تحليلات

المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في عامها الخمسين

قراءة تحليلية لتاريخها وإنجازاتها ومستقبلها

تأسست المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) في 28 مايو 1975، بتوقيع معاهدة لاغوس من قبل 15 دولة من غرب أفريقيا. وكانت مهمتها الأساسية متمثلة في تعزيز التكامل الاقتصادي وتشجيع التعاون بين الدول الأعضاء لتحقيق الاكتفاء الذاتي الجماعي. وعلى مدى السنوات الخمسين الماضية، تطورت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لتصبح واحدة من أهم الكتل الإقليمية في أفريقيا، والتي تشمل أبعادا سياسية واقتصادية وأمنية. ومع اقتراب اكمال هذه المنظمة لنصف قرن من تأسيسها، تواجه العديد من التحديات وخاصة أن المنطقة الاقليمية المنتمية لها المجموعة تعتبر أكثر المنطق سخونة في القارة الافريقية وحتى في العالم، سواء من ناحية الصراع الدولي والاقليمي الدائر فيها أو كمنطقة صراعات مسلحة.

التأسيس وهيكلية المجموعة 

كان تصور الأعضاء المؤسسون في مايو 1975 هم (بنين وبوركينا فاسو وكوت ديفوار وغانا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا وموريتانيا ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال وسيراليون وتوغو وغامبيا)، يتمحور حول غرب أفريقيا موحدة. وفي سنة 1976 التحقت الرأس الأخضر بالمجموعة ومن ثم أرست قيادات هذه الدول الأساس لكي تعمل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا كمحفز للتنمية الاقتصادية والوحدة الإقليمية.

وفي سنة 2000 وبالرغم من أنها من بين الدول المؤسسة للمجموعة، قامت موريتانيا بالانسحاب من المنظمة وذلك لعدة اعتبارات منها رغبة نواكشوط في الانخراط أكثر ضمن مجموعة المغرب العربي، والتهرب من دفع مستحقاتها المالية للمجموعة وعدم تماشي سياسة موريتانيا في تلك المرحلة مع سياسات المجموعة الاقتصادية الدافعة نحو دمقرطة دول غرب إفريقيا ومع تأسيس محكمة حقوق الانسان التابعة لإيكواس.

ولكن في سنة 2016 أعربت موريتانيا عن رغبتها للعودة إلى هذا التكتل الإقليمي وان لم يكن الاعلان رسميا، ولكن رحبت الايكواس بهذه الخطوة، كما أن المغرب قدمت طلب عضوية رسمي لانضمام للايكواس كعضو، وتونس أيضا تقدمت بملف للانضمام للمجموعة كعضو مراقب.

وكل هذه الدوافع للانضمام للايكواس تعود للمزايا الاقتصادية التي توفرها المجموعة والدول الأعضاء فيها، إما من ناحية اعتبارها كسوق كبير أو الاعفاءات الجمركية، كما أن المجموعة تمثل بوابة لدول الشمالية نحو العمق الافريقي.

وفي مطلع سنة 2024 أعلنت كل من النيجر ومالي وبوركينافاسو في بيان مشترك انسحابها من المجموعة. وتحتوي المجموعة على العديد من المؤسسات التابعة لها، مثل محكمة العدل الخاصة بالمجموعة، وبرلمان المجموعة، وبنك إيكواس للاستثمار والتنمية (EBID)، ومنظمة الصحة لغرب إفريقيا (WAHO)، ومجموعة العمل الحكومية الدولية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في غرب إفريقيا (GIABA). وتضُم المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا أيضا تكتلين اقتصاديين، الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا (UEMOA) وهي تضم 8 دول من غرب افريقيا التي تشترك في الماضي الاستعماري الفرنسي وأيضا في عملة الفرنك الافريقي أو الفرنك سيفا CFA ، والمنطقة النقدية لغرب إفريقيا (WAMZ) وتضم 6 دول تسعى لإطلاق عملة الايكو لمنافسة الفرنك الافريقي.

أهم المعالم والإنجازات

التكامل الاقتصادي:
يعتبر فضاء الإيكواس سوقا ضخما يضم قرابة 300 مليون نسمة، كما أن دول الايكواس تتمتع بشريط ساحلي يمتد على المحيط الأطلسي بشكل كامل غرب القارة  ويربط بين البحر والصحراء الكبرى.

وعلى مدى السنوات الخمسين الماضية، قطعت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS) خطوات كبيرة في تعزيز التكامل الاقتصادي والتنمية بين دولها الأعضاء  الــ 15. ومن أبرز إنجازاتها خطة تحرير التجارة التابعة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ETLS)، والتي عززت التجارة البينية الإقليمية من خلال إلغاء التعريفات الجمركية وغيرها من الحواجز التجارية. وقد أدى ذلك إلى تسهيل حرية حركة السلع والخدمات والعمالة عبر الحدود، وعزز المزيد من التعاون الاقتصادي.

وكان مشروع خط أنابيب الغاز في غرب أفريقيا وغيره من مبادرات البنية الأساسية سببا في تعزيز الارتباط في مجالي الطاقة والتجارة، الأمر الذي أدى إلى دفع التصنيع الإقليمي. وتمثل الجهود الرامية إلى إنشاء عملة مشتركة، منظمة التعاون الاقتصادي، خطوة مهمة نحو التوحيد النقدي، على الرغم من التأخير. ومن المتوقع أن تؤدي مثل هذه المبادرات إلى تنسيق السياسات المالية والحد من تقلبات أسعار الصرف، مما يخلق بيئة اقتصادية أكثر استقرارا.

كما أعطت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا الأولوية لتطوير البنية التحتية الإقليمية، مثل الطريق السريع العابر لغرب أفريقيا، والذي يعزز روابط التجارة والنقل بين الدول الأعضاء. علاوة على ذلك، أدى تركيز المنظمة على التنمية الزراعية إلى تحسين الأمن الغذائي وسبل العيش، من خلال مشاريع تهدف إلى دعم المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة.

ومن خلال الشراكات مع المؤسسات العالمية مثل بنك التنمية الأفريقي والاتحاد الأوروبي، اجتذبت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا استثمارات كبيرة لبرامج التنمية، بما في ذلك مبادرات الطاقة المتجددة والاقتصاد الرقمي.

وعلى الرغم من التحديات مثل النمو الاقتصادي غير المتكافئ وعدم الاستقرار السياسي، تظل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا محركا رئيسيا للتقدم الاقتصادي في غرب إفريقيا. إن التزامها بالتكامل الإقليمي والتنمية المستدامة يؤكد رؤيتها لمنطقة موحدة ومزدهرة.

الاستقرار السياسي والآمني

كانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في طليعة الدول الافريقية الساعية لتعزيز الديمقراطية والتوسط في النزاعات وضمان الاستقرار السياسي.  حيث تمتلك المجموعة بروتوكول يتعلق بالحكم والانتخابات والأمن، ويخول هذا البرتوكول للإيكواس إدانة الانقلابات وحتى التدخل العسكري.

وقد تدخلت المجموعة في سنة 2017 للإطاحة بالرئيس الغامبي يحي جامع الذي رفض نتائج هزيمته في الانتخابات الرئاسية وتسليم السلطة للفائز آداما بارو وسميت العملية “باستعادة الديمقراطية”، وقبلها تدخلت في كل من غينيا بيساو في سنة 1999 لمنع حدوث انقلاب ولكنها فشلت، فبعد 3 أشهر فقط تمكنت قوات المتمردين من السيطرة على السلطة، ووفي سنة 2020-2012 تدخلت مرة أخرى بعد انقلاب آخر، وتدخلت في سنة 2003 لمساعدة القوات الفرنسية في ساحل العاج لمراقبة الاتفاق السلام بين المتمردين في الشمال والحكومة في الجنوب، الا أنه في سنة 2004 اندلعت الحرب الأهلية الأولى في ساحل العاج.

وفي سنة 2013 شاركت المجموعة في طرد مقاتلي تنظيم القاعدة من المناطق الشمالية بمالي، كما أنها لعبت دور كبير جدا إبان الحرب الأهلية الأولى (1989-1996) والثانية (1999- 2003) في ليبريا، وأيضا خلال الحرب الأهلية في سيراليون (1991- 2002) ودخلت الإيكواس بقيادة نيجيريا لسيراليون سنة 1998 ولعبت دور هاما جدا في ايقاف الحرب.

كما سلطت المجموعة العديد من العقوبات الاقتصادية والسياسية على العديد من الدول لمنع حدوث الانقلابات  والدفع نحو تبني أنظمة الحكم المدنية والديمقراطية. ولذلك اعتبرت المجموعة من ناحية الأمنية كقوة حافظة للسلام ولطالما ادمجت قواتها في مناطق النزاع مع القوات التابعة للأمم المتحدة لحفظ السلام.

نقاط ضعف المجموعة

بالرغم من العديد من النقاط الايجابية والنجاحات في بعض المجالات التي حققتها مجموعة الإيكواس، إلا أنها فشلت في عديد الملفات كما وجهت لها العديد من الانتقادات.

فعلى المستوى الاقتصادي فشلت مجموعة في حد الآن من وضع عملة موحدة بين دول المجموعة، بالرغم من أن أهم وأبرز أهداف المجموعة منذ تأسيسها هو اطلاق عملة واحدة تضم كل دول غرب إفريقيا، والتخلي عن عملة الفرنك الافريقي الذي يرتبط بالإرث الاستعماري عند دول غرب افريقيا، ويرجع ذلك حسب العديد من الانتقادات للمجموعة ارتهانها وخضوعها للقوى الغربية وبالتحديد الهيمنة الفرنسية على صناعة القرار داخل المنظمة.

ووجهت أيضا اتهامات عديد للمجموعة وخاصة خلال تدخلاتها العسكرية في الصراعات التي دارت في مناطق الدول الأعضاء بارتكابها انتهاكات كبيرة ضد حقوق الانسان، وخاصة عند تدخلها في الحرب الأهلية في ليبيريا.

وعلى المستوى السياسي فشلت المجموعة في الحفاظ على الاستقرار ومنع الانقلابات العسكرية وخاصة خلال السنوات الأخيرة وما يعرف بحمى الانقلابات التي ضربت العديد من الدول في ساحل وغرب إفريقيا، وانسحاب دول الساحل من المجموعة وتأسيسها لتحالف ثلاثي سياسي وعسكري.

بذلك أثبتت المجموعة عجزها عن الوقوف أمام التحديات المتعلقة بالحفاظ على الاستقرار السياسي وعدم نجاعات برتوكولاتها أو حتى العقوبات والاجراءات التي اتخذتها ضد كل من مالي والنيجر، بوركينافاسو، والغابون، وغينيا.

من جهة أخرى تبنت المجموعة سياسة عرجاء تكيل بمكيالين، فبالرغم من أن الرئيسي التوغولي “فور غناسينغبي”  الذي تولى سلطة البلاد عن طريق انقلاب دستوري  بدعم من العسكر سنة 2005، واتخاذ المجموعة عقوبات ضد التوغو، إلا أنه تم الاعتراف به كرئيس شرعي سنة 2010 والأبعد من ذلك تولى رئاسة مجموعة الإيكواس سنة 2017، وعدم تحرك المجموعة واستجابتها للمطالب التي باتت تعتبر أن الحكم في توغو صار محصوراً في سلالة  آل غناسينغبي، كلها كانت نقاط سلبية وانتقادات لسياسة الإيكواس التي وصفها الكثيرون بسياسة عرجاء تكيل بمكيالين.

وبسبب هذا التقاعس خلال العقود الماضية وتعامل المجموعة بسياسية المكيالين، أصبحت الآن عاجزة عن الوقوف في وجه حمى الانقلابات الأخيرة في غرب إفريقيا.

والأبعد من ذلك هناك العديد من المؤشرات تشير إلى قرب شبح تفكك المجموعة وفقدانها لتماسكها وقدرتها على تنفيذ العقوبات أو التدخلات لمنع انقلابات أو حتى ايقافها، وخاصة بعد تلويحها بالتدخل العسكري في النيجر لإعادة محمد بازوم للحكم، ولكنها تراجعت عن ذلك فيما بعد، بسبب إعلان كل من المجالس العسكرية في كل من مالي، بوركينافاسو، والنيجر انسحابها من الإيكواس  وتوقيع اتفاقية دفاع مشترك، تحولت فيما بعد إلى كيان سياسي (عسكريا، واقتصاديا، وسياسيا)  موحد تحت مسمى كونفدرالية الساحل، وهو مؤسس فعليا لمواجهة العقوبات الاقتصادية والتهديدات العسكرية لمجموعة إيكواس.

التحديات والآفاق المستقبلية

التحديات:

يبقى تفكك المجموعة وعدم نجاعتها في اتخاذ خطوات جادة وفعالة تجاه الانقلابات الأخيرة التي عرفتها العديد من الدول الأعضاء أحد أكبر التحديات التي تواجهها مستقبلا وخاصة فيما يتعلق بطريقة تعاملها مع انقلابات مستقبلية، وخاصة بعد انسحاب كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو من الإيكواس وتشكيلهم لتحالف لمجابهة أي محاولات عسكرية من المجموعة لتدخل وخاصة بالنيجر.

وضعف هذه النجاعة في التعامل والتفاعل مع الحركات الانقلابية والانسحابات الأخيرة من المجموعة، تجعل الإيكواس أمام تحدي الحفاظ على نجاعتها ودورها فيما يتعلق بالحفاظ على الاستقرار السياسي ودمقرطة الأنظمة ومن جهة أخرى الحفاظ على تواجدها ككيان وعدم تفككها، وخاصة اذا تبعت كل الدول نهج دول الساحل في حين حدوث انقلابات عسكرية وتهديها لإيكواس بالانسحاب في حال حاولت التدخل، وهو ما يجعلها فعليا بين المطرقة والسندان ويفقدها دورها وتأثيرها في المنطقة الاقليمية التابعة لها.

كما أن ارتهان  المجموعة لفرنسا وخاصة أنها صارت تتهم بأنها الذراع الفرنسي الذي يتم الضغط به على الدول الافريقية، وعدم تمكن المجموعة من اطلاق عملة موحدة والتخلي عن الفرنك الافريقي CFA، كلها دلالات على ضعف المجموعة وفقدانها لنجاعتها.

ومن الناحية الأمنية يبقى تهديد وانتشار الجماعات المسلحة في منطقة الساحل وغرب إفريقيا تهديدا كبيرا لها ولتمسكها، وخاصة بعد خروج دول الساحل من المجموعة الذي يؤدي إلى ضعف التنسيق الأمني والاستخباراتي والعسكري بين دول التي تشهد تصاعد وتنامي أعمال الجماعات.

الآفاق المستقبلية:

إن مستقبل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس) في التعامل مع التحديات التي تواجهها  سيعتمد أساسا على قدرتها على التكيف والإصلاح والتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين. وتشمل المجالات الرئيسية للتنمية المستقبلية للإيكواس ما يلي:

التكامل الإقليمي: من المتوقع أن تسعى الإيكواس إلى تحقيق تكامل اقتصادي أعمق من خلال خططها للسوق المشتركة وتحرير التجارة، بهدف تعزيز التجارة الإقليمية والنمو الاقتصادي. وتشمل التحديات التفاوتات الاقتصادية والسياسات الحمائية وفجوات البنية الأساسية.

الاستقرار السياسي والحوكمة: قد تتولى الإيكواس دورا أكثر استباقية في معالجة عدم الاستقرار السياسي من خلال الدبلوماسية الوقائية وآليات حل النزاعات، وخاصة معالجة الانقلابات العسكرية في دول مثل مالي وبوركينا فاسو وغينيا.

الأمن ومكافحة الإرهاب: من المرجح أن تعمل الإيكواس على تعزيز قوات حفظ السلام، وتحسين تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز القدرات العسكرية لمواجهة الجماعات المتطرفة المتنامية، والتعاون مع المنظمات الأمنية الدولية مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي.

المرونة في مواجهة تغير المناخ: يمكن للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أن تقود المبادرات الإقليمية بشأن التكيف مع تغير المناخ والتنمية المستدامة، مع معالجة التفاوتات المالية والفنية بين الدول الأعضاء والسعي إلى التمويل والشراكات الدولية.

الرعاية الصحية والاستجابة للجائحة: بناء على الدروس المستفادة من جائحة كوفيد-19، يمكن للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أن تعزز البنية التحتية الصحية الإقليمية للاستجابة للطوارئ ومراقبة الأمراض وتوزيع اللقاحات، مع التعاون مع المنظمات الصحية العالمية مثل منظمة الصحة العالمية.

الهجرة والتنقل البشري: من المرجح أن تستمر المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في تعزيز حرية تنقل الأشخاص، وتطوير سياسة هجرة إقليمية أقوى، على الرغم من استمرار التحديات مثل كراهية الأجانب والاتجار بالبشر وضغوط الهجرة الخارجية.

توظيف الشباب والتعليم: مع تزايد عدد الشباب، يمكن للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أن تركز على تنمية المهارات والتدريب المهني وبرامج ريادة الأعمال لمكافحة البطالة بين الشباب، الأمر الذي يتطلب تعاونا قويا مع الوكالات الدولية والقطاع الخاص.

التفكك وانسحاب الأعضاء: تواجه المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا تفككا محتملا نتيجة لانسحاب الدول الأعضاء وإنشائها  لكيانات منافسة. ويتضح هذا من خلال الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها مالي والنيجر وبوركينا فاسو بالانسحاب وتشكيل كونفدرالية تحالف دول الساحل، من بين أمور أخرى، بسبب فرض العقوبات وتلويح بالتدخل العسكري من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا وعجزها عن التصرف بشكل هادف. وهذا العامل يقوض تماسك وسلطة الكتلة. وإذا ما حذت دول أخرى حذو دول الساحل ، فإن هذا السيناريو قد ينذر بتفتيت مجموعة غرب أفريقيا. وقد يؤدي إنشاء أو تأسيس مثل هذه الكيانات المتنافسة إلى تقليص وتقويض دور المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في معالجة القضايا المشتركة مثل الأمن والتكامل الاقتصادي والاستقرار السياسي. واستجابة لهذا، سيتعين على المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا إعادة توجيه أهميتها من خلال دمج هذه التغييرات، وتعزيز التماسك الإقليمي الأكبر والتعامل مع أسباب السخط على قرارتها وتعاطيها مع الأزمات الاقليمية مثل الفشل في الاستجابة للانقلابات والأزمات السياسية.

الخلاصة

مع اقتراب المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا  من اختتام نصف قرن من الزمن على تأسيسها، فإنها تقف عند مفترق طرق، وتوازن بين نجاحات ماضيها وتحديات الحاضر والمستقبل.   وأكبر تحديات المجموعة حاليا هي الحفاظ على وجودها ككيان، وحماية نفسها من الانسحابات والتفكك، ومحاولة ايجاد مجموعة لطرق وبدائل أخرى أكثر سلاسة ونجاعة في معالجة قضايا الديمقراطية والانقلابات العسكرية في منطقة غرب إفريقيا.

كما أن الملف الأمني وانتشار الجماعات المسلحة بمنطقة الساحل وغرب إفريقيا يبقى أثقل ملف توجهه الإيكواس، كما أن التحديات الاقتصادية هي أيضا محور أساسي ورئيسي وهو الهدف الأساسي من وراء تأسيس المجموعة، ولذلك وجب على المجموعة على أن لا تحيد عن أهدافها الرئيسية  ومن خلال البناء على إرثها ومعالجة العقبات الحالية، يمكن للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا أن تستمر في تشكيل مسار غرب أفريقيا، وتعزيز منطقة أكثر تكاملا واستقرارا وازدهارا.

تحليلات المركز الأفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي)
المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات

أفروبوليسي

المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي) مؤسسة مستقلة تقدم دراسات وأبحاثاً حول القضايا الأفريقية لدعم صناع القرار بمعرفة دقيقة وموثوقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى