ندوات

تقرير ورشة العلاقات التركية الأفريقية

12 ديسمبر 2024 بإسطنبول

نظم المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفرو بوليسي) والمعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية (جسر) بجامعة حمد بن خليفة ورشة العمل حول العلاقات التركية الأفريقية،  في 12 ديسمبر 2024 بإسطنبول. وقد جمع هذا الحدث خبراء وباحثين وأكاديميين لمناقشة الديناميكيات المتطورة للعلاقة بين تركيا والقارة الأفريقية. ودارت المناقشات حول الأبعاد السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية، بمشاركة خبراء ومهتمين عبر مداخلات عن بعد من الدوحة.

بدأت الورشة  بالكلمات الترحيبية لكل من الدكتور محمد علي الشيحي، المدير التنفيذي للمعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية (جسر)، والدكتور عبد الله الأسمر، رئيس المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفرو بوليسي)، حيث عرفت هذه الكلمات بالمركزين وأنشطتهما، كما مهدت الطريق لاستكشاف متعمق للعلاقات الاستراتيجية بين تركيا وأفريقيا.

تناولت المداخلة الأولى تطور العلاقات التركية الأفريقية من منظور عسكري وسياسي وأمني. وقد قدم الدكتور محمد صالح عمر، المدير العام للمركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفرو بوليسي)  عبر ورقة شملت الموضوع  بعنوان تطور العلاقات التركية الإفريقية (العلاقات السياسية والعسكرية والأمنية) تطرق فيها إلى استراتيجية تركيا في التوجه نحو إفريقيا في أربعة عناصر رئيسية أولها إعادة ترتيب تركيا لأولوياتها ومركزة قوتها وعلاقاتها الخارجية، ومن ثم رغبة الحضور التركي في افريقيا كلاعب إقليمي فاعل، إضافة إلى كسر العزلة الدولية لتركيا وتأمين الدعم الدبلوماسي عبر تقوية العلاقات مع أفريقيا، وأخيرا التغيرات في الاقتصاد السياسي العالمي التي تتطلب تنويع البدائل التجارية لتركيا، واستخلص الدكتور محمد صالح في ختام ورقته في  مجموعة من التحديات الت تواجه تركيا في إفريقيا أبرزها المنافسة مع القوى الدولية والإقليمية الأخرى في القارة وبعد تركيا لفترة طويلة عن إفريقيا ما أسهم في فهم تركيا لإفريقيا بشكل أعمق. وقام الدكتور الحافظ إبراهيم، الباحث في المعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية (جسر)، بتعقيب عن بعد على هذه المداخلة مشيرا على جهود تركيا لمواءمة أولوياتها مع تطلعات أفريقيا، وتأمين الدعم الدبلوماسي، والتكيف مع التحولات في الاقتصاد السياسي العالمي. كما أكدت المناقشات على أهمية كسر العزلة الدولية لتركيا مع تعزيز المنافع المتبادلة في مجال الأمن والتعاون السياسي.

وركزت المداخلة الثانية على العلاقات الاقتصادية بين تركيا وأفريقيا، والتي تغطي الفترة من 2002 إلى 2024. وقدمها دكتور محمد زكريا، زميل باحث في المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفرو بوليسي) ، متناولاً مراحل الشراكة الاقتصادية التركية مع إفريقيا، بما في ذلك التوسعات الكبيرة في التجارة والاستثمار من خلال ورقة  بعنوان العلاقات الاقتصادية الافريقية (2002-2024) تطرق خلالها إلى خمس نقاط رئيسية كبرى كمراحل لانخراط تركيا في إفريقيا واستراتيجيتها الاقتصادية وأخير التحديات والآفاق. وأكد على تحويل هذه العلاقات الاقتصادية إلى شراكة استراتيجية على مدى العقدين الماضيين، وأشار إلى أهمية العمل على تطوير البنية التحتية والاقتصاد البيني. وقدم الدكتور أسامة كوبر، مستشار أول في مركز قطر للدراسات الاستراتيجية، تعليقا إضافيا حول تحديات وآفاق التعاون الاقتصادي، بما في ذلك العقبات المتعلقة بالبنية التحتية والسياسات والتي تتطلب اهتماما فوريا.

شكلت الدبلوماسية الثقافية وسياسات القوة الناعمة جوهر الجلسة الثالثة. قام الأستاذ إيهاب العاشق، زميل باحث في المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفرو بوليسي)، بتحليل استخدام تركيا للأدوات الثقافية لتعزيز نفوذها في أفريقيا من خلال ورقة تحت عنوان الديبلوماسية الثقافية والقوى الناعمة التركية (استراتيجيات  وأدوات التأثير في إفريقيا)، وناقش  عبرها الاستراتيجيات التركية في افريقيا عبر اربع نقاط رئيسية، مثل المبادرات التعليمية والتواصل الإعلامي والجمعيات الخيرية التي ساهمت في تعزيز الروابط بين الناس، ومؤشر كمي لمقياس تأثير القوة الناعمة التركية مقارنة بالفاعليين الدوليين والإقليميين في إفريقيا. وعلى الرغم من الإنجازات الملحوظة، لا تزال هناك تحديات في تعظيم إمكانات هذه المبادرات، وخاصة في المناطق التي تواجه عدم الاستقرار الجيوسياسي، وتحديات آخرى كالضعف الاقتصادي والاهتمامات البحثية التركية المتعلقة بإفريقيا.

كما تضمنت الورشة مناقشات مستهدفة حول علاقات تركيا مع الصومال والسودان. حيث قدم الدكتور  فيصل المستشار بالمركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفرو بوليسي)  ورقة حول العلاقات السودانية التركية وتطرقت إلى العديد من النقاط المهمة وخاصة الدور التركي الحالي في الأزمة السودانية، وورقة ثانية كانت من تقديم الدكتور محمد طاهر مستشار بالمركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفرو بوليسي)، تناولت أيضا العلاقات التركية الصومالية وتطرقت إلى نقاط مهمة جدا فيما يتعلق بالاتفاقيات التركية الصومالية العسكرية وخاصة الاتفاقية الأخيرة التي حدثت متزامنة مع الورشة حول الاتفاق العسكري التركي الصومالي والمساعي التركية للمصالحة بين الصومال وأثيوبيا. وساهمت هذه المداخلات في تفكيك وفهم عميق للأبعاد السياسية والإنسانية الفريدة لمشاركة تركيا في هذه البلدان، ومساهماتها في تطوير البنية التحتية والاستجابة للأزمات.

وأعقبت كل هذه المداخلات تعقيبات من قبل كل من الدكتور محمد علي الشيحي والدكتور عبد الله الأسمر، حيث أشار الدكتور الشيحي في عديد النقاط إلى أهمية الدور التركي في إفريقيا وتطوره الملحوظ خلال السنوات الأخيرة وخاصة على المستوى الديبلوماسي والسياسي، وأكد على أهمية الدور الذي تلعبه الشركات التركية في إفريقيا على تعزيز الدور التركي كفاعل إقليمي في القارة بالرغم من التنافس الدولي والإقليمي، وأشار إلى الحاجة إلى دراسة ملحة معمقة حول المعوقات والعراقيل التي تواجهها تركيا في القارة الإفريقية.

وكما جاءت تعقيبات الدكتور عبد الله الأسمر حول أهمية الدور الذي تلعبه تركيا في إفريقيا وماهي المكاسب التي حققتها تركيا في القارة خلال السنوات الأخيرة على الصعيد السياسي والاقتصادي والثقافي، وأكد على أهمية اللقاءات بين الباحثين لفهم وتحليل التحديات والصعوبات للخروج بحلول وتوصيات تكون خارطة طريق لصانع القرار التركي حول الفرص والمعوقات ونقاط الضعف في الاستراتيجية التركية وتفاديها مستقبلا.

واختتمت الورشة بتحليل شامل للنتائج الرئيسية. ولوحظ أنه في حين أسفرت جهود تركيا في أفريقيا عن تقدم كبير، فإن التحديات التركية في البنية التحتية الاقتصادية، والتواصل الثقافي، والمنافسة الجيوسياسية تتطلب اهتماما مستداما. وأوصى المشاركون بإعطاء الأولوية لاستراتيجيات طويلة الأجل للتعاون السياسي والاقتصادي، وتعزيز الدبلوماسية الثقافية، ومعالجة الفجوات في البنية التحتية.

وبشكل عام، نجحت الورشة في تعزيز تبادل الأفكار وتمهيد الطريق لتعزيز لفهم أعمق للعلاقات التركية الأفريقية. وعكست الأجواء التعاونية بين المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفرو بوليسي)  والمعهد العالمي للدراسات الاستراتيجية (جسر) بجامعة حمد بن خليفة عن أبعاد الالتزام المشترك بتعزيز المصالح المتبادلة ومعالجة التحديات المشتركة وعن آفاق التعاون بين الفريقين عبر المزيد من الأنشطة المشتركة بين المؤسستين.

المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات
ندوات المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات

أفروبوليسي

المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي) مؤسسة مستقلة تقدم دراسات وأبحاثاً حول القضايا الأفريقية لدعم صناع القرار بمعرفة دقيقة وموثوقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى