَّة موقفًا انفصاليًّا وشرعت في تشكيل المجلس الوطني لجنوب الكاميرون (SCNC)، قبل أن تقوم السُلطات بحله عام 1997م، ومع ذلك نجح الانفصاليون في نيل الاعتراف بمظالمهم من قبل هيئات دوليَّة، مثل الأمم المُتحدة والاتحاد الإفريقي واللجنة الإفريقيَّة لحقوق الإنسان، لكنهم فشلوا في كسب الدعم اللازم لمطالبهم الانفصاليَّة([3]).

الانزلاق نحو الفوضى: اندلاع الحرب الأهليَّة بين الحكومة والمُتمردين

ظلت الأوضاع الداخليَّة في الكاميرون مُستقرةً نسبيًّا إلى غاية سبتمبر 2016م، عندما شهدت المنطقتان الناطقتان بالإنجليزيَّة في شمال غرب وجنوب غرب البلاد احتجاجات سلميَّة نظَّمها مجموعة من المُحامين والمُعلمين الناطقين بالإنجليزية ردًا على تعيين قضاة ناطقين بالفرنسيَّة في الأقاليم الأنجلوفونيَّة، مُعتبرين ذلك تعديًا على حقوقهم وانتهاكًا للقانون العام المعمُول به في تلك الأقاليم، فضلًا عما يتعرضون له من تهميش في التعيينات الحكوميَّة العُليا، وإهمال الاستثمار في البنية التحتيَّة في مناطقهم وتردي الأوضاع الاقتصاديَّة عمومًا، داعين إلى اتخاذ تدابير فعَّالة لتعزيز وحماية سلامة نظاميهم التعليمي والقضائي، غير أنَّ الحكومة الكاميرونيَّة قابلت هذه الاحتجاجات بقمع وعنف مفرطين؛ حيث لجأت قوات الأمن إلى استخدام الغازات المُسيلة للدموع وتفريق جموع المُتظاهرين بالقوة وإطلاق حملات اعتقال تعسفية بحق المدنيين. هذا السُلوك العنيف الذي أظهرته السُلطات المركزيَّة تجاه المُحتجين، والذي يعكس سوء تقديرها واعتقادها بقدرتها على اسكات الاحتجاجات بالقوة، أجَّجَ مشاعر العداء ضدها في الأقاليم الناطقة بالإنجليزيَّة، فتحوَّلت على إثر ذلك المُظاهرات السلميَّة إلى مواجهات مُسلحة بين قوات الأمن الحكوميَّة والمدنيين الناطقين بالإنجليزيَّة.

وأمام تصاعد وتيرة العنف، ظهرت عدة جماعات مُسلحة في المناطق الناطقة بالإنجليزيَّة في الشمال الغربي والجنوب الغربي، طالبت بالاستقلال التام عن الكاميرون، ليُعلن الانفصاليون بقيادة «سيسيكو جوليوس أيوك تابي Sisiku Julius Ayuk Tabe» في 30 أكتوبر 2017م، الذي يوافق ذكرى توحيد البلاد عام 1961م، قيام جمهورية أمبازونيا المُستقلة، وشكَّلوا حكومةً مؤقتةً واعتمدوا دستورًا وعلمًا ونشيدًا وطنيًّا([4]). ردًا على ذلك، أعلَّنت الحكومة رفضها الاعتراف بهذا الانفصال ووصفت جميع المُتظاهرين بالانفصاليين المُتطرفين، وحشدت عناصرها للقيام بهجمات وحشيَّة ضدهم، فأحرقت قرىً بأكملها، واعتقلت وعذَّبت عشرات الأشخاص دون تمييز في المناطق الناطقة بالإنجليزيَّة، تلا ذلك اتخاذ عدة إجراءات تقييدية ترمي إلى منع المزيد من المُظاهرات في المنطقتين الناطقتين بالإنجليزيَّة، من بينها تعليق وسائل النقل العام، وإغلاق الشركات والأماكن العامة، وحظر التجمعات لأكثر من أربعة أشخاص([5]).

وفي مُحاولةٍ منه لتهدئة الأوضاع، دعا الرئيس الكاميروني بول بيا إلى مؤتمر عام عُقد في يوليو 2018م من قِبل الكاردينال «كريستيان تومي  Christian Tommy» رئيس أساقفة دوالا السابق، إلى جانب ثلاثة قادة دينيين بروتستانت ومسلمين آخرين، بهدف تعزيز الحوار الوطني وتمكين مُختلف الجهات الفاعلة في البلاد من مُناقشة كافة القضايا المُتعلقة بمُعالجة مظالم الأنجلوفون وتمثيلهم سياسيًّا، ومع ذلك، فقد ألغي المؤتمر بسبب مُعارضة الانفصاليين وتصاعدت أعمال القتال مرةً أخرى بين الحكومة والمليشيات المُسلحة، وحتى اليوم أخفقت كافة الجهود والمُبادرات السياسيَّة في مُعالجة الأزمة ووضع حد لأعمال العنف نتيجة لتشبث كل طرفٍ بمواقفه؛ حيث يرفض الانفصاليون الانخراط في أي مُحادثات مُباشرة مع الحكومة إلا في ظل وجود وسيط مُحايد ونزيه، فيما ترفض الحكومة من جانبها كافة المُبادرات المطروحة للوساطة([6]).

عوامل مُحفزة: أسباب التمرد الانفصالي الأنجلوفوني

من المؤكد أنَّ أحداث العنف التي شهدتها الكاميرون عام 2016م وما تلاها من إعلان الانفصال في الأقاليم الناطقة بالإنجليزيَّة عن سُلطة الحكومة المركزيَّة في ياوندي ومن ثمّ اندلاع الحرب الأهليَّة، لم يكن الدافع الوحيد ورائها هو استخدام القوة أو القمع المُفرط للاحتجاجات السلميَّة من قبل القوات الحكوميَّة، بل إنَّ هناك عدة عوامل أخرى غذت هذا التمرد الانفصالي للأقلية الناطقة بالإنجليزيَّة على مدار العُقود والسنوات التي أعقبت الاستقلال وإعلان الوحدة بين شطري الكاميرون، نذكر منها ما يلي:

1- الإرث الاستعماري وثنائية الهوية واللغة

حمل الإرث الاستعماري للكاميرون في طياته بذور الصدام بين شرق الكاميرون الفرنسي وجنوبه البريطاني خلال العقود التاليَّة للاستقلال، فقد عزَّزت السياسات الاستعماريَّة لأكثر من سبعة عقود وجود هويات وطنيَّة جديدة تشكَّلت على أسسٍ لُغويَّة: الفرنسيَّة والإنجليزيَّة، فكان لهذه الثنائيَّة اللغويَّة أثرًا مُباشرًا في تفاقم الاختلافات بين هذه الثقافات الاستعماريَّة الموروثة، بالإضافة إلى الانتماءات اللغويَّة والثقافات الوطنيَّة للكاميرونيين([7])، ومع اتجاه الحكومة إلى إعطاء الأولوية للغة الفرنسيَّة، سواء في المؤسسات التعليميَّة أو فيما يتعلق بنشر الوثائق والمُكاتبات الإداريَّة والرسميَّة، بالرغم من تمتع اللغتين بنفس المكانة دستوريًّا، فقد عُدت هذه الخطوة عاملًا آخر لتعزيز النزعة الانفصاليَّة في الأقاليم الأنجلوفونية([8]).

يقترن الإرث الاستعماري المُعزِز للانقسام الداخلي في الكاميرون كذلك بجانبٍ آخر، يتعلق بمسألة العمل والتدوين القانوني، فبينما يُطبق القانون العام الموروث عن الإدارة البريطانيَّة في الإقليمين الناطقين بالإنجليزيَّة، نجد أنَّ الأقاليم الثمانية الأخرى الناطقة بالفرنسيَّة في شرق الكاميرون تأخذ بالقانون المدني الذي طبقته سُلطات الاحتلال الفرنسيَّة، ومن ثمّ فإنَّ المُحامين أو القضاة الناطقون بالفرنسيَّة لا يسعهم العمل في الأقاليم الناطقة بالإنجليزيَّة حيث يُمارس القانون العام، والأمر نفسه بالنسبة للقضاة والمُحامين الأنجلوفون لا يمكنهم العمل في شرق الكاميرون؛ حيث يُطبق القانون المدني.

2- التهميش السياسي والتفاوتات الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة

مُنذ الاستقلال وإعادة الوحدة، يتفاقم الشعور بالإقصاء في الأقاليم الأنجلوفونيَّة، حيث يشعر الناطقون بالإنجليزيَّة، الذين يشكلون أقل من 20 في المائة من مجموع سكان الكاميرون البالغ تعدادهم نحو 28 مليون نسمة، بالتهميش بسبب بُعدهم عن مركز السُلطة السياسيَّة، واحتكار الأغلبية الفرنكفونيَّة للمناصب العُليا في الدولة، بدءًا بالمناصب والوظائف الإداريَّة والقضائيَّة وصولًا إلى الحقب الوزاريَّة وغيرها من المناصب العامة رفيعة المُستوى، فضلًا عن ذلك، يزعم الأنجلوفون أنهم غير مُمثلين سياسيًّا في الحكومة وفي صنع القرار داخل البلاد، نتيجة لتركُّز السُلطة السياسيَّة في أيدي الأغلبية الناطقة بالفرنسيَّة، وأنَّ منطقتيهم في الشمال الغربي والجنوب الغربي من البلاد تُعانيان تخلفًا واضحًا في التنمية الاجتماعيَّة والاقتصاديَّة، مما عزَّز لديهم رغبةً جامحةً في الانفصال.

بالإضافة إلى ذلك، يشتكي الناطقون بالإنجليزيَّة من أنَّ خصوصياتهم المُرتبطة بتاريخهم لا تؤخذ في الاعتبار ضمن مؤسسات الجمهورية والمُنظمات الإقليميَّة في وسط إفريقيا، كما أنَّ الحضور القوي والمُهيمن للمسؤولين الناطقين بالفرنسيَّة في النظام التعليمي والقانوني الأنجلو/ ساكسوني ساهم بشكل كبير في تشويه سُمعة الحكومة المركزيَّة لدى السُكان، فتنامت على إثر ذلك أيديولوجية تقرير المصير التي يرعاها قادة منتشرين في أنحاء الأقاليم الأنجلوفونيَّة، والشتات، ومُنظمات المُجتمع المدني([9]).

من ناحيةٍ أخرى، يُلاحظ أنَّ الأقاليم الأنجلوفونيَّة الناطقة بالإنجليزيَّة كانت تتمتع قبل الاستقلال بأصول اقتصاديَّة متنوعة، تمثلت في وجود مجلس تسويق غرب الكاميرون، وبنك الكاميرون، وميناء ليمبي Limbe، إضافةً إلى مطاري باميندا Bamenda وتيكو Tékou، ومع ذلك، أهملت تلك المشروعات بعد الاستقلال وإعادة التوحيد وتُركت للانهيار نتيجة سياسة التهميش التي مُورست من قبل الحكومة المركزيَّة وما أفضى إليه ذلك من اتساع الهوة الاقتصادية والتنمويَّة بين شرق الكاميرون وغربه، فأصبحت الأقاليم الأنجلوفونيَّة تبعًا لذلك أشد المناطق فقرًا في البلاد، وأكثرها تخلفًا في قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتيَّة والمرافق العامة([10]).

3- فشل تجربة الاندماج الوطني

أسفر الاستفتاء الذي رعته الأمم المُتحدة عام 1961م، كما ذكرنا، إلى دخول جنوب الكاميرون البريطاني في اتحادٍ مع الشطر الفرنسي تحت مُسمَّى «جمهورية الكاميرون الاتحاديَّة» لكن هذه التجربة الاتحاديَّة لم تُعمر سوى عقد واحد عندما جرى الاستفتاء على دستورٍ جديد للبلاد في عهد الرئيس أحمدو أهيجو Ahmadou Ahidjo، تم بموجبه إلغاء الفيدراليَّة والتحوُّل إلى نظام وحدوي عزَّز من سُلطة رئيس الدولة في الأقاليم المُتحدثة بالإنجليزيَّة، ومع تنحي أهيجو عن السُلطة عام 1982م وإسناد الحكم إلى الرئيس بول بيا، اتجه هذا الأخير إلى اتباع سياسة استيعابيَّة تجاه الكاميرون البريطاني([11]) ومع ذلك لم تنجح هذه السياسات الاستيعابيَّة في تحقيق الاندماج الوطني بين الأغلبية الفرنكوفونيَّة والأقلية الأنجلوفونيَّة.

4- تنصل الحكومة الكاميرونيَّة عن وعودها باعتماد النظام الفيدرالي والحكم الذاتي

مُنذ تسعينيَّات القرن الماضي، أخذت الحكومة في ياوندي تُروُّج لوعودها السياسيَّة بالعودة إلى النظام الفيدرالي المُنحل وتعزيز الحكم الذاتي سعيًا منها لتهدئة مخاوف الأنجلوفون، إلا أنَّ هذه الوعود ظلت مجرد شعارات براقة ولم تُقرّ الحكومة أي قوانين لتحقيق ذلك، مما حدا بالأحزاب والحركات السياسيَّة الناطقة بالإنجليزيَّة بحلول 1995م إلى الإعلان عن تأسيس ما يُسمَّى «المجلس الوطني لجنوب الكاميرون» لتمثيل مصالح الناطقين بالإنجليزيَّة والدفاع عنهم، كما دعت تلك الأحزاب إلى تحديد مُهلة زمنيَّة لتحقيق الحكم الذاتي وإلا فإنها ستطالب بالاستقلال، لكن السُلطات الحكوميَّة سُرعان ما قامت بحل المجلس الوطني لجنوب الكاميرون وحركة المقاومة التابعة له «رابطة شباب الكاميرون» في أعقاب هجوم وقع في مارس 1997م في المقاطعة الشماليَّة الغربيَّة.

ومع تزايد أعمال العنف مُنذ عام 2016م وتصاعد وتيرة الصراع المُسلَّح بين القوات الوطنيَّة والجماعات الانفصاليَّة وسط قلق دوَّلي مُتزايد إزاء انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها كلا الجانبين، أعلنت الحكومة بنهاية 2019م منحها شمال غرب وجنوب غرب البلاد وضعًا خاصًا، من خلال تحويل المجالس الإقليميَّة في المنطقتين إلى جمعيات إقليميَّة تتمتع بنفوذ أوسع وصلاحيات أكبر مُقارنة بنظيراتها في الأقاليم الناطقة بالفرنسيَّة، ورغم أهمية هذه الخطوة قانونيًّا وسياسيًّا إلا أنها فشلت في تهدئة الانفصاليين أو وضع حد لأعمالهم المُسلحة ضد المسئولين الحكوميين؛ حيث اعتبر القادة الانفصاليون أنَّ هذه الجمعيات الإقليميَّة ضعيفة ولا يُمكنها مُعالجة القضايا التعليميَّة والقضائيَّة واللغويَّة التي تمس جوهر الهوية الوطنيَّة للأنجلوفون، ويعكس هذا الأمر فشل حكومة الكاميرون في التشاور مُسبقًا وبشكل كافٍ مع القادة الانفصاليين([12]) ولا شك أنَّ تعزيز الحكم الذاتي للإقليمين الناطقين بالإنجليزيَّة من خلال تطبيق النظام الفيدرالي من شأنه أن يُعيد الزخم السياسي لإطلاق مُحادثات جديدة بُغية التوصل إلى اتفاق سلام أوسع نطاقًا.

تداعيات خطيرة: عواقب استمرار الصراع المُسلَّح في الكاميرون

تواجه الكاميرون، في ظل تواصل الحرب الأهليَّة بين القوات الحكوميَّة ومتمردي أمبازونيا الانفصاليين، عواقب اقتصاديَّة واجتماعيَّة وإنسانيَّة وخيمة. فمُنذ اندلاع الأزمة عام 2016م، قُتل ما لا يقل عن 6000 مدني على يد القوات الحكوميَّة والمُقاتلين الانفصاليين في المنطقتين الناطقتين بالإنجليزيَّة الواقعتين في شمال غرب وجنوب غرب الكاميرون، بحسب تقارير صادرة عن مُنظمة هيومن رايتس ووتش([13])، فضلًا عما يتعرض له المدنيون في المنطقتين المذكورتين للعنف والاختطاف القسري من قبل الفصائل المُسلَّحة التي تعتمد هذا الإجراء بغرض الحصول على الفدية كأحد مصادر تمويلها.

كما أدَّى الصراع المُسلَّح المُتواصل مُنذ سنوات إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين؛ حيث تجاوز عدد النازحين داخليًّا في المناطق ذات الأغلبية الناطقة بالإنجليزيَّة، اعتبارًا من فبراير 2025م، نحو 500 ألف نازح، وفرار نحو 60 ألف شخص إلى الخارج،  وبحسب ما أفادت به تقارير دوليَّة، فإنَّ هناك أكثر من 3.3 مليون شخص في الكاميرون بحاجة إلى مُساعدات إنسانيَّة نتيجة لاستمرار أعمال العنف([14]).

بالإضافة إلى ذلك، ألقت الاشتباكات المُسلَّحة بين الحكومة والمليشيات الانفصاليَّة بظلالها على الاقتصاد الوطني نتيجة للأضرار البالغة التي لحقت بالمنطقتين الانفصاليتين؛ إذ سجَّلت البلاد انخفاضًا في أداء الخدمات الصناعيَّة بأكثر من 30%، وانخفاضًا في الصادرات بنسبة 5.3% مُقارنةً بسنوات ما قبل الأزمة، ولم يقف الأمر عند هذا الحد؛ حيث إنَّ عددًا من الشركات والمؤسسات العامة والخاصة اضطر إلى الإغلاق، مثل شركة PAMOL وشركة تنمية الكاميرون (CDC)، التي يعمل بها حوالي 10,000 شخص، وتُشير التقديرات إلى أنَّ ما يقرب من 15000 موظف في القطاعين الرسمي وغير الرسمي فقدوا وظائفهم مُنذ بداية الصراع، ونتيجةً لذلك زادت مُعدلات الفقر والجوع وانعدام الأمن الغذائي بشكل كبير في الأسر والمُجتمعات المُتضررة([15]).

من جملة العواقب الأخرى الناجمة عن استمرار الصراع المُسلَّح، لاسيَّما في الإقليمين الناطقين بالإنجليزيَّة، ما يتعرض له قطاع التعليم من تأثير سلبي، فبحلول عام 2023م تسبَّب الصراع في إغلاق أكثر من 3000 مدرسة من أصل 6515 مدرسة ناطقة باللغة الإنجليزيَّة، وحرمان أكثر من 600000 تلميذ من الفصول الدراسيَّة العادية، كذلك انخفض عدد المُسجلين في المدارس الثانويَّة بنسبة كبيرة، بالإضافة إلى ذلك، سجَّلت هذه المناطق انخفاضًا ملحوظًا بنسبة لا تقل عن 10% فيما يتعلق بالتحاق الطلاب بالمدارس والجامعات العُليا مقارنةً بعام 2016م قبل اندلاع الصراع([16]). وعلى صعيد الصحة العامة، يحد الصراع المُسلَّح من توافر الخدمات الصحيَّة ويُقيد إمكانية الوصول إليها في المناطق المُتأثرة بالعنف؛ حيث تضرَّرت ثماني مناطق صحيَّة على الأقل من أصل ثلاثين منطقةً في أقصى شمال الكاميرون، كما أنَّ تعطل الحياة الطبيعيَّة والخدمات الصحيَّة بسبب التمرد أدَّى إلى خلق بيئة مواتية لانتشار الأمراض المُعدية([17]).

وتزداد أوضاع المدنيين سوءًا في ظل انتهاك القوات الحكوميَّة لواجباتها في حمايتهم؛ حيث تؤكد بعض التقارير أنَّ قوات الأمن الكاميرونيَّة تقوم باعتقالات تعسفية واحتجاز وتعذيب بحق المدنيين الذين يُعتقد أنهم على صلة بالانفصاليين أو يقدمون دعمًا لهم، كما أسفر تكتيك «الأرض المحروقة» الذي تنتهجه قوات الأمن عن حرق وتدمير القرى المُشتبه في إيوائها للانفصاليين ومداهمة أكثر من 200 قرية أو تدميرها جزئيًّا، ووفقًا لشهود عيان فإنَّ الهجمات على المدنيين غالبًا ما تكون انتقامًا لأفعال الانفصاليين المُسلحين، ويُفسر بعض الخبراء هذا الاجراء باعتباره جزءًا من استراتيجية حكوميَّة لإنهاء الأزمة من خلال استنزاف السُكان المدنيين حتى يتوقفوا عن دعمهم للفصائل المُتمردة([18]).

وأخيرًا، يُخشى أنْ يؤدي استمرار الصراع المُسلَّح في الكاميرون إلى استنزاف موارد وقدرات القوات الحكوميَّة، ومن ثمّ تراجع دورها في التصدي لخطر الجماعات المُتطرفة الناشطة في المناطق الشماليَّة من البلاد، بما في ذلك حركة بوكو حرام وجماعة أهل السنة للدعوة والجهاد وتنظيم الدولة الإسلاميَّة (داعش)، سيَّما وأنَّ هذه الجماعات ضاعفت مُنذ عدة سنوات هجماتها ضد المدنيين في هذه المناطق في إطار سعيها  لتجنيد الشباب والأطفال في صفوفها أو طلبًا للفدية مُقابل إطلاق سراح المُختطفين، وما يرتبه ذلك من زيادة خطر العنف والنزوح.

مسارات المُستقبل: السيناريوهات المُحتملة لتطوُّرات الحرب الأهليَّة في الكاميرون

على ضوء ما سبق، يمكن أنْ نطرح أربعة سيناريوهات مُحتملة، على الأقل، لتطوُّرات الصراع المُسلَّح في الكاميرون، وذلك على النحو الآتي:

السيناريو الأول:

 يفترض هذا السيناريو استمرار الوضع الراهن وما ينطوي عليه من نزاع مُمتد بين الحكومة والجماعات الانفصاليَّة المُتمردة، ويستحوذ هذا السيناريو على الوزن النسبي الأكبر مُقارنةً بالسيناريوهات الثلاث الأخرى نظرًا لفشل جهود الوساطة الإقليميَّة والدوليَّة في نزع فتيل الأزمة، وتعنت طرفي الصراع واصرارهما على موقفهما الرافض للحوار أو تقديم أية تنازلات، وتبعًا لهذا السيناريو سيستمر الانفصاليون في هجماتهم ضد المسئولين والمنشآت الحكوميَّة وتصعيد اعتداءاتهم على المدنيين، وبالتالي تفاقم الأوضاع الأمنيَّة والاقتصاديَّة والإنسانيَّة وتواصل موجات النزوح داخليًّا وخارجيًّا.

السيناريو الثاني:

ويتمثل في قدرة حركات التمرد في الإقليمين الناطقين بالإنجليزيَّة على تحقيق أهدافها وانتزاع الاستقلال التام عن الكاميرون، لكن المؤشرات الراهنة تقلل كثيرًا من فرص نجاح هذا المسار نتيجة لعدة عوامل، أبرزها: الانقسام والتشرذم الذي يطبع موقف الجماعات الانفصاليَّة المُسلَّحة بسبب تقاطع الرؤى السياسيَّة والتنافس المتزايد بين قادتها حول النفوذ والمكاسب المحليَّة، فضلًا عن أنَّ الانفصاليين الأنجلوفون، خلافًا للعديد من الحركات المُتمردة الإفريقيَّة الأخرى، لا يحظون بدعم المُجتمع الدولي ولا يتلقون المُساعدة من أي أطراف إقليميَّة، علاوةً على ذلك تواجه الحركة الانفصاليَّة الأمبازونية عقبةً رئيسيَّةً تتمثل في انقطاع الدعم المُقدم لها من جماعات الشتات في الخارج على خلفية الأعمال غير المشروعة التي تُمارسها المليشيات المُتمردة كالاختطاف القسري مُقابل الفدية، الأمر الذي أفقدها ثقة المدنيين الناطقين بالإنجليزيَّة وجردها من أي شرعية سياسيَّة لتمثيلهم.

السيناريو الثالث:

ينطوي هذا السيناريو على إمكانية انخراط الدول المُجاورة أو المُنظمات والهيئات الإقليميَّة واضطلاعها بدور الوساطة في هذه الأزمة، سعيًا منها لإيجاد حل سلمي لها ووقف الأعمال العدائيَّة بين الحكومة والحركات الانفصاليَّة، ورغم ما أبدته دول الجوار والهيئات الإقليميَّة، كالاتحاد الإفريقي والجماعة الاقتصاديَّة لدول وسط إفريقيا (إيكاس)، من تحفظٍ وتكتمٍ ملحوظين حتى الآن، إلا أنه لا يزال لديها القدرة للدفع باتجاه إطلاق حوار وطني شامل بين الفرقاء، عبر اقتراح «طرف ثالث» للتقريب بين وجهات النظر ودفع الأطراف المُتحاربة للجلوس إلى طاولة التفاوض.

 السيناريو الرابع:

يفترض هذا السيناريو الأخير قدرة الحكومة المركزيَّة على إخماد حركة التمرد وسحق المليشيات المُسلَّحة في جمهورية أمبازونيا الانفصاليَّة، نظرًا لتفوق القوات الحكوميَّة من ناحية العدة والعتاد وامتلاكها تجهيزات عسكريَّة أكثر تطوُّرًا، مما قد يُمكنها من تحقيق نصر عسكري ضد فصائل المُتمردين واستئصال نفوذهم، ومع ذلك فإنَّ القوات الحكوميَّة تجد نفسها في مواجهة بعض العقبات التي قد تحول دون تحقيقها نصرًا عسكريًّا حاسمًا، أهم تلك العقبات أنَّ الحرب ضد الفصائل المُتمردة ليست حربًا نظاميَّةً بل هي حرب عصابات تُخاض في أرضٍ وعرة، وهي نوع من الحروب التي يصعب كسبها، سيَّما وأنَّ الجماعات المُتمردة تعتمد في استراتيجياتها القتاليَّة على التنقل الدائم، كما أنَّ عناصرها تُظهر قدرةً ومرونةً هائلة في التكيف مع البيئة القاسية شحيحة الموارد بخلاف القوات الحكوميَّة.

خاتمة

في ختام هذا المقال، نُشير إلى أنَّ الصراع المُسلَّح الذي تشهده الكاميرون مُنذ سنوات بين القوات الحكوميَّة ومتمردي جمهورية أمبازونيا الانفصاليَّة المُعلنة من طرفٍ واحد، هو نتيجة لفشل النظام السياسي الكاميروني في مُعالجة المظالم التاريخيَّة للأقلية الأنجلوفونيَّة على مدى العُقود الماضية، وأنَّ الخروج من هذا النفق المُظلم يقتضي إعادة تنظيم الدولة حول نموذج فيدرالي من شأنه تعزيز الوحدة الوطنيَّة واضعاف جاذبية الانفصال بين الناطقين بالإنجليزيَّة، باعتبار أنَّ هذا الانفصال لا يشكل حلًا أو مخرجًا لأزمات الهوية والتهميش السياسي، بالإضافة إلى ذلك، يحتاج النظام السياسي في ياوندي إلى تطوير حلول جذريَّة للأسباب التي شكلت حافزًا لتنامي النزعة الانفصاليَّة، كالتمثيل السياسي المتوازن والوصول العادل للوظائف والمناصب العُليا، وإطلاق مشروعات تنمويَّة متكاملة في المناطق المحرومة والمُهمشة في شمال غرب وجنوب غرب البلاد، ولكن قبل ذلك يتعين على الدول والمُنظمات الإقليميَّة الاضطلاع بدورها في دفع الأطراف المُتصارعة إلى التفاوض وتغليب لغة الحوار عوضًا عن العنف، بما يُعزز فرص التعافي المُجتمعي وخلق سلام مُستدام.

([1]) History of Cameroon, Global Conscience Initiative, Available at: https://2u.pw/JvSdA
([2])Michaela Pelican, "The Anglophone conflict in Cameroon: historical and political background", Working Paper No. 20, Freiburg- Germany,  September 2022, P.11.
([3]) Ibid, PP. 11-12.
([4]) Giovanni Zanoletti, "Ambazonian Separatists in Cameroon", Armed Conflict Location & Event Data, 4 May 2018, Available at: https://2u.pw/Yub0F
([5])" Growing Instability in Cameroon Raises Fundamental Questions about the State", African Center for Strategic Studies, 26 October 2018, Available at: https://2u.pw/lwlx5
([6]) Kingsley Emeka Ezemenaka, "Minority rights and violence: A comparative analysis of the conflict in Southern Cameroon and Biafran separatism in Nigeria", Wiley Online Library, 14 May 2021,  Available at: https://2u.pw/P7CyZ
([7]) Matthew Housley, "The War in Cameroon and the Identity Politics of Language", Young Diplomats, 1 April  2024, Available at: https://2u.pw/FW9yk
([8])Emmanuel Yenkong Sobseh, "Cultural and Linguistic Conflicts in Cameroon 1961- 2020: Looming Threats to Peace and National Unity", American Research Journal of Humanities and Social Sciences, Volume 8, Issue 1, 2022, PP. 66- 67.
([9]) Hippolyte Eric Djounguep, "Civil War in Cameroon: Consequence of an Unfinished Decolonization", Trends Research and Advisory, 25 August  2021, Available at: https://2u.pw/SDjcJ
([10]) Anselm Adunimay, "Secessionists Movements and their Implications for Security in Africa: The Case of Southern Cameroons", Accord, 8 December  2022, Available at: https://2u.pw/Fy2m3
([11]) محمد الدابولي، "مأزق الأنجلوفون في الكاميرون ما بين المُصالحة الوطنيَّة.. واستمرار الاضطرابات السياسيَّة، مركز فاروس للاستشارات والدراسات الاستراتيجيَّة، 4 فبراير 2020م، مُتاح على: https://2u.pw/qGohOaqi
([12])" A Second Look at Cameroon’s Anglophone Special Status", International Crisis Group, 31 March  2023, Available at: https://2u.pw/DuOeL
([13]) "Cameroon Events of 2023", Human Rights Watch, 20 May 2023, Available at: https://2u.pw/2dRPt
([14])" Cameroon and the Anglophone Crisis", U. S. Committee For Refugees And Immigrants, 28 March 2025, , Available at: https://2u.pw/kYyXv
([15]) Adeline Nembot, Bin Meh, and Parfait Beri, "Analysing the Socioeconomic Consequences of the Anglophone Conflict in Cameroon", Nkafu Policy Institute,  Available at: https://2u.pw/yqla9
([16])  Ibid.
([17]) Francis Tazoac ha, and Odette Kibu, "Implications of Armed Conflict on Healthcare Interventions in Cameroon", On Policy Africa, 8 March 2022, Available at:  https://2u.pw/YhlHF
([18]) Kyra Fox, and Andrea Gittleman, "Risk of Mass Atrocities in Cameroon", United States Holocaust Memorial Museum, June 2020, P.2,  Available at: https://2u.pw/i0988

_________________ إهـ __________________

تحليلات المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي)
المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات

هشام قدري أحمد

باحث في العلوم السياسيَّة، جمهورية مصر العربيَّة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى